«الهيئة العليا للتفاوض» تؤجل قرار المشاركة في «جنيف 3» لليوم

المعارضة السورية تطالب بتوضيحات من الأمم المتحدة وحسم للمسائل الإنسانية

عنصر من قوات النظام السوري يحمل أغراضا استولى عليها من البيوت المدمرة والمهجورة في بلدة ربيعة التي احتلتها هذه القوات والميليشيات في شرق محافظة اللاذقية (رويترز)
عنصر من قوات النظام السوري يحمل أغراضا استولى عليها من البيوت المدمرة والمهجورة في بلدة ربيعة التي احتلتها هذه القوات والميليشيات في شرق محافظة اللاذقية (رويترز)
TT

«الهيئة العليا للتفاوض» تؤجل قرار المشاركة في «جنيف 3» لليوم

عنصر من قوات النظام السوري يحمل أغراضا استولى عليها من البيوت المدمرة والمهجورة في بلدة ربيعة التي احتلتها هذه القوات والميليشيات في شرق محافظة اللاذقية (رويترز)
عنصر من قوات النظام السوري يحمل أغراضا استولى عليها من البيوت المدمرة والمهجورة في بلدة ربيعة التي احتلتها هذه القوات والميليشيات في شرق محافظة اللاذقية (رويترز)

