زيارة الأمير سلمان إلى الصين تعزز العلاقات الاستراتيجية بين البلدين

المجالات الثقافية والعلمية في صلب المحادثات

الأمير سلمان بن عبد العزيز
الأمير سلمان بن عبد العزيز
TT

زيارة الأمير سلمان إلى الصين تعزز العلاقات الاستراتيجية بين البلدين

الأمير سلمان بن عبد العزيز
الأمير سلمان بن عبد العزيز

أجمع مختصون في الثقافة والاقتصاد على أهمية زيارة الأمير سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي للصين في هذه المرحلة التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط، والخلاف بين الدول الكبرى حيال جملة من القضايا وفي مقدمتها الوضع الراهن في سوريا، ودعمها للعلاقات الاقتصادية التي شهدت نموا قياسيا في السنوات الماضية، إضافة إلى تعميق العلاقات الثقافية والعلمية بين البلدين.
وقال عبد العزيز المرشد، مدير أعمال لجنة الصداقة البرلمانية السعودية - الصينية لـ«الشرق الأوسط» إن «زيارة الأمير سلمان بن عبد العزيز للصين تأتي في إطار دعم العلاقات الثنائية بين البلدين، خصوصا أن الصين تعد من الدول الكبرى اقتصاديا وسياسيا وتسعى المملكة إلى تعميق العلاقات، في ظل الأحداث السياسية التي تعصف بالمنطقة وتشتت الدول الكبرى حيال الوضع في سوريا».

وأردف المرشد قائلا إن «العلاقات الاقتصادية نمت بشكل كبير في السنوات الماضية، فالصين تعتمد على النفط السعودي والذي تقدر نسبته بـ18 في المائة من إجمالي إنتاج النفط في دعم مشاريعها الداخلية، في حين تعتمد السوق السعودية على المنتجات الصينية المستوردة، كما أن الصين نجحت خلال السنوات الماضية في استقطاب كبرى الشركات الصناعية من أوروبا وأميركا لإقامة مصانع على الأراضي الصينية بأسعار منافسة إضافة إلى تدني أجور العمالة الصينية مقارنة بالأجور في دول أوروبا»، لافتا إلى أن زيارة الأمير سلمان بن عبد العزيز للصين ستثمر جملة من الاتفاقيات والمعاهدات.

وأضاف مدير أعمال لجنة الصداقة البرلمانية السعودية - الصينية أن «من أهداف اللجنة تقوية العلاقات وتبادل الزيارات بين البلدين، ومناقشة عدد من المواضيع التي تهم الجانبين، ومن ذلك طرح مشكلات المستوردين السعوديين والسعي في حلها. ونجت اللجنة في التوصل إلى عدد من الحلول، فيما نسعى للتواصل مع المبتعثين السعوديين الذين ارتفع عددهم من 200 مبتعث في 2007 إلى نحو 1300 طالب سعودي يدرس في الجامعات الصينية».

من جهة أخرى، عدت الدكتورة هيا المنيع، عضو مجلس الشورى وعضو لجنة الصداقة البرلمانية - السعودية - الصينية أن زيارة الأمير سلمان بن عبد العزيز لدولة الصين تمثل خطوة مهمة في مرحلة حساسة ضمن الاستراتيجية السعودية في بناء علاقات سياسية واقتصادية متوازنة مع كافة دول العالم، خصوصا الدول ذات الأهمية العالمية، مشيرة إلى أن الصين اليوم تمثل إحداها، إضافة إلى أن علاقة المملكة بالصين علاقة قديمة.

ورأت د. هيا المنيع أن المستقرئ لارتفاع التبادل التجاري بين البلدين يدرك أهمية وعمق المصالح بين الدولتين، مشيرة إلى أن الواردات السعودية من الصين بلغت العام الماضي نحو 19.5 مليار دولار فيما قابلها نحو 54.59 مليون دولار من الصادرات السعودية للصين من النفط ومشتقاته. وقالت «لعل ما يؤكد ثقل العلاقات الاقتصادية وأهميتها، أنه من المتوقع أن تبلغ 60 مليار دولار في نهاية العام المقبل، مع ملاحظة أن الاستثمارات الصينية في السعودية حاليا تبلغ نحو 790 مليون دولار، فيما من المتوقع أن تبلغ الاستثمارات السعودية في الصين نحو 600 مليون دولار».

