فيروس زيكا مستمر في الانتشار والسبب.. بعوضة الزاعجة المصرية

اكتشاف الفيروس في اللعاب والبول وتحذيرات من تقبيل الغرباء

فيروس زيكا مستمر في الانتشار والسبب.. بعوضة الزاعجة المصرية
TT

فيروس زيكا مستمر في الانتشار والسبب.. بعوضة الزاعجة المصرية

فيروس زيكا مستمر في الانتشار والسبب.. بعوضة الزاعجة المصرية

اكتشف فيروس زيكا في لعاب مريضين في البرازيل وبولهما ورغم أنه لم تتضح حتى الآن إمكانية انتقال الفيروس عبر هذه الوسائل فإن الكشف قد يدفع الحوامل لتجنب تقبيل غرباء خلال احتفالات كارنفال ريو دي جانيرو التي تعم البرازيل.
وأعلن علماء برازيليون هذا الاكتشاف الجمعة بينما نصح مسؤولون أميركيون في قطاع الصحة بتشديد الإجراءات لمتابعة الحوامل لتجنب إصابتهن بالفيروس ومنع نقله عن طريق ممارسة الجنس.
وينتقل الفيروس عن طريق بعوضة. وتفشى فيروس زيكا بسرعة كبيرة في الأميركتين وأثار مخاوف صحية في العالم كله بسبب ارتباطه بميلاد أطفال برؤوس مبتسرة.
وقال علماء في مؤسسة أوزوالدو كروز وهي معهد للتحاليل الكيميائية تابع للحكومة الاتحادية في البرازيل إنهم استخدموا اختبارا جينيا للتعرف على الفيروس في عينات من مريضين ظهرت عليهما الأعراض وتم تحديد إصابتهما بزيكا.
لكن العلماء أكدوا على الحاجة لمزيد من الدراسات للجزم بإمكانية انتقال العدوى عبر سوائل الجسم.
وطالبت المؤسسة النساء الحوامل بتجنب الوجود وسط الجموع خلال المهرجان حيث تشيع عادة تبادل القبل بين الغرباء.
وأعلنت منظمة الصحة العالمية يوم الاثنين الماضي أن عدوى زيكا الفيروسية تمثل حالة طوارئ دولية تحدق بالصحة العامة بسبب الاشتباه في ارتباطها بآلاف من حالات تشوه الأجنة فيما تسعى المنظمة للتصدي لهذا الخطر.
وفي الوقت ذاته تشهد دول أميركا اللاتينية تعبئة على نطاق واسع لمكافحة البعوض الناقل للفيروس خصوصا في هندوراس والبرازيل البلد الأكثر إصابة.
وأعلنت هندوراس أمس يوما وطنيا لمكافحة «البعوض النمر» الذي ينقل أيضا حمى الضنك وتشيكونغونيا الاستوائيتين. كما أعلنت هذا الأسبوع حالة طوارئ وطنية بعد تسجيل قرابة 3700 حالة إصابة منذ أواسط ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وفي البرازيل، يتنقل عسكريون وعاملون في قطاع الصحة منذ أيام بين المنازل لتوزيع منشورات وإعطاء إرشادات للسكان. وتتوقع البرازيل قدوم قرابة مليون سائح إلى ريو دي جانيرو في نهاية هذا الأسبوع بمناسبة بدء الكرنفال الشهير.
وحذرت مديرة منظمة الصحة في الدول الأميركية كاريسكا ايتيين من أن «حل المشكلة سيتم عبر القضاء على البعوض المسؤول عن نقل الفيروس»، إثر اجتماع طارئ لوزراء صحة 14 دولة من أميركا اللاتينية تعهدوا بالتعاون للقضاء على الفيروس.
وبعد انتشار العدوى في 26 بلدا أصبحت القارة الأميركية المنطقة الأكثر إصابة بالفيروس الذي تشبه عوارضه الإنفلونزا البسيطة ويمكن بالتالي تجاهلها مع أن عواقبها يمكن أن تكون خطيرة وأحيانا مميتة.
