«إف بي آي» يرجو «آبل» فك شيفرة تليفون منفذ هجوم كاليفورنيا

ترامب ينتقد أبل وسنودن يؤيدها

فاروق سيد رضوان وزوجته تشفين مالك خلال مرورهما من مطار شيكاغو  2014  («الشرق الأوسط»)
فاروق سيد رضوان وزوجته تشفين مالك خلال مرورهما من مطار شيكاغو 2014 («الشرق الأوسط»)
TT

«إف بي آي» يرجو «آبل» فك شيفرة تليفون منفذ هجوم كاليفورنيا

فاروق سيد رضوان وزوجته تشفين مالك خلال مرورهما من مطار شيكاغو  2014  («الشرق الأوسط»)
فاروق سيد رضوان وزوجته تشفين مالك خلال مرورهما من مطار شيكاغو 2014 («الشرق الأوسط»)

بعد شهرين تقريبا من مواجهة شركة أبل، ثم مقاضاتها، لرفضها فتح تشفيرة تليفون سيد فاروق، الذي قتل، مع زوجته، 14 شخصا خلال احتفال بالكريسماس في نهاية العام الماضي في سان برنادينو (كاليفورنيا)، لجأ جيمس كومي، مدير مكتب التحقيق الفيدرالي (إف بي أي) إلى رجاء شركة أبل.
أمس، كتب في موقع «لوفير» القانوني: «لا نريد فك تشفيرة تليفون أي شخص، ولا نريد الدخول من باب خلفي، ولا نريد اختراع مفتاح رئيسي يفك كل شفرة في كل مكان وزمان. كل ما نريد هو إرضاء أرواح الضحايا وأهل الضحايا الذين يتوقعون منا تحقيقا كاملا ونزيها فيما حدث».
وأضاف: «ببساطة، نريد فرصة واحدة ومعينة، وبأمر قضائي، لنحاول الوصول إلى كلمة المرور في تليفون واحد ومعين». وقال: إن «إف بي أي» تريد أن تفعل ذلك من دون «قضاء عشرات السنين في محاولة الوصول إلى كلمة المرور». هذه إشارة إلى أن تكنولوجيا شركة أبل تمسح محتويات أي تليفون إذا حاول شخص الوصول إلى كلمة المرور أكثر من عشر مرات.
لهذا، تريد «إف بي أي» استثناء تليفون فاروق لتقدر على استعمال تكنولوجيا «بروتال فورس» (القوة الغاشمة) التي تحاول فك ملايين كلمات المرور، من دون أن تمسح تكنولوجيا أبل محتويات التليفون.
في نفس الوقت، يستمر الجدل وسط الأميركيين حول الصراع بين حرية وخصوصية المواطن وبين مطالب المسؤولين عن الأمن. في الأسبوع الماضي، غرد دونالد ترامب، كبير المرشحين الجمهوريين لرئاسة الجمهورية في حسابه في «تويتر»: «قاطعوا كل منتجات شركة أبل حتى تساعد المسؤولين عن الأمن في التحقيق في مجزرة الزوجين الإرهابيين في كاليفورنيا».
في الجانب الآخر، كتب إدوارد سنودن، تكنولوجي وكالة الأمن القومي (إن إس إيه) الذي، قبل ثلاثة أعوام، كشف أسرار تجسس الوكالة على اتصالات الحكومات والناس على نطاق عالمي، ويعيش الآن مجبرا في روسيا: «ها هي شركة تدافع عن حرية وخصوصية المواطنين ضد (إف بي أي). كان يجب أن يكون العكس».
في بداية هذا الشهر، أشارت مرافعة الاتهام التي قدمتها وزارة العدل الأميركية (إف بي أي) في قضيته ضد شركة أبل إلى أن «إف بي أي» فكت شفرات التليفون الحكومي لفاروق. وأنها طلبت، مباشرة بعد الحادث من مقاطعة سنت بيرنادينو (ولاية كاليفورنيا)، التي كان يعمل فيها فاروق مفتشا صحيا، كلمة المرور لتليفونه الحكومي. وانصاعت المقاطعة للأمر. وعندما لم تجد «إف بي أي» معلومات كافية في التليفون الحكومي، طلبت من شركة أبل كلمة المرور لتليفون فاروق الخاص، وهو الطلب الذي رفضت الشركة تنفيذه، وتطور إلى مواجهة قانونية بين أبل و«إف بي أي». في الأسبوع الماضي، حسب دعوى جديدة قدمتها وزارة العدل باسم «إف بي أي»، أخطأت أبل عندما قالت: إن «إف بي أي» تريد «فتح باب خلفي» للوصول إلى كلمة السر إلى زبائن الشركة.
وجاء في الدعوى الجديدة أن «إف بي أي» «لا تطلب، خلافا لما ورد في تصريحات صدرت عن أبل، مدخلا سريا لكل هواتف أيفون». وأن الطلب «لن يفتح مدخلا أمام القراصنة والمجرمين للوصول إلى هواتف أيفون. ولا يطلب من أبل أن تقوم بقرصنة زبائنها، أو فك شفرات هواتفها». وأن أبل «تبرر رفضها، على ما يبدو، بسبب مخاوف تسويقية. لكننا لم نطلب من الشركة برنامجا يمكن أن يستخدمه قراصنة معلوماتيون». وطلبت الدعوى الجديدة من المحكمة الإسراع لإجبار أبل على التعاون. في الأسبوع الماضي، أمرت القاضية الاتحادية لولاية كاليفورنيا، شيري بيم، شركة أبل بأن «تقدم مساعدة تقنية معقولة». لكن، لم تحدد القاضية فترة زمنية لذلك. ويتوقع أن تعقد المحكمة جلسة أخرى يوم 22 مارس (آذار).



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.