الثلوج تغطي واشنطن في عاصفة ثلجية قياسية

الأمطار الثلجية تعطل حركة المرور في ألمانيا وموجة برد قارس في الصين وإلغاء رحلات جوية

الثلوج تغطي واشنطن في عاصفة ثلجية قياسية
TT

الثلوج تغطي واشنطن في عاصفة ثلجية قياسية

الثلوج تغطي واشنطن في عاصفة ثلجية قياسية

غطت عاصفة جوناس الثلجية التي أطلق عليها «سنوزيلا»، في خلال ساعات قليلة شرق الولايات المتحدة برداء أبيض، وحركت عشرات آلاف السكان من التيار الكهربائي، ودفعت السلطات إلى التعبئة لإزالة الثلج وإصلاح الأضرار. ويتوقع أن تستمر العاصفة طوال نهاية الأسبوع. وقالت رئيسة بلدية واشنطن، موريييل بوسير، أول من أمس (الجمعة)، في تصريحات صحافية: «أريد أن أكون بمنتهى الوضوح مع الجميع. نحن نتوقع عاصفة كبيرة ومميتة، ربما».
وكان رئيس دائرة الأرصاد الجوية الوطنية، لويس يوسيليني، تحدث الخميس الماضي، عن «عاصفة تؤدي إلى شلل على الأرجح»، وتنطوي «على إمكانية أن تصبح بالغة الخطورة».
وسيتأثر بهذه العاصفة التي أطلقت عليها صحيفة «واشنطن بوست» تسمية «سنوزيلا»، 50 مليون شخص في اقتباس للسحلية العملاقة المدمرة في السينما اليابانية «غودزيلا».
ولم تقاجئ العاصفة أحدًا، فمنذ أيام تكهنت الأرصاد الجوية بها وكل وسائل الإعلام تتابعها بكثافة.
وقالت آخر نشرات الأرصاد الجوية: «إن منطقة منخفض جوي تتركز على جنوب شرقي الولايات المتحدة، ستستمر في التسبب في عاصفة شتوية كبيرة ستؤثر على قسم كبير من الساحل الشرقي (...) بداية من الجمعة وطوال نهاية الأسبوع».
وأضافت أن «تساقط الثلوج يمكن أن يبلغ 60 سنتيمترًا في بعض المناطق وضمنها بالتيمور وواشنطن».
وكانت حذرت الخميس من الجليد ورياح عاتية (تصل سرعتها حتى 90 كلم في الساعة) وفيضانات عند السواحل. وتشمل 15 ولاية من الواجهة الأطلسية (بين نيويورك وكارولينا) حتى أركنساو في الجنوب.
وحشد حاكم فيرجينيا تيري ماكاوليف مئات من عناصر الحرس الوطني لأعمال النجدة. كما خصص 650 ألف طن من الملح لفتح الطرقات وثمانية ملايين طن من الملح السائل، بحسب «سي إن إن».
وللرياح العاتية آثار مدمرة في بلد نادرًا ما تكون فيه أعمدة الكهرباء تحت الأرض. وليس من النادر أن يحرم مئات آلاف الأشخاص من الكهرباء لعدة أيام بما في ذلك في الضواحي الراقية لواشنطن.
وسجلت أولى انقطاعات الكهرباء في كارولينا الشمالية وشملت أكثر من مائة ألف شخص، بحسب أجهزة الطوارئ في هذه الولاية. وفي فرجينيا حرم أقل من ألفي شخص من الكهرباء، بحسب الحاكم، لكنه جند 60 فريقًا من الكهربائيين من ولايات أخرى للمساعدة على إصلاح الإعطاب.
ويمكن أن تشل الحركة في واشنطن التي قد تشهد أكبر تساقط للثلوج خلال قرن، حيث أعلنت جهة إدارية.
وقد ألغيت أيضًا آلاف الرحلات الجوية. كما تم تقليص النقل الحديدي بشكل كبير.
واعتبر مدير دائرة الأرصاد الجوية الوطنية، لويس أوكليني، في مؤتمر عبر الهاتف مع صحافيين، أن العاصفة «قد تصبح بالغة الخطورة». وأضاف «إننا نتحدث عن عاصفة قد تؤدي إلى وقف دورة الحياة الطبيعية، وهذا ما يحصل الآن».
وإذا ما صحت التوقعات، فستحتل العاصفة جوناس المرتبة الثانية على صعيد كميات الثلوج الكثيفة المتساقطة خلال يومين على واشنطن، بعد العاصفة المسماة «نيكربوكر» التي تساقطت خلالها 66 سنتيمترًا من الثلوج في 1922.
