تنظيم {داعش} ينعى مقتل زعيم {القاعدة} في ابين

يبعث بوساطة قبلية لإنهاء الخلاف بينه وبين قبائل باكازم في المدينة

يمنيون ينتظرون دورهم لأخذ حصتهم من المياه في أحد أحياء صنعاء (إ.ب.أ)
يمنيون ينتظرون دورهم لأخذ حصتهم من المياه في أحد أحياء صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تنظيم {داعش} ينعى مقتل زعيم {القاعدة} في ابين

يمنيون ينتظرون دورهم لأخذ حصتهم من المياه في أحد أحياء صنعاء (إ.ب.أ)
يمنيون ينتظرون دورهم لأخذ حصتهم من المياه في أحد أحياء صنعاء (إ.ب.أ)

نعى تنظيم داعش في اليمن، في بيان نشره على وسائل التواصل الاجتماعي، القيادي جلال بلعيد الذي قتل إثر غارة بطائرة أميركية دون طيار استهدفته أثناء تنقله في سيارة مع اثنين آخرين بمحافظة أبين الساحلية، فجر الخميس الماضي. وكانت الولايات المتحدة أعلنت عن مكافأة قدرها خمسة ملايين دولار نظير قتل القيادي بلعيدي الذي ينسب له إدارة العمليات القتالية لتنظيم القاعدة.
وقالت مصادر محلية في محافظة أبين، مسقط رأس القيادي بلعيد، جنوب البلاد، لـ«الشرق الأوسط»، إن خلافا نشب مؤخرا بين ما يسمى تنظيم القاعدة وقبائل باكازم كبرى قبائل أبين في مديرية احور الواقعة وسط بين محافظتي شبوة شرقا وأبين جنوبا، بعد سيطرتها على الطريق الساحلي الواصل بين عدن جنوبا ومحافظتي شبوة وحضرموت شرقا، مما منحها نفوذا قويا على حركة الجماعات المتطرفة.
وكشفت المصادر عن وساطة قبلية من طرف ما يسمى تنظيم القاعدة في ولاية أبين وقبائل باكازم، مشيرة إلى أن إيفاد تنظيم القاعدة لهذه الوساطة هدفه تسلم جثث عناصر التنظيم الثلاثة، بينهم القيادي في «القاعدة» علي بن طالب الكثيري، الذين قتلوا على يدي رجال باكازم يوم 3 يناير (كانون الثاني) الماضي انتقاما وثأرا لمقتل أربعة أشخاص من باكازم والذين قتلوا فجر ذات اليوم برصاص تنظيم القاعدة بينما كانوا يتمركزون في نقطة تفتيش شرق مدينة احور.
ولفتت إلى أن وسيط التنظيم، وهو من قبيلة الجعادنة، نقل مطالبة التنظيم حرفيا لقبائل باكازم، وتعشم فيها إنهاء الخلاف بين قبائل باكازم وعناصر «القاعدة»، خاصة بعد أن أخذت القبيلة بثأر قتلاها الثلاثة الذين لقوا مصرعهم بعملية غادرة نفذتها عناصر من تنظيم القاعدة. وأشارت إلى أن الوسيط أكد لقبائل باكازم أن قيادة «القاعدة» تعهدت بتنفيذ أي قرار يتخذه مشايخ باكازم نظير إنهاء الخلاف الذي أدى إلى محاصرة العناصر التابعة لـ«القاعدة» في المنطقة ومنعها من المرور من خلال مديرية احور من عدن إلى مدينة المكلا في حضرموت. وأكدت أن قبيلة آل اللحاق باكازم وضعت على «القاعدة» عدة شروط، طلبت من الوسيط نقلها إلى قيادة «القاعدة» مع جثامين قتلاها الثلاثة، من هذه الشروط منع مرور عناصر «القاعدة» في احور، موضحة أنه وفي حال لم تبادر «القاعدة» لتنفيذ ذلك فإن الخلاف يبقى قائما ويتم إغلاق النقاش فيه. وفي مديرية بيحان شمال شرقي شبوة، أعلن قائد المقاومة الشعبية الجنوبية في الجبهة الشرقية في بيحان الشيخ ناصر راكان عن إشهار معسكر المقاومة الشعبية في مديرية بيحان، وذلك لمشاركة الجيش الوطني لتحرير مديرية بيحان من ميليشيات الحوثي الانقلابية.
وقال الشيخ ناصر راكان، في تصريح لوسائل الإعلام أمس السبت: «إننا نعلن عن جاهزيتنا من القوة البشرية والقتالية والعدة والعتاد، وإننا مستعدون لدحر الشرذمة الفاسدة من ميليشيات الحوثي وأتباعهم من كل مديرية بيحان». وأكد أنهم موجودون بأسلحتهم ورجالهم لمحاربة هذه الميليشيات الظالمة حتى آخر قطرة دم، وأنهم سيبذلون كل شيء لخدمة هذا الوطن الشريف، وأن دماءهم رخيصة لنصرة كل أرجاء الوطن من الميليشيات الانقلابية. وتابع: «هناك الكثير من أبطال المقاومة في ميادين القتال، وهم مستمرون على هذا النهج حتى يتحقق مطلبهم الوحيد ألا وهو تحرير مديرية بيحان من براثن ميليشيات الحوثي». ووجه شكره لدول التحالف العربي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية لدعمها ومساندتها للمقاومة الشعبية الجنوبية، وكذا الجيش الوطني على تعاونه ومساعدته لهم.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.