«لقاء مارس» السنوي بالشارقة يستقطب باحثين وفنانين من دول العالم

يمهد لبينالي الشارقة ويشهد معارض تشكيلية ويعقبه مهرجان «الأيام المسرحية»

بينالي الشارقة
بينالي الشارقة
TT

«لقاء مارس» السنوي بالشارقة يستقطب باحثين وفنانين من دول العالم

بينالي الشارقة
بينالي الشارقة

تنطلق صباح اليوم «الخميس» 13 مارس (آذار) بالشارقة فعاليات الدورة السابعة للقاء مارس السنوي الذي تقيمه مؤسسة الشارقة للفنون، بمشاركة مجموعة من الباحثين والنقاد والفنانين التشكيليين من مختلف دول العالم، يناقشون في هذه الدورة وعلى مدى ثلاثة أيام متواصلة الكثير من القضايا الثقافية المعاصرة، والتي تتناول التشكيل المؤسسي، والإنتاج الفني، وكذلك النظر في كيفية تطوير التعليم والمبادرات البحثية، وكيفية تطوير لغة الإنتاج الثقافي.
يفتتح لقاء مارس الشيخة حور القاسمي رئيس مؤسسة الشارقة للفنون، بحضور عبد الله العويس، رئيس دائرة الثقافة والإعلام، وأُنجي جو «قيَمة» بينالي الشارقة 12. ويعد هذا اللقاء نقطة انطلاق لبينالي الشارقة 12. ويشارك فيه فنانون مكلفون بتشكيل سياقات محددة لمشاريعهم التي لم توضع بعد والمتوقع مشاركتها في بينالي الشارقة (12) في العام المقبل. وبالإضافة إلى العروض التقديمية، يقدم لقاء مارس فقرات جماعية للدراسات والبحوث وجلسات التقييم. ويرافق اليوم الأول افتتاح ثلاثة معارض فنية فردية، تضم أعمالا تركيبية وفيديو ولوحات وأعمالا صوتية للفنانين رشيد أرائين «قبل وبعد التقليلية»، سوزان حفونة «مكانٌ آخر»، وائل شوقي «الفرسان يعشقون».
تتنوع فعاليات الملتقى ما بين الدراسات والأبحاث النظرية ودراسات الحالة ذات الطابع الميداني، بالإضافة إلى حلقات نقاشية محضة حول موضوع محدد، ومن أبرز المحاور الرئيسية التي يشهدها اللقاء محور يتناول: «تاريخ المؤسسات والإنتاج الثقافي في الشارقة» للباحث هشام المظلوم مدير دائرة الفنون، ودراسة حالة حول «الارتباط مع المكان واللحظة والبيئة العمرانية» يشارك فيها: إيمان عيسى، حسن خان، ريان تابت، يان فو، دوريون.. ويرأس الجلسة الباحث الصيني تشونغ، أيضا دراسة حالة، بعنوان «ما بعد التاريخ» يشارك فيها: باسل عباس، روان أبو رحمة، نيكيل شوبرا، إنتونة إدجابي، سنثيا مارسيل، أدريان فيلار، ويرأس الجلسة الناقد روخاس رايان إينويه.
وحول آفاق المستقبل، وسط التغيرات التي يشهدها عالمنا الراهن تدور حلقة بحثية بعنوان «تخَيل المستقبل»، يشارك فيها: محمد حافظ، سارة رفقي، غابي نكوبو، زينب أوز، ويرأس الجلسة كايلين ويلسن جولدي.
ويمتد فضاء النقاش إلى الفن السينمائي، حيث يشهد لقاء مارس على هامش فعالياته عددا من الأفلام السينمائية، سيتم مناقشتها بحضور مخرجيها من قبل الجمهور والمختصين، في جلسات حوارية مفتوحة عقب عرض كل فيلم. وهذه الأفلام هي: «خونة» للمخرج شون غوليت، و«عودة إلى الطرب» للمخرج فؤاد الخوري، و«من الخليج إلى الخليج» للمخرج كامب.
وبمناسبة اختيارها عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2014. وتعزيزا لدورها الطموح في أن تكون بمثابة عاصمة دائمة للثقافة العربية، ما إن تنتهي فعاليات لقاء مارس السنوي، حتى تبدأ بالشارقة أنشطة الدورة الرابعة والعشرين لمهرجان «أيام الشارقة المسرحية».
وأعلنت دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة عن العروض المسرحية المشاركة في هذه الدورة والتي سوف تستمر من 17 حتى 25 مارس الجاري برعاية وحضور الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة.
ويشارك نحو 12 عرضا في المهرجان بالإضافة إلى أكثر من 20 فعالية فكرية موازية تناقش عددا من القضايا المسرحية بالغة الأثر، وتمزج المسرح بسائر الفنون البصرية الأخرى كالسينما والشعر والموسيقى والتشكيل. في محاولة لربط المسرح العربي والعالم.
وتتنافس 8 عروض مسرحية إماراتية، على جوائز الدورة لـ24 لـ«أيام الشارقة المسرحية»، حيث اختارت لجنة المشاهدة كلا من عروض: «الحصالة» لفرقة مسرح بنيياس، و«القبض على طريد الحادي» لفرقة مسرح العين، و«مكبث» لفرقة مسرح الشارقة الحديث، و«لوبا قيليلة» لفرقة مسرح دبي الشعبي، و«طقوس الأبيض» لفرقة مسرح الشارقة الوطني، و«أوركسترا» لفرقة مسرح خور فكان، و«الغافة» لفرقة مسرح الفجيرة، و«سمرة وعسل» لفرقة مسرح دبا الحصن.
ويُعرض خارج المسابقة العرضان الإماراتيان: «صاحبك» لفرقة مسرح كلباء، و«خلخال» لفرقة مسرح رأس الخيمة، وعرض قصير بعنوان «الواشي»، بوصفه العرض الفائز بـ«جائزة أفضل عرض» في الدورة الثانية لـ«مهرجان الشارقة للمسرحيات القصيرة»، الذي نظّمته «إدارة المسرح» بـ«دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة»، في سبتمبر (أيلول) الماضي. إضافة إلى العرض العراقي «تقاسيم في ذكرى السيّاب» للمخرج العراقي مهند هادي، بمناسبة مرور 50 سنة على رحيل الشاعر العراقي الرائد بدر شاكر السيّاب.
ويحلّ العرض التونسي «ريتشارد الثالث» للمخرج التونسي جعفر القاسمي، بوصفه العرض الفائز بمسابقة «جائزة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة، لأفضل عرض مسرحي عربي»، في الدورة الأخيرة من «مهرجان المسرح العربي» الذي تنظمه «الهيئة العربية للمسرح».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».