عبد الله الثاني: الأردن يدعم خيارات الشعب المصري المستقبلية

استقبال حافل للرئيس المصري في عمان

العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والرئيس المصري عدلي منصور  خلال جولة المباحثات المشتركة في العاصمة الأردنية عمان بينهما أمس (رويتر)
العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والرئيس المصري عدلي منصور خلال جولة المباحثات المشتركة في العاصمة الأردنية عمان بينهما أمس (رويتر)
TT

عبد الله الثاني: الأردن يدعم خيارات الشعب المصري المستقبلية

العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والرئيس المصري عدلي منصور  خلال جولة المباحثات المشتركة في العاصمة الأردنية عمان بينهما أمس (رويتر)
العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والرئيس المصري عدلي منصور خلال جولة المباحثات المشتركة في العاصمة الأردنية عمان بينهما أمس (رويتر)

قال العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، إن «الأردن ينظر إلى مصر الشقيقة كدولة مهمة وأساسية في محيطها العربي والإقليمي، ويدعم خيارات شعبها المستقبلية، وبما يعزز وحدته الوطنية، ويمكن مصر بجميع مكوناتها من ترسيخ أمنها واستقرارها واستعادة مكانتها ودورها الريادي».
جاء ذلك أمس بعمان خلال مباحثات أجراها الملك عبد الله الثاني والرئيس المصري عدلي منصور، وركزت المباحثات على سبل تطوير العلاقات الثنائية، خصوصا في المجالات الاقتصادية، وعدد من القضايا الإقليمية والدولية، وذلك بحسب بيان صادر عن الديوان الملكي الأردني.
وجدد الملك عبد الله الثاني التأكيد على موقف الأردن الداعم لإيجاد حل سياسي شامل للأزمة ينهي معاناة الشعب السوري الشقيق ويحافظ على وحدة سوريا أرضا وشعبا، مشيرا في هذا الصدد إلى الجهود التي يبذلها الأردن للتعامل مع الأعداد الكبيرة من اللاجئين السوريين الموجودين على أراضيه.
وأكد الملك عبد الله الثاني والرئيس منصور، خلال مباحثات ثنائية موسعة، في القصور الملكية في منطقة الحمر بعمان، متانة العلاقات الأردنية المصرية المستندة إلى جذور قومية وتاريخية قوية وثابتة، والحرص المشترك على تعزيزها والنهوض بها في شتى الميادين، بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين والشعبين الشقيقين.
واستعرض الزعيمان جوانب التعاون بين البلدين وآفاق تعزيزها في شتى المجالات، خصوصا السياسية والاقتصادية، مؤكدين أهمية عقد اجتماعات اللجنة العليا الأردنية المصرية المشتركة بالسرعة الممكنة، لتكثيف التعاون الثنائي في مختلف المجالات، خصوصا فيما يتعلق بملف الطاقة، فضلا عن الكثير من الملفات الاقتصادية والتجارية. وهنأ ملك الأردن خلال المباحثات الرئيس منصور والشعب المصري بمناسبة الاحتفالات بذكرى انتصارات «أكتوبر»، متمنيا لجمهورية مصر العربية الشقيقة الاستمرار بالنهوض والتقدم وتجاوز جميع التحديات التي تواجهها. وتناولت المباحثات جهود تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وصولا إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني الفلسطيني وفقا لحل الدولتين ومبادرة السلام العربية، وحذر الزعيمان من أن مواصلة إسرائيل لإجراءاتها الأحادية وسياساتها الاستيطانية، والاعتداءات المتكررة على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس يهدد بتقويض العملية السلمية. وجدد الزعيمان، في هذا الصدد، الحرص على استمرار التشاور الأردني المصري وصولا إلى بلورة