«تكتّم» واشنطن على تفاصيل اعتقال البحارة الأميركيين يثير جدلاً في الكونغرس

صحيفة إيرانية تصف تصوير البحارة لحظة احتجازهم بـ«السلوك الداعشي»

«تكتّم» واشنطن على تفاصيل اعتقال البحارة الأميركيين يثير جدلاً في الكونغرس
TT

«تكتّم» واشنطن على تفاصيل اعتقال البحارة الأميركيين يثير جدلاً في الكونغرس

«تكتّم» واشنطن على تفاصيل اعتقال البحارة الأميركيين يثير جدلاً في الكونغرس

بعد سلسلة اتهامات لإدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما بمجاملة إيران بهدف إنجاح الاتفاق النووي، وبإخفاء معلومات عن اعتقال إيران لبحارة عسكريين أميركيين الشهر الماضي، قال السيناتور الجمهوري جون ماكين، أول من أمس، إنه سيستدعي البحارة العشرة للشهادة أمام لجنة الشؤون العسكرية في مجلس الشيوخ.
وأضاف ماكين، وهو رئيس اللجنة العسكرية، مخاطبا الصحافيين في واشنطن بعد عودته من قمة ميونيخ الأمنية، إنه سيمنح إدارة أوباما فترة حتى أول الشهر المقبل لتقديم معلومات إضافية حول الحادث، و«إلا سيستدعي البحارة العسكريين»، على حد قوله. وكان ماكين قد شنّ، الشهر الماضي، خلال أزمة اعتقال البحارة العسكريين من طرف طهران، هجوما حادا على إدارة الرئيس أوباما، معتبرا أن اعترافها بدخول السفينتين العسكريتين للمياه الإقليمية الإيرانية كان خطأ، ومشددا أنه كان ينبغي استدعاء الأسطول الأميركي في المنطقة لمنع الحرس الثوري الإيراني من اعتقال البحارة ونقلهم إلى إيران. وواصل ماكين انتقاداته بعد نشر إيران صور البحارة الأميركيين وهم مستسلمون، ويضعون أيديهم فوق رؤوسهم.
من جهته، قال جون كيري، وزير الخارجية الأميركي، تعليقا على ما سماه «دعاية إيرانية فظة» لعرضها صور الأسرى الأميركيين، إنه «غاضب جدا» لما فعلت إيران. وفي وقت لاحق، قال كيري إن الحرس الثوري الإيراني هو الذي نشر الصور «لا الحكومة». وأضاف: «في كل الحالات، لا يوجد عذر لذلك». لكنه اعترف بأن «بحارتنا دخلوا بطريقة غير مقصودة» المياه الإقليمية الإيرانية. وبعد أسبوع من تصريحات كيري وماكين، نشر البنتاغون، لأول مرة، تفاصيل الحادث. وقال في بيان أصدرته القيادة المركزية إن «قاربين من قوارب الدورية العادية في المنطقة ظهرت على واحد منهما علامات خلل فني في محرك الديزل، وتوقفا في المياه الإقليمية الإيرانية، رغم أنه ليس واضحا إذا كان طاقم كل من القاربين يعرف الموقع المحدد أم لا». وأضاف البيان أنه «عندما كان القاربان متوقفين، وأثناء محاولة الطاقمين تقييم الخلل الفني، جاءت أربعة قوارب إيرانية إلى الموقع، وهي مجهزة بعناصر مسلحة. وبعد محادثة بين الجانبين، صعدت عناصر إيرانية مسلحة إلى القاربين». واصطحب الإيرانيون القاربين الأميركيين تحت تهديد السلاح إلى جزيرة فارسي. وأضاف البيان أنه، بعد نهاية الحادث وعودة الزورقين والبحارة «تأكد أن جميع الأسلحة، والذخائر، ومعدات الاتصال، موجودة باستثناء شريحتين يبدو أنهما أخذتا من هواتف تعمل بواسطة الأقمار الاصطناعية.»
في ذلك الوقت، قال وزير الدفاع أشتون كارتر في مقابلة تلفزيونية إن «المعلومات التي قدمها لنا البحارة تفيد بأنهم دخلوا دون قصد للمياه الإيرانية بسبب خطأ ملاحي».
