الاحتياطي النقدي الأجنبي للصين يتآكل بسرعة

هبط في ظرف عام من 4 تريليونات دولار إلى 3.2 تريليون

الاحتياطي النقدي الأجنبي للصين يتآكل بسرعة
TT

الاحتياطي النقدي الأجنبي للصين يتآكل بسرعة

الاحتياطي النقدي الأجنبي للصين يتآكل بسرعة

مع اضطراب الأسواق حول العالم، كان لدى الصين على مدى طويل شعور بالارتياح لامتلاكها ما يمثل في العالم المالي طوق نجاة: احتياطياتها من النقد الأجنبي.
قبل عام ونصف العام كانت الصين تملك احتياطيا أجنبيا يصل إلى 4 تريليونات دولار. وكانت هذه الاحتياطيات تمثل انتصارا رمزيا لقادة الصين، الذين وصفوها بـ«دم وعرق» العمال، وكانوا يعتبرونها علامة على القوة الوطنية.
والآن وكما يظهر النمو الاقتصادي للصين، فقد بدأت هذه العلامة على القوة الوطنية تنحسر.
وتشهد احتياطيات الصين من النقد الأجنبي تقلصا مستمرا مع تدفق الأموال خارج البلاد، وتحرك بكين إلى الحفاظ على قيمة عملتها.
وقد تقلصت احتياطيات البلاد بواقع الخمس تقريبا منذ صيف 2014، وقد كان أكثر من ثلث مقدار هذا التقلص خلال الشهور الثلاثة الماضية.
وبنهاية يناير (كانون الثاني)، بلغت الاحتياطيات 3.23 تريليون دولار، وهو مستوى أثار تكهنات حول المدى الذي ستسمح به بكين لاحتياطياتها بأن تتقلص.
وفي ظل وعاء أصغر من الاحتياطيات، سيكون لدى قادة الصين مساحة أقل للمناورة، في حال تعرض الاقتصاد لصدمة مفاجئة، كما أن وضع الاحتياطي يضعف من سيطرة الصين على قيمة عملتها، الرنمينبي.
كما يمكن أن يضر تراجع الاحتياطي بجهود الصين لتعزيز صورتها على الساحة الدولية، إذا لا يصبح لديها الكثير من الأموال لتضخها في مشاريع كبرى في الدول النامية. قال غانترام وولف، مدير معهد «بروغل» للبحوث الاقتصادية، وهو مؤسسة غير هادفة للربح تتخذ من بروكسل مقرا لها: «إذا استنفدت احتياطيات بقيمة 700 مليار دولار، فكم من الاحتياطيات سيتم استنفادها بعد ذلك؟ هذه هي المشكلة الأساسية».
ويعتبر تراجع الاحتياطيات واحدا من الكثير من العوامل التي تهز ثقة المستثمرين حول العالم، بسبب التأثير المحتمل لهذا التراجع على النظام المالي للصين. ويراهن عدد من المستثمرين الآن على أن الصين قد تسمح بتراجع قيمة عملتها، بدلا من أن تواصل السحب من احتياطياتها.
لكن المسؤولين الصينيين يردون على هذه التكهنات. وفي مقابلة نادرة مع مجلة «تسايشين» الاقتصادية الصينية نهاية الأسبوع الماضي، قال شو شياو شوان، محافظ البنك المركزي الصيني، إن «الصين لديها أكبر حجم للاحتياطيات الأجنبية في العالم، ولن نسمح بقوى التكهنات للهيمنة على اتجاهات السوق».
ويعد الاحتياطي الصيني من النقد الأجنبي من نتاجات الطريقة التي تدير بها عملتها.
