«نار في البحر» يحصد جائزة الدب الذهبي في برلين

التونسي ماجد مستورة يفوز بأفضل ممثل.. و«عودة رجل» الفلسطيني أفضل فيلم قصير

لقطة من «نار في البحر»: جائزة أفضل فيلم
لقطة من «نار في البحر»: جائزة أفضل فيلم
TT

«نار في البحر» يحصد جائزة الدب الذهبي في برلين

لقطة من «نار في البحر»: جائزة أفضل فيلم
لقطة من «نار في البحر»: جائزة أفضل فيلم

منذ البداية سطع فيلمان اختلفا وتميّزا عن باقي ما شوهد من أفلام مسابقة مهرجان برلين في دورته الـ66 التي أعلنت نتائجها ليل أول من أمس (الأحد). والفيلمان خرجا على قمة الأعمال الفائزة.
الفيلم الأول هو «نار في البحر» للإيطالي جيانفرانكو روزي (إيطاليا) والثاني «موت في سراييفو» للبوسني دانيس تانوفيتش (إنتاج بوسني، ألماني، فرنسي). «نار في البحر» اقتنص الدب الذهبي كأفضل فيلم ونال «موت في ساراييفو» الدب الفضي المسمّـى بـ«جائزة لجنة التحكيم الكبرى» (الجائزة الثانية في سلم الجوائز).
لكن المفاجأة المهمّـة ليست فقط منح هذين الفيلمين ما يستحقانه بل خروج فيلمين عربيين بجائزتين رسميّـتين أيضًا. فيلم التونسي «نحبك هادي» نال جائزة الفيلم الأول، بفضل إخراج متزن من محمد بن عطية، في حين منح الفيلم بطله ماجد مستورة فرصة الفوز بجائزة أفضل ممثل (عنوة عن ممثلين مخضرمين أوروبيين كثر في هذه الدورة كما منافسين من الشباب)، هذا في الوقت الذي حصد فيه فيلم «عودة رجل» للمخرج الفلسطيني مهدي فليفل جائزة مستحقة كأفضل فيلم قصير. هذا كله أمر يحدث للمرّة الأولى بتاريخ هذا المهرجان أو سواه على صعيد المهرجانات الدولية الكبرى الأخرى.
سياسة أوروبية
الفيلمان الفائزان بالجائزتين الكبيرتين (الذهبية والفضية) يتعاطيان والسياسة. فيلم جيانفرانكو روزي «نار في البحر» يقع في الشق غير المريح بين الدراما والتسجيلي. من ناحية يصوّر شخصيات تعيش في جزيرة صغيرة اسمها لمبيدوسا أصبحت محطة وصول لأفواج المهاجرين الآتين عبر البحر المتوسط. هذه الشخصيات (ولد وصديقه أساسًا) ليس لديها ما تفعله سوى الخروج إلى بعض البرية لتحاول اصطياد الطيور. ولاحقًا يبدآن بتخيل ممارستهما إطلاق النار كما يفعل كل الصغار في مرحلة أو أخرى. من ناحية ثانية هناك المشاهد التي يلتقطها المخرج للمهاجرين وهم في البحر أو للقوات البحرية الإيطالية المكلفة بالبحث عن التائهين منهم وإنقاذهم أو حين وصول المهاجرين وكيف تعتني بهم السلطات الطبية فوق الجزيرة.
الناحيتان لا تلتقيان. لن يتخيل الصبي أنه يقتل مهاجرًا والعلاقة الوحيدة هو طبيب من تلك القرية يعالجه من لهاث أصابه وهو الطبيب ذاته الذي يشرف على استقبال اللاجئين. الفيلم ليس تسجيليًا إلا في الجزء الذي يتعاطى والمهاجرين في البحر وحين الوصول، أما الجزء الخاص بمتابعة الصبي فهو يعتمد على وجوه غير محترفة لكن إذ يديرها لكي تقوم بأداء المشهد أمام الكاميرا يكون قد تخلّى عن التسجيل ودلف نوعًا من الروائي الممارس تسجيليًا.
أما فيلم «موت في سراييفو» فهو متحد أكثر في سياقه وهو وإن لا يتعامل مع حكاية لاجئين، إلا أنه لا يقل بحثًا في السياسة.
يقوم الفيلم على ثلاث شرائح في الزمان وثلاث أخرى في المكان. فعلى سطح فندق «يوروبا» في العاصمة سراييفو الذي سيصل إليه دبلوماسيون لمناقشة الوضع الأوروبي، هناك مقابلة تلفزيونية بين صحافية اسمها ڤدرانا (ڤدرانا سكسان) وبين شاب صربي محافظ (محمد هدزوڤيتش) يتناولان فيه تاريخ الحرب العالمية الأولى التي انطلقت بعض أسبابها بحادثة اغتيال الدوق فرانز فرديناند وزوجته سنة 1914، وفي أحد طوابق الفندق ذاته يتدرب مندوب الاتحاد (الفرنسي جاك ويبر) على إلقاء كلمته التي تتناول الحاضر الأوروبي. أما في الطابق الأرضي فتشتعل أزمة بين الموظفين وأصحاب فندق يوروبا (الاسم يرمز إلى القارة بمجملها)، فالموظفون لم يقبضوا رواتبهم منذ ستة أشهر وبعض قادتهم يدعون إلى الإضراب. في المواجهة مالكو الفندق الذين يعمدون إلى الضرب والتهديد للتنصل من مسؤولياتهم.
مهارة تانوفيتش كامنة في الانتقال السلس بين الطبقات الثلاث وجعل الأحداث في الطابق الأرضي هي الإيقاع الحدثي والحركي للفيلم. بينما يتم التركيز على استعادة الماضي وبحث الحاضر المستجد في الدورين العلويين. في مجمله، هو فيلم رسالة تؤكد أن أزمات الهوية الأوروبية المتوالية ما زالت مطروحة وأن عليها أن تواجهها من جديد.

