الميليشيات تحرق 40 منزلاً في ذباب

بعدما تمكنت المقاومة من تحرير عدة مديريات غرب تعز

الميليشيات تحرق 40 منزلاً في ذباب
TT

الميليشيات تحرق 40 منزلاً في ذباب

الميليشيات تحرق 40 منزلاً في ذباب

أقدمت ميليشيات الحوثي وقوات المخلوع علي عبد الله صالح، على ارتكاب جرائم أكثر بشاعة مما ترتكبها من خلال إحراق الميليشيات لعشرات المنازل في مركز مديرية ذباب التابعة لمدينة المخأ الساحلية التابعة لمحافظة تعز. وقال الناشط الحقوقي من أبناء تعز، محمد سعيد الشرعبي، لـ«الشرق الأوسط» بأن «الميليشيات الانقلابية قامت بإخراج سكان المدينة الساحلة من منازلهم المتواضعة والخشبية، غالبيتها، وأقدموا بإحراق 40 منزلا من منازل الموطنين بحجة الاشتباه بانتمائهم للمقاومة الشعبية والجيش الوطني في المدينة، حيث إن أغلبية منازل مديرية ذباب من الألواح والعشش والطوب، وشوهد احتراق المنازل وسط حرقة أصحابها».
وتابع القول: إنه «بعد إحراق وتفجير المنازل نزح الأهالي إلى مناطق أخرى بما فيها مناطق غريره، والسقيا والعرضي، 25 كيلومترا عن ذباب، وكل ذلك بعدما تمكنت القوات الموالية للشرعية من تحرير عدة مديريات غرب مدينة تعز والتقدم باتجاه جنوب المحافظة».
وأكد الشرعبي أن «ما قامت به الميليشيات الانقلابية هو يهدف إلى إيصال رسالة إلى أبناء تعز مفادها: هكذا سيكون مصير من سيشاركون في تحرير مدن وقرى الحالمة تعز».
ومن جانبه، قال جمال محمد سالم، الناشط الحقوقي وموظف في القطاع الصحي بتعز، وأول جريح بقذائف الميليشيات، لـ«الشرق الأوسط» بأن قوات الشرعية وبدعم من التحالف العربي بقيادة السعودية تمكنت من استعادة مديرية المسراخ ونجد قسيم وتطهيرها من الميليشيات.
وبعد الخسائر التي منيت قامت الميليشيات بتجنيد أطفال في مدينة الراهدة، جنوب شرقي مدينة تعز، لتجعلهم في فوهة المدفع، إضافة إلى قصفها العشوائي وبشكل هستيري على الأحياء السكنية في تعز وقرى مديرية حيفان، جنوب المدينة، والوازعية، بوابة لحج الجنوبية غرب المدينة.
وبينما تقترب قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية من جبل المطالي في مديرية المسراخ حيث تتواجد الميليشيات الانقلابية، قصفت هذه الأخيرة بشكل عنيف وبصواريخ الكاتيوشا ومدافع الهاون من موقع تمركزها في الجبل على مركز مديرية المسراخ. يأتي ذلك بعدما قتل ما لا يقل عن 20 مسلحا من الحوثيين وقوات صالح إضافة إلى سقوط العشرات من الجرحى.
وقالت مصادر حقوقية لـ«الشرق الأوسط» بأن ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح شنت حملة اختطافات واسعة للمواطنين في مدينة تعز والمناطق التي تسيطر عليها وكذلك في مديرية المخأ، غرب المدينة، ومديرية التعزية، شمال مدينة تعز، بحجة الاشتباه بانضمامهم للمقاومة الشعبية، وتم اقتيادهم إلى جهة مجهولة، ويخشى الحقوقيون أن تضعهم الميليشيات في أماكن مستهدفة من قبل طيران التحالف.
من جهة ثانية، دشنت حملة (قاوم) في مدينة تعز، أنشطتها الداعمة للمقاوم والمقاومة الشعبية قاعة الشهيدة نعمة رسام، وبحضور حشد جماهيري كبير وفقرات متنوعة.
على الجانب الإنساني، أوضحت اللجنة الإغاثية الفرعية بتعز، حقيقة المساعدات المقدمة من برنامج الغذاء العالمي التي وصلت مؤخرا إلى مدينة تعز المحاصرة وبلغت 3 آلاف سلة غذائية. وأكد وكيل محافظة تعز، رئيس اللجنة، المهندس رشاد الأكحلي، أن إجمالي ما قدمه برنامج الغذاء العالمي للمحاصرين في المدينة حتى اليوم هي 6 آلاف سلة غذائية، 3 آلاف سلة وزعت في يناير (كانون الثاني) الماضي للمتضررين في مديرية القاهرة. ويجري الآن التحضير لتوزيع 3 آلاف سلة، التي وصلت قبل أيام، كما أكد أن المساعدات التي ستصل في الأيام القادمة سيتم توزيعها لكل من مديريتي المظفر وصالة.
ومن جهته عبر المدير التنفيذي لائتلاف الإغاثة الإنسانية بتعز أمين الحيدري، في مؤتمر صحافي في تعز، عن شكره لمركز الملك سلمان للإغاثة على تصدره من بين الداعمين في إغاثة المتضررين بتعز. وقال: «نثمن جهود مركز الملك سلمان الذي قدم مساعدات قدرت بـ100 ألف سلة غذائية، وكذا المساعدات الطبية التي أوصلها عن طريق الإنزال الجوي لطائرات التحالف، بالإضافة إلى تقديمه 9 آلاف سلة غذائية تم توزيعها في ديسمبر (كانون الأول) الماضي».
ونوه الحيدري إلى أن ائتلاف الإغاثة يعمل بتنسيق مع اللجنة العليا واللجنة الفرعية للإغاثة، وقيادة السلطة المحلية، ومنظمات المجتمع المدني العاملة في مجال الإغاثة.
وبدوره، أكد مدير الأمن المكلف في محافظة تعز العميد عبد الواحد سرحان حرصه على ضبط الأمن والسكينة العامة في المدينة. وقال: إن «أي جهات تعمل على تنظيم مظاهرات في المدينة في الوقت الحالي، سيتم التعامل معها بشكل صارم، كونها تخدم الجهة التي تحارب وتحاصر مدينة تعز، كما يخدم الأطراف المستفيدة من عرقلة العمل الإغاثي».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.