الاستثمار في المباني القديمة يجتذب اهتمام أهالي نيويورك

شركة عقارية تقتنص الفرص وتستلهم الماضي استرشادًا بالوثائق

مارسي كلارك المؤرخة المعمارية التي حولت مسار إحدى كبريات شركات العقار في نيويورك (نيويورك تايمز)
مارسي كلارك المؤرخة المعمارية التي حولت مسار إحدى كبريات شركات العقار في نيويورك (نيويورك تايمز)
TT

الاستثمار في المباني القديمة يجتذب اهتمام أهالي نيويورك

مارسي كلارك المؤرخة المعمارية التي حولت مسار إحدى كبريات شركات العقار في نيويورك (نيويورك تايمز)
مارسي كلارك المؤرخة المعمارية التي حولت مسار إحدى كبريات شركات العقار في نيويورك (نيويورك تايمز)

كانت صور الأطفال المجنحة الراقصة تملأ السقف الذي يتخذ شكل قبة مستديرة بمبنى أولد ستينواي هول الكائن في 57 ويست ستريت في مانهاتن. وانعكست روح المرح السائدة بالمشهد على وجه مارسي كلارك، بينما كانت تقف أسفلهم، الأسبوع الماضي، وجال خاطرها في فخامة الغرفة التي يبلغ عمرها 91 عامًا.
وتقول كلارك إن «الغرفة صممت على الطراز المعروف باسم نيوكلاسيك أو الكلاسيكي الجديد، مع وجود أعمدة رخامية وأعمدة جدارية وإفريز في مجموعة متنوعة من الأشكال. وقد أبدع تصميم هذه المساحة ذات الأضلاع الثمانية والارتفاع المزدوج، والتر إل. هوبكينز، الذي أبدع بعض أفضل أعمال شركة وارين آند ويتمور»، في إشارة إلى مصممي المبنى. وأضافت: «من المعتقد أن الصور تحاكي صورة للرسام النمساوية أنغليكا كوفمان التي عاشت بالقرن الـ18».
باعتبارها مؤرخة معنية بتاريخ المعمار، درست كلارك، 30 عامًا، مباني بمختلف أرجاء مدينة نيويورك سعيًا وراء تفهم تفاصيل تصميماتها الداخلية. إلا أن بحثها بخصوص مبنى أولد ستينواي هول كان له غاية مختلفة تمامًا، وهو بيع الوحدات السكنية بالمبنى.
جدير بالذكر أنه منذ عامين، انتقلت كلارك من الحقل الأكاديمي للعمل بمجال التسويق العقاري لصالح شركة «جيه دي إس ديفلبمنت غروب»، حيث تتولى منصبا إداريا حاليًا. وتتضمن مهام عملها إعداد كتيبات التسويق وإدارة عمل السماسرة والإعلان عن المشروعات، لكنها تفضل قضاء وقتها داخل المكتبات وبين أرفف الأرشيف داخل شركات التصميم العقاري. هناك، تعمل على التنقيب عن المخططات الأولية والصور والخرائط والوثائق التي يمكن الاعتماد عليها في مشروعات «جيه دي إس ديفلبمنت غروب»، سواء كانت تتعلق بمباني تاريخية أم لا. وترى كلارك أن الصور الطبوغرافية القديمة ربما تسهم في مستوى عمل هندسي أفضل، مثلاً من الممكن أن تتحول مشواة قديمة إلى عنصر ديكور رائع في مطبخ جديد.
وعن ذلك، أكدت كلارك أنه: «هذا ليس مجرد إجراء رمزي أو خدعة تسويقية، وإنما يحمل ذلك في طياته معلومات للمصممين والسماسرة العاملين لدينا بخصوص ما ينبغي عمله بالمشروعات، من حيث التصميمات الداخلية والتفاصيل. باختصار، إنه وسيلة إلهام».
وفي الوقت الذي قد تفضل مشروعات التطوير العقاري الأخرى محو الماضي كلية، فإن «جيه دي إس ديفلبمنت غروب» توصلت إلى أن احتضان هذا الماضي قد يدر مكاسب كبيرة داخل مدينة قائمة على التقدم والحنين إلى الماضي جنبًا إلى جنب.
عن هذا، قال مايكل ستيرن، مؤسس «جيه دي إس ديفلبمنت غروب»: «يبدو أن الناس يقدرون بالفعل مصداقية العمل، وغالبًا ما يبدأ ذلك بأبحاث وتوجيه من جانب مارسي كلارك».
عام 2011، كانت كلارك مجرد «طالبة دراسات عليا ضعيفة المستوى»، حسب وصف كلارك. في لحظة ما، وقعت عيناها على إعلان طلب لباحث معلق على لوحة الإعلانات داخل قسم تاريخ الفن بكولومبيا. وكانت المهمة المعاونة في إعداد معرض حول المصمم المعماري رالف والكر، الذي يعد رائد أسلوب آرت ديكو، والذي لم يحظ بشهرة واسعة حتى داخل أوساط المصممين المعماريين لأن مجال عمله الرئيسي كان بدالات الهواتف حول مانهاتن.
مؤخرًا، اشترت «جيه دي إس ديفلبمنت غروب» واحدة من هذه البدالات من فيريزون في 18 ويست ستريت. يطل المبنى على ويست فيليدج ونهر هدسون وقاعة فخمة التصميم لم تكن متاحة سوى أمام فنيي الهاتف. وعليه، حمل هذا العقار فرصة بناء مبنى سكني من الصفر على غرار مباني فترة ما قبل الحرب.
من ناحية أخرى، عاونت كلارك بالفعل في إعداد معرض عن والكر، مع تسليط الضوء على دوره كرئيس للمعهد الأميركي للمصممين المعماريين وصاحب تصميمات معالم بارزة مثل مبنى 1 وول ستريت ومبنى باركلي ـ فيسي المقابل لمركز التجارة العالمي.
وجرى بالفعل افتتاح المعرض في قاعة المبنى عام 2012. قبل عام من بدء عمليات البيع. ونظر ستيرن للأمر باعتباره مؤشرًا على الالتزام بعرض الجانب التاريخي للموقع، لكنها أيضًا كانت خطوة ذكية لأن جهود إحياء أعمال والكر نجحت بالفعل، وذلك بعد أن كان قد تعرض للنبذ بسبب رفضه للتصميم المعماري الحداثي. وعليه، فإن مبنى كان في وقت مضى بحالة رثة أصبح فجأة يضم وحدات سكنية بقيمة تصل لملايين الدولارات، منها شقة علوية بـ50.9 مليون دولار، والتي تعد أغلى وحدة بيعت خلال فترة التراجع الاقتصادي.
عن هذا، قال فرانسيس مورون، المؤرخ المعني بالتصميمات المعمارية: «هذا تحول مثير، ويعكس التسويق بالمعنى الحقيقي، لكنه يحمل كذلك في طياته احترامًا حقيقيًا للمدينة لا أراه كثيرًا. أتمنى أن تسير على هذا النهج المزيد من شركات التطوير العقاري».
كانت كلارك قد عملت مع «جيه دي إس ديفلبمنت غروب» بخصوص مبنى آخر من تصميم والكر في 50 ويست ستريت. ومن بين إسهاماتها على هذا الصعيد كشف النقاب عن زخارف ديكو على السطح كانت قد تعرضت للطمس، وأعادت «جيه دي إس ديفلبمنت غروب» بناءها.
بحلول ذلك الوقت، كانت تعمل على وضع رسالة الدكتوراه الخاصة بها بجامعة مدينة نيويورك. وركزت رسالتها على شخصية بارزة أخرى بمجال التطوير العقاري في نيويورك، وهي ويليام زكندورف، وأعمال بمشروعات التجديد الحضري.
في الواقع، يبدو اختيار كلارك لهذا المجال الأكاديمي منطقيًا بالنظر لكونها ابنة وحفيدة اثنين من المقاولين في سولت ليك سيتي. ومن خلال عملها لحساب «جيه دي إس ديفلبمنت غروب»، شعرت كلارك أنها أصبحت تمتلك تأثيرًا أكبر يفوق مجرد التأثير النظري على التاريخ المعماري. وقالت: «أعتقد أن العقارات تعكس في جوانب عدة قصة مدينة نيويورك، وكيف نمت المدينة وتغيرت».
كانت «جيه دي إس ديفلبمنت غروب» قد استعانت بكلارك كمديرة تسويق عام 2013. وسرعان ما أصبحت واحدة من قيادات الشركة. بمجرد أن تشرع الشركة في التفكير في شراء مبنى ما، تتجه كلارك إلى الأرشيف بمبنى الإدارة المحلية ومكتبة الفنون الجميلة والمعمار في كولومبيا، أو بأي مكان آخر، لتبدأ في صياغة حجة متكاملة مع أو ضد شراء العقار.
وحتى العقارات التي ليس لها صلة عميقة بالماضي بمقدورها الكشف عن بعض الأسرار، مثل العقار الكائن في 626 فيرست أفنيو، حيث بدأ تحويل موقع كان يخص سابقًا شركة «كونسوليديتيد إديسون» إلى مبنى يضم 800 وحدة سكنية موزعة على برجين مرتبطين بجسر زجاجي. وتوصلت كلارك لخرائط عن المبنى أسهمت في إعادة تصميمه.
وبالقرب من هاي لاين، بدأت تتضح معالم مبنى مؤلف من 14 وحدة سكنية من تصميم شركة «رومان آند ويليامز». من جهتها، قالت كلارك: «نظرًا لأن كل المباني هنا حديثة الطراز، رأينا أنه سيكون من المثير طرح أمر مختلف بعض الشيء». كان ذهن المصممين تفتق عن تغطية الواجهة الخارجية للمبنى بمادة طلاء خضراء على غرار «وولورث بيلدينغ»، بما يثير الانطباع بأن المبنى أقيم في فترة كانت القطارات ما تزال تمر بالمنطقة.
من جانبه، قال ستيفين أليش، مسؤول بشركة «رومان أند ويليامز»، إنه لم يعرف بخلفية كلارك سوى بعد ستة شهور، الأمر الذي فسر له فجأة كل شيء. وأضاف: «عندما كنا نتحدث عن توجهنا، كنا نتعرض للسخرية، بل وكان بعض المعنيين بالتطوير العقاري يتملكهم الفزع، لكن مع مارسي فوجئنا أن عينيها تلألأت بحديثنا».
داخل المشروعات ذات الطابع التاريخي الأكبر، مثل أولد ستينواي هول الذي تتولى مسؤولية تطويره العقاري شركة «بروبرتي ماركتس غروب»، فإن العناصر الجديدة تستدعي أخرى قديمة، مثل قاعة حفلات موسيقية قديمة سيعاد بناؤها في الدور الثامن على نحو يكاد يكون طبق الأصل من التصميم القديم بفضل الصور التي عثرت عليها كلارك.
وبمجرد أن تنطلق المشروعات، يجري حفظ ملفات خاصة بها تضم صورا وفيديوهات من أجل الأرشيف الخاص بـ«جيه دي إس ديفلبمنت غروب»، وبالطبع لعرضها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
من جهتها، قالت مارتا غوتمان، بروفسورة في سيتي كوليدج وواحدة من أساتذة كلارك: «إنه من المذهل معاينة التأثير الذي تتركه الآن، والذي سيدرسه طلابنا يومًا ما، لكنني آمل فقط أن تنتهي من رسالتها العلمية».
وأكدت كلارك، من جانبها، أنها تعمل على إنجاز رسالة الدكتوراه بالفعل خلال عطلتها الأسبوعية.

* خدمة «نيويورك تايمز»



«المنازل الذكية»... طريق الحياة الجديدة باستخدام التقنية

المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)
المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)
TT

«المنازل الذكية»... طريق الحياة الجديدة باستخدام التقنية

المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)
المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)

تبرز المنازل الذكية خياراً جديداً في أسلوب الحياة مع التسارع الذي تشهده التقنيات المنزلية؛ مما يعتقد أنها تجعل الحياة أسهل من خلال التحكم في مرافق المنازل عبر الهاتف المحمول، الأمر الذي يضم هذا الاستخدام ضمن استخدامات كثيرة عبر تلك الأجهزة المحمولة.
ويمكن الآن التحكم بكل شيء في المنزل وفق طرق سهلة، سواء كان ذلك تشغيل الإضاءة أو فتح الستائر، أو تشغيل الواي فاي، أو تعديل درجة الحرارة، وفتح وإغلاق قفل الباب الأمامي، وحتى إشعال وإطفاء الموقد، حيث يقضي معظم الأفراد أغلب أوقاته في المنزل أكثر من أي مكان آخر، ومع ذلك التفكير بالتكنولوجيا عندما التواجد في المنزل يكون أقل مقارنة بالخارج فيما عدا تقنية الواي فاي.
غدت الصورة عن المنزل التي تتمثل بأنه مكان خالٍ من التكنولوجيا على وشك التغيير، فحان وقت النظر إلى الأجهزة الكثيرة المتناثرة في أنحاء المنزل، سواء كان التلفزيون في غرفة المعيشة، أو الثلاجة في المطبخ، أو المكيّف في غرف النوم، أو حتى جهاز تسخين المياه في الحمامات. وأصبح الأفراد محاطين بالإلكترونيات التي يتم وصفها بالأجهزة الذكية بشكل متزايد كل يوم، فهي تملك أجهزة استشعار تمكّنها من تسجيل البيانات ومشاركتها عبر الإنترنت. ويوجد اليوم نحو 31 مليار جهاز متصل بالإنترنت، ومن المفترض أن يرتفع هذا العدد إلى 75.4 مليار بحلول عام 2025، وفقاً لتقديرات وكالة الأبحاث «ستسيتا».
ولا شك بأن السؤال الذي يسيطر في الوقت الحالي هو، متى ستصبح المنازل أكثر ذكاءً عبر وصل جميع هذه الأجهزة بمركز واحد، ليتم التمكن من القياس والتحكم بكل شيء داخل المنازل. وتتجاوز رؤية المنزل الذكي مفهوم الراحة، حيث ستكون التقنيات الجديدة ذات تأثير عميق وإيجابي على الصحة من خلال مراقبة النظام الغذائي وظروف البيئة المحيطة في الأشخاص ورفاهيتهم بشكل عام. وسيتمكن الأطباء بفضل التكنولوجيا من معرفة حالة الأشخاص بالوقت الفعلي كما سيكون تاريخهم الطبي في متناول اليد قبل حتى إخبار الأطباء به. وعلاوة على ذلك، ستمكن المنازل الذكية العاملين في الرعاية الصحية من علاج الأمراض بشكل استباقي.
وسيمتد تأثير التكنولوجيا أيضاً إلى طريقة التعليم والتعلُّم عند وصل أجهزة التعلم الخاصة بالأطفال بأجهزة معلميهم، لتعزيز التفاعل والتعليم المخصص، وسيزداد التركيز على التدريس عبر الوسائط المتعددة، حيث سنتمكن من تحقيق فكرة غرف الدراسة الافتراضية على أرض الواقع، وسيتمكن البالغون أيضاً من إكمال دراستهم من النقطة التي توقفوا عندها، وذلك عبر الدورات التي تم تطويرها للتعلّم المنزلي والتي يمكن بثها على شاشات الأجهزة.
وتعد البيئة المحرك الأهم لتقنيات المنزل الذكي، وخاصة بما يتعلق بتأثير الأشخاص عليها، حيث تستطيع الأتمتة المنزلية الذكية أن تخفّض استهلاك الطاقة والمياه في المباني إلى حد كبير. وصحيح بأن المستهلك سيستخدم المزيد من الأجهزة التي تعمل بالطاقة الكهربائية، إلا أن حلول المنزل الذكي المدعمة بالذكاء الصناعي تستطيع أن تتعرف على سلوك من يعيشون في المنزل وتشغيل الأجهزة أو إيقافها استناداً إلى الروتين اليومي للمستخدم. وسنتمكن مع هذه الحلول الذكية عبر نظرة واحدة على الهواتف المحمولة من معرفة مقدار الطاقة والمياه المستهلكة وتكلفتها. وبالنظر إلى ارتفاع تكلفتهما بشكل مستمر، سيضطر أصحاب المنازل والمرافق والحكومات إلى البحث عن طرق أفضل وأكثر فاعلية للحد من التلوث البيئي، وجعل الحياة أكثر استدامة.
وقد تبدو هذه الأفكار التقنية بعيدة التحقيق، إلا أنها حالياً في مراحل التصميم في مشاريع مثل «نيوم»، المبادرة التي تبلغ تكلفتها 500 مليار دولار، والتي تعد حجر الأساس في «رؤية السعودية 2030»، كما أنها وصفت كأضخم مشروع حضري في العالم اليوم. وستعيد هذه المبادرة تعريف طريقة العيش وستركز في جزء كبير منها على المنازل.
وقال نجيب النعيم، رئيس مجلس إدارة العمليات في «شنايدر إلكتريك» السعودية: «سيكون لمبادرة (نيوم) تأثير غير مباشر على المنطقة بشكل عام، وينبغي أن تصبح المنازل الذكية القاعدة السائدة في الشرق الأوسط بحلول عام 2030. ويبدو لنا أن المنازل الذكية ستستمر في النمو مستقبلاً؛ مما يعني أن طريقة عيشنا اليومية ستتغير بشكل كبير». وبدأت الشركة الاستثمار في أتمتة المنزل الذكي منذ عقود من الزمن، ويعتقد النعيم بأن طريقة عيشنا «ستكون مختلفة بشكل جذري في المستقبل».

