فيروس «زيكا».. سباق مع الزمن لإنتاج لقاح مضاد والبرازيل تحاربه بمائتي ألف جندي

أميركا الجنوبية سجلت وحدها 3.5 مليون حالة

فيروس «زيكا».. سباق مع الزمن لإنتاج لقاح مضاد والبرازيل تحاربه بمائتي ألف جندي
TT

فيروس «زيكا».. سباق مع الزمن لإنتاج لقاح مضاد والبرازيل تحاربه بمائتي ألف جندي

فيروس «زيكا».. سباق مع الزمن لإنتاج لقاح مضاد والبرازيل تحاربه بمائتي ألف جندي

كان إعلان الوكالة العامة للصحة في كندا، اليوم، إصابة أربعة مواطنين بفيروس «زيكا»، بعدما سافروا إلى مناطق ينتشر فيها الفيروس الجديد، الذي يتسبب فيه البعوض الزاعج، أحدث حلقات مسلسل التفشي السريع للفيروس الذي يثير مخاوف كبيرة حول العالم.
وكانت منظمة الصحة العالمية قد أعلنت، الخميس الماضي، عن اجتماع عاجل للجنة الطوارئ في جنيف، بعد غد (الاثنين)، بعد «الانتشار السريع جدا» للفيروس في الأميركتين بحسب مديرة المنظمة مارغريت تشان، وبالتحديد في البرازيل.
وسجلت القارة الأميركية الجنوبية 3.4 مليون حالة هذا العام، بينها 1.5 مليون في البرازيل أكثر البلاد تضررا من الفيروس.
وتأتي المخاوف من الفيروس الجديد للاعتقاد بأنه يسبب تشوهات خلقية وأعراض عصبية، بينما توقعت تشان تكاثر البعوض الناقل للمرض بسبب الأعاصير.
وأعرب الرئيس الأميركي باراك أوباما في اتصال هاتفي مع نظيرته البرازيلية ديلما روسيف عن «القلق المشترك» من التفشي السريع للفيروس، كما اتفق الزعيمان على أهمية تنسيق الجهود لتعميق المعرفة بالفيروس وإجراء أبحاث متقدمة، وتسريع الأعمال التي تهدف لإنتاج لقاحات أفضل وتطوير تكنولوجيات أخرى للسيطرة عليه.
وارتفع عدد المصابين بالفيروس في الولايات المتحدة وهي أكثر الدول تضررا، إلى 36 حالة موزعة على 11 ولاية، بينهم أربع نساء حوامل، اثنتان في إلينوي، وواحدة في واشنطن العاصمة وأخرى في نيويورك.
ودعت روسيف، أمس، للحرب على البعوض الحامل للفيروس وبذل جهود على مستوى الوطني للقضاء على الحشرة. وأضافت خلال زيارتها لمركز إدارة عمليات مكافحة الفيروس «ليس لدينا مصل لزيكا بعد. الشيء الوحيد الذي يمكننا فعله هو محاربة البعوض».
وسينضم مائتا ألف جندي في البرازيل إلى الجهود على المستوى الوطني للقضاء على البعوض، كما دعت روسيف المواطنين للتخلص من المياه الراكدة في البرك وفتح خزانات المياه التي تعيش فيها الحشرات.
وتذكر منظمة الصحة العالمية أن المصابين بالفيروس يشكون من الحمى الخفيفة، والطفح الجلدي والتهاب الملتحمة، وهي أعراض تستمر لمدة بين يومين وأسبوع.
وفي ظل عدم وجود أي لقاح أو محدد للمرض، توصي المنظمة بتجنب لسع البعوض للوقاية منه، في ظل انتشار المرض أيضا في أفريقيا وآسيا والمحيط الهادي.
وتعود تسمية «زيكا» إلى غابة موجودة في أوغندا التي اكتشفت فيها المرض لأول مرة عام 1947، قبل أن يعاود الظهور بعد ستين عاما، حينما تم الإبلاغ عن تفشي الفيروس في المحيط الهادي في 2007 ثم في 2013. وفي العام الماضي، أبلغت بعض بلدان الأميركتين وأفريقيا عن حالات جديدة، بحسب منظمة الصحة العالمية.
