عرض الفيلم المغربي «البحر من ورائكم».. والفرنسي «ظل النساء»

تواصل فعاليات مهرجان الرباط الدولي لسينما المؤلف

بطلا فيلم «البحر من ورائكم» يتوسطهما المخرج
بطلا فيلم «البحر من ورائكم» يتوسطهما المخرج
TT

عرض الفيلم المغربي «البحر من ورائكم».. والفرنسي «ظل النساء»

بطلا فيلم «البحر من ورائكم» يتوسطهما المخرج
بطلا فيلم «البحر من ورائكم» يتوسطهما المخرج

تتواصل في العاصمة المغربية الرباط فعاليات الدورة الحادية والعشرين من مهرجانها الدولي لسينما المؤلف وجرى مساء أول من أمس عرض الفيلم المغربي «البحر من ورائكم» لمخرجه هشام العسري، ضمن فقرة السينما المغربية.
ويحكي الفيلم قصة طارق الذي يعيش في بلد غابت عنه الألوان وطالت المياه ظاهرة غريبة وهي «بق المياه» الذي لوث كل شيء، حيث يرتدي طارق ثياب النساء ويضع «الماكياج» رغم أن له شاربين وهو يرقص على سطح عربة يجرها حصان يحتضر. كل شيء سيبدأ عندما يحزن «العربي» أي الحصان، رافضا المضي خطوة واحدة، وهكذا فإن طارق سيتعلم الحياة من جديد وسيدع الألوان تنقذه من براثن الجنون وتأخذه بعيدا عن رتابة العالم، وعن نفسه.
بالموازاة مع عرض فيلم «البحر من ورائكم» شهدت قاعة النهضة عرض الفيلم الفرنسي «ظل النساء» لمخرجه فيليب كاريل ضمن الأفلام المتنافسة على الجائزة الكبرى للمهرجان.
ويحكي الفيلم قصة «بيير» و«مانون» وهما منتجا أفلام يعيشان من أعمال صغيرة مختلفة لكسب لقمة العيش، يلتقي «بيير» «إليزابيت» وهي متدربة شابة، فتصبح عشيقته، لكن بيير لا يريد ترك مانون من أجل إليزابيت بل يرغب في الحفاظ عليهما معا.
وكان لجمهور المهرجان مساء السبت موعد مع العرض ما قبل الأول للفيلم الوثائقي «ثقل الظل» للمخرج المغربي حكيم بلعباس الذي كتب السيناريو الخاص به، كما أشرف على تصويره وتوضيبه، فيما أسند التشخيص لكل من علي وفاطمة ايتكو.
أما قصة فيلم «ثقل الظل»، فتدور حول أب وأم في العقد التاسع من عمرهما يعيشان على أمل معرفة مصير ابنهما البكر المختطف قبل 37 سنة خلال ما يسمى بسنوات الرصاص التي عاشها المغرب في فترة من الفترات.. حيث تبقى محفظة الابن المختطف هي الذكرى الوحيدة المتبقية لأسرة اختفى ابنها في ظروف ظلت غامضة إلى اليوم.
ولرواية هذه الحكاية بتفاصيلها الإنسانية المؤلمة، انتقل فريق عمل فيلم «ثقل الظل» إلى منطقة دادس قبل 7 سنوات، حيث أجري اللقاء الأول للاستماع إلى ظروف اختطاف الابن «أحماد» اعتمادا على رواية الأب والأم العجوزين. رواية حكاها الوالد بشكل خاص بكثير من الصدق والتأثر والألم، تاركا المجال من حين إلى آخر إلى زوجته وابنيه الآخرين للتدخل وتذكر بعض التفاصيل التي تسقط منه سهوا في سرد تفاصيل متعلقة بابن يجهل مصيره اليوم. ليعود فريق عمل الفيلم مجددا إلى منطقة دادس، ويعاود اللقاء بالوالد وباقي أفراد الأسرة في أبريل (نيسان) 2015، ليجد هؤلاء معطى جديدا متمثلا في وفاة الوالدة بعد معاناة مع المرض وبعد لوعة فراق ابن دامت عقودا من الزمن.
وجرى أيضا عرض فيلم «سقوط» من جمهورية الدومينيكان لمخرجته الشابة أنا رودريكيز روسيل ضمن المسابقة الرسمية.
ويحكي الفيلم قصة «أسلان» الذي طلب من «ألما» أن يلتقيا مجددا في جمهورية الدومينيكان حيث عاشا أفضل سنوات زواجهما الصعبة، وافقت ألما على قضاء 24 ساعة مع أسلان فقرر منحها مفاتيح منزل برلين الذي تقاسماه لأزيد من 20 سنة، وفي مشاهد الفيلم استحضر أسلان في 24 ساعة ذكريات حياتهما السابقة، قبل أن يدرك أن الأوان لم يفت بعد من أجل إعادة كتابة فصول من ماضيهما المشترك.
وتستمر فعاليات مهرجان الرباط الدولي لسينما المؤلف إلى غاية يوم الجمعة المقبل حيث سيعرف حفل الاختتام عرض فيلم «إنجلترا الصغيرة» للمخرج بانتوليس فولغاريس.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».