وأضافت «تلك الأرقام تكشف قوة ومتانة العلاقات الاقتصادية السعودية - الصينية، ناهيك من ضرورة تنوع العلاقات السعودية مع مصادر القوة العالمية وخلق توازنات سياسية واقتصادية تضيف للثقل السعودي عمقا آخر». ورأت المنيع أن المملكة تتسم سياستها الدولية بتنوع الأصدقاء وبناء علاقات استراتيجية سياسيا واقتصاديا مع أغلب دول العام، مشيرة إلى أن الصين بثقلها تمثل دولة محورية في بناء التوازنات الاقتصادية والسياسية عالميا، إضافة إلى أن المملكة، في المقابل، تمثل قوة محورية في الجانبين السياسي والاقتصادي إسلاميا وعالميا مما يعني أن المصالح مشتركة ومتبادلة.

من جهته، قال الدكتور سعدون السعدون، عضو لجنة الصداقة البرلمانية السعودية - الصينية، وعضو مجلس الشورى، لـ«الشرق الأوسط»، إن «زيارة الأمير سلمان بن عبد العزيز للصين هي زيارة استراتيجية تاريخية، لتوثيق أواصر العلاقة والصداقة بين البلدين، من خلال توقيع اتفاقيات في مجالات كثيرة يعود مردودها بالنفع على المواطنين والجامعات والمعاهد البحثية والتصنيع والتجارة».

ورأى السعدون أن توثيق العلاقات بين البلدين سيولد في المستقبل توحيدا للرؤى السياسية والاقتصادية حول القضايا العالمية، مشيرا إلى أن المملكة تسعى إلى التوافق العالمي خاصة في قضية فلسطين، وأن المواقف لا بد أن ينظر لها بالفائدة والتعاون المشترك.

وتعد العلاقات السعودية - الصينية قديمة، ففي القرن الأول قبل الميلاد وصل البحارة والتجار العرب إلى جنوب الصين، وازدهرت في تلك الحقبة تجارة البخور والصمغ والنسيج، من خلال تجول البحارة العرب عبر مثلث التجارة في بحر العرب بين شرق أفريقيا وجنوب الجزيرة العربية، إلى أن وصلوا إلى جزر جنوب شرقي آسيا، ومنها إلى الموانئ الصينية عن طريق الملايو، الذي أسهم في التعرف على الثقافة العربية ومن ثم على الحضارة الإسلامية.

ودخل الإسلام إلى جمهورية الصين في القرن السادس الميلادي، وانتشر في كل المدن والقرى، إلى أن وصل عدد المسلمين الصينيين نحو 20 مليون شخص، فيما بلغ عدد المساجد التي يؤدي المسلمون فيها الصلاة نحو 34 ألف مسجد، وتوسع التعليم الديني إلى أن بلغ عدد الكليات الإسلامية 10 كليات، بخلاف المعاهد والمدارس الإسلامية.

وتأخذ الشراكة الصينية - السعودية، أبعادا ثقافية وحضارية، انطلقت مع فتح المجال للطلبة السعوديين لتلقي تعليمهم العالي في الجامعات الصينية، ووقع في وقت سابق الصندوق السعودي للتنمية، اتفاقيات لتطوير بعض مناحي التخطيط لمدينة «إكسو» الصينية، مع الاتفاق على أهمية التعاون بين الجانبين في مجال التدريب المهني، إضافة إلى دعوة المملكة للصين للمشاركة في مهرجان الجنادرية.

وفي هذا السياق، قال الدكتور عبد الله الوشمي أمين عام مركز الملك عبد الله الدولي لخدمة اللغة العربية، إن «العلاقة الثقافية بين الصين والسعودية، عميقة وقديمة خاصة من الزاوية الإسلامية، وقد نتجت هذه العلاقة من خلال عدد من المؤشرات قدمت المملكة خلالها عددا من المساهمات في تقوية هذه العلاقة والتي ترتكز على إرسال الطلبة السعوديين لإكمال دراستهم في الصين والذي بلغ عددهم حتى الآن 1300 طالب، وأيضا إطلاق برنامج شهر اللغة العربية الذي نفذه مركز الملك عبد الله، إضافة إلى أمر خادم الحرمين الشريفين بتأسيس فرع لمكتبة الملك عبد العزيز في العاصمة الصينية بكين».

