العبادي يستعد لمواجهة حاسمة مع «الحشد الشعبي».. بعد تلقيه دعمًا دوليًا

قوى سياسية وشيعية بارزة طالبته بالاستقالة إذا أراد تشكيل حكومة تكنوقراط لا محاصصة

عناصر من الحشد الشعبي يحملون على أكتافهم صاروخا قبل المواجهات مع تنظيم داعش بالقرب من كركوك (أ.ف.)
عناصر من الحشد الشعبي يحملون على أكتافهم صاروخا قبل المواجهات مع تنظيم داعش بالقرب من كركوك (أ.ف.)
TT

العبادي يستعد لمواجهة حاسمة مع «الحشد الشعبي».. بعد تلقيه دعمًا دوليًا

عناصر من الحشد الشعبي يحملون على أكتافهم صاروخا قبل المواجهات مع تنظيم داعش بالقرب من كركوك (أ.ف.)
عناصر من الحشد الشعبي يحملون على أكتافهم صاروخا قبل المواجهات مع تنظيم داعش بالقرب من كركوك (أ.ف.)

كشف مسؤول عراقي رفيع المستوى أن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي «يمر بأفضل حالاته الآن على صعيد ما يحظى به من دعم دولي أولاً وإقليمي ثانيًا بات يؤهله لخوض مواجهات حاسمة مع شركائه وخصومه في الداخل في وقت واحد. لكن العبادي الذي يطالب بتغيير حكومي شامل لإدخال وزراء تكنوقراط ومستقلين، يواجه قوى عراقية بارزة، من بينها شيعية مثل المجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم، والتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، تدعوه للاستقالة من منصبه، إذا أراد تغيير هذا النوع.
المسؤول العراقي وفي حديث لـ«الشرط الأوسط»، شريطة عدم الإشارة إلى اسمه أو هويته، قال إن «الأزمة المالية التي تبدو خانقة إلى الحد الذي بدأت فيه تهدد رواتب الموظفين لم تعد مصدر قلق كبير للعبادي بعد تلقيه تطمينات من الولايات المتحدة والبنك الدولي بما يعني عدم السماح للعراق بالانهيار، لا سيما أن المباحثات التي أجراها العبادي في فيينا أخيرًا كانت ناجحة إلى الحد الذي حصل فيه على تطمينات بمنح العراق قروضًا ميسرة لتجاوز أزمة انهيار النفط، لا سيما أن العراق يسوق حجة مواجهة (داعش) المكلفة بمقاييس الحروب والتي تؤثر على قدرة الحكومة العراقية على تأمين الرواتب لنحو أكثر من 7 ملايين موظف ومتقاعد عراقي فضلا عن كلفة الحرب الباهضة بما فيها رواتب الجيش والحشد الشعبي وأفواج العشائر والتي لم يُدفع بعضها منذ شهور».
وكشف المسؤول العراقي أن «مدير البنك الدولي وبتوصية من الرئيس الأميركي باراك أوباما وأمين عام الأمم المتحدة بان كي مون مستعد لمنحه شيك على بياض، وهو ما شجع العبادي على البدء بخطوات بدت واثقة بالنسبة له ومربحة بالنسبة للخصوم والشركاء». ويفصل المسؤول العراقي طبيعة ما أقدم عليه العبادي من خطوات على عدة مستويات؛ الأول منها هو أنه بعكس ما ساد من تصورات حين أعلنت المرجعية الشيعية العليا صمتها عن الكلام في السياسة بأنه تعبير عن احتجاج حاد من قبلها يمكن أن يعني في مرحلة لاحقة سحب البساط من شرعية العبادي داخل التحالف الشيعي الذي رشحه لرئاسة الحكومة، فإن العبادي استوعب صدمة صمت المرجع الأعلى السيد السيستاني ليس من باب تجاهل الأمر بل على صعيد البدء بإجراءات يريدها أن تبدو في مرحلة لاحقة مقنعة حتى للسيستاني، بحيث يبدأ يحظى بدعمه بالقياس إلى ما خطط له خصوم من داخل التحالف الذي ينتمي إليه، وفي مقدمتهم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي بالتعاون مع بعض قيادات الحشد الشعبي.
فعلى صعيد العلاقة الملتبسة مع إقليم كردستان الذي لم تتمكن حكومته من دفع رواتب موظفيها منذ عدة شهور بخلاف استمرار رواتب موظفي الدولة الاتحادية رغم الأزمة الخانقة، فإن العبادي، والكلام للمسؤول العراقي، أعلن «استعداده لتأمين رواتب الإقليم في حال سلمت حكومتها النفط المستخرج من حقول الإقليم وكركوك إلى بغداد، وهو ما جعل حكومة الإقليم ترحب من جهة لأنها سوف تتخلص من عبء مالي كبير، ومن جهة أخرى تعد ما أعلنه العبادي يهدف إلى إثارة الوضع داخل الإقليم الذي سوف يكون لصالح العبادي بالفعل الذي تمكن بعكس سلفه المالكي من ترويض خصم عنيد مثل مسعود بارزاني وجد نفسه محرجًا داخل الإقليم بين مجموعة أزمات في وقت واحد تبدأ من إشكالية السلطة في الإقليم بعد نهاية فترة رئاسته، وتنتهي بالأزمة المالية الحادة التي ترتب عليها تخفيض رواتب موظفي الإقليم بنسبة تصل إلى 75 في المائة، وهو ما لم تفعله بغداد حتى الآن بسبب الدعم الدولي».