مواقف عربية منسجمة إزاء مختلف القضايا الإقليمية، وفي مقدمتها عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. من جهته، ثمن الرئيس منصور مواقف الأردن بقيادة الملك عبد الله الثاني الداعمة لمصر وشعبها، والدور الأردني في تعزيز العمل العربي المشترك وخدمة قضايا الأمة العربية، مقدرا عاليا حقيقة أن الملك كان أول رئيس دولة زار مصر في أعقاب ثورة 30 يونيو (حزيران). كما أكد الرئيس المصري حرص بلاده على إدامة التنسيق مع الملك عبد الله الثاني حيال مختلف التحديات التي تواجه الأمة العربية في هذه المرحلة، خصوصا سبل التعامل مع الأزمة السورية، وبما ينهي معاناة الشعب السوري. واللافت أن زيارة منصور التي استمرت لساعات حظيت باستقبال رسمي أردني كبير، حيث جرت مراسم استقبال رسمية للرئيس عدلي منصور، في القصور الملكية، حيث كان الملك عبد الله الثاني في مقدمة مستقبليه، كما كان في الاستقبال عدد من كبار المسؤولين الأردنيين.
واستعرض الملك والرئيس المصري حرس الشرف الذي اصطف لتحيتهما، فيما عزفت الموسيقى السلامين الوطني المصري والملكي الأردني، وأطلقت المدفعية 21 طلقة.
وحضر اللقاء، عن الجانب الأردني رئيس الوزراء الدكتور عبد الله النسور، ورئيس الديوان الملكي الهاشمي الدكتور فايز الطراونة، ومدير مكتب الملك عماد فاخوري، ووزير الداخلية ووزير الخارجية وشؤون المغتربين بالوكالة حسين هزاع المجالي، ومستشار الملك عبد الله وريكات، والسفير الأردني في القاهرة الدكتور بشر الخصاونة.
وحضرها عن الجانب المصري وزير الخارجية المصري نبيل فهمي، ورئيس ديوان رئاسة الجمهورية اللواء عبد المؤمن فودة ومستشارو الرئيس المصري الدكتور مصطفى حجازي وعلي عوض وأحمد المسلماني، والسفير المصري في عمان خالد ثروت، وعدد من كبار المسؤولين.
وزيارة منصور إلى الأردن هي ثاني دولة يزورها منذ توليه السلطة بمصر بعد زيارته للمملكة العربية السعودية، وهو ما اعتبره مراقبون عودة مصر للقيام بدورها الإقليمي والدولي.
يذكر أن الملك الأردني زار القاهرة لمدة ساعتين في 20 يوليو الماضي كأول زيارة بعد ثورة 30 يونيو، فيما اعتبر أنها خطوة ذات دلالة تؤكد دعم الأردن لمصر في مرحلة ما بعد الرئيس المصري السابق محمد مرسي.
على صعيد متصل، قال السفير الأردني في القاهرة بشر الخصاونة في تصريح له من عمان، بعد المباحثات، إن «زيارة الرئيس المصري إلى الأردن لها دلالات تحمل في طياتها الامتنان الكبير لموقف الملك عبد الله الثاني الذي كان أول زعيم عربي يزور مصر بعد أيام قليلة من تاريخ الـ30 من يونيو الماضي للتعبير عن دعم الأردن المستمر لمصر الشقيقة ولخيارات شعبها.
وأشار إلى أن زيارة الملك إلى مصر لاقت امتنانا كبيرا من شعب وحكومة وقيادة مصر، وهذا مناخ يساعد في تحقيق قفزات نوعية في العلاقات الاستراتيجية والمتميزة بين البلدين. من جهته، اعتبر السفير المصري في عمان خالد ثروت، في تصريحات مماثلة أن زيارة الرئيس المصري إلى الأردن تؤكد تميز وخصوصية وعمق العلاقات الأردنية المصرية وما يربطهما من مصالح مشتركة ترقى للعلاقات الاستراتيجية، مؤكدا سعي الطرفين لتوطيدها في المجالات كافة.

وقال، إن «هذه الزيارة مهمة في الوقت التي تمر فيه المنطقة بصعوبات بالنسبة لسوريا وللقضية الفلسطينية، وهي فرصة للتباحث حول مجمل هذه المواضيع، كما أنها تعتبر أول جولة للرئيس المصري في المنطقة بدأها بالسعودية، ومن ثم الأردن، وهذا يعكس مدى اهتمام مصر بالعلاقات مع البلدين».