واستطرد الوشمي قائلا إن «زيارة الأمير سلمان بن عبد العزيز للصين، ستفتح الكثير من الشركات النوعية بين البلدين، فيما ستواصل سفارتا البلدين إكمال هذه التطلعات بعد الانتهاء من الزيارة الرسمية، خصوصا في الجانب الثقافي الذي شهد دعما وتطلعا من الجانب السعودي في تعميق هذه العلاقة الثقافية، والتي نتج عنها المشاركة القوية مع الصين في مهرجان الجنادرية ومعرض الكتاب».

وأشار أمين عام مركز الملك عبد الله الدولي لخدمة اللغة العربية إلى رغبة الأكاديميين في الجانبين لسد الفجوات على مستوى التأليف والترجمة ورفع الخطط الثقافية المشتركة. وقال «نحن في المملكة ننتظر مبادرة نوعية من الجانب الثقافي في الصين، ونأمل أن تتكامل الجهود لصناعة برنامج إضافي آخر يتركز في الخطط العلمية المشتركة بين الجامعات والمؤسسات العلمية والثقافية الأخرى».

وعن العلاقات الثقافية بين السعودية والصين، أكد الدكتور الوشمي أن الصين تحضر في الثقافة العربية من خلال مؤشرات كثيرة أبرزها ما قاله قدماء العرب إن الحكمة نزلت على ألسن العرب وأيدي الصينيين، إضافة إلى ما تحفل به الثقافة الإسلامية.



السعودية تفتح باب التطوع بأكثر من عشرين تخصصاً طبيا لدعم سوريا

وفد سعودي من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية يقوم بجولة على المشافي السورية (سانا‬⁩)
وفد سعودي من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية يقوم بجولة على المشافي السورية (سانا‬⁩)
TT

السعودية تفتح باب التطوع بأكثر من عشرين تخصصاً طبيا لدعم سوريا

وفد سعودي من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية يقوم بجولة على المشافي السورية (سانا‬⁩)
وفد سعودي من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية يقوم بجولة على المشافي السورية (سانا‬⁩)

أعلن مركز الملك سلمان للإغاثة عن فتح باب التطوع بالخبرات الطبية السعودية المتخصصة لدعم القطاع الصحي في سوريا وتلبية احتياجاته العاجلة في أكثر من 20 تخصصاً، وذلك من خلال برنامج «أمل» التطوعي السعودي المَعْنيّ بسد احتياجات القطاع الصحي لدى الدول المتضررة.

ودعا المركز عموم المتخصصين الراغبين في التطوع بخبراتهم إلى التسجيل في برنامج «أمل»، الذي يستمر عاماً كاملاً لدعم القطاع الصحي السوري الذي تَضَرَّرَ جراء الأحداث، وتقديم الخدمات الطارئة والطبية للمحتاجين في مختلف التخصصات، للتخفيف من معاناة الشعب السوري من خلال مساهمة المتطوعين في البرنامج.

جولة الوفد السعودي للاطلاع على الواقع الصحي والوقوف على الاحتياجات اللازمة في سوريا (سانا‬⁩)

وقال الدكتور سامر الجطيلي، المتحدث باسم المركز، إن منصة التطوع الخارجي التي أطلقها المركز، تتيح فرصة التسجيل في عدد من التخصصات الطبية الملحّة لدعم القطاع الصحي في عدد من المدن السورية، لا سيما خلال الفترة الحالية من الأزمة الإنسانية التي تمر بها سوريا.

وأشار الجطيلي في حديث مع «الشرق الأوسط» إلى أن قائمة التخصصات المطلوبة حُدِّدت بعد التواصل مع الجهات الصحية المسؤولة في سوريا، مؤكداً أن البرنامج يهدف لإتاحة الفرصة للمتطوعين السعوديين في القطاع الصحي لتلبية حاجة القطاع الصحي السوري في كل مناطق البلاد. ونوه الجطيلي بجهود الكوادر الصحية السعودية التي تطوعت بخبراتها وعطائها من خلال البرنامج، وأضاف: «لقد سجل المتطوعون السعوديون في القطاع الصحي حضوراً دولياً مميّزاً، من خلال كثير من الأحداث التي بادروا فيها بتقديم العون والمساعدة للإنسان في مناطق جغرافية مختلفة، وكان لهم أثر طيب في نحو 57 دولة حول العالم، وأَجْرَوْا فيها أكثر من 200 ألف عملية في مختلف التخصصات».