وردًا على سؤال بشأن ما يقال عن كلام حول العلاقة مع الحشد الشعبي وما إذا كان العبادي قادرًا على مواجهة إيران التي تدعم جهات نافذة في الحشد فضلا عن عدة فصائل مسلحة، لمحت إلى وجود مشكلة حقيقية مع العبادي لجهة ما يدور في الكواليس عن اتخاذ قرار بعزل نائب رئيس الحشد أبو مهدي المهندس وحديثها عما سمته استكمال صفحة الغدر، قال المسؤول العراقي إن «العبادي لم يعزل المهندس حتى الآن رغم إنه أصدر أمرًا بتعيين حميد الشطري نائبًا لرئيس الحشد لشؤون الإدارة، وهي ربما بداية تغييرات بهرمية قيادة الحشد، حيث يحتل المهندس منصب نائب الرئيس لشؤون العمليات، لكن ومن خلال تكرار الحديث عن ذلك، مع شبه صمت إيراني، فإنه بصرف النظر إن كان العبادي سيعزل المهندس أم لا، فإن المحصلة النهائية أن العبادي بدأ يتحرش بقوة بالحشد بدءًا من الجانب المالي والتنظيمي»، موضحًا أن هذا الأمر سوف يأخذ مسارين «الأول هو تسريح أعداد كبيرة من أفراد الحشد من أجل ضغط النفقات مقابل التركيز على المؤسسة العسكرية في المعارك المقبلة ضد (داعش)، لا سيما استكمال معركة الرمادي ومعركة الموصل حيث اشترط الأميركان عدم مشاركة الحشد الأمر الذي نتج عنه تضخم أعداده، دون مشاركات قتالية، وعدم وجود غطاء مالي، الأمر الذي أدى بالفعل إلى تسريح آلاف من مقاتليه، وهو ما يمكن أن يخلق مشكلات داخل قيادات الحشد، بسبب نسبة تقليص كل فصيل، بينما المسار الثاني يتمثل في زحف الدولة على الحشد، وتراجع هيمنة بعض القيادات فيه، لا سيما أن الإيرانيين وبعد الاتفاق النووي وكجزء من الصفقة الكبرى مع الولايات المتحدة أبلغوا جماعتهم في العراق عدم التحرش بالعبادي، وأنها لا توافق على تغيير العبادي المدعوم أميركيًا بقوة، وهو ما جعل إيران ترضخ لذلك، مقابل تراجع حدة الموقف الأميركي في سوريا ولبنان، حيث ترى طهران أن حصتها الكبرى من الترتيبات الإقليمية هي سوريا ولبنان وليس العراق».
وكان العبادي، ذكر أمس، خلال مشاركته في جلسة عادية للبرلمان العراقي، أن قوات الحشد الشعبي ستشارك في معركة تحرير الموصل ضد تنظيم داعش. ولكن المصدر العراقي قال إن المقصود هنا هم شيعة الموصل، من المكونين التركماني والشبك. تصريحات العبادي، جاءت خلال دعوته للتغيير الوزاري وكذلك مناقشة الواقع الاقتصادي للبلاد والأزمة المالية. واقترح العبادي إحداث تغيير وزاري بتعيين وزراء من التكنوقراط في الوقت الذي تواجه فيه الحكومة مشكلات اقتصادية كبيرة بسبب انخفاض أسعار النفط والحرب على «داعش». لكن قوى سياسية بارزة، من بينها شيعية، مثل المجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم والتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، طالبته بتغيير يشمله هو أيضًا، إذا كان التغيير على أساس التكنوقراط وليس المحاصصة. يُشار إلى أن العبادي جدد الاثنين الماضي إصراره على إحداث تغيير وزاري «جوهري شامل»، محذرًا من أن تجاهل الكتل السياسية والبرلمان لذلك يعني الدخول في صراع معهما. كما أبدى العبادي استعداده لتقديم استقالته إذا كان التغيير شاملاً.
ويربط المسؤول العراقي بين هذه التحولات في المواقف وما بدا «حرشة» قوية من قبل العبادي لخصومه وشركائه حين أعلن عزمه إجراء تغيير «جوهري»، حيث بدت مثل هذه المفردة غير مألوفة في قاموس التعامل السياسي بين أبناء الطبقة السياسية العراقية، هذا التعامل القائم على أساس المحاصصة. ويقول المسؤول العراقي بهذا الصدد إن «العبادي الذي نجح في تعيين مدير جديد لجهاز المخابرات الوطني وهو من أخطر الأجهزة لشخصية مقبولة أميركيًا، وتمتلك علاقات جيدة مع الأكراد والسنّة، وهو مصطفى الكاظمي خارج سياقات المحاصصة، يريد أن يستكمل ذلك من خلال الكابينة الوزارية الجديدة التي أربكت الشركاء السياسيين الذين باتوا في زاوية حرجة لجهة ارتفاع سقف مطالب العبادي».