وأعلنت كولومبيا الدولة الثانية الأكثر إصابة ثلاث حالات وفاة الجمعة نسبتها إلى الفيروس، موضحة أن الحالات الثلاث سبقتها أعراض متلازمة غيلان - باري العصبية التي تظهر على شكل ضعف أو شلل تدريجي في الأطراف.
وحذرت مديرة المعهد الوطني للصحة مارثا لوثيا أوسبين من «ظهور حالات أخرى»، مشددة على أن «العالم بدأ يدرك أن زيكا يسبب الوفاة، ربما ليس بأعداد كبيرة لكنه مميت».
وهذه هي المرة الأولى التي ينسب فيها مسؤول حكومي حالات وفاة إلى فيروس زيكا، الذي يشتبه أيضا بأنه يسبب تشوهات خلقية خصوصا صغر الجمجمة مما يؤخر النمو العقلي للأطفال لاحقا.
وأمام التزايد الكبير في عدد حالات صغر الجمجمة في أميركا الجنوبية، أعلنت منظمة الصحة العالمية أن الفيروس حالة صحية عالمية طارئة.
وفي البرازيل سجلت منذ أكتوبر (تشرين الأول) 1.5 مليون حالة إصابة و404 حالات أطفال يعانون من صغر الجمجمة و3760 حالة أخرى يشتبه بارتباطها بالفيروس في مقابل 147 حالة مؤكدة في مجمل العام 2014.
والفيروس الذي لا يزال مجهولا تقريبا ولا لقاح له، يمكن أن ينتقل عبر الاتصال الجنسي كما تبين بعد إعلان عن حالة من هذا النوع في الولايات المتحدة في الأيام الأخيرة، كما أن باحثين برازيليين اكتشفوا أن الفيروس يظل نشطا في اللعاب والبول.
إلا أن العلماء يصرون على أن البعوض لا يزال العامل الأول في انتشار الفيروس.
وإزاء هذا التهديد، تضاعفت النصائح والإرشادات والتدابير في الأيام الأخيرة مع عمليات رش مبيدات للبعوض في أميركا الجنوبية ودعوات للامتناع عن العلاقات الجنسية أو إلى استخدام الواقي الذكري وحتى الإبلاغ عن أي تبرع بالدم بعد العودة من مناطق إصابة، بحسب منظمة الصحة العالمية.
وفي أميركا اللاتينية حيث الإجهاض محظور، عممت الكثير من الحكومات من بينها السلفادور وكولومبيا والإكوادور نصائح بتفادي الحمل.
إلا أن المفوضية العليا لحقوق الإنسان اعتبرت أن هذه النصائح غير مجدية وأوصت في المقابل بتوفير وسائل منع الحمل وإمكان إجهاض مبكر للحمل في حال الإصابة.
وفي العاصمة الأميركية واشنطن راجعت المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها إرشاداتها للنساء الحوامل لتتضمن توصية بأن تخضع الحوامل لفحوص رصد عدوى زيكا الفيروسية بعد عودتهن من المناطق التي ظهر فيها المرض حتى لو لم تظهر عليهن أي أعراض.
وتتضمن الإرشادات الجديدة توصية بأن تخضع الحوامل للفحص خلال ما بين أسبوعين و12 أسبوعا من العودة من المناطق التي ظهر فيها الفيروس. وكانت المراكز الأميركية قد اقترحت في وقت سابق إجراء فحوص للحوامل اللاتي ظهرت عليهن أعراض بالفعل.
وقال أطباء توليد إن نحو 80 في المائة من المصابات بالفيروس لا تظهر عليهن أي أعراض، الأمر الذي لا يتيح للحوامل المعرفة المبكرة التي تساعدهن في القيام باختيار واع بشأن مصائر أطفالهن.
