مهرجان ثقافي يحيي الذكرى الـ«58» لأحداث ساقية سيدي يوسف

تعاون تونسي ـ جزائري لإطلاق سلسلة من الفعاليات الثقافية

مهرجان ثقافي يحيي الذكرى الـ«58» لأحداث ساقية سيدي يوسف
TT

مهرجان ثقافي يحيي الذكرى الـ«58» لأحداث ساقية سيدي يوسف

مهرجان ثقافي يحيي الذكرى الـ«58» لأحداث ساقية سيدي يوسف

يحتضن المركب الثقافي بساقية سيدي يوسف بمحافظة الكاف (160 كيلومترًا شمال غربي العاصمة التونسية) مجموعة من الفعاليات الثقافية المتنوعة التي تجمع بين العروض الموسيقية والسينمائية والمعارض والملتقيات الفكرية. وتأتي تلك الفعاليات بمناسبة إحياء الذكرى الـ«58» لأحداث ساقية سيدي يوسف التي اختلطت فيها دماء التونسيين مع إخوانهم الجزائريين خلال فترة الاستعمار الفرنسي لبلديهما، جراء هجوم على إحدى الأسواق الأسبوعية في الثامن من فبراير (شباط) 1958م، وسقوط «شهداء» من البلدين.
وتتواصل العروض الثقافية والفنية التي تجمع فنانين من البلدين من الثاني إلى السادس من شهر فبراير الحالي بمبادرة من المندوبية الجهوية للثقافة بالكاف، وبالتعاون مع اتحادي الكتاب في كل من تونس والجزائر.
بدوره، قال البشير التواتي، المندوب الجهوي للثقافة بالكاف، في تصريح إعلامي، إن هذه الدورة تأسيسية هدفها خدمة التعاون المثمر بين البلدين الشقيقين في انتظار أن تصبح مهرجانا سنويا تونسيا جزائريا يترجم عمق العلاقات التونسية الجزائرية التي تبقى أحداث ساقية سيدي يوسف أحد عناوينها الكبرى.
وحول برنامج التظاهرة الثقافية، قال التواتي إنه يتضمن مجموعة من الفقرات، أهمها معرض وثائقي يؤرخ الجريمة التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي عندما استهدفت طائراته السوق الأسبوعية في قرية سيدي يوسف التي ذهب ضحيتها مئات «الشهداء» والجرحى التونسيين والجزائريين.
كما تحيي الفرقة التونسية للموسيقى عرضا فنيا بمشاركة الفنانين التونسيين عدنان الشواشي وشكري عمر وروضة عبد الله، كما يعرض في المناسبة نفسها الشريط السينمائي «النخيل الجريح» للمخرج التونسي عبد اللطيف بن عمار، وهو يؤرخ للنضال التونسي الجزائري المشترك من أجل الاستقلال عن الاستعمار الفرنسي. ومن المقرر عرض مسرحية «المستلبس» وهو عمل إبداعي جديد للمركز الوطني للفنون الدرامية والركحية بمدينة الكاف.
وتنظم الهيئة المشرفة على هذه التظاهرة معرض كتاب مجاني يتعلق بإصدارات اتحاد الكتاب التونسيين واتحاد كتاب الجزائر، وذلك في محاولة للتعريف بالمنتج الأدبي في البلدين، وحث الفئات الشابة على المطالعة والقراءة، وإرجاع شهية حب الاطلاع إليهم.
كما يُنظم ملتقى فكري حول التعاون الثقافي التونسي الجزائري، وذلك بمشاركة الكاتب الجزائري حسن اللولب، وبحضور يوسف شقرة رئيس اتحاد كتاب الجزائر، والكاتب التونسي منصف بن فرج، وبحضور صلاح الدين الحمادي رئيس اتحاد الكتاب التونسيين.
وسيكون الجمهور على موعد مع أمسية شعرية تونسية جزائرية بمشاركة الشعراء جمال الدين بن خليفة ومحمد الدرزاوي وخديجة زواقري من الجزائر، وسالم المساهلي وزهور العربي وأيوب بن مسعود ولطفي العربي البرهومي من تونس.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».