دعوة يمنية إلى تحويل أموال الإغاثة عبر «المركزي» في عدن

مستفيدون من مساعدات «برنامج الأغذية العالمي» أمام مركز لتوزيع المواد الغذائية في صنعاء قبل توقف أنشطة البرنامج (رويترز)
مستفيدون من مساعدات «برنامج الأغذية العالمي» أمام مركز لتوزيع المواد الغذائية في صنعاء قبل توقف أنشطة البرنامج (رويترز)
TT

دعوة يمنية إلى تحويل أموال الإغاثة عبر «المركزي» في عدن

مستفيدون من مساعدات «برنامج الأغذية العالمي» أمام مركز لتوزيع المواد الغذائية في صنعاء قبل توقف أنشطة البرنامج (رويترز)
مستفيدون من مساعدات «برنامج الأغذية العالمي» أمام مركز لتوزيع المواد الغذائية في صنعاء قبل توقف أنشطة البرنامج (رويترز)

أفادت تقارير أممية بأن الأشهر الماضية شهدت تزايداً في انعدام الأمن الغذائي في اليمن، إذ باتت نصف العائلات لا تحصل على الطعام الكافي، وسط دعوات حكومية إلى إعادة النظر في نهج المساعدات، وانتقادات لعمل المنظمات الإغاثية ومطالب بتحويل أموالها عبر البنك المركزي في عدن.

وبينما يُتوقع أن عودة توزيع المساعدات تحتاج إلى نحو أربعة أشهر، بسبب انقطاع سلسلة إمداد المساعدات الغذائية الإنسانية؛ تدفع التطورات العسكرية والمواجهات الاقتصادية بين الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية بمزيد من التعقيدات في الوضع المعيشي للسكان.

طفل ينظر من خلال ثقب في مسكن عائلته بمخيم للنازحين في محافظة لحج اليمنية (الأمم المتحدة)

في هذا السياق يدعو جمال بلفقيه، رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية، إلى تحويل الأموال التي تخصّ المنظمات إلى البنك المركزي في عدن ما دامت المنظمات الدولية والبنك الفيدرالي الأميركي أيّدا التعامل معه، وعدم اعتماد أي تحويلات مالية من وإلى صنعاء إلا بموافقة البنك بصفته البنك الشرعي الوحيد في البلاد.

ووفقاً لحديث بلفقيه مع «الشرق الأوسط»، فإن نقل عمل المنظمات الدولية إلى المناطق المحررة وتغيّر مسار العمل الإنساني ورفع الاحتياجات الحقيقية من أرض الواقع، سيُسهم في عودة الثقة بهذه المنظمات وستتمكّن من تحصيل الدعم والتمويل لبرامجها، والحصول على التسهيلات من الحكومة وتحالف دعم الشرعية، وتكوين شراكة حقيقية بينها وبين الحكومة والقطاع الخاص، وفق مبدأ لا مركزية العمل الإنساني.

ويحضّ المسؤول اليمني، الذي يشغل أيضاً منصب مستشار وزير الإدارة المحلية، على استفادة المنظمات الدولية من الممرات البحرية والجوية والبرية، ومنها ميناء جازان السعودي بوصفه نافذة واحدة ترفع مصفوفة احتياجات إلى كل محافظة حسب أولوياتها، وتجمعها بمركز معلومات وتنتقل إلى الربط بين العمل الإنساني والتنمية والحماية وتمكين النساء عبر منظمات المجتمع المدني لقدرتها على الوصول للمحتاجين.

قلق وتحذيرات

كشفت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) عن أن انعدام الأمن الغذائي في اليمن ظل مرتفعاً حتى نهاية مايو (أيار) الماضي، وفق تفاوت شهدته مناطق الأزمة الاقتصادية، وأن معدل انعدام الأمن الغذائي ارتفع بنسبة 54 في المائة في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، مقابل 41 في المائة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية.

وطبقاً لتقرير صادر حديثاً عن المنظمة؛ فإن انعدام الأمن الغذائي استمر في التدهور حتى مايو الماضي، وظل عند مستوى مماثل مقارنة بالشهر السابق، مرتفعاً بنسبة 11 في المائة، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

يمنية مع أطفالها في مخيم للنازحين في محافظة تعز (الأمم المتحدة)

وعانت 54 في المائة من الأسر المشمولة باستطلاع «الفاو» في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، صدمات، تمثّلت في انهيار العملة وارتفاع الأسعار، أثرت في قدرتها على كسب الدخل أو إنتاج الغذاء للاستهلاك الذاتي، مقابل استقرارٍ في أسعار المواد الغذائية شهدته مناطق سيطرة الجماعة.

