بعد معارك قضائية.. {البنتاغون} ينشر صور تعذيب لسجناء في العراق وأفغانستان

نشر تحت ضغوط استمرت أكثر من 10 سنوات 200 صورة أقل فظاعة.. وحقوقيون يواصلون المطالبات بنشر المزيد

TT

بعد معارك قضائية.. {البنتاغون} ينشر صور تعذيب لسجناء في العراق وأفغانستان

بعد أكثر من 10 أعوام على رفع قضايا قانونية لنشر صور تعذيبات سجن أبو غريب في العراق، خلال الاحتلال الأميركي، اضطر البنتاغون للرضوخ، لكنه نشر، مساء أول من أمس، فقط 200 صورة. وقال ناقدون إن هناك صورًا أكثر فظاعة لم ينشرها البنتاغون. وهددوا برفع مزيد من القضايا القانونية.
تظهر الصور التي نشرت إصابات وكدمات على أجسام المعتقلين، لكن، قالت وكالة «رويترز» إنها «ليست في فظاعة الصور التي انتشرت للتعذيب في سجن أبو غريب بالعراق عام 2004».
وجاء نشر هذه الصور بعد معركة قضائية طويلة بين البنتاغون والاتحاد الأميركي للحريات المدنية (آكلو)، حيث يطالب الاتحاد بنشر ألفي صورة للتعذيب وسوء المعاملة بحوزة السلطات الأميركية.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية تصريح متحدث باسم الاتحاد الأميركي للحقوق المدنية (أي سي إل يو)، الذي قاد الحملة لنشر الصور، أن الصور «لا تمثل إلا قسمًا صغيرًا مما تملكه الوزارة.. وانتقيت لتضليل الرأي العام عن المدى الحقيقي للانتهاكات».
ونقلت الوكالة على لسان متحدثة باسم منظمة العفو الدولية أن التعذيب لم يكن ممارسة فردية، بل كان منهجيًا وبأوامر عليا.
وفي بيان مع الصور، قال البنتاغون إن «تحقيقات جنائية في 56 اتهاما سوء سلوك لأفراد في الجيش الأميركي كشفت عن هذه الصور. وأن 14 من هذه الاتهامات تم التأكد منها، وأدت إلى أحكام بالسجن مدى الحياة».
وكان مجلس الشيوخ الأميركي قد أقر منتصف العام الماضي قانونًا يحظر استخدام «أساليب الاستجواب القاسية»، كما أصدر في وقت سابق تقريرًا من 153 صفحة عن التعذيب الذي مارسته وكالة الاستخبارات المركزية، لكن «هيومن رايتس ووتش» قالت قبل شهرين إنه بعد عام على صدور التقرير لم تحقق واشنطن جنائيًا في الموضوع ولم تنصف الضحايا.
ومنذ عام 2004، عندما كشف التعذيب، بعد عام من غزو العراق، بدا اتحاد الحقوق المدنية مساعي قضائية للحصول على إذن من القضاء لنشر ألفي صورة تقريبًا، تطبيقًا لقانون حرية الإعلام. لكن، واجهت المحاولات عراقيل من البيت الأبيض ومن الكونغرس، خوفًا من أن يسبب نشر الصور كراهية ضد الجنود الأميركيين، وضد الولايات المتحدة.
في عام 2009، أصدر الكونغرس قانونًا يسمح لوزير الدفاع عدم نشر الصور «في حالة اعتبار أن نشرها يهدد أمن الأميركيين»، لكن، في العام الماضي، وافق وزير الدفاع آشتون كارتر على أمر قضائي، وعلى نشر 198 صورة من جملة ما يعتقد أنها ألف صورة.
في ذلك الوقت، طلبت منظمات لحقوق الإنسان من الكونغرس التحقيق في تعذيب سجن أبو غريب، بالإضافة إلى تعذيب سجن غوانتانامو. واشتركت في الدعوة منظمة «فيزيشيانز فور هيومان رايتس» (أطباء من أجل حقوق الإنسان) التي نالت جائزة نوبل للسلام. ودعت في مؤتمر صحافي عقدته في مبنى الكونغرس إلى أهمية «إجراء تحقيق شامل، ومستقل فيما حدث من أعمال تعذيب في غوانتانامو، وفي أبو غريب، وفي أماكن أخرى اعتقل فيها أشخاص يعتقد أن لهم صلات بالإرهاب».
وطالب رئيس المنظمة، ليونارد روبنشتاين، «تحقيقًا كاملاً، في صورة لجنة مستقلة، وغير حزبية، لتتمكن من الوصول إلى كل الوثائق، وتقدر على أن تستدعي شهودًا، وتقدر على الحصول على كل الوثائق ذات الصلة».
وقال الجنرال الأميركي المتقاعد، أنطونيو تيغوبا: «صراحة، لا شك، بعد الآن، في أن الحكومة الأميركية ارتكبت جرائم حرب»، وأضاف تيغوبا، الذي قاد التحقيق الرسمي في تعذيب سجن أبو غريب: «السؤال الوحيد الذي تجب الإجابة عنه هو: هل سيحاسب الأشخاص الذين أصدروا الأوامر باستخدام التعذيب؟ أو لن يحاسبوا؟».
ونقلت وكالة الأخبار الألمانية (دي بي إيه) أن أغلبية الأميركيين ترى أن أساليب التعذيب التي استعملتها القوات الأميركية المسلحة في أبو غريب، وفي غوانتامو، وأيضًا أعمال التعذيب التي استعملتها وكالة الاستخبارات (سي آي إيه) «عمل يمكن تبريره لحماية الوطن».
