موظفو «مؤسسة الثورة» للصحافة بصنعاء يطردون رئيسها ونائبه المعينين من الميليشيات الحوثية

اتحاد الصحافيين الدوليين يدعو للإفراج الفوري عن طاقم قناة الجزيرة

موظفو «مؤسسة الثورة» للصحافة بصنعاء يطردون رئيسها ونائبه المعينين من الميليشيات الحوثية
TT

موظفو «مؤسسة الثورة» للصحافة بصنعاء يطردون رئيسها ونائبه المعينين من الميليشيات الحوثية

موظفو «مؤسسة الثورة» للصحافة بصنعاء يطردون رئيسها ونائبه المعينين من الميليشيات الحوثية

قام عمال مؤسسة الثورة للصحافة في صنعاء بطرد رئيس المؤسسة ونائبة، يوم أمس السبت، عقب مظاهرة احتجاجية نفذها العاملون في المؤسسة. وقالت مصادر في المؤسسة الحكومية بالعاصمة لـ«الشرق الأوسط» إن الموظفين نظموا مظاهرة أمام مكتبي رئيس المؤسسة محمد المنصوري ونائبه للشؤون المالية فيصل مدهش، وأخرجوهما من مكتبيهما مجبريهما على مغادرة بوابة المؤسسة.
وكشفت عن أن رئيس المؤسسة ونائبه المعينين من قبل قيادة جماعة الحوثي تم طردهما إثر تزايد لأعمال الفساد في المؤسسة الصحافية التي تعتبر الأكبر على مستوى البلاد من جهة الإمكانيات المالية والبشرية والتقنية، مشيرة إلى تنامٍ لعمليات نهب منظمة داخل المؤسسة وتفشي المحسوبية والفساد المالي، لافتة إلى أن ما تم سحبه من أموال المؤسسة فاقت 25 مليون ريال يمني، إذ قام بذلك النائب للشؤون المالية كعهد خلال مدة لا تتعدى نصف السنة وفي وقت حرم فيه موظفي المؤسسة من استحقاقاتهم الموقوفة منذ عام وشهرين.
وذكرت أن نائب رئيس مجلس الإدارة للشؤون التحريرية نبيل حيدر قدم استقالته قبل أسابيع احتجاجًا على الفساد المالي الذي يمارسه موظفون عينتهم الجماعة بعد أن أغرقت المؤسسة بما يزيد على (140) موظفًا من أبناء الموالين للجماعة، على الرغم من عدم حيازتهم المؤهلات أو الخبرات في مجال العمل الصحافي.
ولفتت إلى أن المظاهرة تأتي بعد بروز الخلافات بين الطرفين المحسوبين على الجماعة الحوثية من جهة وبين أتباع الرئيس المخلوع، منوهة إلى أن نائب رئيس المؤسسة استدعى قبل فترة أحد الإعلاميين الموالين لحزب المؤتمر، والذي تم تعيينه رئيسا لتحرير مجلة معين الشهرية المتوقفة، مؤكدة أن الأول صرف مليون ومائتي ألف ريال لإصدار المجلة.
ومن جانب آخر، دعا الاتحاد الدولي للصحافيين ونقابة الصحافيين اليمنيين في بيان مشترك، إلى الإفراج الفوري عن طاقم قناة الجزيرة المختطفين في مدينة تعز، وسط البلاد، والمكون من المراسل حمدي البكاري والصحافي عبد العزيز صبري والسائق منير السباعي. وطالب الاتحاد والنقابة بالإفراج الفوري عن الزملاء، داعيًا الأطراف المتحاربة إلى بذل قصارى جهودها لحماية سلامة الصحافيين وفرض تدابير أمنية لحماية الإعلاميين العاملين في الميدان.
وقال رئيس الاتحاد الدولي للصحافيين جيم بو ملحة: «إننا نطالب بالإفراج الفوري عن طاقم الجزيرة، حيث لا يزال عدد محدود من الصحافيين في اليمن الذين يخاطرون يوميا بحياتهم لإبلاغ العالم بما يحدث في اليمن».
وأضاف: «إننا قلقون للغاية من أن يكون زملاؤنا هدفا لمحاولات خبيثة تهدف لإسكات الصحافة كلية، وإننا ندعو جميع الأطراف المتحاربة في اليمن لبذل قصارى جهدها لحماية سلامة الإعلاميين الميدانيين».
وأعربت نقابة الصحافيين اليمنيين عن قلقها العميق إزاء مصير فريق «الجزيرة». ودعت النقابة محافظ تعز الجديد علي المعمري إلى بذل جهود للإفراج عن الزملاء المختطفين، وعبرت عن رفضها للزج بالصحافيين في الصراعات. وذكرت بأن 13 صحافيا ما زالوا معتقلين لدى جماعة الحوثي والقاعدة، مجددة المطالبة بسرعة إطلاق سراحهم.
وقالت: «إن المقاومة في تعز وقيادتها السياسية والميدانية تتحمل مسؤولية مباشرة عن حياة الزميلين حمدي البكاري وعبد العزيز الصبري، وهي مطالبة بإعلان موقف واضح وبذل جهد لإطلاق سراحهما».
وبحسب إحصائيات سابقة صدرت عن الاتحاد الدولي للصحافيين، فإن اليمن تعد واحدة من البلدان الأكثر خطورة على حياة العاملين في الصحافة، إذ قتل نحو عشرة صحافيين خلال العام المنصرم فيما لا يزال آخرون رهن الاعتقال أو الخطف والإخفاء القسري.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.