«هيومن رايتس ووتش»: المتمردون الحوثيون يمنعون المواد الغذائية والطبية من دخول تعز

إصابة ضابط برتبة عميد ومقتل ثلاثة من مرافقيه في لحج جنوب اليمن

«هيومن رايتس ووتش»: المتمردون الحوثيون يمنعون المواد الغذائية والطبية من دخول تعز
TT

«هيومن رايتس ووتش»: المتمردون الحوثيون يمنعون المواد الغذائية والطبية من دخول تعز

«هيومن رايتس ووتش»: المتمردون الحوثيون يمنعون المواد الغذائية والطبية من دخول تعز

اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، اليوم (الاحد)، المتمردين الحوثيين في اليمن بمصادرة مواد أساسية في طريقها الى مدينة تعز التي يحاصرونها منذ أشهر في جنوب البلاد، مرتكبين بذلك "انتهاكات جسيمة" للقانون الدولي.
وأشارت المنظمة في تقرير اصدرته اليوم، الى تسجيل "16 واقعة بين 13 ديسمبر (كانون الاول) و9 يناير (كانون الثاني)، منع فيها حراس حوثيون في حواجز أمنية المدنيين من ادخال مواد مختلفة الى المدينة، ومنها فواكه وخضروات وغاز للطهي وتحصينات للاطفال وعبوات لغسيل الكلى واسطوانات اوكسيجين، وصادروا بعض هذه المواد".
ودعت المنظمة المتمردين الى ان "ينهوا فورا أعمال المصادرة غير القانونية للسلع الموجهة للسكان المدنيين، وان يسمحوا بحرية حركة منظمات الاغاثة" الى داخل ثالث كبرى مدن اليمن، والتي يقطن فيها مئات الآلاف من المدنيين.
واعتبرت المنظمة مصادرة المواد "انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الانساني".
من جهته، قال نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الاوسط وشمال افريقيا في المنظمة "يمنع الحوثيون مواد ضرورية عن سكان تعز لمجرد أنهم يعيشون في مناطق تخضع لسيطرة قوات المعارضة (لهم). مصادرة الممتلكات من المدنيين أمر غير قانوني، لكن أخذ طعامهم وإمداداتهم الطبية قسوة بالغة".
وتقع تعز في جنوب غربي اليمن، وهي تحت سيطرة قوات اليمنية، إلا انها محاصرة من المتمردين الحوثيين وقوات المخلوع صالح.
ودعت الأمم المتحدة في 23 يناير الى السماح بوصول منتظم للمساعدات الى تعز، بعد ستة أيام من إعلان منظمة "اطباء بلا حدود" إدخالها مساعدات الى المدينة للمرة الاولى منذ خمسة أشهر.
ميدانيا، أصيب ضابط في الجيش برتبة عميد وقتل ثلاثة من مرافقيه في اطلاق مسلحين يرجح انهم من تنظيم "داعش"، النار عليه في جنوب اليمن، بحسب ما افادت مصادر أمنية اليوم، وذلك حسبما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
واشار مصدر امني الى ان مسلحين اطلقوا النار ليل السبت /الاحد على سيارة العميد حسن سالم احمد قرب الحوطة (مركز محافظة لحج الجنوبية) ما أدى الى اصابته بجروح بالغة، ومقتل ثلاثة من مرافقيه.
وأضاف المصدر، الذي رفض كشف اسمه، ان المسلحين "ينتمون الى تنظيم داعش" المتطرف.
وكان التنظيم نفذ مطلع العام الماضي سلسلة هجمات في صنعاء التي يسيطر عليها المتمردون الحوثيون منذ سبتمبر (ايلول) 2014. إلا انه نفذ كذلك خلال الاشهر الماضية، هجمات في مدينة عدن التي استعادت قوات الشرعية اليمنية بدعم من التحالف العربي بقيادة السعودية، السيطرة الكاملة عليها في يوليو (تموز) الماضي.
وتبنى التنظيم الذي يسيطر على مساحات واسعة في سوريا والعراق، هجومين انتحارين بسيارة مفخخة الخميس والجمعة، استهدفا نقاط تفتيش أمنية في عدن؛ التي أعلنها الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي عاصمة مؤقتة للبلاد.
وينفذ مسلحون مجهولون بشكل متكرر في المدينة عمليات اغتيال.
وأفادت مصادر أمنية اليوم عن العثور على جثة رجل دين غداة خطفه على يد مسلحين مجهولين.
وقالت المصادر ان رجل الدين سمحان الراوي خطف السبت في منطقة البريقة بعدن، وعثر على جثته اليوم في منطقة خور مكسر.
وفي حين لم تحدد المصادر اسباب الخطف والقتل، أوضحت ان الراوي قاتل الى جانب القوات الشرعية في معارك استعادة عدن خلال الصيف الماضي.
وتمكنت القوات الشرعية اليمنية الصيف الماضي بدعم ميداني مباشر من التحالف، من استعادة عدن واربع محافظات جنوبية اخرى، في حين لا يزال المتمردون الحوثيون وأنصار المخلوع صالح، يسيطرون على مناطق عدة في شمال البلاد ووسطها.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.