كيف تصل لأكثر المواقع فائدة على الإنترنت؟

في ذكرى مرور 25 عامًا على نشأة الشبكة

كيف تصل لأكثر المواقع فائدة على الإنترنت؟
TT

كيف تصل لأكثر المواقع فائدة على الإنترنت؟

كيف تصل لأكثر المواقع فائدة على الإنترنت؟

يزيد عدد مواقع الشبكة العنكبوتية الدولية الآن على مليار موقع، بعد أن كان في عام 1991 يوجد موقع إنترنت واحد فقط على مستوى العالم. وفي ظل هذا المزيج المربك من المواقع المهمة والمواقع متوسطة الأهمية والمواقع التافهة عديمة القيمة، يمكن أن يكون من الصعب جدًا العثور على المواقع التي تستحق الاهتمام. لذلك سنقدم في هذا التقرير ومع الاحتفال بمرور 25 عامًا على ظهور الشبكة العنكبوتية الدولية التي باتت تعرف اليوم باسم الإنترنت سنرشح مجموعة من المواقع الجديدة المفيدة التي ظهرت على الإنترنت في مجالات كثيرة..
الأخبار: أسس عيزرا كلاين موقع «فوكس» (في أو إكس) عام 2014، لكن يبدو أن العام الحالي سيكون أكثر المراحل إثارة بالنسبة لهذا الموقع الذي يستهدف شرح الأخبار، حيث يستخدم مقالات توضيحية وفيديوهات وخرائط ورسوما لكي يجعل الأحداث العالمية المعقدة مفهومة.
ويمكن أن يكون هذا الموقع مفيدًا خلال الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة. وكلاين جزء من اتجاه بين الصحافيين الأميركيين الذين يتركون العمل في الصحف من أجل إقامة مشروعاتهم الخاصة على الإنترنت. ومن المواقع الأخرى موقع «نيت سيلفر» ومدونة «فايف ثيرتي إيت».القراصنة: المعركة الافتراضية ضد قراصنة المعلومات تبدو بلا نهاية.
غالبا يكتشف ضحايا عمليات القرصنة سقوطهم في الفخ في وقت متأخر أو لا يكتشفون ذلك على الإطلاق. لذلك فأنا أعتقد أن موقع «بونيد دوت كوم» (بي دبليو إن إي دي) يمكن أن يكون مفيدًا في هذا السياق.
يمكن للمستخدمين في هذا الموقع معرفة ما إذا كان عنوان البريد الإلكتروني أو كلمة المرور الخاصة بهم قد تمت القرصنة عليها، حسب وكالة الأنباء الألمانية.
المكتب: بالنسبة للكثيرين من الموظفين الذين يتعاملون مع الكومبيوتر في أعمالهم فإن كلمة «مكتب» من الكلمات المحببة بالنسبة لهم. لكن الوضع لم يعد كذلك بالنسبة للشركات العملاقة في عالم الإنترنت مثل «غوغل» و«فيسبوك».
راجع موقع «أوفيس لاف إن» الذي يعرض صورًا للمكاتب الحديثة الأنيقة لهذه الشركات بما في ذلك صور حصرية لمكاتب موقع خدمة المستهلك «يلب» وموقع التسجيلات الموسيقية «سبوتفاي».
السفر: موقع «رحلات آدم» يسجل جولات مصمم غرافيك مقيم في برلين من بوسطن إلى الكثير من الأماكن الجميلة والمثيرة التي زارها كما يقدم سجلاً للرحلات السياحية.
الطقس: هناك مدونة اسمها «الطقس في أوروبا» وهي من أفضل المواقع التي توفر معلومات عن أحوال الطقس في مختلف أنحاء العالم.
الرسم: الإنترنت جعلت من الممكن بالنسبة للناس في مختلف أنحاء العالم أن يعرضوا رسوماتهم الكاريكاتيرية ولوحاتهم وقصصهم المصورة على جمهور واسع. وعلى موقع «سكيتش بوك بروجيكت» توجد أعمال نحو 34 ألف فنان من أكثر من 135 دولة يمكن مشاهدتها.
اللياقة البدنية: أي شخص يدخل عالم تمارين اللياقة البدنية لأول مرة أو بعد ابتعاده لفترة طويلة سيواجه مجموعة كبيرة من الكلمات والاختصارات الغريبة والغامضة مثل «كارديو» و«كور» و«بيليتس». لذلك فموقع «بويا فيتنس» يقدم خدماته تحت شعار «كل أنواع اللياقة البدنية التي تتخيلها».
يوفر هذا الموقع تمرينات منزلية من خلال فيديوهات رقمية. ويمكن استخدام الموقع لمدة 30 يومًا مجانًا وبعد ذلك يدفع المستخدم 9 يوروات (10 دولارات) شهريًا إذا أراد استمرار الدخول إلى الموقع.
الطعام: رغم أن صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية مشهورة بقدرتها على الحصول على أهم الأخبار وتقديم التحليلات العميقة والأفكار الليبرالية، والآن أصبحت مشهورة أيضًا بوصفات الطعام التي تقدمها. ونظرًا لأن الصحيفةالأميركية أطلقت قسم الطبخ على موقعها الإلكتروني في 2014 فإنها الآن توفر أكثر من 17 ألف وصفة لذيذة.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)