في السنوات التي شهدت خلالها الصين أكبر طفراتها، كان من الممكن أن ترتفع قيمة عملتها، مع تدفق كميات هائلة من الدولار واليورو والين إلى داخل البلاد. غير أن الصين فرضت ضوابط محكمة على قيمة الرنمينبي، واستحوذت على كثير من النقد المتدفق ووضعته في احتياطياتها بدلا من ذلك. وأثار هذا اتهامات غاضبة من الولايات المتحدة وأوروبا للصين بأنها تتلاعب في عملتها لتواصل جعل الصادرات الصينية أقل سعرا وأكثر تنافسية في الدول الأجنبية.
أما الآن، وبينما يواجه الرنمينبي ضغوطا تدفعه إلى التراجع، تقوم الصين بالإنفاق من احتياطياتها في جهد يسعى للحفاظ على قيمة العملة. لكن الكثير من أعضاء الكونغرس والمرشحين الرئاسيين الأميركيين ما زالوا يتهمون الصين بإبقاء عملتها ضعيفة على نحو زائف.
وما زالت الاحتياطيات الصينية هائلة، وهي تتخطى احتياطيات اليابان بما يجاوز الضعف، وهو ما يجعلها ثاني أكبر احتياطيات في العالم. وأثار رئيس البنك المركزي، شو، تساؤلات عما إذا كانت الاحتياطيات ضخمة للغاية، وأن الأموال يمكن يتم استثمارها بشكل أفضل إذا تركت في القطاع الخاص. وقاد السيد شو تحركا على مدار السنتين الماضيتين لتسهيل قدرة الشركات والأفراد الصينيين على استثمار أموالهم خارج البلاد، غير أنهم وجدوا في الشهور الأخيرة أن تدفق الأموال خارج البلاد كان سريعا بشكل مقلق في بعض الفترات.
وقد اتخذت الصين عددا من الخطوات لمنع خروج مزيد من الأموال خارج البلاد. وألقت السلطات الصينية خلال هذا الشتاء القبض على قادة مصارف سرية كانت تحول مليارات الرنمينبي إلى الدولار واليورو. وزاد هذا من صعوبة استخدم المواطنين الصينيين لاستخدام المبالغ التي بحوزتهم من الرنمينبي لشراء بوليصات تأمين بالدولار.
وبهدوء أكبر قام المركزي الصيني بوقف عمليات بيع صناديق الاستثمار، المعروفة بمنتجات إدارة الثروات داخل الصين، والتي تتم تسميتها بالدولار.
كما أصدرت بكين تعليمات إلى فروع مصارفها في هونغ كونغ بالحد من تسليفها بالرنمينبي، لتصعب من مهمة المتعاملين والمستثمرين في وضع رهانات ضد العملة الصينية في أسواق المال.
وقال مسؤول تنفيذي بفرع أحد البنوك الصينية في هونغ كونغ، أصر على عدم ذكر اسمه خشية التعرض لرد انتقامي من صاحب عمله: «تلقينا إشعارا من بكين في أوائل يناير، بأن نكون أكثر تشددا في الموافقة على القروض المسماة بالرنمينبي».
وأضاف: «ليس ممتعا أن تكون عالقا في المنتصف، حيث يريد مسؤولو التسويق القيام بالمزيد من الأعمال، بينما يبلغك المسؤولون الكبار بأن تكون أكثر تشددا عند مراجعة مقترحات الإقراض».
كذلك يعد تراجع الاحتياطي مثار حرج سياسي، بالنظر إلى التصورات العامة، قد اتخذت بكين خطوات تهدف مباشرة إلى زيادة الاحتياطيات. وهناك خطوة من شأنها تجعل الكثير من احتياطياتها في حل من أي التزامات على المدى الطويل. يشترط البنك المركزي الصيني الآن على الأقل أن يقوم بعض مديري الأموال الأجانب باستثمار جزء من الاحتياطي، بتحقيق عائد سنوي بنسبة 26 في المائة، وإلا يتم خفض رسوم إدارتهم، وهذا بحسب ما قال شخص مطلع على الاحتياطي الصيني، أصر على عدم ذكر اسمه لتجنب تعرضه لإجراء انتقامي.
