إطلاق مهرجان «متروبوليس للشباب» في دورته الأولى ولبنان الغائب الأكبر عنه

يستمر من 10 إلى 14 مارس ويفتتح بالفيلم التركي «موستانغ»

إطلاق مهرجان «متروبوليس للشباب»  في دورته الأولى ولبنان الغائب الأكبر عنه
TT

إطلاق مهرجان «متروبوليس للشباب» في دورته الأولى ولبنان الغائب الأكبر عنه

إطلاق مهرجان «متروبوليس للشباب»  في دورته الأولى ولبنان الغائب الأكبر عنه

أطلقت جمعية متروبوليس للأفلام السينمائية برنامج مهرجان «متروبوليس للشباب» (my film fest 2016) في دورته الأولى، الذي ستستضيفه بيروت من 10 مارس (آذار) المقبل لغاية 14 منه.
هذا المهرجان الذي يتضمن برنامجه عرض 12 فيلمًا موجهّة مواضيعها للأولاد والشباب من عمر 5 إلى 18 عامًا وما فوق، غاب عنه لبنان بشكل لافت، بحيث لن يكون حاضرًا فيه هذا العام كما أشارت رئيسة الجمعية هانيا مروّة. وسيتم افتتاح المهرجان مع فيلم للمخرجة التركية دنيز غامزيه ارغوفين بعنوان «موستانغ»، المرشّح لنيل جائزة الأوسكار عن أفضل فيلم أجنبي في مهرجان «كان» لعام 2016. أما ختامه فسيكون مع فيلم «بالكاد أفتح عيني»، للتونسية ليلى بوزيد الذي نال جائزة أفضل فيلم في مهرجان دبي السينمائي، وجائزة الجمهور في مهرجان البندقية.
ومن الأفلام الأخرى التي ستعرض في هذا المهرجان «بويهود» الأميركي و«وي شال أوفركام» الدنماركي و«سبيد سيسترز» الفلسطيني وغيرها من الأفلام التي ستعرض لأول مرة على الشاشة الذهبية من خلال هذا الحدث.
كما يتضمن المهرجان أفلامًا قصيرة (45 دقيقة) كـ«الثلج والأشجار السحرية» و«كيندر سينما» و«دانيش دابيد شورتس»، وهذا الأخير تمت دبلجته من الدنماركية إلى العربية.
وسيتخلل برنامج المهرجان أيضًا ورش عمل، بينها ورشة التحريك السينمائي والصوت والإخراج، وستكون موجهّة بغالبيتها للأولاد وجيل الشباب هواة الأفلام السينمائية.
وأعلنت رئيسة جمعية متروبوليس هانيا مروّة، خلال المؤتمر الصحافي الذي تمّ الإعلان فيه عن برنامج المهرجان (عقد في مركز دواوين الثقافي)، عن جائزة ستقدّم لأفضل ناقد سينمائي من الأولاد الذين سيشاركون في مسابقة تحت هذا العنوان، فيكتبون نقدا عن أي عمل سينمائي لفتهم في هذا المهرجان، ويتمّ بعدها اختيار شخصين لينالا الجائزة بحيث يتوجهان للمشاركة في مهرجان «جيفوني» الإيطالي الخاص بالسينما.
وبمناسبة مرور عشرة أعوام على تأسيس الجمعية «متروبوليس»، تمّ إطلاق جائزة ثانية خلال المهرجان، من خلال دعوة الشباب هواة السينما إلى تصوير فيلم قصير تتراوح مدّته ما بين 30 ثانية و3 دقائق، يروون فيه أي شيء يتعلّق بالسينما وصالاتها، فيختارون لحظة مميّزة عاشوها. والفائز بهذه الجائزة سينال مبلغا رمزيا (2000 دولار)، كما سيحظى بفرصة حضور «مهرجان كان السينمائي».
وتحدّثت هانيا مروّة عن هذا الموضوع، وبحضور المستشارة الثقافية للسفارة الأميركية روز ليندغرين، عن هدف هذا المهرجان، الذي يصبّ في خانة تشجيع جيل الشباب على ارتياد صالات السينما، والاطلاع على تفاصيل العمل فيها من خلال ورش العمل التي سيتضمنها برنامجه. وعن سبب غياب لبنان عن هذا الحدث ردّت رئيسة الجمعية هانيا مروّة لـ«الشرق الأوسط»: «كان من الصعب إيجاد فيلم لبناني جديد لم يتمّ عرضه بعد في الصالات، في ظلّ الإنتاج القليل للبنان في هذا المضمار»، وتابعت: «لقد كان لدينا محاولة مع إحدى المخرجات اللبنانيات ليتم عرض فيلمها الجديد خلال (مهرجان متروبوليس للشباب)، إلا أنه وبسبب وجودها خارج لبنان تمّ تأجيل الموضوع».
وعن مشاركة سفارتي الدنمارك وأميركا في هذا المهرجان أوضحت قائلة: «السفارة الدنماركية كانت أول من دعمنا في إقامة عروض سينمائية للأولاد، ولا سيما للنازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين، بحيث كنا نقدّم لهم عروضًا خاصة في مخيّماتهم، ومن هناك ولدت لدينا فكرة إقامة هذا المهرجان. أما بالنسبة للسفارة الأميركية، فكانت خير مشجّع لنا في خطوتنا هذه إذ بادرت إلى تأمين أفلام أميركية للمشاركة في هذا المهرجان.
وأكدت الملحقة الثقافية في السفارة الأميركية في لبنان روز ليندغرين أنها سعيدة بالمساهمة في مهرجان «متروبوليس للشباب»، الذي سيحسّن من وضع السينما في لبنان، ويفتح طاقات أمل يتنفّس فيها الأولاد الصعداء بعيدًا عن المشكلات السياسية والبيئية المحيطتين بهم. وفي نهاية المؤتمر، دعا الحضور من أهل الصحافة والإعلام لحضور عرض فيلم الافتتاح للمهرجان «موستانغ»، الذي يحكي قصة خمس فتيات تركيات يعشن في بيئة محافظة جدّا، تركت التربية القاسية التي يمارسها أهلهن عليهنّ آثارها السلبية، فولّدت لديهن الشعور بالكبت والمعاناة ومشكلات اجتماعية أخرى يحاولن الهروب منها إلى الاستقلالية والحرية. يُذكر أن أسعار بطاقات الدخول إلى هذا المهرجان ستكون خمسة آلاف ليرة للأولاد وثمانية آلاف ليرة للكبار، وسيتم عرض جميع هذه الأفلام في صالات سينما متروبوليس في منطقة الأشرفية طيلة أيام المهرجان (من 10 إلى 14 مارس المقبل).



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».