نورمبيرغ الألمانية تحتضن المعرض الدولي لألعاب الأطفال 2016

زاوج بين الألعاب الإلكترونية والتقليدية

قدمت في معرض الألعاب في نورمبيرغ مجموعة من الدمى الناطقة وهي مجسمة على هيئة شخصيات فيلم «حرب النجوم». (إ.ب.أ)
قدمت في معرض الألعاب في نورمبيرغ مجموعة من الدمى الناطقة وهي مجسمة على هيئة شخصيات فيلم «حرب النجوم». (إ.ب.أ)
TT

نورمبيرغ الألمانية تحتضن المعرض الدولي لألعاب الأطفال 2016

قدمت في معرض الألعاب في نورمبيرغ مجموعة من الدمى الناطقة وهي مجسمة على هيئة شخصيات فيلم «حرب النجوم». (إ.ب.أ)
قدمت في معرض الألعاب في نورمبيرغ مجموعة من الدمى الناطقة وهي مجسمة على هيئة شخصيات فيلم «حرب النجوم». (إ.ب.أ)

يرفع المعرض الدولي لألعاب الأطفال 2016 في نورمبيرغ الألمانية شعار «التعايش السلمي» في غرف الأطفال، تعبيرًا عن تمازج الألعاب الإلكترونية مع الألعاب التقليدية، والمواجهة بين نصف الغرفة المليء بألعاب الحروب في مواجهة الألعاب البريئة الأخرى في نصف الغرفة الآخر. لكن هذا الشعار لم يجنب قطاع إنتاج ألعاب الأطفال النقد بسبب كثرة ألعاب الحروب والأسلحة هذا العام.
احتلت الألعاب المعروضة، التي فاق عددها المليون بحسب إحصائية المعرض، 12 قاعة ضخمة شارك فيها 2850 عارضًا من 67 دولة. وأصبح المعرض، الذي يستمر حتى الأول من فبراير (شباط)، أكثر من 75 ألف لعبة جديدة طغت فيها الألعاب الإلكترونية الحديثة، إلى جانب الألعاب الكلاسيكية التي تعاود النهوض من الرماد مجددًا بفضل تقنيات جديدة.
ومن جديد، كان المعرض، رغم الانتقادات، ممنوعًا أمام الأطفال ومخصصًا لأصحاب المهنة والصحافيين. إلا أن حضور الأطفال كان كبيرًا في قاعات العرض بحكم استخدامهم الواسع في استعراض الألعاب واجتذاب جمهور «المتخصصين» إليها.
وكانت نماذج السيارات المصغرة من مختلف الشركات من النزعات المهمة في هذا المعرض، إلا أن النزعة الأولى كانت الاستخدام الواسع للطائرات الصغيرة من غير طيار (الدرون). وكانت هذه الطائرات الصغيرة، التي انخفض سعر بعضها إلى مجرد مائة يورو، تتخاطف في أجواء المعرض فوق رؤوس الزوار. وجاء في إحصائية المعرض أن الشركات الأميركية فقط باعت في العام الماضي نحو 1.6 مليون طائرة «درون» من مختلف الأنواع والألوان والقدرات.
وامتدت نزعة المحركات الهجينة من السيارات الحقيقية إلى الدرون فعرضت شركة هيليماكس طيارة بمحرك «كهربائي - بنزين» قادرة على الطيران لمدة ساعتين، ومزودة بكافة وسائل التجسس، ويرتفع سعرها إلى 3 آلاف يورو. هذا إضافة إلى طائرة «درون - جيب» من الشركة نفسها لا يزيد حجمها عن حجم علبة سجائر، لكنها مزودة بكاميرا عالية الكفاءة، ويمكن طيها وحفظها في الجيب عند الحاجة. وقدمت بيكو درون طائرة صغيرة لا تزيد أبعادها عن 22 في 22 ملم، أي بحجم نحلة.
وضمن الألعاب الإلكترونية، تعلم كلب شركة «واووي» الصينية في هذا العام كيف ينفذ أوامر سيده، فيجلس وينام ويتمغط. هذا، فضلاً عن أنه أصبح أذكى وأجمل، ثم إن حركته صارت شبه طبيعية وأنيقة. وذكر سيدني وايزمان، من شركة «واووي»، أن الكلب الروبوتي قادر على تأدية حركات اليوغا مع صديقه الصغير في غرفة الأطفال.
