روحاني يسعى لتوقيع اتفاقيات تجارية بالمليارات خلال زيارته إلى روما

أول زيارة رسمية له إلى أوروبا تتمحور بشكل كبير حول الاقتصاد

الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتريلا يستقبل نظيره الإيراني حسن روحاني في القصر الرئاسي بروما أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتريلا يستقبل نظيره الإيراني حسن روحاني في القصر الرئاسي بروما أمس (أ.ف.ب)
TT

روحاني يسعى لتوقيع اتفاقيات تجارية بالمليارات خلال زيارته إلى روما

الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتريلا يستقبل نظيره الإيراني حسن روحاني في القصر الرئاسي بروما أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتريلا يستقبل نظيره الإيراني حسن روحاني في القصر الرئاسي بروما أمس (أ.ف.ب)

غادر الرئيس الإيراني حسن روحاني طهران، أمس، متجها إلى إيطاليا في أول زيارة رسمية له إلى أوروبا، التي تتمحور بشكل كبير حول الاقتصاد مع رغبة شركات عدة في الاستفادة من رفع العقوبات للعودة أو افتتاح مقار لها في إيران.
ونقل التلفزيون الإيراني عن روحاني قوله في المطار إن هذه الرحلة «في غاية الأهمية، خصوصا أنها تأتي بعد تنفيذ الاتفاق النووي، وكذلك بعد إلغاء الحظر عن إيران مما يضاعف من أهميتها»، مشددا على «ضرورة استثمار أجواء ما بعد الاتفاق النووي للتنمية في البلاد وتوفير فرص العمل»، على ما أشارت وكالة الرسمية «إيرنا». وأضاف: «نحن نريد الاستفادة إلى أقصى الحدود من أجل تنمية البلاد وتوظيف الشباب، من خلال تعزيز التعاون الاقتصادي وتسهيل الاستثمارات للشركات الإيطالية والفرنسية في إيران».
وفي السباق نحو إبرام العقود، كانت شركة «إيرباص» السباقة، إذ أعلن وزير النقل الإيراني السبت الماضي شراء الجمهورية الإسلامية 114 طائرة، في صفقة سيوقعها روحاني غدا الأربعاء في باريس. وأوضح روحاني في المطار أنه «في مجال النقل، سيتم توقيع وثائق في فرنسا، نحن في حاجة إلى تحديث أسطولنا الجوي والتزود بعربات» للنقل عبر السكك الحديدية، مشيرا أيضا إلى أنه سيبحث «وثيقتين مهمتين، هما خريطة طرق التعاون المتوسط والبعيد الأمد مع إيطاليا وفرنسا، وكذلك وثيقة المؤسسات التي تمنح ضمانة للصادرات».
وهذا أول إعلان عن صفقة تجارية مهمة منذ رفع العقوبات الدولية عن إيران، مع دخول الاتفاق النووي التاريخي حيز التنفيذ في 16 يناير (كانون الثاني). وسبق إرجاء هذه الزيارة لروحاني إلى أوروبا، التي تشمل فرنسا، حيث كانت مقررة بداية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وتأجلت في اللحظة الأخيرة بعد اعتداءات باريس التي تبناها تنظيم «داعش». وبعد غداء جمعه بنظيره الإيطالي سيرجيو ماتاريلا، التقى روحاني مساءً رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي، ثم البابا فرنسيس. وكان الفاتيكان رحب بلهجة إيران الأكثر اعتدالا منذ انتخاب روحاني. ويفترض أن يبحث البابا مع الرئيس الإيراني الدور الذي يمكن أن تلعبه إيران في استقرار الشرق الأوسط، وتهدئة التوتر مع الرياض، وحمله إلى الضغط على معسكر الرئيس السوري بشار الأسد. وتعود آخر زيارة لرئيس إيراني إلى الفاتيكان إلى 1999، وقام بها الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي. ومن المرتقب أن يتحدث روحاني أيضًا في منتدى اقتصادي إيطالي - إيراني ينتظره صناعيو البلاد بترقب. ويسعى الأوروبيون للبدء في مبادرات تجارية لغزو السوق الإيرانية، لتعويض ما خسروه لصالح روسيا ودول ناشئة مثل الصين وتركيا.
أما في مسألة إبرام العقود فيبدو الأوروبيون في الواقع أفضل حالا من الأميركيين، نظرا إلى إبقاء واشنطن التي لا تقيم علاقات دبلوماسية مع طهران منذ 35 عاما، على العقوبات النفطية ضد أي شركة يشتبه في تمويلها الإرهاب. وقبل أشهر عدة، أكدت وزيرة التنمية الاقتصادية الإيطالية، فيديريكا غيدي، أن بلادها «كانت الشريك الاقتصادي والتجاري الأول لإيران قبل فرض العقوبات».
وقبل بدء نفاذ العقوبات، ارتفع حجم التجارة بين إيطاليا وإيران إلى سبعة مليارات يورو. أما حاليا، فهو 1.6 مليار يورو، 1.2 مليار منها هي صادرات إيطالية. ويتعلق الجزء الأكبر من الصادرات الإيطالية إلى إيران حاليا بالميكانيك (58 في المائة)، تليه بفارق كبير المنتجات الكيميائية (8 في المائة). وكان نائب وزير التنمية الإيطالي كارلو كاليندا زار طهران في نهاية نوفمبر على رأس وفد ضم ممثلي 178 شركة، وعشرين هيئة للمقاولات، و12 مجموعة مصرفية. ومن بين الشركات الحاضرة، عملاق الطاقة «إينيل»، ومجموعة «إيني» النفطية، وشركة «بريزمان» لصناعة الكابلات. وقالت الوزارة الإيطالية لوكالة الصحافة الفرنسية إن هذه البعثة رصدت أن «قطاعات البنية التحتية والطاقة هي التي تشكل الفرص الأهم لشركاتنا»، مشيرة إلى أن «بعثة جديدة لتنظيم مشاريع (كانت مرتقبة) في بداية فبراير (شباط)، مع إيلاء اهتمام خاص لهذين القطاعين». وكما من المفترض أن تتبعها بعثات أخرى.
من جانبها، أعلنت شركة «إينيل» عن معاينة الفرص المحتملة لها في قطاع الطاقة المتجددة، خصوصا في مجالات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الحرارية الأرضية، من خلال شركتها التابعة «إينيل غرين باور». أما مجموعة البناء الإيطالية «بيسينا كوستروزيوني»، فكانت قد أعلنت بدورها في 19 يناير أنها وقعت مذكرة تفاهم مع إيران لبناء خمسة مستشفيات، ثلاثة منها في طهران بسعة ألف سرير لكل مستشفى.
وحتى الشركات الصغيرة تشارك في المنافسة، علما بأن السوق الإيرانية التي تشمل 79 مليون نسمة توفر بعد سنوات من العزلة فرصا كبيرة على مستوى تحديث البنية التحتية، واستكشاف النفط والغاز وأيضًا في مجالي السيارات والطيران.



