روسيا وإيران ترحبان بالتعاون مع السعودية و«أوبك» دون المساس بالإنتاج

رئيس «روسنفت» : صناعة النفط الروسية ستظل قادرة على المنافسة

روسيا وإيران ترحبان بالتعاون مع السعودية و«أوبك» دون المساس بالإنتاج
TT

روسيا وإيران ترحبان بالتعاون مع السعودية و«أوبك» دون المساس بالإنتاج

روسيا وإيران ترحبان بالتعاون مع السعودية و«أوبك» دون المساس بالإنتاج

لا يزال المسؤولون الروس والإيرانيون يرحبون بالتعاون مع السعودية لبحث أوضاع السوق النفطية، ولكن لا أحد يريد الخوض في مسألة خفض الإنتاج حتى تتخلص السوق من الفائض المتراكم فيها، الذي اختلفت تقديراته حاليًا بين 700 ألف و2.5 مليون برميل يوميًا.
ومما يزيد الوضع تعقيدًا هو أن إيران وروسيا أعلنتا عن رغبتهما في زيادة الإنتاج خلال الأشهر القادمة أو الإبقاء عليه من أجل الحفاظ على الحصص السوقية أو زيادتها. في الوقت الذي أعلنت فيه الكويت أول من أمس على لسان مسؤول نفطي فيها أنها تنوي رفع إنتاجها من 3 ملايين برميل إلى 3.15 برميل يوميًا في الربع الثالث.
ونقلت وكالة الأنباء الكويتية عن العضو المنتدب للتسويق في مؤسسة البترول الكويتية نبيل بورسلي على الزيادة القادمة في الإنتاج قائلاً إنها تستوجب العمل على فتح المزيد من الأسواق والعملاء للنفط الكويتي لاستيعاب الزيادة.
وجدد وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه البارحة رغبته في التعاون مع كل الدول في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، وقال إن طهران مستعدة للتفاوض مع السعودية وباقي «أوبك» بشأن الأوضاع الحالية في أسواق النفط العالمية.
إلا أن مسعود هاشميان إصفهاني نائب وزير النفط المكلف قال بالأمس إن إيران لا تستطيع خفض إنتاج النفط الخام، نظرا لحاجتها لاستعادة حصتها السوقية والعودة بالإنتاج إلى مستويات ما قبل فرض العقوبات.
وقال في موسكو للصحافيين عندما سئل إن كانت طهران مستعدة للتنسيق في خفض الإنتاج لدعم سوق النفط: «لا نود أن نخفض. نحتاج لاستعادة حصتنا».
وأضاف إصفهاني «سعر (النفط) يعتمد بالكامل على وضع السوق ولدينا فائض معروض حاليا. قد يتعين على بعض الدول خفض حصتها وأن تستعيد دول كثيرة حصتها».
وكان تلفزيون «برس تي في» الإيراني قد نقل تصريحات منشورة لوزير النفط زنغنه على وكالة «إيرنا» الإيرانية قال فيها: «ندعم أي شكل من أشكال الحوار والتعاون مع الدول الأعضاء في (أوبك) بما في ذلك السعودية».
ولم يذكر تفاصيل أخرى عن الخطوات التي قد تأخذها طهران والرياض. ويبدي بعض مندوبي «أوبك» تشككا في إمكانية التوصل إلى اتفاق لخفض الإمدادات، نظرا لأن إيران كانت تريد تعزيز الصادرات بعد رفع العقوبات الشهر الماضي.
وقال زنغنه إن الفائض الحالي في السوق هو نتيجة لرغبة المنتجين في هذا الوضع، إذ إن الكل يستطيع تصحيح وضع السوق في أسبوع واحد إن أرادوا ذلك.
وقدر زنغنه الفائض في السوق بنحو 2.5 مليون برميل يوميًا، وهو أعلى بكثير من الفائض الذي تم تقديره من قبل «أوبك» في تقريرها الشهري الصادر بالأمس، والذي قالت فيه إن الفائض قد يصل إلى 700 ألف برميل يوميًا، فيما كانت وكالة الطاقة الدولية قد ذكرت في تقريرها الشهري أول من أمس أن الفائض في النصف الأول من المتوقع أن يبلغ 1.75 مليون برميل يوميًا.

الرفض الروسي

ولا يبدو أن الروس لديهم أي رغبة في خفض الإنتاج حيث قال إيجور سيتشن رئيس شركة النفط الروسية العملاقة «روسنفت» أمس إن صناعة النفط الروسية التي تعد الأضخم في العالم ستظل قادرة على المنافسة مهما يكن السعر، وذلك بفضل الانخفاض الحاد لقيمة الروبل في الفترة الأخيرة.
واقترح سيتشن في كلمة في لندن خلال مناسبة أسبوع البترول الدولي أن تخفض كبرى الدول المنتجة للنفط الإنتاج بواقع مليون برميل يوميا لدعم أسعار الخام المتدنية.
وقال سيتشن إن تخمة المعروض الحالية في السوق سببها زيادة إنتاج أعضاء «أوبك». ولم يذكر سيتشن ما إن كانت روسيا مستعدة لخفض الإنتاج.
وقال: «من المفروض أن يقوم بتخفيض الإنتاج؟ هل ستخفض السعودية إنتاجها؟ هل ستخفض إيران إنتاجها؟ هل ستخفض المكسيك إنتاجها؟ هل ستخفض البرازيل إنتاجها؟ من سيقوم بتخفيض إنتاجه؟!»
وأضاف سيتشن أن من المنطقي أن تنتظر الحكومة لحين تعافي النفط إلى 100 دولار للبرميل قبل البدء في أي عملية جديدة لخصخصة «روسنفت».
وقال رئيس «روسنفت» إن إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة سينخفض في الأمد الطويل وسيصل إلى ذروته بحلول عام 2020. وأضاف: «لإنتاج النفط الصخري حدود في الحجم والوقت»، مستبعدًا أن ينتشر إنتاج النفط الصخري خارج الولايات المتحدة بسرعة كبيرة.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.