وشهدت الأسواق الصينية ارتفاعا هذا الأسبوع، مع مراهنة عدد من المستثمرين على أن الصين تستطيع إبطاء تقلص احتياطيها من النقد الأجنبي. وتلاشت التوقعات بأن يواصل البنك المركزي زيادة معدلات الفائدة هذا العام، مما جعل الصين أكثر جذبا. كما تدير الصين فائضا تجاريا ضخما، وهو ما يجلب تدفقا مستمرا من النقد الأجنبي.
ويحاول الاقتصاديون داخل وخارج الصين بشكل متزايد بناء تخرصات حول المدى الذي يمكن أن يصل إليه تقلص الاحتياطي الأجنبي، قبل أن تفكر الصين في خفض حاد لعملتها.
ويشير نموذج لصندوق النقد الدولي إلى أن اقتصادا بحجم الاقتصاد الصيني يحتاج 1.5 تريليون دولار مع ضوابط مشددة على رأس المال، و2.7 تريليون دولار من دون هكذا ضوابط.
وقال براد سيستر، وهو مسؤول خزانة أميركي سابق، يعمل الآن في مجلس العلاقات الخارجية، إن الصين يمكنها أن تتعامل مع قدر أصغر من الاحتياطيات لأن النموذج يبالغ في الحاجة إلى الاحتياطيات في بلد مثل الصين، يتمتع بودائع بنكية داخلية ضخمة للغاية.
وقال مدير صندوق التحوط في تكساس، جيه. كايل باس، الذي راهن على تراجع الرنمينبي، قال مؤخرا لعملائه إن شركته تعتقد أن الصين لا تملك حتى القدرة على الاستعانة بكل احتياطياتها، لأن ما يقرب من تريليون دولار قد جرى تخصيصها للاستثمارات طويلة الأمد. لكن معظم الاقتصاديين يختلفون مع هذا الرأي، بالقول إنه لم يتم تخصيص أكثر من 300 مليار دولار للكثير من المشاريع، ولم يتم إنفاقها بعد، بينما بقية الاحتياطيات الصينية المقدرة بـ3.23 تريليون دولار جاهزة للاستخدام.
على المدى الأطول لا يبدو من المرجح أن تخصص الصين احتياطياتها لمشروعات كبرى تعمل على بناء صورتها في الخارج، بحسب ما يقول فيكتور شي، وهو متخصص في الشؤون المالية الصينية في جامعة كاليفورنيا، سان دييغو. ويوضح: «عندما تخسر 100 مليار دولار شهريا، لا يمكنك تحمل الاستثمار في طريق سريع في منطقة نائية، أو خطط سكك حديدية في باكستان يمكن تفجيره».
وكان الرئيس الصيني شي جين بينغ أعلن في 2014 أن الصين ستخصص 50 مليار دولار لإنشاء بنك آسيوي للاستثمار في البنية التحتية، ثم قال لاحقا بعد شهر، إن الصين ستنشئ صندوقا بقيمة 40 مليار دولار للاستثمار في الكثير من البلدان التي ستقترض من البنك.
وأعلن شي الشهر الماضي عن صندوق آخر يتعلق بمزيد من مشروعات البنية التحتية في دول العالم الأكثر فقرا. أما عن إجمالي ما ينفقه هذا الصندوق: فقط 50 مليون دولار، وهو مبلغ يكفي بالكاد لبناء بضع طرق في بلد واحد من البلدان الفقيرة.
* خدمة «نيويورك تايمز»