إندونيسيا تطلق برنامج وجبات مجانية للأطفال والحوامل لمكافحة سوء التغذية

طالبتان إندونيسيتان تبتسمان عقب تلقيهما وجبة غذائية مجانية في المدرسة (أ.ف.ب)
طالبتان إندونيسيتان تبتسمان عقب تلقيهما وجبة غذائية مجانية في المدرسة (أ.ف.ب)
TT

إندونيسيا تطلق برنامج وجبات مجانية للأطفال والحوامل لمكافحة سوء التغذية

طالبتان إندونيسيتان تبتسمان عقب تلقيهما وجبة غذائية مجانية في المدرسة (أ.ف.ب)
طالبتان إندونيسيتان تبتسمان عقب تلقيهما وجبة غذائية مجانية في المدرسة (أ.ف.ب)

أطلقت الحكومة الإندونيسية الجديدة مشروعاً طموحاً، يوم الاثنين، لمكافحة سوء التغذية، من خلال توفير الطعام لما يقرب من 90 مليون طفل وامرأة حامل، ومن المتوقع أن يتكلف المشروع 28 مليار دولار حتى عام 2029، على الرغم من أن كثيراً من الناس يشككون فيما إذا كان يمكن للحكومة تحمُّل نفقات البرنامج.

يمثل برنامج الوجبات الغذائية المجانية، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، أحد وعود الحملة الانتخابية للرئيس فرابوو سوبيانتو، الذي جرى انتخابه، العام الماضي، لقيادة البلد الذي يبلغ تعداده أكثر من 282 مليون نسمة ويُعدّ أكبر اقتصاد في جنوب شرقي آسيا.

