انتقادات روسية لتصريحات الأسد واتهامها بتقويض جهود موسكو في سوريا

خبراء روس: يرفض وقف إطلاق النار وقواته عاجزة عن الحفاظ على مواقعها

انتقادات روسية لتصريحات الأسد واتهامها بتقويض جهود موسكو في سوريا
TT

انتقادات روسية لتصريحات الأسد واتهامها بتقويض جهود موسكو في سوريا

انتقادات روسية لتصريحات الأسد واتهامها بتقويض جهود موسكو في سوريا

انتقدت تعليقات صحافية ظهرت أمس في صحف روسية، التصريحات التي أدلى بها الرئيس بشار الأسد مؤخرًا، متهمة إياه بتحدي الجهود الدبلوماسية لموسكو. وتكشف الانتقادات عن تباينات جدية بين موقفي موسكو ودمشق، حول الجوانب الرئيسية في التسوية السورية حتى وإن جاءت من الإعلام الذي هو بشكل أو بآخر ليس على الطرف النقيض من الكرملين.
وتأتي الانتقادات، في وقت يجمع فيه السياسيون والخبراء حول العالم على الامتثال التام لرأس النظام السوري للقرارين الروسي والإيراني في كل خطواته العسكرية ومواقفه السياسية، لدرجة جعلت وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند يؤكد بثقة أن «اتصالاً هاتفيًا واحدًا من بوتين كافٍ لحل الأزمة». لكن يبدو أن بعض الكتاب والصحافيين البارزين لا يتفقون مع وجهة النظر، مثلما عبر سيرغي ستروكان في مقاله في صحيفة «كوميرسانت»، الذي يعتقد أن الأسد ما زال يتمتع بمساحة من التحكم في القرار. ويقول: «تبدو جهود التسوية السورية مهددة من جديد، وهذه المرة بسبب الموقف المتشدد للرئيس بشار الأسد». بهذه العبارة يستهل سيرغي ستروكان مقاله في «كوميرسانت»، مضيفا أن الأسد وعلى خلفية الانتصارات التي حققتها القوات الحكومية بدعم من القوات الجوية الروسية «أعلن عن عزمه مواصلة الحرب حتى النصر، وهو بذلك يرفض عمليًا الاقتراح حول وقف إطلاق النار»، ويرى ستروكان أن هذه التصريحات هي بمثابة «إشارات من دمشق تتعارض كليًا مع الاتفاقات التي تم التوصل إليها خلال المفاوضات في جنيف وميونيخ بمشاركة روسيا».
ويرى الخبراء الذين تواصلت معهم الصحيفة، أن «الأسد يريد أن يفرض على روسيا دور القوة الضامنة لبقاء النظام في دمشق، من دون حل سياسي في إطار جنيف».
ولم يتوقف الأسد عند ذلك الحد، حسب ما يرى الصحافي الروسي، بل أعلن بوضوح عن موقف يُفقد كل تلك الجهود جدواها، ويجعلها إضاعة للوقت «حين كشف عن عدم تحمسه لوقف إطلاق النار وأكد عدم وجود خيار آخر أمام قواته سوى مواصلة المعركة حتى النهاية»، منطلقًا في موقفه هذا من قناعته بأن الغرب أخذ يتحدث عن وقف إطلاق النار «بعد أن بدأت المجموعات الإرهابية تتعرض للهزيمة تلو الأخرى».
نقطة أخرى استوقفت المحلل الروسي ستروكان، وتحديدًا ما قاله الأسد حول الحل السياسي حين تساءل عن «كيفية التوصل إلى هذا الحل، مشددًا على ضرورة أن يقوم على أساس الدستور السوري الحالي، وأنه لا يرى فائدة من المفاوضات حول تعديل أو تغيير هذا الدستور»، رافضًا بذلك الاتفاقات التي توصلت إليها المجموعة الدولية لدعم سوريا، وقبلها بيان جنيف، وتقريبًا كل الوثائق والقرارات الدولية المتعلقة بتسوية الأزمة السورية التي تؤكد ضرورة صياغة دستور جديد في سياق الحل السياسي.
بعد هذا التوضيح يخلص الكاتب إلى استنتاج بأن التصريحات الأخيرة التي أطلقها الأسد إنما تميط اللثام عن تباينات جدية بين الموقفين الرسميين لموسكو ودمشق، حول الجوانب الرئيسية في التسوية السورية. ويبني ستروكان استنتاجه هذا انطلاقا من فكرة أن «موسكو تدعو إلى الحل السياسي في إطار عملية جنيف، في الوقت الذي تفضل فيه دمشق السيناريو العسكري بالتزامن مع (مصالحات محلية) باعتبارها بديلا عن اتفاقية شاملة، يمكن التوصل إليها بواسطة القوى الدولية الكبرى».
ويرى خبراء استعرضت صحيفة «كوميرسانت» آراءهم، أن «نتائج النهج الذي اعتمده الرئيس الأسد حاليًا لن تقتصر على الحيلولة دون تمكين موسكو من تحويل نجاحاتها العسكرية في سوريا إلى مكاسب سياسية، بل وتهدد بمزيد من التوتر في العلاقات بين موسكو والعالمين الغربي والعربي». في هذا الصدد يرى أندريه كورتونوف، مدير المجلس الروسي للشؤون الدولية، أن بشار الأسد يضع روسيا وإيران في موقف محرج جدًا بتصريحاته هذه التي يبدو واضحًا أنها بمثابة دعوة لإلغاء وتفكيك اتفاقات جنيف. وفي كلام أقرب إلى التحذير من مغبة النهج السياسي الذي يعتمده الأسد، يُذكر المحلل السياسي الروسي كورتونوف بأنه «ومع أهمية الإنجازات العسكرية التي حققتها، إلا أنه واضح تمامًا أن قدرات دمشق العسكرية ليست كافية لتحقيق النصر، بل حتى إنها ليست كافية للحفاظ على مواقعها الحالية»، ولهذا يؤكد كورتونوف ضرورة «إرسال إشارات واضحة إلى القيادة السورية بأن الدعم العسكري الذي تقدمه موسكو وطهران لدمشق لا يمكن ضمان استمراره بغض النظر عن أي عمل قد تقوم به دمشق».
أما أليكسي مالاشينكو، الخبير من مركز «كارنيغي» في موسكو، فقد وصف سلوك الأسد بأنه «مثال على كيف يهز الذيل الكلب»، موضحًا أن «الأسد يحاول الإيحاء لموسكو بأن روسيا ستحافظ على مصالحها في المنطقة ما دام هو على رأس السلطة في سوريا»، وفق ما نقلت الصحيفة عن الخبير مالاشينكو، لتنتقل بعد ذلك إلى القول إن «خبراء استطلعت رأيهم يصرون على أن دمشق تحاول إملاء شروطها على موسكو، مستغلة خلال ذلك حقيقة أن الرهان في النزاع السوري كبير جدًا». ويدعو هؤلاء الخبراء حسب الصحيفة، إلى النظر للوضع السوري باعتباره مثالا للمواقف «عندما تتورط دول كبرى في نزاع محلي إلى جانب الطرف الذي ترعاه وتدعمه، وفي حالات ليس نادرة تتحول هذه القوى الكبرى إلى رهينة لهذا الطرف».
كما نشرت صحيفة «فيدوموستي» تقريرًا حول تصريحات الأسد نقلت فيه وجهة نظر خبير روسي هو ألكسندر شوميلين، مدير مركز تحليل النزاعات الشرق أوسطية لدى «معهد أميركا وكندا» التابع لأكاديمية العلوم الروسية، اعتبر فيه أن «تصريحات الأسد الأخيرة تجعل من أي وقف لإطلاق النار مجرد أمر شكلي»، منوهًا في غضون ذلك بأن هذه المواقف التي أعلن عنها الأسد مؤخرًا قد تتحول لاحقًا إلى ورقة رابحة بيد الخارجية الروسية، حيث سيكون بوسع روسيا أن تُظهر نفسها صانعة سلام، وذلك عندما تفرض على الأسد الجلوس خلف طاولة المفاوضات.



