تحالف إسرائيلي ـ يوناني ـ قبرصي في مواجهة «الإرهاب واللاجئين» وحماية الغاز

الدول الثلاث قالت إن الشراكة بينها ليست حصرية .. حتى لا يفهم بأنه حلف معادٍ لتركيا

فلسطينيون يصطفون في طوابير للحصول على إسطوانات غاز أمس (رويترز)
فلسطينيون يصطفون في طوابير للحصول على إسطوانات غاز أمس (رويترز)
TT

تحالف إسرائيلي ـ يوناني ـ قبرصي في مواجهة «الإرهاب واللاجئين» وحماية الغاز

فلسطينيون يصطفون في طوابير للحصول على إسطوانات غاز أمس (رويترز)
فلسطينيون يصطفون في طوابير للحصول على إسطوانات غاز أمس (رويترز)

تحت شعار «مكافحة الإرهاب في المنطقة ومعالجة نزوح اللاجئين الذي تستغله قوى الإرهاب لتسلل إرهابيين»، اتفقت إسرائيل واليونان وقبرص على تعزيز التعاون فيما بينها بهدف إقامة شراكة ثلاثية في مجالات عسكرية مختلفة، و«العمل معا على دفع السلام والاستقرار والأمن والازدهار في منطقة البحر الأبيض المتوسط وما بعدها». وحتى لا يفهم الأمر كحلف معاد لتركيا، أكدت البلدان الثلاث أن «الشراكة بينها ليست حصرية في طبيعتها بل هي على أتم الاستعداد لاستقبال بترحاب أي جهة لها أهداف مماثلة تنضم إليها في جهودها الهادفة إلى دفع التنسيق والتعاون والسلام والاستقرار في المنطقة».
جاء ذلك خلال لقاء القمة الثلاثي، الذي عقد في نيقوسيا، أمس، وجمع كلا رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ونظيره اليوناني، الكسيس تسيبراس، والرئيس القبرصي، نيكوس أناستاسيادس. واتفق على أن تعقد قمة ثلاثية شبيهة في إسرائيل في المنتصف الثاني للعام الحالي. وأعلن نتنياهو عن تشكيل لجنة مشتركة تناط بها عملية تخطيط مد أنبوب لتصدير الغاز الطبيعي من إسرائيل عبر قبرص واليونان إلى القارة الأوروبية. وأكد أن هذه الخطة الطموحة تنضم إلى الخطط الأخرى المتعلقة بالاستفادة من موارد الطاقة. كما أعلن نتنياهو عن دفع مشروع لمد كابل تحت الأرض يربط شبكات الكهرباء في إسرائيل وقبرص وفي المستقبل في اليونان، بهدف إقامة شبكة كهربائية واحدة مشتركة.
وكان نتنياهو وتشيفارس، قد سافرا إلى قبرص بعد لقاء بين الحكومتين في إسرائيل، شارك فيه ستة وزراء من كل جانب. فأكدا على أن «العلاقات بين إسرائيل واليونان ستبقى قائمة في حد ذاتها، وإذا تحققت المصالحة بين إسرائيل وتركيا فإن ذلك لن يكون على حساب العلاقات الإسرائيلية – اليونانية». وقد وصل رئيس الحكومة اليونانية إلى إسرائيل مع ستة من وزرائه، لعقد جلسة رمزية مشتركة للحكومتين، تم خلالها التوقيع على سلسلة من اتفاقيات التعاون في مجالات السياحة والعلوم والمواصلات والأمن الداخلي. وقال نتنياهو خلال مؤتمر صحافي مع نظيره اليوناني أمس، بأنه يأمل بأن تؤثر العلاقات الراسخة بين إسرائيل والدول الأوروبية على العلاقات بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي. وحسب رأيه «هناك فجوة بين علاقاتنا الجيدة مع دول أوروبا مقارنة بعلاقاتنا مع الاتحاد الأوروبي. نحن نعمل على تغيير ذلك». وبشأن المصالحة مع تركيا، ذكر رئيس الحكومة أن إسرائيل لم تكن الجهة التي قادت إلى تبريد العلاقات، وقال: إنه إذا طرأ تحول في السياسة التركية، فسنرحب بذلك.
وفي نفس الوقت، أنهى وزير الدفاع الإسرائيلي، موشيه يعلون، زيارة عمل قام بها إلى اليونان، استغلها لمهاجمة تركيا. فقال: إن «تركيا تساعد داعش بدل محاربة الإرهاب، وداعش يستمتع بالمال التركي». وهاجم يعلون خلال مؤتمر صحافي مع نظيره اليوناني فانوس كمانوس، السياسة التركية إزاء «داعش» لكنه أعرب عن أمله بأن تتحسن العلاقات بين بلديهما. وحسب يعلون فإن التعاون بين تركيا والإرهاب في الشرق الأوسط، ينعكس في ثلاثة طرق: إنها تشتري النفط من «داعش» «منذ زمن بعيد»، وتسمح لنشطاء التطرف بالعبور في أراضيها من أوروبا إلى سوريا والعراق وبالعكس، وتحتضن في إسطنبول مقر حماس الإرهابي خارج القطاع. وادعى يعلون أن تركيا هي التي اختارت دهورة العلاقات مع إسرائيل وأن القمة انعكست في استفزاز أسطول مرمرة.
وفي السياق، انتقدت مصادر سياسية في تل أبيب السياسة التركية وقالت: إن «الأتراك يتحدثون عن احتمال إعادة سفيرهم إلى تل أبيب، وعن تطبيع العلاقات، لكنهم فوتوا القطار. فعندما رغبت إسرائيل في ذلك، ركلهم إردوغان. والآن عندما يُسمع إردوغان أصوات الراغب في ذلك لا تسارع إسرائيل إلى الانحناء عند أقدام السلطان من إسطنبول. بصمت وهدوء، ومن دون طقوس ومن دون بيانات دراماتيكية، يحاك من تحت الأنف، تحالف اقتصادي – أمني على أساس مصالح استراتيجية راسخة بين اليونان وقبرص وإسرائيل ومصر، وبشكل غير مباشر، مع الأردن أيضا. تحالف دول الحوض الشرقي للبحر المتوسط. وأما تركيا، فقد بقيت في الخارج». وأضاف: «صحيح أن اليونانيين لا يملكون المال لشراء السلاح، لكنهم يملكون الكثير من الرغبة في التعاون وتقاسم المعلومات وتنفيذ مناورات مشتركة. بالنسبة لإسرائيل، يجري الحديث عن علاقة بالغة الأهمية مع دولة عضو في الناتو – خاصة في ضوء حقيقة عدم قيام تركيا ببذل جهد حقيقي لتوثيق التعاون بين إسرائيل والناتو».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.