مفكرات إلكترونية.. للعام الجديد

تسجل الأحداث والصور وترسل التنبيهات

مفكرات إلكترونية.. للعام الجديد
TT

مفكرات إلكترونية.. للعام الجديد

مفكرات إلكترونية.. للعام الجديد

يحاول العديد من الناس الاحتفاظ بالمفكرات عند بداية العام الجديد، ولكنها قد تكون من العادات الصعبة التي يمكن الالتزام بها. ولجعل الأمر أسهل قليلاً، يمكنك الاحتفاظ بالمفكرة الرقمية في أي مكان تذهب إليه. وبعض من الإعدادات الجديدة تشجع الناس على الاحتفاظ بهذه المفكرات من دون الحاجة إلى الكتابة يومًا بعد يوم.
* مفكرات إلكترونية
ومن تطبيقات كتابة المفكرات المثيرة للاهتمام تطبيق «مومنتو» (Momento)، والاشتراك به يبلغ دولارًا للأجهزة العاملة بنظام (iOS) فقط. وهو يتصل بخدمات التواصل الاجتماعي مثل «فيسبوك»، و«إنستاغرام»، و«تويتر»، إلى جانب تطبيقات أخرى مثل «أوبر»، لتسجيل الأنشطة اليومية وسحب الصور أوتوماتيكيًا. مما يسهل تسجيل المفكرة اليومية من دون جهد يُذكر تقريبًا. كما يسمح التطبيق للناس إدخال محتويات مفكراتهم الخاصة، التي يسميها «اللحظات»، ويجعل من السهل إضافة الصور عليها.
يمكنك وضع علامات على الصور بأسماء الناس أو بالموقع، ثم استعراض المفكرة مرة أخرى لمراجعة كل المدونات ذات الصلة بذلك الشخص أو ذلك المكان. كما يمكنك أيضًا البحث في المدونات للعثور على كلمة معينة.
يسهل استخدام تطبيق ««Momento وهو يقدم الكثير من الإرشادات على شاشة الاستخدام للمساعدة في إدارة الخصائص الأكثر تعقيدًا في التطبيق (مثل إضافة نسخة احتياطية للمدونات والمفكرات على آي - كلاود). ويمكن للتطبيق أن يشجعك أوتوماتيكيًا على كتابة المفكرات، كما يمكنك ضبط الكثير من رسائل التذكير، وكل منها بمنبه معين، مثل «التقط الصورة اليومية».
يمكن من خلال التطبيق مشاركة المدخلات مع الأسرة والأصدقاء من خلال ««iMessage أو عبر البريد الإلكتروني، أو حتى المشاركة عبر الإنترنت مع جمهور أكبر عن طريق «فيسبوك» أو غيره من المواقع.
* تطبيقات منبهة
تطبيق «Askt Life Journaling»، وهو تطبيق مجاني على الأجهزة العاملة بنظام «أندرويد» من خلال «أمازون»، ويبلغ سعره 3 دولارات على الأجهزة العاملة بنظام «ios»، إلا أن التطبيق لديه خاصية غير عادية للاحتفاظ بالمفكرات. في كل صفحة يومية من صفحات أرشيف «اسكت» يوجد عنوان يهدف إلى تحفيز أفكارك. ومن بين الأسئلة التي يطرحها التطبيق «ما الذي تعلمته من أخطائك؟»، و«هل هذا الموسم هادئ أم مرهق؟».
تعتبر كتابة المفكرة على تطبيق «اسكت» مهمة مباشرة: فهناك صفحة فارغة على التطبيق حيث يمكنك كتابة ما تريد، وترفق بها الصور. ولمراجعة ما كتبته آنفًا، يمكنك تصفح مختلف الصفحات السابقة (التي تعمل بأسلوب الرسوم المتحركة لتشبه الصفحات الحقيقية في المفكرة الورقية) أو النقر على التاريخ لاختيار تاريخ من الماضي. وليست هناك خاصية للبحث.
تستخدم أصوات الأجراس والصفارات في هذا التطبيق فقط لأجل التنبيهات اليومية، ويمكن اختيار مختلف الألوان ونقل المدخلات إلى ملف بصيغة (PDF) تعجبني هذه البساطة في التطبيق، وهي ما تجعلني أركز على مهمة كتابة المفكرة اليومية. وعلى الرغم من أن «أمازون» يوفر التطبيق مجانًا لأجهزة أندرويد، ويدعم الإعلانات هذه النسخة، فإن بعضًا من المميزات، مثل تضمين الصور، غير مفعلة. ويتطلب تمكين المميزات الكاملة شراء النسخة الكاملة من التطبيق.
لعل أكثر التطبيقات شهرة في مجال كتابة المفكرات لأجهزة (iOS) هو تطبيق «داي وان» (Day One) ومن بين الكثير من المميزات والملحقات هناك بيانات الطقس الخاصة بموقعك عند كتابة إدخال ما على المفكرة، والقدرة على إضافة بيانات التمارين. عند الكتابة عن أحد الأيام، يمكنك اختيار نشر ما كتبته على أحد المواقع. ونشر مدخلات المفكرة بهذه الطريقة قد يكون مفيدًا، على سبيل المثال، إذا كنت تحدث المعلومات دائمًا لأجل أسرتك أثناء السفر للخارج. ويمكنك بالطبع اختيار الاحتفاظ بمدخلات المفكرة قيد الخصوصية وعدم نشرها - كما يمكن الاحتفاظ بسريتها بواسطة كلمة للسر إذا فضلت ذلك.
تطبيق «داي وان» به واجهة صغيرة ولطيفة وسهلة الاستخدام نسبيًا. ومع ذلك، وجدت أن المميزات الكثيرة في التطبيق تسبب الكثير من التشتيت كلما حاولت تركيز أفكاري حول اليوم ومحاولة كتابة مدونة بشأنه. يوجد بتطبيق «داي وان» كذلك تطبيق ساعة «أبل» الذكية، مما يسمح لك بإملاء أو تدوين المفكرة بصوتك العالي أو مراجعة الدخول على أحد المواقع. ويكلف تطبيق «داي وان» دولارًا واحدًا فقط.
يشبه تطبيق«Journey» (رحلة)، على نظام «أندرويد»، تطبيق «داي وان». حيث توجد به واجهة أنيقة، إلى جانب رسائل التذكير العادية والإغلاق باستخدام كلمة السر. وفي هذا التطبيق أيضًا، يمكنك مشاركة المدخلات بصورة خاصة أو على الإنترنت. وهناك ميزتان بارزتان: يمكنك وضع علامة على موقعك الحالي على مدخلات المفكرة على الخريطة، ويمكنك أيضًا الاختيار من بين مختلف الخطوط للكتابة، وهي لمسة جميلة في التطبيق.
ولكن هناك بعض السلبيات في التطبيق، مثل السماح بوضع صورة واحدة فقط لكل مدونة يومية. وفي حين أن التطبيق مجاني، عليك رغم ذلك شرائه بمبلغ 6 دولارات إذا ما رغبت في نقل بيانات التطبيق إلى مجال آخر.
* خدمة «نيويورك تايمز»



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)