المفاجأة في عالم هواة السيارات هو عرض شركة لوغو لسيارة مصغرة بنسبة 1:10 من سيارة بورش جي تي 3 رس. وستباع السيارة بالشكل المتكامل في النصف الأول من هذا العام، وسيكون مشابهًا (في الداخل) 100 في المائة للسيارة الحقيقية. ولم تكشف لوغو عن سعر السيارة المتوقع ولا عن عدد قطع اللوغو التي استخدمت في البناء. إلا أن النموذج المعروض في المعرض كان خاليًا من الدواخل، وقالت مصادر الشركة إن مدير شركة بورش سيتولى بيع النموذج الأول منها بنفسه.
وطبيعي، فقد سادت في المعرض نماذج السيارات المصغرة، وهي نماذج شبه حقيقية يعمل معظمها بالتحكم عن بعد، من مرسيدس وأودي وفيراري.. إلخ. ويمكن لسيارة أودي، المحملة بجهاز «م بـ3»، أن تسير بسرعة 6 كم في الساعة والطفل فيها. هذا ناهيكم بـ«ساحات سباقات سيارات» مصغرة تتنافس فيها بورش مع فيراري وغيرها، ولا تتسع لها إلا الغرف الكبيرة.
تركت الأفلام الحديثة، خصوصًا «حرب النجوم»، أثرها الواضح في معرض الألعاب هذا العام، ويمكن للزائر التمتع بمشاهدة أبطال الفيلم، بشريين وإلكترونيين، في مختلف قاعات المعرض. هذا إلى جانب ديناصورات بأحجام كبيرة، وسوبرمان وباتمان وسبايدرمان.. إلخ.
فتحت الألعاب الكلاسيكية سوقًا جديدة لها من خلال المواد الجديدة التي استخدمت في صناعة الألعاب، ومن خلال التعددية الوظيفية للألعاب. فقطع لوغو ما عادت تقتصر على صناعة شكل واحد، مثل الديناصور، لأنه من الممكن تحويرها وتركيبها بشكل آخر كي تصبح سيارة أو بيتًا. وبعد أن كان الطفل يصنع من لعبة «قطع اللؤلؤ» الألمانية، التي ظهرت في سبعينات القرن العشرين، أشكال الزهور والحيوانات المفلطحة منها، صار من الممكن عمل مركبة فضائية منها الآن بعد أن تحولت إلى مكعبات.
دليل على ذلك هو عودة الطين الاصطناعي من شركة فويشتمان الألمانية إلى السوق بقوة من خلال معرض الألعاب 2016. وقدمت الشركة طينًا اصطناعيًا عالي المرونة، لا يجف بسرعة، ثم أنه غير ضار بالبيئة. وطين فويشتمان مناسب جدًا للأطفال الذين يعانون من الحساسيات أو الربو، لأنه يحتوي على مواد تساعد الطفل على التنفس بشكل أفضل.
شركة «جريس» نقلت صندوق الرمل الذي يلعب به الأطفال من الحديقة إلى غرفة الطفل بفضل «الرمل السحري». وهو رمل شديد النعومة، لا يلتصق بثياب الطفل كي يلوث أرضية الغرفة، ولكنه لا يقل مرونة عن الرمل العادي. وتقول مصادر الشركة إن ضغط بسيط من يد الطفل يكفي لتحويل هذا الرمل إلى مادة تشبه الطين الاصطناعي يمكن للطفل أن يصنع أشكالاً منه.
في محاولة لمزاحمة لوغو على سوقها الكبير، شارك عارض بولندي بالكثير من ألعاب المكعبات الملونة، إلا أنه تعرض إلى نقد شديد من المعرض، ومن الصحافة الألمانية. وهذه الشركة صنعت نماذج من دبابات وطائرات من المكعبات سبق للجيش النازي أن استخدمها في الحرب العالمية الثانية، بل كانت أزياء الجنود أيضًا تشبه بدلات جيش الرايخ سيء الصيت.
الملاحظ على معرض ألعاب الأطفال 2016 هو عدم تناسب العروض للأولاد مع عروض البنات، وكانت الألعاب المخصصة للصبيان ضعف عدد المخصص منها للبنات. واضطرت إحدى الشركات إلى سحب قميص للبنات من معروضاتها يستخف بقدرات البناء بالرياضيات. وطبيعي شمل النقد الألعاب الإلكترونية التي لا تشجع الطفل على ممارسة الرياضة؛ وذلك بالعلاقة مع ظاهرة البدانة بين الأطفال. إلى ذلك لا يزال قطاع إنتاج ألعاب الأطفال في العالم يحقق الأرباح. وجاء في تقرير القطاع الألماني أنه حقق أرباحًا بنسبة 4.8 في المائة في العام السابق، وهو ما حقق للشركات أرباحًا قدرها 607 مليون يورو.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».