«بورقيبة في أميركا».. آخر مسرحية من رباعية حول «الزعيم»

معدها يؤكد ألا علاقة لها بالتجاذبات السياسية في تونس

جانب من مسرحية «بورقيبة في أميركا»
جانب من مسرحية «بورقيبة في أميركا»
TT

«بورقيبة في أميركا».. آخر مسرحية من رباعية حول «الزعيم»

جانب من مسرحية «بورقيبة في أميركا»
جانب من مسرحية «بورقيبة في أميركا»

«بورقيبة في أميركا» هو عنوان آخر مسرحية من المسرحيات الأربع التي عمل عليها المسرحي التونسي محمد رجاء فرحات حول الزعيم الوطني التونسي الحبيب بورقيبة، وعرضها في مدينة المنستير (وسط شرق تونس) مسقط رأس بورقيبة. المسرحية الجديدة عرضت يوم الأحد الماضي، وواكبها جمهور غفير من مختلف الشرائح العمرية والفئات الاجتماعية التي يحن كثير منهم إلى زمن الزعيم، وناثر كثير منهم بالأداء المحترف والتقمص الجيد لدور الزعيم، وقال إن المسرحية تحمل درسا في عالم السياسة.
ومسرحية «بورقيبة في أميركا» من بين رباعية أعدها رجاء فرحات للمسرح ضمن رباعية حول مسيرة الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة، وبدأ فرحات السلسلة المسرحية بمسرحية «بورقيبة.. السجن الأخير»، و«بورقيبة السجن الأخير 2»، و«الزعيم بورقيبة: خطاب البلماريوم»، قبل أن يختتمها بمسرحية «بورقيبة في أميركا».
وعن هذه الرباعية المسرحية، قال رجاء فرحات، في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية التونسية، إنها رواية كاملة متتالية الحلقات، باعتبار أن حياة بورقيبة طويلة، ولا تتجزأ، وهي - حسب رأيه - ملحمة الشعب التونسي، وليست تقديسا لشخص حسب ما يخطئ البعض، بل هي تكريم لذاكرة الشعب التونسي وكفاحه.
وأضاف أنه أراد من خلال رباعيته المسرحية، تمرير رسالة مفادها بأن الشعب التونسي الصغير بعدده يستطيع أن يرتقي إلى مصاف الشعوب الكبرى بعبقريته وبكرامته، وبحبه لوطنه وذاكرته وتاريخه الحضاري الطويل.
ويدحض فرحات تهمة استغلال الإرث البورقيبي، وحب التونسيين زعيم الدولة الحديثة، لتحقيق الشهرة والانتشار والمال كذلك، ويصر على أنه يريد أن يذكر التونسيين بتاريخهم العريق، ويعمل على نفض الغبار عن جزء مهم من تاريخهم الوطني.
ويشير إلى أنه مهتم بتاريخ الزعيم بورقيبة قبل ثورة 2011، إذ إنه كتب منذ سنة 2002 سيناريو فيلم حول بورقيبة، وبعث به إلى وزارة الثقافة التونسية قصد إنتاجه، غير أنها طلبت منه «التريث»، على حد تعبيره، ولم تجبه منذ تلك اللحظة.
ونفى فرحات تهمة التأثير على الوضع السياسي الحالي في تونس من خلال عرضه مسرحية حول بورقيبة في هذا الوقت بالذات، في إشارة إلى أزمة حزب نداء تونس الحزب الحاكم، لاعتماده على الإرث السياسي للرئيس التونسي السابق الحبيب بورقيبة في جلب أكبر عدد ممكن من الناخبين، خصوصا من النساء الناخبات.
وأشار إلى أن مسرحية «بورقيبة في أميركا» لا علاقة لها بالتجاذبات السياسية الحالية ودعم شق سياسي على حساب الآخر في الانقسام السياسي الحاصل بين محسن مرزوق الأمين العام المستقيل من حزب النداء، وحافظ قائد السبسي نجل الرئيس التونسي الحالي.
يذكر أن بورقيبة ولد سنة 1903، وتُوفي سنة 2000، وهو أول رئيس لتونس منذ استقلالها سنة 1956 إلى غاية سنة 1987، حين عزله زين العابدين بن علي وزيره الأول آنذاك، لأسباب صحية وذهنية، ليقضي بقية أيامه تحت الإقامة الجبرية حتى وفاته في مدينة المنستير مسقط رأسه.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».