وكان فيديو نشرته إيران نقل صورا للبحارة وهم يرفعون أيديهم مستسلمين، كما تداولت مواقع التواصل الاجتماعي صورهم وهم يأكلون على سجاد وأخرى تظهرهم وهم يبكون. كما نشرت إيران تصريحات من بعض البحارة، اعتذر فيها أحدهم عما وصفه بأنه «دخول خطأ في المياه الإقليمية الإيرانية»، وقدم الشكر للحكومة الإيرانية على «حسن استضافتها» لهم، وعلى «تعاملها الرائع» معهم.
وفي إيران، لا تزال قضية البحارة متفاعلة في الأوساط الإعلامية والسياسية، إذ انتقد قائد الحرس الثوري محمد علي جعفري صحيفة «قانون» في أعقاب انتقادات وجهتها الصحيفة للحرس الثوري بعد نشر مقطع بكاء البحارة الأميركيين وقيام عناصر من الباسيج بعرض مسرحي في تظاهرة ذكرى الثورة من لحظات اعتقال البحارة في شوارع طهران وقم. وردا على افتتاحية صحيفة «قانون»، قال جعفري إنها ارتكبت خطأ كبيرا، داعيا إياها إلى «التوبة» والابتعاد عن تكرار مواقف مشابهة.
وكانت افتتاحية صحيفة «قانون» الأحد الماضي قد هاجمت العرض المسرحي في تظاهرة ذكرى الثورة، واتهمت عناصر الحرس الثوري بمحاولة استفزاز الأميركيين والسير على خطى من يعملون على تشويه صورة إيران في المجتمع الدولي. وأعربت الصحيفة عن استغرابها الشديد لبث التلفزيون الإيراني مقاطع فيديو من لحظة اعتقال البحارة الأميركيين وحالتهم النفسية، كما تساءل كاتب الافتتاحية عن الظروف التي دفعت جنديا في البحرية الأميركية للبكاء في تلك اللحظات. وقارن بين لحظة تصوير جنود البحرية الأميركيين ولحظة تصوير «داعش» لرهائنها قبل الإعدام، واصفا المقاطع التمثيلية والدعائية التي بثتها قنوات إيرانية بالسلوك الداعشي.
في سياق مواز، هدد البرلماني محمد جواد كوليوند، الصحيفة وكاتب الافتتاحية بالملاحقة القضائية، لمقارنتها الحرس الثوري بـ«داعش»، متهما الصحيفة بتشويش الرأي العام وتحريضه ضد القوة الأولى في البلاد.
يذكر أن المرشد الأعلى علي خامنئي منح قائد القوات البحرية في الحرس الثوري وسام «الفتح»، وقام بتكريم ضباط الحرس الثوري عقب اعتقال البحارة الأميركيين.
وصب قادة الحرس الثوري غضبهم على الصحيفة خلال اليومين الماضيين. وكان قائد الباسيج، الجنرال محمد رضا نقدي، هاجم وزارة الثقافة والإعلام على ما اعتبره ازدواجية في المعايير تجاه وسائل الإعلام المعارضة والموالية للحكومة، قائلا إن «هذه الصحف تعتبر ما هو معيب هو أن تكتب ضد الغرب. فوفق هذا المنطق، لا مانع من الكتابة ضد حزب الله وتياره». وفي سياق متصل، أضاف نقدي الذي تسيطر قواته على عدد كبير من المنابر الإعلامية في البلاد «أتمنى أن ينقذ الله يوما هذه الصحف من قبضة الاستكبار والأجانب، حتى تكتب بحرية وأفكار حرة».
وبدوره، شكّك يد الله جواني، مستشار ممثل خامنئي في الحرس الثوري، في أن تكون الصحيفة إيرانية، وطالب بالتأكد من هوية أصحابها، في إشارة إلى ضغوط يتوقع أن يمارسها الحرس الثوري ضد الصحيفة في الأيام المقبلة. واتهم جواني الصحيفة بالقيام بمهام أميركية في إيران من خلال نشر تلك الافتتاحية.



بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
TT

بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الاثنين، إلى كولومبيا في مستهل جولة تشمل أيضاً تشيلي والبيرو، في محاولة لترسيخ شراكات الولايات المتحدة في أميركا اللاتينية التي تعد فناءها الخلفي الجيوسياسي، في مواجهة الطموحات الصينية المتزايدة في منطقة شهدت انتخاب عدد من الرؤساء اليساريين أخيراً.
وخلال جولته التي تستمر أسبوعاً في الدول الثلاث، سيحضر كبير الدبلوماسيين الأميركيين أيضاً قمة وزارية. ويقر المسؤولون في واشنطن بأن هناك ضرورة لإظهار اهتمام الولايات المتحدة بجيرانها الجنوبيين، «باعتبارهم أولوية سياسية رغم التركيز على قضايا جيوسياسية كبرى، مثل الحرب الروسية في أوكرانيا، وتهديد الصين لتايوان». وتأمل إدارة الرئيس جو بايدن في أن يحافظ الزعماء اليساريون الجدد في أميركا اللاتينية «على نهج صديق للمشروعات الحرة وتعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة، وألا يجنحوا إلى الشغب الآيديولوجي في حكمهم».
وأفاد مساعد وزير الخارجية الأميركي براين نيكولز، في إحاطة للصحافيين، بأن بلينكن يزور ثلاث دول «كانت منذ فترة طويلة شريكة تجارية حيوية للولايات المتحدة، ولديها اتفاقات تجارة حرة مع الولايات المتحدة (…). نحن نركز على تعزيز علاقاتنا مع تلك الحكومات». وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، أن بلينكن سيلتقي في بوغوتا الرئيس اليساري غوستافو بيترو، وهو متمرد سابق، ووزير الخارجية ألفارو ليفا لمناقشة الأولويات المشتركة بين البلدين، بما في ذلك «الدعوة إلى ديمقراطيات قوية في كل أنحاء المنطقة، ودعم السلام والمصالحة المستدامين، والتصدي للهجرة غير النظامية كأولوية إقليمية، ومكافحة الاتجار بالمخدرات، وتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، ومعالجة أزمة المناخ».
وأضافت أن بلينكن سيجدد دعم الولايات المتحدة لاتفاق السلام الكولومبي لعام 2016 خلال مناسبة مع نائبة الرئيس فرانسيا ماركيز، على أن يزور مركزاً لدمج المهاجرين في سياق دعم سياسة الوضع المحمي المؤقت في كولومبيا للمهاجرين الفنزويليين، الذي يعد نموذجاً في المنطقة. وكان بيترو، سخر خلال حملته، من الحرب التي تقودها الولايات المتحدة على المخدرات، معتبراً أنها «فاشلة»، علماً بأن هذه الدولة في أميركا الجنوبية هي أكبر منتج للكوكايين في العالم، ولطالما واجهت ضغوطاً من واشنطن للقضاء على محاصيل المخدرات. كما تحرك بيترو لإعادة التعامل دبلوماسياً واقتصادياً مع حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، رغم جهود الولايات المتحدة لعزل الدولة العضو في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك).
واستخدم مسؤولو إدارة بايدن نبرة تصالحية في الغالب حيال بيترو، مركزين على مجالات الاتفاق في شأن قضايا مثل تغير المناخ واستشهدوا بمناشداته لمادورو للعودة إلى المحادثات مع المعارضة الفنزويلية. وفيما يتعلق بدعوات بيترو لإنهاء الحرب على المخدرات، قال نيكولز إن واشنطن تدعم بقوة «النهج القائم على الصحة والعلم» لمكافحة المخدرات، مضيفاً أن هذا «ينعكس في سياستنا لدعم التنمية الريفية والأمن الريفي في كولومبيا. ونعتقد أن الرئيس بيترو يشارك بقوة في هذا الهدف». لكنّ مسؤولاً أميركياً أكد أن واشنطن تراقب عن كثب، ما إذا كان تواصل كولومبيا مع السلطات في فنزويلا المجاورة يخالف العقوبات الأميركية على حكومة مادورو.
وتأتي جولة بلينكن أيضاً، بعد عملية تبادل أسرى بين الولايات المتحدة وفنزويلا، ما يعكس تحسناً حذراً للعلاقات بين الدولتين، رغم عدم اعتراف واشنطن بإعادة انتخاب مادورو رئيساً لفنزويلا عام 2018... وقال نيكولز: «نحن لا نحكم على الدول على أساس موقعها في الطيف السياسي، بل على أساس التزامها بالديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان».
ويحمل كبير الدبلوماسيين الأميركيين في رحلته هذه، جدول أعمال مثقلاً لمنظمة الدول الأميركية. ويتوجه الأربعاء إلى سانتياغو، حيث سيعقد اجتماعاً مع رئيس تشيلي اليساري غابرييل بوريتش البالغ 36 عاماً من العمر، الذي تولّى منصبه في مارس (آذار) الماضي. وأخيراً، يتوجه إلى ليما الخميس والجمعة، للقاء الرئيس الاشتراكي بيدرو كاستيو الذي ينتمي لليسار الراديكالي والمستهدف بتحقيقات عدة بشبهات فساد واستغلال السلطة منذ وصوله إلى الرئاسة قبل أكثر من عام. وسيشارك في الجمعية العامة السنوية لمنظمة الدول الأميركية. وسيدرس المجتمعون قراراً يطالب بإنهاء «العدوان الروسي على أوكرانيا»، رغم أن بعض الدول الأميركية اللاتينية عبرت عن تحفظها، بالإضافة إلى قرارات بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في نيكاراغوا والوضع الاقتصادي والسياسي المتردّي في هايتي.