وكتب الكاتب الأميركي بيتر باينارت في مجلة «آتلانتيك» الأميركية أن التعذيب «مارسته أميركا على امتداد تاريخها، سواء خلال الفترة التي ساد فيها الرق، أو خلال الحرب الإسبانية الأميركية في القرن التاسع عشر، أو خلال حرب فيتنام في القرن الماضي».
في عام 2011، انتقد الرئيس باراك أوباما تقريرا أصدره الكونغرس برر فيه بعض أساليب التعذيب التي استعملتها «سي آي إيه» وقال أوباما: «يتعارض التعذيب مع قيم الولايات المتحدة».
يقع سجن أبو غريب، الذي يسمى حاليا سجن بغداد المركزي، قرب مدينة أبو غريب، على مسافة 30 كيلومترا غرب بغداد. واشتهر بعد احتلال العراق، عام 2003، لاستخدامه من قبل قوات التحالف في العراق لاعتقال واستجواب المعارضين للاحتلال. وبعد نشر صور من داخله، صار رمزا لإساءة معاملة السجناء من قبل قوات التحالف. وصارت عبارة «فضيحة أبو غريب» تشير إلى تعذيب السجناء العراقيين، وإذلالهم، وتصويرهم في أوضاع فاضحة، وقاسية، وتكديسهم عراة، واستجوابهم بطرق مهينة من قبل الجنود الأميركيين.
وصارت صور السجين العراقي علي شلال القيسي، وهو يقف على صندوق وجسمه موصل بأسلاك كهربائية، رمزا لما حدث.
في عام 2004، بعد عام من غزو العراق، انفجرت الفضيحة عندما نشر تلفزيون «سي بي إس» صورا التقطها أميركيون داخل السجن. وفيها انتهاكات جسدية، ونفسية، وإساءات جنسية، وتعذيب، واغتصاب، وقتل. بالإضافة إلى دور العسكريين، تورطت شركات خاصة كانت تعاقدت مع البنتاغون للحراسة والاستجواب؛ منها شركة «كاكي» الأمنية الأميركية.
وفي وقت لاحق، رفع محامون أميركيون، باسم بعض السجناء الذين عذبوا، قضايا ضد البنتاغون، وضد شركات خاصة، منها «كاكي» واشتركت منظمات لحقوق الإنسان في رفع بعض هذه القضايا.
لكن، رفضت كثير من المحاكم الأميركية النظر في ما حدث بحجة أنه حدث خارج الحدود الأميركية.
في عام 2007، وللإجابة على السؤال «لماذا عذب أفراد من الشرطة العسكرية السجناء العراقيين؟»، حاول فيلم «أشباح أبو غريب» الوصول إلى معلومات مؤكدة، لكن، قوبل إخراج وصدور الفيلم بانتقادات من مسؤولين في البنتاغون، وأعضاء في الكونغرس.
خلال تلك الفترة، أعلن البنتاغون انه أجرى سلسلة تحقيقات. وكان من بين الذين اعتقلوا وحوكموا بعض أفراد الشرطة العسكرية من الرتب الصغيرة. وكان منهم الرقيب مايكل سميث، الذي ظهر في صورة التحرش بمعتقل عراقي مع طلب شرس، وحوكم بالسجن 8 سنوات ثم خفف الحكم إلى 8 شهور فقط.
وكان صاحب أعلى رتبة عسكرية حوكم هو النقيب شوان مارتن، الذي حوكم بالسجن شهرا، وغرامة 12.000 دولار أميركي فقط.
في عام 2005، أصدرت منظمة حقوق الإنسان الأميركية تقريرًا حول ما حدث، وحملت المسؤولية المباشرة للقادة العسكريين في البنتاغون. وقالت إن وزير الدفاع في ذلك الوقت، دونالد رامسفيلد، كان يصدر تعليمات القسوة والتشدد.
وأشار التقرير إلى أسماء أخرى، منها: المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) جورج تينيت، والفريق ريكاردو سانشيز، القائد الأعلى السابق في العراق، واللورد جفري ميللر، القائد السابق لمعسكر الاعتقال في خليج غوانتانامو في كوبا.
في عام 2009، صدر التقرير العسكري النهائي للتحقيقات التي أشرف عليها الجنرال أنطونيو تاجوبا. وفيه تفاصيل مرعبة. منها أن الجنود الأميركيين مارسوا 13 طريقة في التعذيب. تبدأ من الصفع على الوجه والضرب، وتنتهي بالاعتداء الجنسي واللواط وترك السجناء والسجينات عرايا لعدة أيام، وإجبار المعتقلين العرايا الرجال على ارتداء ملابس داخلية نسائية، والضغط على السجناء لإجبارهم على ممارسة العادة السرية، وممارسة أفعال جنسية شاذة، وتصويرها بالفيديو.
وأيضا، إجبار السجناء العرايا على التكدس فوق بعضهم، ثم القفز فوقهم، ووضع سجناء فوق صناديق وتوصيل أجزاء منهم بالكهرباء (مثلما حدث لعلي القيسي. ووضع سلسلة جر الكلاب حول أعناق سجناء، وسحبهم من قبل جنود وجنديات، وصارت واحدة من هذه الصور التي فيها الجندية ليندا إنغلاند، واحدة من رموز السجن.
في عام 2011، بعد أن خرجت من سجن ثلاث سنوات، قالت إنها ليست نادمة، وقالت: «أنقذت أرواح كثير من زملائي الجنود».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.