لقاء تاريخي في كوبا يجمع بطريرك روسيا مع البابا فرنسيس

يبحث قضايا المسيحيين في الشرق الأوسط.. وتطوير العلاقات الثنائية

لقاء تاريخي في كوبا يجمع بطريرك روسيا مع البابا فرنسيس
TT

لقاء تاريخي في كوبا يجمع بطريرك روسيا مع البابا فرنسيس

لقاء تاريخي في كوبا يجمع بطريرك روسيا مع البابا فرنسيس

في سابقة تعد الأولى من نوعها في تاريخ العلاقات بين الكنيستين الكاثوليكية والأرثوذكسية، أعلنت مصادر من الكنيسة الأرثوذكسية الروسية أن اللقاء الذي يجمع بين كيريل، بطريرك موسكو وسائر مدن روسيا، وفرنسيس بابا الفاتيكان في كوبا يعد «خطوة تاريخية لمحاولة تسوية الخلافات القائمة بين الكنيستين». ومن المقرر أن تتصدر القضايا المتعلقة ببحث ما وصفته مصادر كنسية روسية بقضية «اضطهاد المسيحيين في الشرق الأوسط»، إلى جانب العلاقات الثنائية، وغيرها من القضايا ذات الصلة.
وقد أعارت سلطات موسكو أهمية كبرى لهذه الزيارة، فيما حرص التلفزيون الرسمي من خلال القناة الرسمية الإخبارية «روسيا - 24» على نقل مراسم توديع بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية البطريرك كيريل على الهواء مباشرة، بما في ذلك مراسم توديعه من جانب كل قيادات الكنيسة في موسكو، مصحوبة بتعليقات مستفيضة حول أهمية الزيارة والأهداف التي تبتغيها روسيا ومسيحيو الكنيسة الأرثوذكسية منها، إلى جانب الإشارة إلى الجولة التي سوف يقوم بها البطريرك كيريل في عدد من بلدان أميركا اللاتينية.
وقال المطران هيلاريون، رئيس قسم العلاقات الخارجية للكنيسة الروسية، إن جولة البطريرك كيريل إلى أميركا اللاتينية في الفترة الممتدة من بين 11 إلى 22 من فبراير (شباط) الحالي تأتي في وقت مواكب لموعد زيارة البابا فرنسيس إلى المكسيك، وأن الاستعدادات لعقد اللقاء مع بابا الفاتيكان فرنسيس بدأت منذ فترة طويلة. وقال بهذا الخصوص «إنه اللقاء الأول في التاريخ بما يمكن أن يشكل إشارة ذات دلالات كبيرة نحو بدء مرحلة مهمة في العلاقات بين الكنيستين»، مضيفا أن الكنيسة الروسية والكرسي البابوي يأملان في أن يصبح هذا اللقاء بارقة أمل لجميع الناس من ذوى الإرادة الطيبة. وأشارت المصادر الكنسية إلى أنه من المقرر أن يصدر بيان مشترك عن هذا اللقاء حول ما خلص إليه الجانبان في مناقشاتهما حول أوضاع المسيحيين في منطقة الشرق الأوسط وغيرها من المناطق إلى جانب الموقف من علاقات الكنيستين في المستقبل.
وسبق للرئيس فلاديمير بوتين أن التقى بابا الفاتيكان فرانسيس الأول في 25 من نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2013 في روما. وتعليقا على ذلك اللقاء الذي كان استمر لمدة 35 دقيقة أعلن ممثل المجلس البابوي للاتصال تاديوس جونز «أن لقاء بوتين مع البابا يعزز الأمل بإحلال السلام في سوريا». كما نقلت الوكالات الروسية عن فيديريكو لومباردي المتحدث الرسمي باسم الحبر الأعظم ما قاله آنذاك حول أن لقاء البابا مع بوتين تركز على الأزمة السورية، مشيرا إلى أن الجانبين شددا على ضرورة وقف العنف في هذا البلد، وتسوية النزاع سلميا. أما الناطق الرسمي باسم الكرملين فقد اكتفى بالقول إن «اللقاء كان جيدا».
والتقى بوتين مرة أخرى في 10 من يونيو (حزيران) من العام الماضي مع رئيس الكنيسة الكاثوليكية البابا فرانسيس في الفاتيكان خلال زيارته الأخيرة لإيطاليا. وقالت وكالة «نوفوستي» إنهما بحثا خلال اللقاء الوضع الأوكراني وعددا من القضايا الثنائية والدولية الملحة، فيما أشار يوري أوشاكوف، مساعد الرئيس بوتين للشؤون الخارجية، إلى أنهما تطرقا إلى بحث أوضاع المسيحيين في الشرق الأوسط، ونشاط الكاثوليك من أتباع ما تسمى بـ«الكنيسة الوحدوية» المنتمين لروما في أوكرانيا في إطار الملف الأوكراني.
وكان الناطق الرسمي باسم الكرملين وصف تلك المباحثات بين الرئيس الروسي وبابا الفاتيكان بأنها «عميقة وودية جدا»، موضحا أنها تناولت الأوضاع الدولية، بما في ذلك الوضع في أوكرانيا، إلى جانب تطرقهما للقيم البشرية والإنسانية التي يجتمع عليها الكاثوليك والأرثوذكس وأبناء الأديان الأخرى. وقال الناطق باسم الكرملين إن الجانبين «أعربا عن قلقهما من وضع المسيحيين في الشرق الأوسط»، فيما أشار «إلى أن الحديث يدور في المقام الأول عن التهديد المحدق بحياة المسيحيين في ظروف النزاع المسلح في سوريا»، مضيفا أن الرئيس الروسي أعرب عن شديد ارتياحه للقائه مع الحبر الأعظم، وقال إن بوتين يرى فيه «شخصا عميقا وواسع المعارف، ويثمن جدا إمكانية الحديث معه».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.