إسرائيل تحشد أرتال دبابات ومدافع حول قطاع غزة

عسكريوها يعتقدون أن حماس غيرت موقفها وقررت الدخول في مواجهة

إسرائيل تحشد أرتال دبابات ومدافع حول قطاع غزة
TT

إسرائيل تحشد أرتال دبابات ومدافع حول قطاع غزة

إسرائيل تحشد أرتال دبابات ومدافع حول قطاع غزة

غيرت قيادة جيش الاحتلال الإسرائيلي تقديراتها حول نوايا حركة «حماس». وبعد أن كانت ترى إنها غير معنية بإشعال حرب جديدة، بعدما تعرضت لهجوم صيف 2014، خرجت بتقديرات جديدة تقول إن تصرفات الحركة على الأرض، تشير إلى تغيير، «بل يبدو أنها تفكر في الدخول إلى مواجهة حربية جديدة مع إسرائيل». وقد أعلن الجيش عن نقل أرتال من الدبابات والمدافع إلى محيط قطاع غزة، في إطار هذه التقديرات.
وحسب مصادر عسكرية رفيعة، تحدثت إلى المراسلين العسكريين، فإن ما تسميه إسرائيل «الإرهاب المُمأسس»، أي إطلاق النار، والعبوات، وتفجير السيارات، المفخخة والعمليات الانتحارية المدعومة، عاد إلى الضفة، وربما يتسلل منها إلى داخل الخط الأخضر. وتتعقب الجهات الأمنية الرفيعة بقلق القرار الذي اتخذته القيادة العسكرية لحماس في غزة في الأشهر الأخيرة، باستئناف العمليات في الضفة، وخاصة داخل الخط الأخضر، حتى بثمن مواجهة شاملة مع إسرائيل.
وقالت «إن حماس، وبعد سنة ونصف السنة من عملية (الجرف الصامد)، تشعر بأنها وصلت إلى مستوى جاهزية، جيد بما يكفي لاجتياز حرب أخرى أمام الجيش الإسرائيلي. بالنسبة لإسرائيل هذا تحذير استراتيجي: خلال السنة القريبة، يمكن أن تجد نفسها تخوض مواجهة أخرى في القطاع. حاليا، يعتبر حزب الله عاملا هامشيا من ناحية البنى التحتية للإرهاب المُمأسس في الضفة.
فالكشف عن خلية حزب الله في طولكرم، قبل أيام، يدل على الجهود التي يبذلها التنظيم للعودة إلى الصورة على الجبهة الفلسطينية - كما فعل خلال الانتفاضة الثانية، حيث كانت نحو 70 في المائة من خلايا فتح التي عملت ضد إسرائيل، تحظى برعاية نصر الله. بالنسبة له، تعتبر الجبهة الفلسطينية هي الجبهة الأساسية التي يمكنه العمل منها ضد إسرائيل، من دون أن يشعل الحدود الشمالية. ولكن عمق تغلغله على الأرض ما يزال بعيدا عن قدراته. حماس هي القصة الحقيقية، فقبل أسابيع، كشف (الشاباك - جهاز المخابرات العامة) عن تنظيم لها في الضفة الغربية، شمل إقامة مختبر لإعداد عبوات ناسفة، وإعداد (مخرب انتحاري) لتنفيذ عملية في القدس. لقد انطلقت الذراع العسكرية لحماس في غزة، التي قادت الخلية، من فرضية أن إسرائيل لن تستطيع تجاوز عملية قاتلة في قلب العاصمة. وقدرت بأن إسرائيل سترد بشكل شرس في الضفة، بما في ذلك مهاجمة السلطة الفلسطينية، وتقوم بعمليات انتقام في القطاع». ويرى المحرر العسكري لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، ألكس فيشمان، الذي يؤكد هذه الرواية، أن «في إسرائيل تشتعل، منذ أشهر، أضواء حمراء. ويسود تقدير بأن حماس تسمح لنفسها بالانتقال إلى العمليات التفجيرية في الضفة، لأنها استكملت الاستعدادات الأساسية لتوجيه (الضربة المفاجئة) التي فشلت في تنفيذها قبل سنة ونصف السنة، عشية (الجرف الصامد). وليس من المستبعد أن يكون المقصود التسلل إلى إسرائيل، على محاور عدة في وقت واحد، جوا وبحرا، وعبر الأنفاق، تزامنا مع إطلاق مكثف للصواريخ والقذائف، من أجل إيقاع أكبر عدد من الضحايا الإسرائيليين. كما طورت حماس آيديولوجية ملائمة، تشمل توجيه الضربة الأولى التي ستصدم الإسرائيليين وتشكل نوعا من الانتقام الفلسطيني للضربة الأولى التي وجهتها إسرائيل في عملية (عمود السحاب) التي قتل خلالها العشرات من قوات الشرطة في غزة.
يبدو أنه تم على الأقل، استكمال جزء من استعدادات حماس في غزة: الأنفاق المفخخة التي تصل إلى داخل الخط الأخضر أعيد بناؤها كما يبدو، بما في ذلك، إذا تعلمنا من تجربة الماضي، تزويد كل نفق بفتحات عدة. بالإضافة إلى ذلك، تواصل القوات الخاصة (النخبة) والغواصون تدريباتهم بشكل مكثف. كما أعيد بناء قوة الطائرات، واستكمل جزء من إعادة ملء مستودع الصواريخ».
ويتابع: «صحيح أنه تم اعتقال التنظيم الذي خطط لعميلة في القدس، لكنه ليس الوحيد. لقد كشف قائد جهاز الاستخبارات الفلسطيني، الجنرال فراج، أيضا للصحافة الأميركية، بأن رجاله اعتقلوا نحو 300 ناشط من حماس مؤخرا. في بداية موجة الإرهاب الحالية، قبل نحو أربعة أشهر، شجعت قيادة حماس في غزة وإسطنبول الفلسطينيين على تنفيذ عمليات عنيفة، وهللت للطاعنين والدهاسين. لقد شجعت حماس موجة الإرهاب، لكنها لم تتجاوز في حينه الخطوط إلى تفعيل الخلايا التي أقامتها في الضفة، خشية من الرد الإسرائيلي. استراتيجية حماس كانت محاولة تقويض استقرار سلطة أبو مازن (محمود عباس) بواسطة زعزعة الهدوء في الشارع الفلسطيني. وفي المقابل قدرت إسرائيل بأن حماس منشغلة في تضخيم قوتها، وتواجه أزمة اقتصادية بسبب فقدان الدعم الإيراني، وتلقت ضربة قوية من المصريين الذين دمروا جزءا كبيرا من أنفاق التهريب.
كما قدرت بأنها لا تملك حاليا القدرة والرغبة في المخاطرة بمواجهة مع الجيش الإسرائيلي. لقد تغير هذا التقييم في إسرائيل، عندما اتضح أن حماس توجه رجالاتها في الضفة للعودة لتنفيذ للعمليات التفجيرية داخل الخط الأخضر. وبالفعل استيقظت الخلايا النائمة، وجرى كشف مختبرات عدة لصنع المتفجرات.
وفي المقابل، بدأت تصل الأموال إلى هذه الخلايا، والمبعوثون دخلوا وخرجوا من الضفة، وبات واضحا اليوم أن حماس تغير التوجه، وترفع ثمن المغامرة أمام إسرائيل بتوجيه من محمد ضيف».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.