اعتقال شاب أميركي بتهمة التآمر لتنفيذ مجزرة هدفها «إرهاب العالم»

خطّط لقتل 30 شخصًا في محفل ماسوني

اعتقال شاب أميركي بتهمة التآمر لتنفيذ مجزرة هدفها «إرهاب العالم»
TT

اعتقال شاب أميركي بتهمة التآمر لتنفيذ مجزرة هدفها «إرهاب العالم»

اعتقال شاب أميركي بتهمة التآمر لتنفيذ مجزرة هدفها «إرهاب العالم»

خطّط سامي محمد حمزة (23 عاما) للوصول إلى «الشهرة العالمية» من خلال قتل أكثر من عشرين شخصًا في أحد المحافل الماسونية في ميلووكي، وفقا لتصريحات وزارة العدل الأميركية.
وأكد حمزة، مخاطبًا اثنين من مخبري مكتب التحقيقات الفيدرالية باللغة العربية: «أؤكد لكما، إذا نجحت هذه العملية، فسوف يعرف بها العالم أجمع. سوف يتحدث العالم كله، وكل (المجاهدين) عنها وسوف يتفاخرون بها كثيرا.. إننا نسير في مقدمة هذه الحرب المقدسة». وأضاف حمزة أنه «كلما ارتفع عدد الضحايا كان ذلك أفضل. ولكن 30 ضحية يبدو رقما مناسبا». واستطرد: «30 رقم ممتاز. إذا ما خرجت من المحفل حيا بعد مقتل 30 شخصا، سوف أكون سعيدا بكل تأكيد.. بل في منتهى السعادة، لأن نبأ مقتل 30 شخصا سوف يروع العالم».
إلا أن خطط حمزة المزعومة فشلت تماما، إذ ألقي القبض عليه أول من أمس ووجهت إليه الاتهامات بحيازة الأسلحة الرشاشة وكاتم للصوت، وفقا لمصادر وزارة العدل الأميركية. وصرح غريغوري هانستاد، القائم بأعمال النائب العام الأميركي، في بيان له بأن «سامي محمد حمزة وضع خطة تفصيلية لارتكاب حادثة قتل جماعية بقصد قتل العشرات من الناس. كما قال المتهم إنه أراد للعالم أجمع أن يعلم بأمر هذه الحادثة، وأن تتسبب في إثارة المزيد من الاشتباكات. ومن الصعب حساب الإصابات والخسائر في الأرواح التي حال المواطنون المعنيون دون وقوعها والجهود الدؤوبة المستمرة من جانب مكتب التحقيقات الفيدرالية ووحدات مكافحة الإرهاب».
من جانبهم، قال ممثلو الادعاء إن حمزة ألقي القبض عليه بعد شرائه الأسلحة الرشاشة من اثنين من العملاء السريين لمكتب التحقيقات الفيدرالية، وإن خطته المزعومة كانت تفصيلية فعلا. وعلى الرغم من أنه قصد بالأساس استهداف الجنود والمدنيين الإسرائيليين في الضفة الغربية، إلا أنه استقر على مهاجمة المحافل الماسونية، ولقد ناقش طويلا الحاجة إلى الحصول على أسلحة ذات قدرات فتاكة.
أما مصادر مكتب التحقيقات الفيدرالية فأكدت أن حمزة، الذي وضع تحت مراقبة المكتب منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قال لهم: «نحن في حاجة إلى سلاحين رشاشين. لديكم واحد الآن، ولذلك فنحن نحتاج إلى اثنين آخرين، ونحتاج كذلك إلى ثلاثة كواتم للصوت، وهذا كل شيء. أخبروني كم سيكلف شراء تلك الأسلحة والكواتم، لنتحرك للعمل فورا». ويبدو أن حمزة خطط للأمر برمته بمفرده من دون معاونة من أحد. وقال للمخبرين: «أحدنا سوف يقف عند مدخل المحفل ويغلق الباب تماما، وسوف يتخذ موقعه عند أسفل باب الدخول الرئيسي، وسوف يستقل اثنان آخران المصعد، ثم يدخلون الغرفة، ويطلقون النار على كل من بالداخل. كما سوف يطلق الفرد المنتظر أسفل الباب النار على أي شخص يعترض طريقه. سوف يطلق النار عليهم ويقتلهم ثم يفر هاربا».
