عدت الأوساط السياسية والإعلامية خطاب الرئيس المخلوع صالح بمثابة الخطبة الأخيرة، التي ظهر فيها مقلدًا ومستلهما العقيد معمر القذافي، مهددا ومتوعدا مناوئيه بالويل والثبور، واصفا المنتمين للمقاومة بالقوى المأجورة، وثورة الشباب بالتخريب والردة، بما عاد بأذهان اليمنيين لتذكر خطبة القذافي العصماء التي ردد فيها جملة «إلى الأمام» عدة مرات، منهيا خطبته برفع يده والضرب بها على الطاولة.
وحث المخلوع علي عبد الله صالح أتباعه المقاتلين في الجبهات وعلى الحدود مع السعودية، على الصمود والاستمرار في القتال، مدعيا أنه يمتلك عتادا يجعله وأنصاره يقاتلون لفترة أحد عشر عاما.
وهاجم صالح الشرعية في اليمن، وهاجم السعودية بشدة، وفي الوقت ذاته حاول مغازلتها قائلا إنه يمد يد السلام لها وللرئيس عبد ربه منصور هادي، ولا يعارض أن تتولى المملكة قيادة العالمين العربي والإسلامي، داعيا في الوقت ذاته إلى معالجة أخطاء من وصفهم بـ«المتحوثيين».
ووصف وزير الدولة لشؤون تنفيذ مخرجات الحوار الوطني، ياسر الرعيني، الخطاب بالهوس والهذيان الذي يؤكد قرب نهاية مشروعه الكهنوتي المبني على الإبادة وتدمير البلد ونهب ثروته.
وقال الرعيني في تصريح تناقلته وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي إن الخطاب أثبت أن صاحبه يعيش حالة هذيان وأزمة نفسية ومعنوية وحالة قلق وهزيمة ذاتية.. «فكل ما ورد في خطابه متناقض، حيث تحدث عن السلام، ويصر على الحرب، ويتحدث عن الجوار، ويهاجم السعودية، ويتحدث عن الحوار، ويرفض الجلوس مع الرئيس هادي والأطراف السياسية.. لم يعد الرجل طبيعيًا أبدًا.. فالرجل وجه الرصاص إلى أجساد أبناء اليمن سواء في مجزرة 2011 أو في المجازر المستمرة التي ترتكبها ميليشياته بشكل يومي في مختلف المدن اليمنية».
وأكد الوزير الرعيني أن المملكة كانت ولا تزال من أحرص الدول في المنطقة على أمن واستقرار اليمن والرخاء والازدهار لهذا الشعب، الذي تتعامل معه على أنه جزء لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي السعودي وامتداد تاريخيًا وحضاريًا وحتى أسريًا، و«لذا فإن المملكة جاءت لمساعدة أهلها، بعد أن طلبت ذلك السلطات الشرعية التي تمثل مختلف شرائح المجتمع اليمني، وبالفعل أنقذت شعبًا من إرهاب صالح والحوثي الذي ينفذ أجندة خارجية إيرانية بأياد يمنية».
وقال نجيب غلاب، المحلل السياسي والباحث اليمني الموجود حاليا في الرياض، لـ«الشرق الأوسط»: «الخطاب هذا من أهم الخطابات، لأنه أزال الحجاب عن أهداف صالح من الانقلاب، وهو أشبه بالاعتراف الكامل بدوره الذي حاول أن يحجبه الفترة الماضية. الانقلاب كان نتاج تحالف بين الحوثي وعفاش ولكل طرف أهدافه المعلنة والخفية».
وأشار غلاب إلى أن «الخطاب أوضح أن الحوثية خسرت كثيرا، وسلمت بأنها عاجزة عن توظيف قوة (المؤتمر) ومؤيديه، منوها بأن صالح يدشن لشراكة جديدة لصالح المؤتمر؛ إذ هناك تحول حدث داخل مؤيدي الانقلاب المناهض للحركة الحوثية». وأضاف أن صالح على قناعة بأن التفاوض سيكون محصلة الحرب، ويريد أن يكون على رأس الطاولة كما يعتقد، لذا أعلن مطالبه بوضوح وبلا حجب.
وتابع: «أعتقد أن وضع صالح سيئ جدا كما الحوثية، إلا أنهم لا يزالون يمتلكون قوة، وأعتقد أنهم قادرون على استخدامها لتحسين وضعهم التفاوضي».
وقال الاقتصادي اليمني، عبد السلام الأثوري، لـ«الشرق الأوسط»: «خطاب يحاول صالح من خلاله أن يثبت لأتباعه والآخرين أنه ما زال متماسكا وموجودا ويقود المواجهة، هذا ما يمكن أن يستخلص من خطاب الرئيس المخلوع».
ولفت إلى أن رفض الرئيس المخلوع شرعية هادي وفدرلة البلاد إلى أقاليم دون مركزية إدارية، وكذلك رفضه ثورة الشباب التي أطاحت به، يؤكد حقيقة الهدف من الانقلاب. والخطاب يريد تحفيز منطقة الجغرافيا الزيدية بالتمسك به، لأن الأقاليم تستهدف إفقادهم السيطرة على السلطة والثروة.
الإعلامي اليمني الشهير، صاحب برنامج «عاكس خط» محمد الربع، قال لـ«الشرق الأوسط»: «صالح إن لم يجد أحدا يصدقه، فسيضطر لأن يكذب على نفسه. يتكلم بأنه سيقاتل 11 سنة قادمة، وهو يعلم أنه يخوض معركة تمت السيطرة فيها على المجالين الجوي والبحري في سبع ساعات».
وأضاف: «يتظاهر بأنه القوه المحركة وماسك خيوط اللعبة. لكنه يفشل حتى في إقناع الميليشيات المسيطرة على القناة الرسمية بأن يسمحوا له ببث خطابه عبرها. يقول إن لديه مخزونا من السلاح يكفي للقتال لسنوات، ويحدثك أنه سيقاتل بالخناجر. يحاول أن يقنعك بأنه غير متحالف مع إيران، لكنه يدعو إيران للوفاء بالتزاماتها، وأن الدعم الإعلامي وحده لا يكفي».
وأردف: «صالح يعلم أن الناس تعلم أنه يكذب، وأن الناس تتلقف خطاباته بالسخرية والضحك وقليل من الشفقة، ويعلم أن الخليج لم يعد يثق به، وأن الغرب لم يعد يهتم بمصيره». وقال: «لو كانت (إلى الأمام) ستنفعه، لكانت نفعت القذافي من قبله. أعتقد أن من أشد العقوبات التي يتعرض لها صالح حاليًا أنه يلقي خطابا لمدة ساعة كاملة ويكمل ولا يسمع أي تصفيق حار أو بارد حوله، وهو الذي حكم 33 عاما بقانون التصفيق».
صالح يقتدي في خطابه الأخير بالقذافي.. مهددًا ومتوعدًا مناوئيه
وزير يمني: خطاب حافل بالهذيان يعكس أجندة إيرانية تنفذ بأياد يمنية
صالح يقتدي في خطابه الأخير بالقذافي.. مهددًا ومتوعدًا مناوئيه
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة