ظاهرة العصر الحديث.. فيروسات قاتلة ولقاحات غائبة

هددت الصحة والاقتصاد العالمي

ظاهرة العصر الحديث.. فيروسات قاتلة ولقاحات غائبة
TT

ظاهرة العصر الحديث.. فيروسات قاتلة ولقاحات غائبة

ظاهرة العصر الحديث.. فيروسات قاتلة ولقاحات غائبة

يبدو أن التقدم والتطور في هذا العصر الحديث لم يقتصر على العلم والتكنولوجيا والاكتشافات الحديثة، التي ساهمت في رخاء الإنسان على الارض، بل رافقه تطور فيروسي خطير؛ حيث عانت البشرية في العقد الماضي، من مجموعة من الأمراض المستعصية، بسبب هذه الفيروسات القاتلة، التي هددت الصحة والاقتصاد العالمي بما تحتاجه من صرف مليارات الدولارات لاكتشاف اللقاحات والمضادات لهذه الفيروسات، والتي كانت تنتهي بعدم التوصل الى علاج او لقاح ناجح.
ففي عام 1997 كان أول ظهور لفيروس انفلونزا الطيور، الذي أصاب النمط الفيروسي الفرعي منه (A(H5N1 - البشر، في منطقة هونغ كونغ الصينية الإدارية الخاصة. وتمكّن ذلك الفيروس، منذ ظهوره وانتشاره مجدّداً على نطاق واسع في عامي 2003 و2004، من الانتقال من آسيا إلى أوروبا وأفريقيا ومن الاستحكام بين الدواجن في بعض البلدان، ممّا أدى إلى وقوع ملايين من الإصابات بين الدواجن وعدة مئات من الحالات البشرية التي أسفرت عن كثير من الوفيات. وقد أثّرت الإصابات التي وقعت بين الدواجن، بشكل كبير، في أسباب المعيشة والاقتصاد والتجارة الدولية في البلدان المتضرّرة.
وما أن خفت حدة فيروس انفلونزا الطيور حتى ظهر مرض جديد باسم "انفلونزا الخنازير"، وتم اكتشاف هذا الفيروس الجديد لأول مرة لدى البشر في المكسيك في أبريل (نيسان) 2009. وانتشر هذا الفيروس من شخص لآخر على نطاق عالمي، بنفس الطريقة التي تنتشر بها الانفلونزا الموسمية العادية. وفي يوم 11 يونيو(حزيران) 2009، أعلنت منظمة الصحة العالمية إنفلونزا الخنازير وباء عالميا بعد تسبب بوفاة 18138 شخصا جراء الوباء الذي انتشر في كل قارات العالم.
وتابعت الفيروسات فتكها بالبشر؛ فظهر فيروس الإيبولا في نزارا بالسودان وفي يامبوكو بجمهورية الكونغو الديمقراطية، التي في قرية تقع على مقربة من نهر إيبولا الذي اكتسب المرض اسمه منه، وكان ذلك في مارس (آذار) 2014، إذ تسبب في وفيات عديدة. كما انتشر الفيروس بين البلدان بدءاً بغينيا ومن ثم عبرت الحدود البرية إلى سيراليون وليبيريا، وانتقلت جواً إلى نيجيريا والولايات المتحدة الأميركية وبراً إلى السنغال ومالي.
وفي بدايات العام الحالي ظهرت أحدث الفيروسات والمسمى "زيكا" في البرازيل وكولومبيا وكابو فيردي، وأكدت منظمة الصحة العالمية إثر اجتماع طارئ يوم أمس الاثنين 1 فبراير (شباط) أن فيروس "زيكا" يشكل تهديدا للصحة في العالم؛ وهو فيروس يولده البعوض، وهو من نفس عائلة الحمى الصفراء والنيل الغربي وتشيكينغانيا والضنك ولا يوجد لقاح أو دواء لعلاج عدوى الفيروس، أما الأعراض الشائعة فتتضمن الحمى والطفح الجلدي والصداع واحمرار العين.
وقالت المنظمة، إن فريقا من الخبراء أوصى باتخاذ هذه الخطوة، وطالبت المنظمة ببذل جهود دولية ومنسقة لمواجهة الفيروس ومنع انتشاره على نطاق واسع في العالم. وأكدت رئيسة المنظمة الدولية مارغريت كان، ان على دول العالم أن تركز جل أبحاثها على إنتاج مادة لقاح للفيروس.
كما أشارت المنظمة إلى وجود "شكوك قوية" بعلاقة سببية بين فيروس "زيكا" الذي ينقله البعوض وارتفاع حالات صغر الرأس عند المواليد، معتبرة أن ذلك حالة صحية طارئة على المستوى العالمي.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.