أغنية أوكرانية تشارك في «يوروفيجن» تتحدى قانون المنافسة

مسابقة هذا العام تضفي بعدًا سياسيًا للمنافسة بعيدًا عن الاحتفال الفني الشعبي

جمالا تفوز بمسابقة محلية
جمالا تفوز بمسابقة محلية
TT

أغنية أوكرانية تشارك في «يوروفيجن» تتحدى قانون المنافسة

جمالا تفوز بمسابقة محلية
جمالا تفوز بمسابقة محلية

يمنع قانون مسابقة «يوروفيجن»، الأغنية «السياسية» خلال منافسة غنائية موسيقية، باعتبار أن المسابقة التي يشاهدها ما بين مائة وستمائة مليون سنويا، فنية بحتة، وعليه ترفض اللجنة المنظمة برئاسة اتحاد الإذاعات الأوروبية أي أغنية ذات مفردات سياسية. ولكن هل نجح هذا القانون في حظر محاولات الالتفاف والتمويه؟
عاما بعد عام ومع ازدياد شهرة المسابقة تزيد الرغبة في توصيل «رسائل سياسية» من خلال الأغنيات المشاركة والفرص المتاحة للمغنين الذين تحولوا إلى سفراء لبلادهم ولقضاياهم خاصة، وقد استوعب الفنانون أن الرمزية تمرر القضية وتتجاوز القانون، وليس الكلمات المباشرة والتنابز بأسماء السياسيين مهما بلغت حدة الغضب.
في هذا السياق، تأتي الأغنية الأوكرانية التي فازت بالترشيح لتمثيل دولة أوكرانيا هذا العام وتؤديها المغنية الجميلة، سوزانا جمال الدين، وشهرتها جمالا.
وتشدو جمالا بأغنية عن تهجير جوزيف ستالين مئات الآلاف من وطنها المطل على البحر الأسود لتمثيل أوكرانيا في مسابقة «يوروفيجن» الغنائية، وذلك بعد عامين من ضم روسيا للقرم. وكانت جمالا، 32 عاما، قد فازت بمسابقة محلية مساء أول من أمس (الأحد) لتمثيل بلدها.
وبعد الانتهاء من أغنيتها «1944»، وهو العام الذي تم فيه ترحيل التتار من شبه جزيرة القرم. حاولت جمالا وأحد أعضاء لجنة التحكيم منع دموعهما وهما يتحدثان عن ضم روسيا للقرم بعد مرور سبعين عاما.
وتشارك روسيا أيضا في «يوروفيجن»، ويمكن أن يزيد ظهور جمالا في النهائيات هذا العام في مايو (أيار) في ستوكهولم بعدا سياسيا للمنافسة التي تعرف بأنها احتفال سنوي للفن الشعبي.
وجاء فوز جمالا في عطلة نهاية أسبوع مشحونا بالمشاعر في أوكرانيا، بالتزامن مع إحياء ذكرى أكثر من مائة متظاهر قتلوا على مدى يومين خلال احتجاجات «الميدان» في 2014 أطاحت برئيس موالٍ لروسيا.
من جانبها، لم تتقيد المغنية لورين المغربية الأصل السويدية الجنسية التي فازت عام 2012 من استغلال شهرتها فالتقت مجموعات من النشطاء السياسيين بدولة أذربيجان.
هذا وتتحسب اللجان المحكمة سنة بعد سنة لتسرب الخلافات السياسية إلى أعماق منافسة أنشئت أساسا في عام 1956، لإعادة الوحدة والتقارب بين دول القارة الأوروبية التي قسمتها الحرب العالمية الثانية.
ورغم سعي السويد التي فازت بالمسابقة للمرة الثالثة، للحفاظ على المسابقة البسيطة بأقل تكلفة، فإن الجمهور تعوّد على عروض باهظة التكاليف. وكانت دورة أقيمت بمدينة باماكو عاصمة أذربيجان قد بالغت في التكاليف تماما كما فعلت موسكو، ما أدى إلى اعتذار دول عن الاشتراك خشية التكاليف.
إلى ذلك تتطلع الأنظار إلى المسابقة التي تعد أكبر برنامج تلفزيوني وصل بعض من شاركوا فيه إلى القمة مثل فرقة «آبا» السويدية، والمغنية السويسرية الأصل سلين ديون، كما أصبحت النمساوية، كونشيتا فورست، وجها معروفا.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».