التطورات في تقنيات المنزل الذكي
تتطور التكنولوجيا اليوم بوتيرة متسارعة وتقنيات المنزل الذكي ليست استثناءً، والتساؤل يتمحور في معنى هذا التطور من حيث الأداء العملي، وكيف يمكن أن تؤثر البيوت الذكية على الحياة.
الذكاء الصناعي: سيكون الذكاء الصناعي في صميم التقنيات في المنازل المستقبلية، وستتمكن المنازل الذكية من تتبع موقع الأشخاص داخل المنزل، إما عن طريق جهاز استشعار إلكتروني يتم تركيبه على الملابس أو أجهزة استشعار إلكترونية داخل المنزل. وسيمتلك المنزل القدرة على تحديد هوية الأشخاص وأماكنهم، وسيستخدم هذه المعلومات لتلبية الاحتياجات وتوقعها أيضاً. وسيكون المنزل قادراً على ضبط كل شيء بدءاً من التدفئة والتبريد إلى الموسيقى والإضاءة، وكل ذلك حسب احتياجات الشخص الذي سيدخل من باب المنزل.
الإضاءة الذكية: ستُحدث الإضاءة الذكية ثورة في طريقة إضاءة المنازل، فهي تعمل على ضبط نفسها تلقائياً من خلال الكشف عن وجود الأشخاص في الغرفة، وحال خروجهم من هناك، تصبح الأنوار خافتة أو يتم إطفاؤها تماماً. كما يمكن أن تطبق الإضاءة الذكية على نشاطات الأشخاص؛ فعلى سبيل المثال، يمكن لأجهزة استشعار الضغط إطفاء الأنوار عند الاستلقاء في السرير بعد وقت معين، وستكتشف المستشعرات استيقاظ الأفراد لاستخدام الحمام وتقوم بتشغيل الإنارة. وتضبط الإضاءة درجة سطوعها تلقائياً وفقاً لفترات اليوم، وسيتذكر المنزل الذكي الروتين الخاص بالمستخدم ليتمكن من تخصيص كل جهاز في منزلك حسب الرغبة.
الأقفال الذكية: يمكن أيضاً برمجة الأقفال الذكية وفقاً لاحتياجات الأفراد، فيمكن السماح للزوار بالدخول أو منعهم بناءً على سمات تعريفية محددة. كما يمكنك السماح بالدخول لشخص ما، مثل حامل البريد عن بُعد. ويمكن إرسال رموز فتح الأقفال الافتراضية عبر تطبيق إلكتروني وفتح الباب عبر استخدام الهاتف المحمول.
مراقبة المنزل: تستطيع الأنظمة الأمنية الذكية مراقبة المنزل بشكل مستقل، والإبلاغ عن أي حوادث غير مسبوقة لمالك المنزل، وإبلاغ خدمات الطوارئ إذا لزم الأمر. وتستطيع المنازل الذكية أيضاً مراقبة كبار السن الذين يعيشون بمفردهم، فتقدم لهم يد المساعدة كتذكيرهم بتناول أدويتهم وضمان إتمامهم للمهام اليومية بنجاح وأمان. وفي حالات الطوارئ كالسقوط أو الحوادث، سيتمكن نظام المنزل الذكي من إخطار خدمات الطوارئ والسماح لهم بالدخول تلقائياً.