أجل أعضاء «الهيئة العليا للتفاوض» المولجة ببحث مشاركة المعارضة السورية في محادثات «جنيف 3» حول سوريا، والمجتمعة في العاصمة السعودية الرياض، موعد البت في قرارها إلى اليوم. وكان الدكتور نصر الحريري، عضو الهيئة السياسية لـ«الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية»، قد نفى في حديث لـ«الشرق الأوسط»، ظهر أمس، اتخاذ «الهيئة» أي قرار، قائلاً إن «كل الخيارات مفتوحة» أمام الهيئة سواء بالمشاركة أو إرجاء الذهاب إلى جنيف إلى موعد آخر، مؤكدًا على أن «تأريخ المفاوضات ليس مقدسًا بقدر دماء المدنيين التي تزهق يوميًا». ومن ناحية ثانية، طلب لؤي حسين، رئيس «تيار بناء الدولة» في سوريا، العودة إلى «الهيئة» بعدما كان قد انسحب منها.
الحريري، أبلغ «الشرق الأوسط»، ظهر أمس، أن «الهيئة العليا للتفاوض لا تزال مجتمعة، ولم تتخذ قرارًا بالذهاب إلى المحادثات.. والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، والمبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، لم يردا بعدُ على رسالة المعارضة، التي تتضمن التحفظات القديمة ذاتها، منها الاعتراض على إضافة القائمة الروسية إلى وفد المعارضة». ولفت إلى أن «المعارضة لم تضع شروطًا وإنما طالبت بتطبيق بنود قرار مجلس الأمن الدولي (2254) الذي دعا إلى عقد مفاوضات وليس محادثات، ووقف عمليات القتل والحصار». وأضاف عضو الائتلاف المعارض أن «المجتمع الدولي لم ولن يطبق تلك البنود، التي مر أكثر من شهر على إعلانها، وكذلك النظام وروسيا اللذان يستمران في قتل المدنيين عبر كل الوسائل».
من جانبه نفى سالم المسلط، عضو الهيئة العليا للمفاوضات، بشكل قاطع ما يشاع بما سماه تغيير الحقائق وتزييفها حول عدم مشاركة الكُرد في الهيئة العليا للمفاوضات والوفد المفاوض وهيئاته الاستشارية، مؤكدا أن الهيئة العليا تمثل كل مكونات المجتمع السوري وأطيافه، وأن مشاركة مكونات المجتمع السوري المختلفة ضمن الهيئة هو ضمان أساسي لقوة الهيئة وصلابة مشروعها الوطني.
وشدد المسلط على أن مشاركة الكُرد في الهيئة هي حق أصيل وأن الوجود الكُردي الفاعل في الهيئة يضاعف قوتها ويزيد من شرعية تمثيلها، فإنها تنوّه بأن الكُرد ممثلون تمثيلاً حقيقيًا في الهيئة العليا للمفاوضات ووفدها المفاوض والهيئات الاستشارية التابعة لها.
وأوضح المسلط أن الهيئة العامة لمؤتمر الرياض تضم عددا من الإخوة الكُرد وتضم الهيئة العليا للمفاوضات في عضويتها الدكتور عبد الحكيم بشار، والوفد المفاوض الأولي يضم ممثلين اثنين عن الكرد، وكذلك الوفد الاستشاري يضم شخصية كردية.
وقال المسلط: «إن الهيئة حريصة منذ بداية تشكيلها على ضمان ضم كل أطياف المعارضة السورية ومكونات الشعب السوري دون الشروع في محاصصة طائفية أو حزبية، من أجل المشاركة في عملية تفاوضية بناءة تحفظ وحدة الشعب السوري وحقوق مكوناته، وتضمن قيام دولة مدنية تعددية على عكس الدولة الديكتاتورية التي صنعها نظام الأسد الأب والابن».
ووفق المسلط، تلفت الهيئة الانتباه إلى أن المجلس الوطني الكردي جمع حتى الآن ما يزيد على 600 ألف توقيع من الكرد في سوريا على وثيقة تقر بأن المجلس يمثلها، وذلك من أجل تقديمها للأمم المتحدة.
ولفت إلى أن الهيئة تؤكد دعوتها الجادة لحزب الاتحاد الديمقراطي بوقف ممارساته تجاه المدنيين والثوار والانخراط بمشروع الثورة السورية وإعلان موقف واضح تجاه نظام الأسد.
بدوره قال منذر ماخوس عضو الهيئة العليا للمفاوضات لـ«الشرق الأوسط»: «إن النقاش حول الرسالة التي وجهتها الهيئة إلى المبعوث الأممي دي ميستورا صباح أمس، بجانب النقاش حول الرسالة التي وجهتها الهيئة أول من أمس إلى بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة، كانت هي محور الاجتماع وشغلت الوقت الأكبر، باعتبار أن الأولوية للملف الإنساني الذي أكد عليه القرار 2254».
وأضاف: «ناقشنا في الصباح الرسالة التي وجهناها إلى دي ميستورا، تلك التي أرسلناها أمس، وأرسلنا رسالة إلى بانكي مون للتأكيد على أهمية الملف الإنساني، لأن هناك قرارات دولية تذهب إلى أنه لا يمثل شرطا مسبقا، إذ إن القرار 2254، وعلى وجه التحديد المادة 12 و13، ينص على أنه على الأطراف التنفيذ الفوري لكل ما يتعلق بالحصار والسماح بمرور المساعدات الإنسانية».
واضاف إن المعارضة لن تشارك إلا إذا تمت معالجة بعض المسائل الإنسانية في سوريا. وأشار المسلط إلى أن المعارضة ترحب بدعوتها للمفاوضات لكنها تسعى إلى توضيحات من الأمم المتحدة. وكانت جماعات المعارضة قد أشارت إلى أنها لن تشارك إلا بعد أن يوقف النظام السوري وحلفاؤه الروس الضربات الجوية ويُرفع الحصار المفروض على عدد من البلدات. ومن جانبه، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أول من أمس (الثلاثاء)، في مدينة ستراسبورغ الفرنسية، أثناء حديث تلفزيوني، إن تركيا ستقاطع محادثات السلام السورية إذا ما تضمّنت حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي الذي يصنف على أنه جماعة إرهابية. وقال جاويش أوغلو إن «روسيا حاولت تقويض مباحثات السلام بدعوة أطراف أخرى لتمثيل المعارضة على طاولة مفاوضات في العاصمة السعودية الرياض، «بينما هي في الحقيقة دمى في يد النظام السوري، ومرفوضة من قبل المعارضة السورية». وللعلم، كانت روسيا قد طالبت بأن تتضمن المباحثات الجماعات الكردية السورية، قائلة إن منع جماعات معينة من حضور المباحثات خرق واضح للقانون الدولي، حسب كلام وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أول من أمس (الثلاثاء) في موسكو. وأشار لافروف إلى أنه من المستحيل التوصل إلى اتفاق سلام باستبعاد الأكراد السوريين من المباحثات.
وتهدف المباحثات المزمع عقدها على مدار ستة أشهر إلى إيقاف إطلاق النار أولاً، ثم التوصل إلى تسوية سياسية لإنهاء الحرب التي حصدت أرواح أكثر من 250 ألف شخص وشردّت أكثر من 10 ملايين سوري. في هذه الأثناء، أعلن لؤي حسين، أمس، طلب عودته إلى صفوف «الهيئة العليا للتفاوض» بعد انسحابه منها قبل شهر. وجاء في بيان لحسين - وهو من أبناء الطائفة العلوية، ويقيم مع عائلته في إسبانيا - قوله: «كنت قد أعلنت انسحابي (عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك) من الهيئة العليا للمفاوضات، في محاولة للضغط على الهيئة لتصويب بعض الخلافات بيننا، لكن الهيئة اليوم بموقع تحتاج فيه كل مؤازرة ودعم».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.