المعهد الملكي للمعماريين البريطانيين يبحث عن أفضل مبنى في العالم

جائزة معمارية عالمية جديدة تهدف للوصول إلىالأعمال المعمارية الأكثر ابتكارًا وإلهامًا

المعماري البريطاني ريتشارد روجرز - فيليب جوموتشدجين رئيس لجنة جوائز المعهد الملكي للمهندسين المعماريين البريطانيين - مقر  المعهد الملكي للمهندسين المعماريين البريطانيين
المعماري البريطاني ريتشارد روجرز - فيليب جوموتشدجين رئيس لجنة جوائز المعهد الملكي للمهندسين المعماريين البريطانيين - مقر المعهد الملكي للمهندسين المعماريين البريطانيين
TT

المعهد الملكي للمعماريين البريطانيين يبحث عن أفضل مبنى في العالم

المعماري البريطاني ريتشارد روجرز - فيليب جوموتشدجين رئيس لجنة جوائز المعهد الملكي للمهندسين المعماريين البريطانيين - مقر  المعهد الملكي للمهندسين المعماريين البريطانيين
المعماري البريطاني ريتشارد روجرز - فيليب جوموتشدجين رئيس لجنة جوائز المعهد الملكي للمهندسين المعماريين البريطانيين - مقر المعهد الملكي للمهندسين المعماريين البريطانيين

الحديث مع المعماري الشهير فيليب جوموتشدجين مؤسس شركة Gumuchdjian Architects، ورئيس لجنة جوائز المعهد الملكي للمهندسين المعماريين البريطانيين حول إطلاق الجمعية لجائزة
اكتشاف أفضل المباني الجديدة في العالم وللاحتفال بقيمة العمارة للمجتمعات المحلية في جميع أنحاء العالم، يتفرع بنا ما بين أثر العمارة على البيئة والثقافة وتأثيرها على الإنسان وأيضا الفن والجمال. يتحدث جوموتشدجين وكأنما يتغزل في خصائص العمارة وأهميتها، ومن خلال تعليقاته يتضح لنا بعض معالم الجائزة الجديدة التي يطلقها المعهد الملكي والتي يطمح من خلالها للخروج من الدائرة المحلية والوصول لجميع المعماريين في جميع أنحاء العالم.
الجائزة الوليدة كما يصفها البيان الصحافي تهدف لاكتشاف «أفضل المباني الجديدة حول العالم وسيتم منحها للمبنى الذي يجسد التميز في التصميم، والطموح المعماري، ويقدم التأثير الاجتماعي الهادف مهما كان نوعه أو ميزانيته. وهذه الجائزة متاحة لأي مهندس معماري مؤهل».
يقول جوموتشدجين بأنها تتوج قوائم الجوائز التي يقدمها المعهد، ويضيف «نحاول أن نمنح الجائزة لأفضل مبنى في العالم،» أعلق بأن ذلك الأمر قد يعد طموحا بأكثر مما ينبغي ولكنه يرد أن «المعهد دأب على منح جوائزه للمعماريين البريطانيين وهو ما يصفه بأنه أمر «مقيد ومحدود وأيضا تقليد عتيق، لماذا لا نفتح الباب لكل المعماريين في كل مكان للعثور على أفضل مبنى على الأرض؟». يوافقني القول بأن ذلك التوصيف في قمة الطموح ولكنه يراه ممكنا: «في كل جيل يوجد عدد محدود من المباني المتفوقة» ولكن المواصفات التي يعددها تجعل المبنى يستحق كل الجهد للبحث عنه. يقول: «لدينا اهتمام خاص واقتناع بأن لنا دورا مهما كمعماريين في تقليل المشكلات البيئية، والحد من الثورات الاجتماعية، قد لا نستطيع حل كل المشاكل ولكننا بكل تأكيد نستطيع التقليل منها».
كيف يمكن لمبنى أن يحمل كل ذلك التأثير؟ أتساءل: قد يحمل المبنى مميزات تجعله صديقا للبيئة ولكن كيف يمكنه أن يؤثر على الناس؟ يقول: «عندما قلت بأننا نبحث عن مبنى رائع لم أقصد أن يكون كذلك من الناحية الجمالية فقط، فالمبنى المثالي قد يكون مسهما في استخدام جيد للمساحات المفتوحة والعامة. أيضا قد يمثل إضافة كبيرة لمفهومنا حول المباني العامة، فقد يكون مبنى لبرلمان أو لمتحف. الجائزة في الأساس هي للتصميم ولهذا فنحن نبحث عن مبنى يتحقق فيه وجود التصميم المثالي المنفذ بفن، ولكنه أيضا يجب أن يكون جامعا لكل المواصفات التي ذكرتها من قبل».
وحسب تفسيره للمبنى المنشود فهو مبنى يتميز بحسن استخدامه للموارد وحليف للبيئة، وبمعنى آخر يجب أن يكون مثاليا لأقصى حد وأن يكون نموذجا يحتذى.
في مثل هذه الجوائز قد يكون الفائز مجموعة أو شركة معمارية كبرى وهو ما يشير لنخبة من الممارسين للمهنة، ولكن هناك ما يطمئن المعماري الناشئ فالمعهد يعد أيضا لتقديم جائزة للشباب تحت الأربعين وقد يكون المشروع صغيرا.
نعود للجائزة الأصلية وأتساءل إن كان هناك شروط للمشروعات المقدمة، مثلا الوقت الذي أقيمت فيه واستخدامها وأيضا إن كان من الممكن تقبل مشروعات إعادة تأهيل وتحوير مبان قديمة. يشير إلى أن المشاريع المتقدمة يجب أن تكون قد نفذت خلال الثلاثة أعوام الأخيرة كما يجب أن يكون المبنى متاحا للجمهور. العناصر الجمالية هل هي من الشروط؟ أطرح تساؤلا وتأتي إجابته لتؤكد على المفهوم الذي يتعامل معه كمعماري، ويقول: «بالتأكيد الجماليات مهمة جدا، ولكن ذلك يختلف من شخص لآخر، فكل معماري يطمح للوصول إلى مقياس الجمال. البعض يفشل في ذلك ولكننا نحاول جاهدين دائما». لجنة المحكمين تأخذ في اعتبارها عدة عناصر: «نحاول الحصول على كل العناصر مجتمعة، ولكن يجب أن نتذكر أنها جائزة للمعمار وهو بطبعه يقدم فهما واسعا فيضم استخدام ووظيفة المبنى أيضا التأثير المجتمعي والعناصر الفنية».
بالنسبة لآليات التقديم، يشير إلى أن كل المعماريين يستطيعون التقدم عبر الموقع الإلكتروني للمعهد الملكي. وبعد ذلك ستقوم لجنة من 20 - 30 محكما من أعضاء المعهد وعدد من الشخصيات من خارجه، بدراسة كل الطلبات ويتم اختزالها لنحو 20. بعد ذلك يقوم عدد من المحكمين بزيارة كل المباني المختارة وبعد العودة للندن يجتمعون لتقرير القائمة القصيرة التي ستضم ستة مبان فقط. في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل تقوم لجنة المحكمين برئاسة المعماري الشهير ريتشارد روجرز بزيارة ثانية لكل المباني لمعاينتها بدقة ولقاء المصممين، وبعد العودة للندن والتشاور تعلن النتيجة في شهر ديسمبر (كانون الأول).



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».