وللوقاية من المرض، تنصح المنظمة كذلك بتقليص أعداد البعوض بالحد من مصادره عبر إزالة أماكن تكاثره، وكذا استخدام طاردات الحشرات وارتداء ملابس فاتحة اللون تغطي معظم الجسم واستخدام حواجز سلكية والناموسيات عند النوم.
ولم يتم بعد تحديد علاقة سببية بين العدوى بفيروس زيكا وبين العيوب الولادية والمتلازمات العصبية، ولكن هناك شكا كبيرا في وجود هذه العلاقة السببية.
وارتبط وصول المرض في بعض بلدان الأميركتين، خصوصًا البرازيل، بزيادة حادة في ولادة الأطفال برؤوس صغيرة بشكل غير عادي، وفي حالات متلازمة غيان - باريه؛ وهي اعتلال لا يتاح له إلا فهم ضعيف ويقوم فيه الجهاز المناعي بمهاجمة الجهاز العصبي، الأمر الذي يؤدي إلى الشلل أحيانا.
وفي ألمانيا، قالت متحدثة باسم وزارة الصحة، أمس (الجمعة)، إنها رصدت خمس حالات إصابة بالفيروس «زيكا» بين شهري أكتوبر (تشرين الأول) ويناير (كانون الثاني) الماضيين.
إلى ذلك، تستعد اللجنة الأولمبية الدولية لإصدار إرشادات لحماية الرياضيين المشاركين في أولمبياد ريو دي جانيرو الصيفية والمقرر أن تستضيفها البرازيل في أغسطس (آب) المقبل.
وقال رئيس اللجنة توماس باخ: «سنفعل كل شيء لضمان صحة الرياضيين وجميع الزائرين»، وتابع: «نتواصل مع منظمة الصحة العالمية واللجنة المنظمة والسلطات البرازيلية». وأكد باخ أنه لا يخشى من فيروس زيكا على الألعاب الأولمبية المقبلة.
وأصيب أكثر من 20 ألف شخص بالفيروس في كولومبيا بقارة أميركا الجنوبية، ألفان منهم بين الحوامل.
هذا، بينما تتسابق الشركات والعلماء لابتكار لقاح مضاد للفيروس، وقال مسؤولون في المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها بالولايات المتحدة، إنه جرى تفعيل مركز لعمليات الطوارئ كي يعمل على مدار الساعة للتعامل مع «زيكا».
وأوضح قائمون على تطوير لقاح للفيروس أن إنتاج لقاح للاستخدام العام قد يستغرق شهورا على أقل تقدير إن لم يكن سنين، مشيرين إلى أن أقرب مشروع لإنتاجه هو الذي لدى شركة أنوفيو للمستحضرات الدوائية، التي يمكنها إعداد لقاح للاستخدام الطارئ قبل نهاية العام.
وقال العالم الكندي جاري كوبينجر، أول من أمس (الخميس)، إن أولى مراحل اختبار اللقاح على البشر يمكن أن تبدأ في أغسطس. وإذا كانت التجربة ناجحة فقد يكون بالإمكان استخدامه خلال حالة طوارئ صحية عامة بحلول أكتوبر أو نوفمبر (تشرين الثاني). وكان كوبينجر قد ساعد في تطوير لقاح تجريبي لفيروس الإيبولا.
وقالت شركة هاواي بيوتيك لتطوير اللقاحات المملوكة للقطاع الخاص، إنها بدأت برنامجا رسميا لاختبار لقاح مضاد لـ«زيكا» في الخريف الماضي، مع بدء انتشار الفيروس في البرازيل. ولكنها لم تعلن جدولا زمنيا حتى الآن لإجراء تجارب سريرية.
وقال مطور آخر للقاح في القطاع الخاص هو ريبليكينز الذي مقره بوسطن، إنه يستعد لبدء الدراسات على الحيوانات وتأثير لقاح «زيكا» عليها خلال الأيام العشرة المقبلة. وقال صمويل بوغوتش رئيس الشركة إن من المرجح الكشف عن البيانات الخاصة بالتجارب التي أجريت على الفئران والأرانب خلال الشهرين المقبلين.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.