اتفاق أميركي ـ أوروبي جديد لحماية البيانات الشخصية

وزير التجارة في واشنطن أكد أنه ضروري للتجارة بين الجانبين

اتفاق أميركي ـ أوروبي جديد لحماية البيانات الشخصية
TT

اتفاق أميركي ـ أوروبي جديد لحماية البيانات الشخصية

اتفاق أميركي ـ أوروبي جديد لحماية البيانات الشخصية

جرى الإعلان في كل من بروكسل وواشنطن، عن التوصل إلى اتفاق بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، على إطار جديد لتنظيم البيانات الشخصية عبر الأطلسي وحمايتها، أطلق عليه اسم «درع الخصوصية». ويحل الاتفاق الجديد محل ما كان يعرف باتفاق «الملاذ الآمن»، الذي رفضته المحكمة الأوروبية، وطالب البرلمان الأوروبي في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بتعليق العمل به، على الرغم من أن أحد الأهداف الرئيسية للاتفاق، والمعلنة، كان مكافحة الإرهاب وتجفيف منابع تمويله.
وقالت مفوضة العدل في الاتحاد الأوروبي، فيرا جوروفا، في بيان صحافي إن الصفقة الجديدة ستحمي الحقوق الأساسية للأوروبيين عند نقل بياناتهم الشخصية إلى الشركات الأميركية. وأشارت جوروفا إلى أن «الولايات المتحدة قدمت لأول مرة على الإطلاق، تطمينات ملزمة للاتحاد الأوروبي، بأن اطلاع السلطات العامة على تلك المعلومات لأهداف الأمن القومي، سيخضع لقيود واضحة، وآلية محددة للضمانات والرقابة»، مضيفة أنها تتوقع تفعيل الإطار الجديد في غضون ثلاثة أشهر.
وكانت محكمة العدل الأوروبية قضت في أكتوبر الماضي ببطلان اتفاقية «الملاذ الآمن» ومدتها 16 عاما بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على خلفية أعمال التجسس الأميركية المتكررة على أوروبا.
ونشرت بعثة الولايات المتحدة الأميركية لدى الاتحاد الأوروبي في بروكسل بيانا، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، وجاء فيه أن هذا الاتفاق التاريخي يمثل إنجازا كبيرا للخصوصية وللشركات على جانبي الأطلسي، ومن شأنه أن يساعد في نمو الاقتصاد الرقمي من خلال ضمان استمرار وصول الآلاف من الشركات والملايين من البشر في أوروبا وأميركا إلى الخدمات عبر الإنترنت، وهو ما جاء في بيان صدر عن بيني بريتزكر وزير التجارة الأميركي، الذي تضمن الإشارة إلى أن الاتفاق ضروري للتجارة عبر الأطلسي بين الجانبين، كما يؤكد الاتفاق قوة العلاقة والالتزام بالعمل المشترك بوصفه قاعدة في الاقتصاد العالمي.
وقال البيان الأميركي، إن الاتفاق الجديد سيساهم في تحسن كبير في الرقابة التجارية، ويعزز حماية الخصوصية، وإنه يشمل تحسينات مهمة لتحسين الشفافية بشأن استخدام البيانات الشخصية، ويشمل أيضا حماية الخصوصية التعاقدية الجديدة، والإشراف على نقل البيانات من الشركات لأطراف ثالثة.
وفي رد فعل على الإعلان عن التوصل لاتفاق بين الجانبين، وفي تصريحات مكتوبة حصلت عليها «الشرق الأوسط»، قالت بريجيت سيبل، المتحدثة باسم كتلة الأحزاب الاشتراكية والديمقراطية، وهي ثانية كبرى الكتل السياسية في البرلمان الأوروبي: «من الجيد، بالنسبة للمواطنين والشركات الأوروبية، التوصل إلى شكل من أشكال الاتفاق بين السلطات الأميركية والمفوضية الأوروبية على نقل البيانات الشخصية، ولكن الاتفاق الذي جرى الإعلان عنه الثلاثاء الماضي بين الجانبين الأميركي والأوروبي لا يظهر بشكل كامل تصحيحا لمشكلات الاتفاق السابق الذي كان يعرف باسم (الملاذ الآمن)».
وأضافت المتحدثة الأوروبية أنه «يجب إدخال تحسينات على الاتفاق الجديد لتفادي العودة من جديد إلى المحكمة الأوروبية، ويجب على السلطات الأميركية أن تدرك أن هناك حاجة لتغييرات حقيقية لبرامج المراقبة الجماعية، الخاصة بهم، لمعالجة شواغل المواطن الأوروبي». واختتمت بتوجيه دعوة إلى واشنطن وبروكسل «لإدراك خطورة هذا، وإلا فسوف يتكرر هذا الموقف بعد عامين».
