«الشرق الأوسط» تفوز بـ«جائزة محمود كحيل» عن فئة «الكاريكاتير السياسي»

200 فنان من 11 دولة عربية تنافسوا من خلال 900 عمل

أمجد رسمي يتسلم الجائزة
أمجد رسمي يتسلم الجائزة
TT

«الشرق الأوسط» تفوز بـ«جائزة محمود كحيل» عن فئة «الكاريكاتير السياسي»

أمجد رسمي يتسلم الجائزة
أمجد رسمي يتسلم الجائزة

حصد الفنان الأردني أمجد رسمي، الذي يتابع قراء جريدة «الشرق الأوسط» رسوماته على صفحاتها، «جائزة محمود كحيل» للكاريكاتير السياسي، في دورتها الأولى، التي نظمتها «مبادرة معتز ورادا الصوّاف للشرائط المصوّرة العربية» في الجامعة الأميركية في بيروت.
وتسلم الزميل أمجد رسمي جائزته، مساء أول من أمس (الخميس)، خلال احتفال أقيم في مجمّع «بيال» بوسط العاصمة اللبنانية، تم خلاله الإعلان عن أسماء الفائزين في مختلف الفئات التي ترشّح لها مائتا فنان من 11 دولة عربية قدّموا أكثر من 900 عمل.
وقال أمجد رسمي لـ«الشرق الأوسط» معلقًا على هذا الفوز: «أنا عادة لا أعير الجوائز اهتمامًا ولست معنيًا بها، لكنني تقدمت هذه المرة لأنها تحمل اسم محمود كحيل، تحديدًا. هذا الرجل الذي تربطني به صلة قوية، رغم أننا لم نلتقِ يومًا». ويضيف أمجد رسمي: «قبل وفاة كحيل بسنة أو اثنتين بدأت بنشر رسوماتي في مجلة (المجلة) وكان لي صفحة، وله أخرى في الوقت نفسه، وعرفت تعليقاته الإيجابية على أعمالي يومها، لكنه رحل قبل أن ألتقيه».
ويشرح رسمي: «وحين بدأت العمل في جريدة («الشرق الأوسط»)، صادف أنني داومت ورسمت في المكتب نفسه الذي كان يعمل فيه، وأهمية الجائزة التي تحمل اسمه بالنسبة لي هي أنها عادت وذهبت إليه، ولم تتسرب خارجًا».
وحضر الاحتفال الكبير، عقيلة رئيس مجلس الوزراء اللبناني تمّام سلام السيدة لمى سلام، ورئيس الجامعة الأميركية الذي نصّب منذ أيام، الدكتور فضلو خوري، وعدد من الرسميين والشخصيات، إضافة إلى نظمي ودانة كحيل، نجل الفنان الراحل محمود كحيل الذي تحمل الجائزة اسمه، وكريمته.
وتسلّم الفائزون جوائزهم من مديرة المبادرة لينة غيبة. ونال الزميل الفنان أمجد رسمي، جائزة مالية بقيمة عشرة آلاف دولار أميركي، في حين فاز المصريون أحمد نادي ودنيا ماهر وجنزير بجائزة مماثلة عن فئة الروايات التصويرية عن عملهم «في شقّة باب اللوق». ومنحت جائزة الشرائط المصورة وقدرها ستة آلاف دولار للفنان محمد المعطي من الأردن، وذهبت جائزة الرسوم التصويرية والتعبيرية التي تبلغ خمسة آلاف دولار، إلى اللبناني بهيج جارودي، بينما حازت اللبنانية عزة حسين جائزة رسوم كتب الأطفال، وقيمتها أيضًا خمسة آلاف دولار.
وخصصت «جائزة قاعة المشاهير لإنجازات العمر» الفخرية للفنانة السورية لجينة الأصيل، تقديرًا لأعمالها في مجال رسوم كتب الأطفال، التي بدأتها، منذ عام 1969. أما «جائزة راعي الشريط المصوّر العربية» الفخرية فنالتها مجلة القصص المصوّرة للكبار «توك توك».
وألقى كل من الدكتور خوري ورادا الصواف والكاتب الصحافي في صحيفة «الحياة» جهاد الخازن، كلمات شددوا فيها على أهمية الجائزة في تعزيز مكانة فنّ الكاريكاتير والشرائط المصورة في العالم العربي، وتقدير المواهب في هذا المجال، فضلاً عن تكريم الفنان الراحل محمود كحيل، الذي طبع الكاريكاتير السياسي في العالم العربي خلال مسيرته من عام 1956 حتى وفاته عام 2003.