بيان منسوب لبشار الأسد: غادرت بطلب روسي في اليوم التالي لسقوط دمشق

الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد (رويترز - أرشيفية)
الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد (رويترز - أرشيفية)
TT

بيان منسوب لبشار الأسد: غادرت بطلب روسي في اليوم التالي لسقوط دمشق

الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد (رويترز - أرشيفية)
الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد (رويترز - أرشيفية)

نفى الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، أن يكون قد غادر سوريا «بشكل مخطَّط له كما أُشيع»، مؤكداً: «بل بقيت في دمشق أتابع مسؤولياتي حتى ساعات الصباح الأولى من يوم الأحد 8 ديسمبر (كانون الأول)».

وأوضح الأسد، في بيان منسوب إليه نشرته حسابات تابعة للرئاسة السورية على مواقع التواصل الاجتماعي: «مع تمدد (الإرهاب) داخل دمشق، انتقلتُ بتنسيق مع الأصدقاء الروس إلى اللاذقية لمتابعة الأعمال القتالية منها».

وأضاف: «عند الوصول إلى قاعدة حميميم صباحاً تبيَّن انسحاب القوات من خطوط القتال كافة وسقوط آخر مواقع الجيش. ومع ازدياد تدهور الواقع الميداني في تلك المنطقة، وتصعيد الهجوم على القاعدة العسكرية الروسية نفسها بالطيران المسيّر، وفي ظل استحالة الخروج من القاعدة في أي اتجاه، طلبت موسكو من قيادة القاعدة العمل على تأمين الإخلاء الفوري إلى روسيا مساء يوم الأحد 8 ديسمبر».

وتابع: «مع سقوط الدولة بيد (الإرهاب)، وفقدان القدرة على تقديم أي شيء يصبح المنصب فارغاً لا معنى له، ولا معنى لبقاء المسؤول فيه».

وأضاف الأسد في البيان: «لم أكن في يوم من الأيام من الساعين للمناصب على المستوى الشخصي، بل عددت نفسي صاحب مشروع وطني أستمدّ دعمه من شعب آمنَ به».

وأعلنت المعارضة السورية، يوم الأحد 8 ديسمبر، أنها حررت دمشق وأسقطت حكم الرئيس بشار الأسد الذي امتد 24 عاماً. وورد في بيان المعارضة على شاشة التلفزيون الرسمي: «تم بحمد لله تحرير مدينة دمشق وإسقاط الطاغية بشار الأسد».

وأضافت المعارضة أنه جرى إطلاق سراح جميع المعتقلين، فيما كشف ضابطان كبيران بالجيش السوري عن أن الرئيس بشار الأسد غادر البلاد على متن طائرة إلى وجهة غير معلومة، قبل أن يعلن الكرملين أن «الأسد وأفراد عائلته وصلوا إلى موسكو»، مضيفاً: «منحتهم روسيا اللجوء لدواعٍ إنسانية».

وشكَّلت المعارضة السورية بقيادة «هيئة تحرير الشام» حكومة انتقالية مؤقتة برئاسة محمد البشير، حتى الأول من مارس (آذار) 2025.