ولم يكتفِ حمزة بوضع خطّة الهجوم، بل فصّل خطّة الهروب كذلك، وفقا لشهادات المخبرين. وأضاف: «سوف نمشي مسافة طويلة، وبعد فترة من المشي، سوف نتخذ غطاء كما لو كان الطقس باردا، ثم نقوم بالتخلص من الأغطية في إحدى الزوايا ونستمر في المشي، كما لو أن شيئا لم يحدث، كما لو أن كل شيء طبيعي». وتابع: «يجب على أحدنا أن يقف عند الباب، لتفادي دخول الناس وخروجهم من المحفل.. وإذا دخل الناس من الخارج وعرفوا ما يحدث داخل المحفل سوف يفشل الأمر برمته».
وعلى الرغم من استهداف أحد المحافل الماسونية في إسطنبول عام 2004، فإن اختيار حمزة لهذا الهدف في الولايات المتّحدة يبدو جديدا، حيث كان أتباع الماسونية في أميركا قبل تأسيس الولايات المتحدة، كما يوجد ما يقارب 1.5 مليون ماسوني في البلاد على الأقل وفقا لإحصائيات عام 2009. وكان جورج واشنطن، أول رئيس للولايات المتحدة الأميركية، ماسونيا، وكذلك الرئيسان روزفلت وجون واين. كما تظهر الرموز الماسونية على «الدولار» العملة المحلية للبلاد، وتتأثر تصميمات الشوارع والأبنية بالمخططات الماسونية في العاصمة واشنطن. ولقد ارتبطت الكثير من المؤامرات بالأهداف السرية المزعومة لتلك الجماعة الخفية، وسعد أحزاب سياسية إلى الحد من تأثير تلك الجماعة على السياسة.
وكتب كريستوفر هوداب في كتابه «الماسونية للمبتدئين»: «كانت الماسونية أول وأكبر وأشهر التنظيمات المعروفة في العالم. وحتى نحو عام 1960، إذا لم تكن ماسونيا، فأنت على الأقل تعرف من هو الماسوني. ومع اندثار عهد الجمعيات السرية، لم تستطع الماسونية إخفاء وجودها».
وفي ما قاله حمزة عن الماسونيين، زعمت المصادر الفيدرالية أنه اعتنق الرأي القائل إن «أتباع الماسونية، وعلى الرغم من شهرتهم الحالية في مجالات العمل الخيري المختلفة، يستحقون الموت». وصرحت وزارة العدل الأميركية بأنه قام بجولة في المحفل الماسوني في ميلووكي برفقة مخبرين اثنين. وقال حمزة «إنهم جميعا ماسون، إنهم يلعبون بالعالم وكأنه دمية بأيديهم، ونحن مثل القطيع، لا ندري ما الذي يحدث من حولنا. تلك هي الجهة التي تحاربنا، تلك هي الجماعة التي تستحق القتل، وليس الشيعة، وهي الجهة التي تحول حياتنا إلى جحيم لا يطاق».
في المقابل، يقول فرانك سترابل، الملقب بالسيد الأعظم للماسون الأحرار والمعتمدين في ويسكونسن، إن «الماسون هم جزء من المنظمة التي ساعدت في بناء هذه الدولة. أستطيع أن أفهم من هذا المنطلق السبب وراء رغبة شخص ما في استهدافنا فقط لأنه يكره هذه الدولة للغاية».
وكان حمزة مدربا للألعاب الرياضية وفُصل من وظيفته لأنه كان حادا جدا مع الناس، وفقا لوكالة أسوشييتدبرس الإخبارية.
* خدمة صحيفة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.