وبحسب تقارير إعلامية غربية، فقد أبرم الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة اتفاقا بشأن تبادل البيانات من شأنه أن يسمح لشركات، مثل «فيسبوك» و«أبل»، بمواصلة إرسال المعلومات الشخصية لمستخدميهم عبر المحيط الأطلسي. وتوقعت مجلة «تايم» الأميركية على موقعها الإلكتروني الأربعاء أن يتم الطعن قانونا على الاتفاق.
وكان الجانبان يحاولان التوصل إلى اتفاق منذ أكتوبر الماضي وسط مخاوف من إمكانية تعرض البيانات الشخصية للأوروبيين التي تحفظها شركات في الولايات المتحدة للتجسس من جانب وكالات الاستخبارات الأميركية. وسيضع الاتفاق الجديد، فور دخوله حيز التنفيذ نهاية لفترة من عدم اليقين أثارت احتمالية الطعن قانونا من جانب أشخاص في أرجاء الدول الـ28 الأعضاء بالاتحاد الأوروبي من القلقين بشأن قضية الخصوصية تلك. وقال آندروس أنسيب، المفوض الأوروبي المسؤول عن السوق الرقمية الموحدة: «على مواطنينا أن يكونوا على يقين من أن بياناتهم الشخصية محمية تماما، وأعمالنا التجارية، لا سيما أصغرهم حجما. لديهم الثقة القانونية الذي يحتاجونها لتنمية أنشطتهم عبر المحيط الأطلسي». وأضاف أنسيب أن الإطار الجديد، الذي سيعرف باسم «درع الخصوصية» بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة «سيضمن ضوابط وتوازنات صحيحة للمواطنين الأوروبيين»، مؤكدا أن الاتفاقية الجديدة تحتوي على تحسينات كبيرة عن الاتفاق السابق، الذي أبرم في بداية ظهور الإنترنت مطلع هذا القرن.
وأشار إلى أن «هذه الاتفاقية أفضل بكثير مما كانت لدينا في عام 2000». وفي أكتوبر الماضي قال البرلمان الأوروبي إن نظام «الملاذ الآمن» الذي ينظم نقل البيانات الشخصية الأوروبية إلى الولايات المتحدة الأميركية، يجب أن يتم تعليقه بشكل فوري. وجاء ذلك على لسان كلود مورايس، رئيس لجنة الحريات المدنية والعدل في البرلمان الأوروبي، الذي أضاف أن أعضاء البرلمان يريدون أيضا وجود قواعد أوروبية جديدة لحماية البيانات، ولضمان حقوق وخصوصية المواطنين الأوروبيين.
من جانبها، قالت كورنيليا إرنست، مسؤولة ملف حماية البيانات الشخصية والشؤون الداخلية في تكتل أحزاب اليسار والخضر في البرلمان الأوروبي، عقب قرار في هذا الصدد لمحكمة العدل الأوروبية، إنه يوم جيد للحقوق الأساسية في الاتحاد الأوروبي، ويفتح آفاقا جديدة. وأضافت في بيان تلقينا نسخة منه، أن قرار المحكمة يعد هزيمة للمفوضية الأوروبية، وهي الجهاز التنفيذي للاتحاد، وهي التي تفاوضت مع واشنطن حول الاتفاق الملغى.
جاء ذلك بعد أن قضت محكمة العدل الأوروبية، بأن الدول الأعضاء في التكتل الأوروبي الموحد، يمكن لها أن تقرر إذا ما كانت تريد تعليق نقل البيانات الشخصية إلى الشركات الأميركية، وعلاوة على ذلك، فإن قواعد نظام الحماية أو ما يعرف باسم «الملاذ الآمن»، الذي توصلت المفوضية الأوروبية إلى اتفاق بشأنه مع الولايات المتحدة، في عام 2000، نظام غير صالح. وهو الاتفاق الذي جاء في إطار العمل المشترك على طريق مكافحة الإرهاب وتجفيف منابع تمويله.
ورحب مورايس بقرار المحكمة، وعلق قائلا: «أخيرا هناك من استمع إلى دعوات البرلمان الأوروبي من أجل تعليق هذا النظام الذي لا يتفق مع القوانين الأوروبية، والتي تتعلق بحماية البيانات». وقال مورايس إن نظام «الملاذ الآمن» لم يوفر الحماية والضمانات الكافية، ولمح إلى أن القوانين الأوروبية توفر وبشكل أكبر نظام الحماية للبيانات الشخصية.
كما أدان مورايس استخدام البيانات الشخصية من جانب أجهزة الاستخبارات. وقال نواب البرلمان الأوروبي وقتها: «ينبغي التحرك من جانب المفوضية الأوروبية نحو إطار بديل لنظام (الملاذ الآمن) بحيث يتم التأكد من الحماية من عمليات نقل البيانات الشخصية إلى الشركات الأميركية، وفقا لقوانين الاتحاد الأوروبي».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».