«30 مليون صديق» يغيب عن الشاشة بعد 40 عامًا من النجاح

حملة استنكار ضد وقف برنامج تلفزيوني عن حيوانات أليفة تبدد عزلة المستوحدين

ريها المشرفة على البرنامج الذي ورثته عن زوجها
ريها المشرفة على البرنامج الذي ورثته عن زوجها
TT

«30 مليون صديق» يغيب عن الشاشة بعد 40 عامًا من النجاح

ريها المشرفة على البرنامج الذي ورثته عن زوجها
ريها المشرفة على البرنامج الذي ورثته عن زوجها

30 مليون كلب وقطة وسمكة زينة وسنجاب وأرنب وغيرها من الحيوانات التي تعيش مع الفرنسيين في بيوتهم وتبدد عزلة المستوحدين منهم. وباسم هذه الكائنات الأليفة انطلقت حملة في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي ضد قرار القناة الثالثة (الرسمية) في التلفزيون بوقف برنامج «30 مليون صديق» الذي احتفل قبل أيام بمرور 40 عامًا على بدء عرضه.
«لماذا يوقفون برنامجًا ناجحًا يتابعه الملايين كل أربعاء؟»، كان هذا هو السؤال الذي تردد في المجالس طوال الأسبوع الماضي. وهو استفهام يأتي بعد قرار غريب آخر اتخذته إدارة القناة ذاتها بتغيير جوليان لوبيرس، مقدم برنامج أسبوعي ناجح لمسابقات الثقافة العامة، وأحد أكثر نجوم التلفزيون شعبية، بحجة «تجديد شباب» الشاشة.
في ردها على التساؤلات، ذكرت دانا استييه، المديرة التنفيذية للقناة الفرنسية الثالثة، أن الحلقات المسجلة من البرنامج المخصص للحيوانات المنزلية ستجد طريقها إلى البث حتى نهاية الموسم الحالي. وأضافت في تصريح لإذاعة «أوروبا 1» أن استمرار البرنامج لمدة 40 سنة هو أمر طيب ولكن لكل شيء نهاية. لذلك فإنها بعثت برسالة إلى ريها هوتان، صاحبة البرنامج، تبلغها فيها أن الإدارة اتخذت قرارًا بوقف «30 مليون صديق» مع أواخر يونيو (حزيران) المقبل. أما السبب فهو أن «البرنامج لا يجدد نفسه». لكن ريها، أرملة جان بيير هوتان مؤسس البرنامج التي واصلت إنتاجه بعد رحيل زوجها، لم تتقبل قرار الوقف ووصفته بأنه «خبر محزن» كما اعتبرت قرار تبليغها به عبر المراسلة بأنه «غير لائق».
ريها هوتان، التي ترأس جمعية تتخذ من اسم البرنامج الشهير عنوانًا لها، كادت أن تستسلم لقرار القناة الثانية قبل انطلاق الحملة الشعبية للتضامن معها. ففي أقل من ساعة تلقى المدافعون عن البرنامج المئات من رسائل التضامن. وهكذا تشجعت هوتان وقررت ألا تقف مكتوفة اليدين وبدأت تقود تحركًا مضادًا لوقف البرنامج. كما عبرت عن سعادتها باعتراضات آلاف المشاهدين على قرار القناة الثالثة وأعلنت: «أن القضية صارت معركة يجب خوضها». كما اتهمت الإدارة بأنها وضعت العراقيل في درب البرنامج عندما نقلت موعد بثه من أول المساء إلى العاشرة صباحًا. فقد كان ينافس نشرات الأخبار في القنوات الرئيسية ويخطف منها مليون متفرج.
ونظرًا لنجاح «برنامج القطط والكلاب»، كما يسميه الأطفال، فإن من المرجح أن تعرض قنوات أخرى استضافته ضمن منهاجها للموسم المقبل. ولا تستبعد منتجته أن تتلقفه القناة الأولى، وهي مؤسسة خاصة، فيعود إليها بعد أن كانت انطلاقته منها، قبل تخصيصها، واستمر فيها حتى عام 2003. وبعد 27 عامًا من نجاحه فيها انتقل إلى القناة الثانية، الرسمية، قبل أن يحط في الثالثة منذ 2006.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».