وقال إن البرنامج يهدف إلى مكافحة التقزم الذي يؤثر على 21.5 في المائة من الأطفال الإندونيسيين الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات، وسيرفع دخل المزارعين.

طالب يوزع وجبات غذائية مجانية على الطالبات في إحدى مدارس إندونيسيا (أ.ف.ب)

في خطاب تنصيبه في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قال سوبيانتو إن كثيراً من الأطفال يعانون سوء التغذية.

ويُعدّ وعده بتوفير وجبات مدرسية مجانية وحليب لـ83 مليون طالب، في أكثر من 400 ألف مدرسة، جزءاً من استراتيجية طويلة الأمد لتطوير الموارد البشرية في البلاد، لتحقيق ما يطلق عليه جيل «إندونيسيا الذهبية» بحلول عام 2045.

وقال سوبيانتو: «كثيرون من إخوتنا وأخواتنا يعيشون تحت خط الفقر، وكثيرون من أطفالنا يذهبون إلى المدرسة دون إفطار ولا يمتلكون ملابس للمدرسة».

طلاب بإحدى مدارس إندونيسيا يتجمعون للحصول على وجبة غذائية في المدرسة (أ.ف.ب)

وقد تصل تكلفة برنامج التغذية لسوبيانتو إلى أكثر من 450 تريليون روبية (28 مليار دولار)، بحلول نهاية ولايته في عام 2029. وقال إن فريقه أجرى حساباته لتمويل مثل هذا البرنامج، مؤكداً: «نقدر عليه».

وأشار دادان هينديانا، رئيس وكالة التغذية الوطنية المشكَّلة حديثاً، إلى أن الهدف الحكومي هو الوصول إلى 19.5 مليون طفل في المدارس والنساء الحوامل في عام 2025 بميزانية قدرها 71 تريليون روبية (4.3 مليار دولار).

وأضاف أن هذه الأموال ستشتري نحو 6.7 مليون طن من الأرز، و1.2 مليون طن من الدجاج، و500 ألف طن من اللحم البقري، ومليون طن من الأسماك، بالإضافة إلى الخضراوات والفواكه، و4 ملايين لتر من الحليب.

طلاب بإحدى مدارس إندونيسيا يشاركون في توزيع الوجبات الغذائية على زملائهم (أ.ف.ب)

وقال وزير التعاونيات بودي أري سيتيادي إن نحو ألفيْ جمعية تعاونية ستشارك في برنامج الوجبات المجانية، من خلال توفير البيض والخضراوات والأرز والأسماك واللحوم والحليب، وغيرها من المواد الغذائية. واليوم الاثنين، وصلت شاحنة تحمل الطعام إلى مدرسة ابتدائية في مدينة ديبوك، إحدى ضواحي جاكرتا، وقدمت لـ740 طالباً الأرز والخضراوات والتمبيه والدجاج المقلي والبرتقال.

قال هينديانا: «سنرسل فريقاً إلى كل مدرسة لتسهيل توزيع الوجبات على الطلاب، كل يوم»، مضيفاً أن البرنامج سيقدم وجبة واحدة يومياً لكل طالب من مرحلة التعليم المبكر حتى الثانوية العامة، مما يغطي ثُلث الاحتياجات اليومية من السعرات الحرارية للأطفال، مع توفير الحكومة الوجبات دون أي تكلفة على المستفيدين.

طلاب في إندونيسيا يتناولون وجبة غذائية مجانية وزعتها الحكومة أثناء ساعات الدراسة (أ.ف.ب)

لكن البرنامج تعرَّض لانتقادات من المستثمرين والمحللين بشأن حجمه، والعبء الذي يضعه على كاهل المالية العامة للدولة والاقتصاد، وعلاقته بمصالح جماعات الضغط الصناعية.

قال نايلول هودا، الباحث في مركز الدراسات الاقتصادية والقانونية، إن المالية العامة لإندونيسيا ليست قوية بما يكفي لدعم البرنامج، ما سيؤدي إلى زيادة الدَّين الداخلي.

وحذَّر من أن البرنامج قد يؤدي أيضاً إلى زيادة ميزان المدفوعات الخارجي للبلاد، التي تُعد بالفعل مستورداً رئيسياً للأرز والقمح وفول الصويا ولحم البقر ومنتجات الألبان.