وواجهت نسبة أكبر من العائلات في مناطق سيطرة الحكومة، بلغت 64 في المائة، انخفاضاً في دخلها الرئيسي مقارنة بالعام الماضي، وبارتفاع شهري في مايو الماضي بنسبة 6 في المائة، وهي نسبة أعلى بشكل غير متناسب مما هو قائم في مناطق حكومة صنعاء.

وحذّر التقرير من تسارع انخفاض قيمة العملة المحلية، في مناطق الحكومة الشرعية، خلال الأشهر المقبلة، ما يشكّل خطراً متزايداً لارتفاع أسعار الديزل، وبالتبعية أسعار المواد الغذائية بسبب تكاليف النقل.

ويرى مصدر إغاثي في الحكومة اليمنية أن هذا التدهور طبيعي جداً، بسبب استمرار الأزمة السياسية والحرب في البلاد وعدم التوصل إلى اتفاق لإنهائها، وأن الأحداث الأخيرة في البحر الأحمر أسهمت في مفاقمة الحالة الإنسانية المعقدة، إلى جانب تدهور العملة المحلية والحرب الاقتصادية التي تشنها الجماعة الحوثية.

عائلة صغيرة في مخيم للنازحين على مشارف مدينة تعز (أ.ف.ب)

ونوه المصدر، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، إلى أن هذه المنظمات فشلت خلال الأعوام الماضية في إنهاء الأزمة الإنسانية في اليمن رغم الأموال الكبيرة التي تلقتها واستفادت منها؛ إذ استمرّ الوضع المعيشي في التدهور، خصوصاً في مخيمات النزوح، معرباً عن قلقه من زيادة الاحتياجات الإنسانية في الفترة المقبلة مع تراجع المساعدات الموجهة إلى اليمن، واستمرار المواجهات العسكرية.

وتوقع المصدر أن تؤدي قرارات البنك المركزي إلى تعديل شوكة الميزان، وتحسين الأوضاع المعيشية في المناطق المحررة، مستغرباً من توقعات «الفاو» أن هذه المناطق ستشهد انهياراً أكبر من تلك التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية، لأن الأزمة لن تستثني جهة أو منطقة ما، بل إن ممارسات الجماعة الحوثية تزيد من وقعها على السكان.

حرمان حاد

ذكر تقرير حديث لبرنامج الأغذية العالمي، أن الحرمان الحاد من الغذاء بلغ ذروته في عدد من مناطق شمال اليمن، من بينها محافظات الجوف وحجة وعمران والحديدة، في حين شهدت المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية مستويات تاريخية من استهلاك غير كافٍ للغذاء، بعد أن أعلن في وقت سابق استمرار توزيع المساعدات في تلك المناطق.

وأوضح البرنامج الأممي أنّ المواد الغذائية الأساسية كانت متوفّرة في الأسواق خلال مايو الماضي، لولا أن المجتمعات الأكثر فقراً لم تكن قادرة على تحمّل تكاليفها، بعد ارتفاع أسعار السكر والزيت النباتي ودقيق القمح والفاصولياء الحمراء، في حين بدأ مخزون الغذاء النفاد في المناطق الخاضعة للجماعة الحوثية بصورة كاملة تقريباً.

مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد توقف موارد تمويل المساعدات وتردي الأوضاع الاقتصادية (رويترز)

وكان البرنامج أعلن في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أنّ عمليات توزيع المساعدات الغذائية العامة في مناطق سيطرة الحكومة سوف تستمر، مع التركيز بشكل أكبر على العائلات الأكثر ضعفاً واحتياجاً، بما يتماشى مع تغيّرات الموارد، بعد أن أوقف مساعداته الغذائية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، لبعض الوقت، منذ أوائل الشهر ذاته.

وتسبّب تراجع الموارد وعدم التوصل إلى اتفاق مع الجماعة الحوثية على تنفيذ برنامج أصغر يتناسب مع الموارد المتاحة للعائلات الأكثر ضعفاً واحتياجاً؛ في توقف نشاط برنامج الأغذية العالمي في مناطق سيطرة الجماعة، بعد ما يقارب عاماً من المفاوضات، لتخفيض عدد اليمنيين المستفيدين من المساعدات الغذائية المباشرة من 9.5 مليون شخص إلى 6.5 مليون.