وأشار الجطيلي إلى أن الخبرة التي راكمها البرنامج ستسهم في مدّ يد العون إلى الجانب السوري الذي يعاني من صعوبات خلال هذه المرحلة، وفي إنقاذ حياة كثير من السوريين من خلال أشكال متعددة من الرعاية الطبية التي سيقدمها البرنامج في الفترة المقبلة.

وفد سعودي يبحث مع القائم بأعمال وزارة الصحة السورية سبل تعزيز العمل الإنساني والطبي في سوريا (سانا‬⁩)

وتضم‏ تخصصات الكوادر التطوعية المطلوبة للانضمام «جراحة الأطفال، وجراحة التجميل، وجراحة النساء والولادة، وجراحة عامة، وطب الطوارئ، والدعم النفسي، وجراحة العظام، وطب الأمراض الباطنية، وجراحات القلب المفتوح والقسطرة، وأمراض الكلى، والطب العام، والصدرية، وطب الأطفال، والتخدير، والتمريض، وطب الأسرة، والعلاج الطبيعي، والنطق والتخاطب، والأطراف الصناعية، وزراعة القوقعة، وعدداً آخر من التخصصات الطبية المتعددة».

وقال مركز الملك سلمان للإغاثة إن برنامج «أمل» «يُدَشَّن بتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، واستشعاراً لدور السعودية الخيري والإنساني والريادي تجاه المجتمعات المتضررة في شتى أنحاء العالم»، مؤكداً في البيان المنشور على صفحة التسجيل، الدور المؤثر لتقديم الخدمات الطارئة والطبية في رفع المعاناة عن الإنسان، وعيش حياة كريمة، وذلك بمشاركة متطوعين من الكوادر السعودية المميزة.

وبينما يستمر الجسران الجوي والبري اللذان أطلقتهما السعودية بوصول الطائرة الإغاثية السادسة، ونحو 60 شاحنة محمَّلة بأكثر من 541 طناً من المساعدات، زار وفد سعودي من قسم التطوع في مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، الأحد، عدداً من المشافي والمراكز الطبية السورية، في جولة ميدانية للاطلاع على تفاصيل الواقع الصحي، والوقوف على الاحتياجات اللازمة والطارئة للقطاع.

وجاءت الجولة الميدانية للوقوف على حالة القطاع الصحي في سوريا، وتلمُّس احتياجاته من الكوادر والمؤن الدوائية، عقب اجتماع وفد من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، مع مسؤولين من وزارة الصحة السورية في دمشق، تناولا فيه الاحتياجات الطبية العاجلة والمُلحة للمستشفيات السورية.

60 شاحنة محملة بأكثر من 541 طناً من المساعدات الغذائية والطبية والإيوائية عَبَرَت معبر جابر الحدودي إلى سوريا (مركز الملك سلمان)

وعلى صعيد الجسرين الجوي والبري السعوديين، ​وصلت، الأحد، الطائرة الإغاثية السعودية السادسة التي يسيِّرها «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، إلى مطار دمشق، وتحمل على متنها مساعدات غذائية وطبية وإيوائية؛ للإسهام في تخفيف آثار الأوضاع الصعبة التي يمر بها الشعب السوري حالياً.

كما عَبَرَت، صباح الأحد، أولى طلائع الجسر البري الإغاثي السعودي إلى معبر جابر الأردني للعبور منه نحو سوريا؛ حيث وصلت 60 شاحنة محملة بأكثر من 541 طناً من المساعدات الغذائية والطبية والإيوائية، وهي أولى طلائع الجسر البري السعودي لإغاثة الشعب السوري.

وقال الدكتور سامر الجطيلي، المتحدث باسم المركز، إن الجسر البري سيدعم الجهود في سبيل إيصال المساعدات لجميع الأراضي السورية؛ إذ يحوي كميات كبيرة وضخمة من المواد الغذائية والصحية والإيوائية، تُنْقَلُ بعد وصولها إلى دمشق إلى جميع المناطق الأخرى المحتاجة. وأضاف الجطيلي أن جسر المساعدات البري إلى دمشق يتضمن معدات طبية ثقيلة لا يمكن نقلها عن طريق الجو؛ مثل: أجهزة الرنين المغناطيسي، والأشعة السينية والمقطعية.