«بارسونز» الأميركية تفوز بعقد قيمته 53 مليون دولار لبرنامج الطرق في الرياض

تتولى الهيئة الملكية لمدينة الرياض تنفيذ عدد من المشاريع الضخمة بالعاصمة السعودية (الهيئة)
تتولى الهيئة الملكية لمدينة الرياض تنفيذ عدد من المشاريع الضخمة بالعاصمة السعودية (الهيئة)
TT

«بارسونز» الأميركية تفوز بعقد قيمته 53 مليون دولار لبرنامج الطرق في الرياض

تتولى الهيئة الملكية لمدينة الرياض تنفيذ عدد من المشاريع الضخمة بالعاصمة السعودية (الهيئة)
تتولى الهيئة الملكية لمدينة الرياض تنفيذ عدد من المشاريع الضخمة بالعاصمة السعودية (الهيئة)

فازت شركة «بارسونز» الأميركية بعقد لإدارة تطوير شبكة الطرق في الرياض، في الوقت الذي تستعد فيه العاصمة السعودية لاستضافة معرض «إكسبو 2030»، وكأس العالم لكرة القدم 2034.

وقد أرست الهيئة الملكية لمدينة الرياض العقد الذي تبلغ قيمته 53 مليون دولار لمدة ثلاث سنوات، على الشركة المُدرجة في بورصة نيويورك، والتي ستقدم خدمات مكتب إدارة البرامج «PMO» في برنامج الطرق الرئيسية والدائرية بالمدينة.

وبموجب العقد، ستكون «بارسونز» هي مكتب إدارة المشاريع لجميع برامج تطوير الطرق الرئيسية الجديدة في الرياض، حيث ستوفر الإدارة الشاملة والرقابة على أنشطة البناء. ويشمل البرنامج 500 كيلومتر من أعمال ممرات الطرق الجديدة والمحسّنة.

وتتمثل الأهداف الرئيسية للبرنامج في الحفاظ على حركة المدينة أثناء الإنشاءات، وتلبية المتطلبات المرتبطة بخطط النمو في الرياض، بما في ذلك معالجة الازدحام واستضافة الفعاليات العالمية.

وعند اكتمال شبكة الطرق الجديدة، ستقلل شبكة الطرق الجديدة ساعات الانتظار الضائعة في حركة المرور، مما يحسّن متوسط فترات الرحلات، ويعزز الربط بين مختلف أنحاء المدينة.

وقال مارتن بوسون، نائب الرئيس الأول والمدير العام لشركة «بارسونز» في السعودية: «نحن فخورون بأن نطلق على الهيئة الملكية للرياض أحد عملائنا الدائمين، ويشرّفنا أن نعمل معهم في برنامج الطرق الرئيسية والدائرية».

وأضاف: «نظراً لكون الرياض المدينة الأكثر اكتظاظاً بالسكان في السعودية، فإن البرنامج يلعب دوراً أساسياً في تسهيل التنقل السلس للأشخاص والمركبات داخل المدينة بأكثر الطرق أماناً وكفاءة».

وتعمل الشركة على عدد من المشاريع العملاقة في الرياض، والتي يجري تطويرها من قِبل الجهات الحكومية، تماشياً مع برامج «رؤية 2030». وتتعاون مع الهيئة الملكية لمدينة الرياض، منذ أكثر من عقد من الزمان، في عدد من المشاريع الرئيسية، بما في ذلك المخطط الرئيسي للنقل في مدينة الرياض، ومشروع الملك عبد العزيز للنقل العام في الرياض.

ولدى «بارسونز» حالياً أكثر من 50 مشروعاً نشطاً في السعودية.

وفي أغسطس (آب) الماضي، أرست الهيئة الملكية للرياض أربعة عقود بقيمة 13 مليار ريال (3.5 مليار دولار) لتطوير شبكة الطرق في الرياض. وتُعدّ هذه المشاريع جزءاً من الخطة التي أعلن عنها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في عام 2020، لتطوير شبكة النقل وتحويل الرياض إلى واحدة من المدن الكبرى في العالم.

وقد وقّعت أمانة الرياض خمسة عقود بقيمة 6 مليارات ريال، في سبتمبر (أيلول) الماضي؛ لتحسين الطرق في العاصمة السعودية، التي تشهد حوادث مرورية تفوق المعدل العالمي.