واعتمِدَت في مختلف مراحل الجائزة المعايير نفسها المعتمدة في أهم المسابقات العالمية. وضمّت لجنة التحكيم رسامي الكاريكاتير والشرائط المصوّرة السويسري باتريك شابات، واللبناني حبيب حداد (صحيفة «الحياة»)، والأردني عماد حجاج، والمصري مجدي الشافعي، إضافة إلى الكاتب جهاد الخازن، ومدير الإعلام في جامعة الملك سعود بن عبد العزيز للعلوم الصحية رئيس تحرير مجلة «نبض» عبد الله صايل، ومؤسِّسة برنامج «الشريط المصوّر» في الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة ميشيل ستاندجوفسكي.
وكان خمسون فنانًا ترشّحوا عن فئة الكاريكاتير السياسي، و25 في فئة الرواية المصوّرة، و42 في فئة الشريط المصوّر، و40 في فئة الرسوم الجرافيكية، و43 في فئة رسوم قصص الأطفال.
وتجدر الإشارة إلى أن «مبادرة معتز ورادا الصوّاف للشرائط المصوّرة العربية» هي هيئة أكاديمية، مقرّها الجامعة الأميركية في بيروت، تم البدء في تأسيسها منذ ما يقارب العامين، وتزامن ذلك مع معرض كبير للفنان محمود كحيل أقيم في بيروت بمناسبة مرور 11 سنة على غيابه، وصدور كتاب قيم عن أعماله. أما العمل الفعلي في المبادرة فبدأ منذ ما يقارب العام حيث أطلقت الجائزة، كما يتم التعاون مع مكتبة الجامعة الأميركية، لجمع وأرشفة أكبر عدد ممكن من الكاريكاتير السياسي والكوميكس. وتهدف المبادرة إلى تعزيز البحوث عن الشرائط المصورة العربية، ودعمها، وتشجيع إنتاجها ودرسها وتعليمها.
وتقول لينة غيبة، المديرة المسؤولة عن المبادرة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «العمل جارٍ، للوصول إلى مركز متكامل مع فريق عمل، يعنى بفن الكاريكاتير والكوميكس، ولكن هذا يحتاج إلى وقت، وفريق عمل، وقد تمر خمس سنوات قبل الوصول إلى هذه المرحلة. أما حاليًا فإن المبادرة إضافة إلى الجائزة، تقوم ببحوث، وتنشط في مجال الأرشفة، كما أننا ننظم ورشات عمل حول فن الكاريكاتير». وتضيف غيبة: «لقد نظمنا مؤتمرًا في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عن الكوميكس، في الجامعة الأميركية، حضره باحثون وفنانون من أميركا وتركيا وفرنسا ومصر والمغرب. ونحن ماضون في عملنا». وتشرح مديرة المبادرة، أن «الجائزة يتقدم لها محترفون لهم باع في مجال الكاريكاتير، وليست للمبتدئين أو الهواة، وأن الذين ترشحوا هذه السنة، تمتعت أعمالهم بحرفية عالية، ولم يكن الاختيار سهلاً».
ومحمود كحيل الذي أنشئت المبادرة باسمه وعلى شرفه، هو فنان لبناني، ولد في مدينة الميناء بطرابلس (شمال لبنان) عام 1936 وتعلم في الجامعة الأميركية في بيروت. أحب الرسم منذ صغره، وعمل مصمما في كثير من المجلات والصحف، وأظهر موهبة عالية، وحساسية فياضة تجاه المعضلات الاجتماعية. شارك محمود كحيل في تأسيس جريدة «الشرق الأوسط»، وأصبح رسامها الكاريكاتيري، وكان هو من رسم إخراجها الأنيق وهي تطل للمرة الأولى على قرائها، كما بقي مواكبًا تطورها، ناشرًا إبداعاته في رحابها طوال 23 عامًا، حتى وفاته في فبراير (شباط) عام 2003.
أما أمجد رسمي الذي حصل على جائزة محمود كحيل في دورتها الأولى، فهو فنان شاب من مواليد 1974، درس الفن التشكيلي في الجامعة الأردنية، ثم عمل في جريدة «الدستور» الأردنية، قبل أن ينتقل إلى جريدة «الشرق الأوسط». وهذه ليست الجائزة الأولى التي يحصدها أمجد رسمي عن رسوماته التي ينشرها في «الشرق الأوسط»، فقد سبق له أن نال «جائزة الصحافة العربية» عام 2008.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».