وقالت المراكز إنه رغم احتمال انتقال فيروس زيكا جنسيا فإن لدغات البعوض تظل السبب الأساسي لانتقال الفيروس. وأوصت بأن تناقش الحوامل وشركائهن مع الطبيب أي تعامل محتمل للشريك مع زيكا أو أي مرض شبيه به.
والجدير بالذكر أن الأشخاص المصابين بفيروس زيكا يعانون من الحمى الخفيفة والطفح الجلدي (الطفحية) والتهاب الملتحمة. وعادة ما تستمر هذه الأعراض لمدة تتراوح بين يومين و7 أيام.
وفيروس زيكا هو فيروس مستجد ينقله البعوض، وقد اكتُشف لأول مرة في أوغندا في عام 1947 في قرود الريص بواسطة شبكة رصد الحمى الصفراء الحرجية، ثم اكتُشف بعد ذلك في البشر في عام 1952 في أوغندا وجمهورية تنزانيا. وقد سُجلت فاشيات فيروس زيكا في أفريقيا والأميركتين وآسيا والمحيط الهادي.
وفترة الحضانة (المدة منذ التعرض وحتى ظهور الأعراض) لفيروس زيكا غير واضحة، ولكنها تمتد على الأرجح لعدة أيام. وتشبه أعراضه أعراض العدوى بالفيروسات الأخرى المنقولة بالمفصليات، وتشمل الحمى والطفح الجلدي والتهاب الملتحمة والألم العضلي وآلام المفاصل والتوعك والصداع. وعادة ما تكون هذه الأعراض خفيفة وتستمر لمدة تتراوح ما بين يومين و7 أيام.
وأثناء الفاشيات الواسعة النطاق التي حدثت في بولينيزيا الفرنسية والبرازيل في عام 2013 وعام 2015 بالترتيب، أشارت السلطات الصحية الوطنية إلى احتمال وجود مضاعفات عصبية ومناعية ذاتية لمرض فيروس زيكا. ولاحظت السلطات الصحية في البرازيل مؤخرًا زيادة معدلات العدوى بفيروس زيكا بين عامة الناس وزيادة في عدد الأطفال المصابين بصغر الرأس عند الميلاد في شمال شرقي البرازيل.
وطبقا لتقرير منظمة الصحة العالمية، ينتقل فيروس زيكا إلى الأشخاص عن طريق لسع البعوض حامل المرض من جنس الزاعجة، ولا سيما الزاعجة المصرية في المناطق المدارية، وهي البعوضة نفسها التي تنقل حمى الضنك والشيكونغونيا والحمى الصفراء.
وقد بُلِّغ عن فاشيات مرض فيروس زيكا لأول مرة في المحيط الهادي في عامي 2007 و2013 (في ياب وبولينيزيا الفرنسية بالترتيب)، وفي 2015 بلغت عنه الأميركتان (البرازيل وكولومبيا) وأفريقيا (كابو فيردي). وفضلاً عن ذلك بلغ 13 بلدًا من بلدان الأميركتين عن حالات متفرقة من العدوى بفيروس زيكا، ما يشير إلى الانتشار الجغرافي السريع للفيروس.
يمثل البعوض وأماكن تكاثره عاملاً مهمًا من عوامل خطر العدوى بفيروس زيكا. وتعتمد الوقاية من المرض ومكافحته على تقليص أعداد البعوض عن طريق الحد من مصادره (إزالة أماكن تكاثره وتعديلها) والحد من تعرض الناس للبعوض.
عادة ما يكون مرض فيروس زيكا خفيفًا نسبيًا ولا يتطلب علاجًا محددًا. وينبغي للأشخاص المصابين بفيروس زيكا أن يحصلوا على قسط كبير من الراحة، وأن يشربوا كميات كافية من السوائل، وأن يعالجوا الألم والحمى باستخدام الأدوية الشائعة. وفي حال تفاقم الأعراض يتعين عليهم التماس الرعاية والمشورة الطبيتين. ولا يوجد حاليًا لقاح مضاد لهذا المرض.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».