نظام التكييف: يعد التكييف من الضروريات الأساسية في دول الخليج، وعلى الرغم من ذلك لن يتغير قريباً، فإن الحلول المنزلية الذكية يمكن أن تقلل استهلاك الطاقة التي نستخدمها لتشغيل أنظمة التبريد لدينا في الصيف وأنظمة التدفئة في الشتاء بشكل كبير. فمن خلال التعلم الذاتي لسلوك واحتياجات الأسرة بالنسبة لتدفئة وتبريد المنزل مع مرور الوقت وإقران تلك المعلومات مع درجة الحرارة داخل المنزل وخارجه، يستطيع منظم الحرارة الذكي تقليص قيمة فواتير استهلاك الطاقة بنسبة 15 في المائة أو أكثر؛ مما سيختصر على الوالدين تأنيب الأطفال للتوقف عن العبث بمفتاح الطاقة.
طريقة دمج الأجهزة الذكية بنظام المنزل الذكي: يملك كل واحد منا الكثير من الأجهزة الذكية في المنزل والتي يمكن وصلها بشبكة الإنترنت. وما يحتاج إليه معظم الأشخاص هو وسيلة بسيطة بأسعار معقولة لإيصال جميع هذه الأجهزة بنظام واحد. ويؤمن نجيب النعيم من شركة «شنايدر إلكتريك» بأن تطبيق ويزر الذي أطلقته الشركة ومفهوم المنزل المتصل المتطور (سكوير دي) ربما يكون الحل المثالي لمن يبحثون عن تقنية المنزل الذكي الرائدة اليوم.
وقال النعيم «سيتطلب تحقيق ذلك شركة ذات خبرة بالطاقة والكهرباء والخدمات الرقمية والأجهزة والبرامج لتنشئ جهاز تحكم المنزل الذكي الذي نحتاج إليه جميعاً. ويعمل تطبيق (ويزر) من جهاز واحد نحمله بيدنا دائماً هو الهاتف المتحرك. ومن خلال وصل كل جهاز لدينا في المنزل بالإنترنت والتحكم به عبر (ويزر) سنتمكن من مراقبة كافة أجهزتنا والتحكم بها بطريقة آمنة ومن جهاز واحد».
وتهدف «شنايدر» على المدى الطويل إلى إضافة مستشعرات في جميع المعدات الكهربائية في المنزل لتتيح قياس استهلاك الطاقة والتحكم بالأجهزة، إما مباشرة أو من خلال الذكاء الصناعي، ومساعدة أصحاب المنازل والمباني على إنشاء «شبكات كهربائية صغيرة» من خلال دمج البطاريات وأجهزة الطاقة المتجددة مثل الألواح الشمسية. وبهذا قد تصبح الأسلاك الكهربائية والمقابس والقواطع الخاصة بك العمود الفقري الذكي لمنزلك المستقبلي.
«شنايدر» هي من المشاركين في مبادرة «موطن الابتكار» التابعة لشركة «سابك»، وهي مشروع يهدف إلى إنشاء منزل تجريبي متكامل بأثاثه لتوفير تجربة عيش حديثة ومريحة ومستدامة، وإلى رفد السعودية بالمشاريع المستدامة. ويعرض مشروع «موطن الابتكار» ما يمكن تحقيقه عندما تتعاون الشركات العالمية مع رواد الأبحاث مثل «سابك» لابتكار أفكار جديدة من شأنها أن تثير اهتمام السعوديين وتُطلعهم على ما ستبدو عليه منازلهم في المستقبل.
وقال النعيم: «لم تتغير منازلنا كثيراً على الرغم من كمية التقنيات المحيطة بنا. وأصبح ذلك على وشك التغيير، فسنستذكر مستقبلاً الماضي بعد عقد من الزمن، ونتساءل لماذا لم نختر مفهوم المنزل الذكي في وقت أبكر. وسيحدث ذلك ثورة في طريقة راحتنا وعملنا ولعبنا. وأعتقد أن السعودية ستقود مسيرة التطور التقني في المنازل الذكية بفضل مشاريعها الرائدة مثل (نيوم)».