«مؤتمر المانحين» من أجل سوريا يفتتح بفيلم قصير عن مدرسة لبنانية نموذجية

قصة التعايش والاندماج في مدرسة {محمد شامل الابتدائية} تضم لاجئين سوريين

أثناء العمل في أحد الصفوف النموذجية في لبنان الذي ضم تلاميذ سوريين (عدسة: هيثم الموسوي)
أثناء العمل في أحد الصفوف النموذجية في لبنان الذي ضم تلاميذ سوريين (عدسة: هيثم الموسوي)
TT

«مؤتمر المانحين» من أجل سوريا يفتتح بفيلم قصير عن مدرسة لبنانية نموذجية

أثناء العمل في أحد الصفوف النموذجية في لبنان الذي ضم تلاميذ سوريين (عدسة: هيثم الموسوي)
أثناء العمل في أحد الصفوف النموذجية في لبنان الذي ضم تلاميذ سوريين (عدسة: هيثم الموسوي)

الأربعاء الماضي لم يكن يومًا عاديًا، في «مدرسة محمد شامل الابتدائية» الرسمية، الواقعة في منطقة الطريق الجديدة في بيروت. استعد التلامذة ومعهم الهيئة التدريسية، وعلى رأسها المديرة فاتن إدلبي، منذ الصباح الباكر، لاستقبال فريق التصوير، الذي سيسجل فيلمًا يعرض اليوم في افتتاح مؤتمر المانحين الذي دعت إليه لندن، وأعدت العدة لإنجاحه، بحضور رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون، ورؤساء وزراء وممثلين لدول عدة.
الفيلم ليس مجرد عرض لوضع التلامذة السوريين في المدارس اللبنانية، وإنما تقديم لمشروع تعليمي نموذجي، أطلقته بريطانيا ويطبق في هذه المدرسة المختلطة، منذ عام 2008، أي قبل الثورة السورية، وصار أكثر إلحاحًا بعد الأزمات التي تعيشها المنطقة العربية.
مؤتمر المانحين هذه المرة لا تريده لندن للتبرع فقط بأموال المأكل والمشرب، وتأمين المأوى. فبعد الفيض البشري الجارف الذي بات يغرق أوروبا بالهاربين، والإرهاب الذي ضرب فرنسا، ويبدو أنه يعشش في أكثر من بلد أوروبي، الغرض بات إغراء اللاجئين بوقف تدفقهم إلى أوروبا بتأمين العمل والتعليم والحياة الكريمة لهم في الدول المجاورة. ومشروع «ربط الصفوف»، في هذه المدرسة التي تقع في منطقة حساسة من بيروت، هو نموذج لما يمكن لمشاريع جادة أن تنتجه، على المدى المتوسط.
تجولت الكاميرا في الصف السادس خلال درس الإنجليزي، حيث 23 تلميذًا، بينهم 7 من اللاجئين السوريين، الذين انضموا إلى زملائهم اللبنانيين منذ ما يقارب السنوات الثلاث أو الأربع. «قصة التعايش والاندماج في هذه المدرسة تستحق أن تروى» تقول لنا منسقة برامج «المجلس الثقافي البريطاني» في المدرسة، ميسّر عيتاني. في الفيلم تطرح أسئلة على تلميذين لبنانيين وآخرين سوريين «إن كانوا يستمتعون بالطريقة التي تشرح بها الدروس، وفي أوقاتهم في المدرسة؟ كيف يرى كل منهم مستقبله؟ وعن آمالهم وطموحاتهم؟ في الفيلم أيضا مقابلات مع معلمات، يتحدثن عن الصعوبات التي واجهنها عند بدء الأزمة السورية، وعن الأساليب التي اتبعت، وعن البرنامج البريطاني الذي بدأ تطبيقه منذ تسع سنوات، وأظهر نجاحه».
ما سيراه المجتمعون في «مؤتمر المانحين» هو غيض من فيض العمل المثابر الذي أنجز. تروي المنسقة ميسّر عيتاني، وهي تشرح: «إن تدريب المدرسين كان جديًا، لدمج بعض المهارات الإنسانية ضمن مختلف الدروس، مثل الاعتراف بالآخر، والحس النقدي، وتنمية الخيال، والتواصل الإلكتروني، والمواطنة، والحس القيادي». وكل هذا يتم تطبيقه في دروس الرياضيات، كما الرسم، والتاريخ، وغيرها من المواد.
تروي لنا ميسّر عيتاني أن برنامج «ربط الصفوف» عالمي، ولبنان ليس إلا واحدا من هذه الدول حول العالم، وكان له أثر كبير في المساعدة على دمج التلامذة الوافدين.
الصف السادس في «مدرسة محمد شامل» على تواصل مع صف في إحدى المدارس البريطانية. يطلب من الصفين اللبناني والإنجليزي العمل على موضوع معين ومشترك، مرة عن «الصداقة»، ومرة أخرى عن «الحرب» أو «احتياجات الإنسان الأساسية»، وبعد أن يقوم طلاب كل صف بالعمل المطلوب، ينظم تواصل عبر «سكايب» بين الصفين تتم خلاله المناقشة بشكل مفتوح بين التلامذة في البلدين. تروى عيتاني: «إن الدهشة كانت كبيرة لدى التلاميذ الإنجليز حين عرفوا احتياجات الأطفال العرب الأساسية، وإنهم يتحدثون عن نقص في الكهرباء والتعليم. كان ثمة دهشة أيضًا من الجانبين حين تم التطرق إلى موضوع عيد الاستقلال، فالمعنى مختلف عند كل طرف، وليس لهذه الذكرى دلالة واحدة».
في هذه المدرسة اللبنانية 759 تلميذًا، بينهم مائتا سوري، من بنات وبنين، نالت من «المجلس الثقافي البريطاني» جائزة المدرسة العالمية لمرتين، وهي جائزة تعطى لمدارس أظهرت بعدًا انفتاحيًا عالميًا، في مناهج تدريسها. وتؤكد عيتاني أن برنامج «ربط الصفوف»، ساعد كثيرًا في تقبل الطلاب اللبنانيين لزملائهم السوريين، من دون صعوبات تذكر، لافتة إلى أن إدماج اللاجئين، مع كل ما صاحب وصولهم من مشكلات وصدامات وخلفيات سياسية واجتماعية، لم يكن بالأمر السهل. وتكمل: «حين يكون تلامذتنا على تواصل مع صفوف بريطانية، ويدركون معنى اختلاف الثقافات، يصبح تقبّل اختلاف الجيران أسهل، وأكثر سلاسة».
تقدم بريطانيا، إذن، للمشاركين اليوم في مؤتمر المانحين، من خلال فيلم فيديو قصير للغاية، تجربتها في التعليم، بوصفها نموذجا، لمشاريع تتمنى أن يتبرعوا من أجلها، لجعل إقامة السوريين ممكنة في دول الجوار، بالكرامة التي يتمنونها لأنفسهم، وكي لا يدفعهم اليأس لاستقلال قوارب الموت، والتوجه صوب أوروبا، ولو كلفهم ذلك أعمارهم.



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.