مشرعون بالكونغرس يتهمون إدارة أوباما بدفع فدية لتحرير السجناء الأميركيين

واشنطن تدفع لإيران 1.7 مليار دولار فوائد على 400 مليون دولار من الأموال الإيرانية المجمدة

مشرعون بالكونغرس يتهمون إدارة أوباما بدفع فدية لتحرير السجناء الأميركيين
TT

مشرعون بالكونغرس يتهمون إدارة أوباما بدفع فدية لتحرير السجناء الأميركيين

مشرعون بالكونغرس يتهمون إدارة أوباما بدفع فدية لتحرير السجناء الأميركيين

أكد جوش أرنست، المتحدث باسم البيت الأبيض، أن واشنطن توصلت إلى تسوية مالية مع إيران تدفع بموجبها 1.7 مليار دولار فائدة دين عن الأموال الإيرانية المجمدة لدى الولايات المتحدة، والمتعلقة بصفقة شراء إيران لمعدات عسكرية بقيمة 400 مليون دولار في عام 1981، التي تم تجميدها بعد قطع العلاقات الدبلوماسية في أعقاب أزمة الرهائن الأميركيين.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض: «مثلما استخدمنا الدبلوماسية لتحرير السجناء الأميركيين، استطعنا أيضًا من خلال جهد مثمر للدبلوماسية في حل مشكلة مالية طويلة الأجل؛ حيث كانت إيران تطالب بفائدة ما بين 6 إلى 7 مليارات دولار، واتفقنا على دفع 1.7 مليار دولار». وأضاف: «هذه صفقة جيدة لدافعي الضرائب الأميركيين، فعندما يتعلق الأمر بدفع فائدة فإن المبالغ قد تكون أعلى من ذلك بكثير».
وأشار أرنست إلى أن الخلاف المالي والدعوى القضائية بين الولايات المتحدة وإيران، ترجع إلى عام 1981 التي ظلت معلقة في محكمة لاهاي الدولية منذ قيام الثورة الإسلامية، وأن إيران طالبت بفائدة ما بين 6 مليارات دولار إلى 7 مليارات دولار.
ونفى المتحدث باسم البيت الأبيض أن دفع تلك الأموال جاء فدية لإطلاق سراح السجناء الأميركيين لدى إيران، مؤكدًا أن إطلاق سراح السجناء وتسوية الخلافات المالية مع إيران في التوقيت نفسه، جاء من قبيل الصدفة. وقال: «اعتدنا أن الانفتاح الاقتصادي يمكّن من حل مشكلات مالية طويلة الأجل».
من جانب آخر، اتهم بعض المشرعين الإدارة الأميركية بدفع تلك الأموال للنظام الإيراني باعتبارها «فدية» لإطلاق سراح الأميركيين الخمسة الذين أطلق سراحهم في صفقة لتبادل السجناء. واتهم بول رايان، رئيس مجلس النواب، الإدارة الأميركية بدفع فدية لإيران لإطلاق سراح السجناء الأميركيين.
وفي السياق نفسه، قال السيناتور الجمهوري توم كوتون لشبكة «سي إن إس» الأميركية، إن الولايات المتحدة توصلت لصفقة إطلاق سراح السجناء بعد دفع 1.7 مليار دولار للنظام الإيراني. وقال السيناتور كوتون إن إيران ستستغل هذه الأموال في دعم الجماعات الإرهابية وزعزعة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. وقد أشار وزير الخارجية الأميركية جون كيري في عدة لقاءات تلفزيونية إلى أن إيران استخدمت أموالاً تقدر بنحو 400 مليون دولار في صندوق ائتماني لشراء معدات عسكرية خلال عقد السبعينات من الولايات المتحدة، ولكن لم يتم تسليم المعدات بعد قيام الثورة الإيرانية عام 1979 وقطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. ودافع كيري بشدة عن الفصل الكامل بين الاتفاق النووي وصفقة إطلاق السجناء ودفع التعويضات لإيران.
وأوضح مسؤولون بوزارة الخزانة الأميركية أن واشنطن تعمل لحل كل التسويات المالية مع إيران.



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.