«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
TT

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)

حذّرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الخميس، من أنّ قطاع غزة، ولا سيّما شطره الشمالي، يعاني نقصاً حادّاً في الأدوية والأغذية والوقود والمأوى، مطالبة إسرائيل بالسماح بدخول مزيد من المساعدات إليه، وتسهيل العمليات الإنسانية فيه.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وصفت المنظمة الأممية الوضع على الأرض بأنه «كارثي».

وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس إنه عندما اندلعت الحرب في غزة، قبل أكثر من عام في أعقاب الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لجأ تقريباً جميع الذين نزحوا بسبب النزاع إلى مبان عامة أو أقاموا لدى أقارب لهم.

وأضاف، في مؤتمر صحافي بمقرّ المنظمة في جنيف: «الآن، يعيش 90 في المائة منهم في خيم».

وأوضح أن «هذا الأمر يجعلهم عرضة لأمراض الجهاز التنفّسي وغيرها، في حين يتوقّع أن يؤدّي الطقس البارد والأمطار والفيضانات إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية».

وحذّر تيدروس من أن الوضع مروِّع بشكل خاص في شمال غزة، حيث بدأ الجيش الإسرائيلي عملية واسعة، مطلع أكتوبر الماضي.

وكان تقريرٌ أُعِدّ بدعم من الأمم المتّحدة قد حذّر، في وقت سابق من هذا الشهر، من أن شبح المجاعة يخيّم على شمال قطاع غزة؛ حيث اشتدّ القصف والمعارك، وتوقّف وصول المساعدات الغذائية بصورة تامة تقريباً.

وقام فريق من منظمة الصحة العالمية وشركائها، هذا الأسبوع، بزيارة إلى شمال قطاع غزة استمرّت ثلاثة أيام، وجالَ خلالها على أكثر من 12 مرفقاً صحياً.

وقال تيدروس إن الفريق رأى «عدداً كبيراً من مرضى الصدمات، وعدداً متزايداً من المصابين بأمراض مزمنة الذين يحتاجون إلى العلاج». وأضاف: «هناك نقص حادّ في الأدوية الأساسية».

ولفت المدير العام إلى أن منظمته «تفعل كلّ ما في وسعها - كلّ ما تسمح لنا إسرائيل بفعله - لتقديم الخدمات الصحية والإمدادات».

من جهته، قال ريك بيبركورن، ممثّل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية، للصحافيين، إنّه من أصل 22 مهمّة إلى شمال قطاع غزة، قدّمت طلبات بشأنها، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، جرى تسهيل تسع مهام فقط.

وأضاف أنّه من المقرّر أن تُجرى، السبت، مهمّة إلى المستشفيين الوحيدين، اللذين ما زالا يعملان «بالحد الأدنى» في شمال قطاع غزة؛ وهما مستشفى كمال عدوان ومستشفى العودة، معرباً عن أمله في ألا تحدث عرقلة لهذه المهمة.

وقال بيبركورن إنّ هذين المستشفيين «بحاجة إلى كل شيء»، ويعانيان بالخصوص نقصاً شديداً في الوقود، محذراً من أنّه «دون وقود لا توجد عمليات إنسانية على الإطلاق».

وفي الجانب الإيجابي، قال بيبركورن إنّ منظمة الصحة العالمية سهّلت، هذا الأسبوع، إخلاء 17 مريضاً من قطاع غزة إلى الأردن، يُفترض أن يتوجه 12 منهم إلى الولايات المتحدة لتلقّي العلاج.

وأوضح أن هؤلاء المرضى هم من بين نحو 300 مريض تمكنوا من مغادرة القطاع منذ أن أغلقت إسرائيل معبر رفح الحدودي الرئيسي في مطلع مايو (أيار) الماضي.

لكنّ نحو 12 ألف مريض ما زالوا ينتظرون، في القطاع، إجلاءهم لأسباب طبية، وفقاً لبيبركورن الذي طالب بتوفير ممرات آمنة لإخراج المرضى من القطاع.

وقال: «إذا استمررنا على هذا المنوال، فسوف نكون مشغولين، طوال السنوات العشر المقبلة».