وقد وضعت عمدة واشنطن مورييل بوسير المدينة في حالة «طوارئ بسبب الثلوج»، موضحة أنها تستطيع بذلك الحصول على مساعدات فدرالية «عندما سنحتاج إليها»، وأعلنت إغلاق المدارس الحكومية.
ووضعت ولايتا فيرجينيا وماريلاند المجاورتان في حالة طوارئ أيضًا. ويسود تخوف من تراكم الجليد، في الجنوب والشرق، وفي كنتاكي وكارولاينا الشمالية خصوصًا.
وعلى صعيد آخر، أدت العواصف والأمطار الثلجية في مناطق من ألمانيا إلى تعطل حركة المرور وسير المشاة في الشوارع. ولم ترد أنباء عن وقوع حوادث كبيرة خلال الليلة الماضية.
وقال متحدث باسم مكتب المراقبة المركزية للطقس في ألمانيا: «في ولاية ساربروكن انزلق عدد من المشاة على الأرض وتسبب الانزلاق في آلام مختلفة لهم».
وقالت مراسلة لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن عدة نساء سقطن على الأرض في مدينة فيسبادن أثناء خروجهن من أحد المسارح، وهن يرتدين أحذية مرتفعة سهلة الانزلاق على الجليد؛ مما أدى إلى فقدانهن التوازن.
وأدت حالة الشوارع الزلقة إلى انزلاق عدد من السيارات بالقرب من هانوفر، وذكرت متحدثة باسم الشرطة هناك أن «الخسائر انحصرت في أضرار بالسيارات».
ولم تضرب العواصف الثلجية العاصمة برلين حتى الآن. وقال متحدث باسم مكتب المراقبة المركزية للطقس في ألمانيا: «كل شيء هنا في الإطار الآمن». وفي بكين تترافق موجة البرد القارس التي تضرب الصين، مع تساقط للثلوج في الجنوب أدى إلى إلغاء عدد كبير من الرحلات.
وقد أعلن المركز الوطني للأرصاد الجوية حالة «الاستنفار البرتقالي» في كل أنحاء البلاد.
ومن المتوقع أن تسجل الحرارة أقصى درجات الانخفاض في الجزء الشمالي من البلاد، وتصل إلى 39 درجة تحت الصفر في موهي (شمال شرق، إقليم هيلونغجيانغ) المتاخم للحدود مع سيبيريا، وحتى إلى 41 تحت الصفر في غينهي (شمال، مونغوليا الداخلية).
ويتوقع خبراء الأرصاد الجوية موجات برد قياسية لم تحصل منذ عقود في نهاية الأسبوع. ومن المتوقع أن تنخفض درجات الحرارة إلى 12 تحت الصفر على ثلثي مساحة البلاد، كما ذكر المركز الوطني للأرصاد الجوية.
وفي مدينة شونغينغ المترامية (جنوب - شرق)، تساقطت الثلوج للمرة الأولى خلال 20 عاما، فألغي عدد كبير من الرحلات التي تنطلق من مطارها أو تصل إليه، كما أوضحت مراكز الأرصاد الجوية في بيانات بثها التلفزيون الرسمي. وفي بكين (شمال) التي تغمرها شمس ساطعة، كانت ظروف الإقلاع والهبوط طبيعية، لكن عددًا كبيرًا من الرحلات المتوجهة إلى مطارات في الجنوب قد ألغي بسبب الثلوج. وهبطت درجات الحرارة في العاصمة إلى 17 تحت الصفر صباح السبت، وإلى 28. 8 تحت الصفر في منطقة جبلية في ضواحي المدينة. وحتى جزيرة هاينان الاستوائية (جنوب) الشهيرة بشواطئها وواحات النخيل، تأثرت بموجة البرد، وسجلت درجت الحرارة فيها 13 تحت الصفر. ومن المتوقع أن تعود درجات الحرارة إلى وضعها المألوف ابتداء من يوم الثلاثاء في الشمال، وفي أواخر الأسبوع المقبل في الجنوب، كما ذكر التلفزيون.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».