فائزون وفائزات
الجوائز الأخرى كانت مثيرة للاهتمام علمًا بأن معظمها شكا من جانب أو آخر ما جعل الحضور غير قادر على توقع النتائج مسبقًا كما حدث في أكثر من دورة سابقة.
جائزة مؤسسة ألفرد باور التي تمنح لفيلم من تلك المتسابقة رسميًا توجهت إلى «تهويدة للغز مؤسف» للفيليبيني لاف داياز. إذا كانت الجائزة أخذت في الاعتبار أن الفيلم الذي بلغت مدة عرضه ثماني ساعات، هو تميّز شديد يستحق التقدير، فلربما أصابت، لكن إذا ما كانت رأت فيه حسنات فنية فإن ذلك لا يعدو وجهة نظر غير صائبة. الفيلم الذي تدور كل أحداثه من خلال رحلتين متوازيتين في غابة خلال الحقبة الاستعمارية الإسبانية للفيليبين، ركيك في شتى جوانبه الفنية وتفاصيله منفّـذة، حرفيًا، على نحو خطأ، ناهيك إنه ليس الملحمة التي تتطلب ثماني ساعات لعرض ما فيها. ساعتان كانتا أكثر من كافيتين لو شاء المخرج ذلك.
أفضل منه الفيلم الذي أخرجته ميا هانسن «المستقبل»: سلس ومنضبط في إدارة أحداث وسرد جيدين ليدور حول كفاح امرأة خسرت زوجها لصالح امرأة أصغر منها ثم بالتدرّج خسرت كل مستقبل آخر كانت بنته لتلك اللحظة.
الكثيرون توقعوا فوز إيزابيل أوبير بجائزة أفضل ممثلة عن دورها في هذا الفيلم، لكن هذه الجائزة ذهبت للدنماركية تريني ديرهولم عن دورها في «المجموعة» The Commune. والمثير للملاحظة أن الفيلمين: «المستقبل» و«المجموعة» يتشابهان من حيث إن بطلة الفيلم الثاني هي أيضًا امرأة متزوجة وزوجها يكتشف حبًا جديدًا في شخص امرأة شابّة ما يؤثر سلبًا لا على العلاقة بين الزوجين فحسب، بل، أساسًا، على الزوجة التي انهارت عاطفيًا ونفسيًا فخسرت عملها ثم كل علاقتها بمحيطها القريب.
تمثيل ماجد مستورة في «نحبك هادي» (أو «هادي» كما سيحمل أسمه غربا) تم تمريره تحت خط الدراما بنجاح. وجهه الهادئ. قدرته على التعبير صمتًا قبل أن يعكس ما في داخله عبر كلمات وانفعالات، وتجسيده الصادق لوضعه صفات جعلته محط اهتمام المشاهدين هنا منذ البداية. كما الحال مع الفيلم نفسه الذي يروي قصّـة حب لا تختلف كثيرًا عن قصص الحب الأخرى المتداولة إلا من خلال حسن شحنها بمواقف تحتية تصف الحياة الاجتماعية في هذا العصر المضطرب في تونس.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.