«إف بي آي» يعتقل أميركيًا آخر حاول الالتحاق بـ«داعش» في سوريا

بعد حملة اعتقالات شملت عراقيين وفلسطينيين وسودانيًا

«إف بي آي» يعتقل أميركيًا آخر حاول الالتحاق بـ«داعش» في سوريا
TT

«إف بي آي» يعتقل أميركيًا آخر حاول الالتحاق بـ«داعش» في سوريا

«إف بي آي» يعتقل أميركيًا آخر حاول الالتحاق بـ«داعش» في سوريا

أعلنت وزارة العدل الأميركية، أول من أمس، أن مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) اعتقل أميركيا كان ينوي الالتحاق بتنظيم داعش في سوريا عبر الأردن، مع شريك له.
وأوضحت الوزارة في بيان أن جوزيف حسن فاروق، وهو أميركي في الثامنة والعشرين من العمر، اعتقل الجمعة في أحد مطارات فرجينيا (شرق البلاد) قبيل صعوده إلى طائرة متوجهة إلى شيكاغو (شمال شرقي البلاد)، حيث كان ينوي أن يستقل طائرة أخرى للتوجه إلى عمان عاصمة الأردن، «مع وجهة نهائية هي سوريا» المجاورة. كما تم أيضا توقيف شخص آخر يشتبه بأنه شريك له، يدعى محمود أمين محمد الحسن، وهو سوداني في الخامسة والعشرين يحمل إذن إقامة أميركية بعد أن نقل فاروق على مقربة من المطار. وفاروق متهم بـ«محاولة تقديم دعم مادي ووسائل» إلى «تنظيم إرهابي أجنبي»، هو «داعش»، بحسب البيان. أما الشخص الذي يشتبه بأنه شريكه، فهو متهم بـ«مساعدته ودعمه».
وأضاف البيان أن فاروق الذي كان يرغب بالتوجه إلى سوريا منذ 20 نوفمبر (تشرين الثاني) على الأقل، أجرى مرات عدة اتصالات «سرية بهدف تسوية تفاصيل» متعلقة بسفره إلى سوريا بحسب البيان. وتقررت الجلسة الأولى من محاكمته في 19 يناير (كانون الثاني) . ويواجه كل من الرجلين المتحدرين من وودبريدج بولاية فرجينيا عقوبة السجن لمدة تصل إلى 20 سنة.
وقال أخو الحسن لصحيفة «واشنطن بوست» أمس إن أخاه لم يكن متطرفا، ولم ينتم إلى «داعش»، أو إلى أي تنظيم متطرف، مضيفا: «أنا متأكد مائة في المائة من أن أخي بريء. في نهاية المطاف، سيتأكدون (المحققون) أنهم ارتكبوا خطأ فادحا في حق أخي». ويدرس الحسن في كلية شمال فرجينيا، ويعمل كسائق سيارة أجرة. وبينما اعتقل فاروق في مطار رتشموند، اعتقل الحسن في منزله في وودبريدج (ولاية فرجينيا)، من ضواحي واشنطن العاصمة. وفتشت الشرطة المنزل، ونقلت منه أوراقا وممتلكات شخصية يعتقد أن لها صلة بأسباب اعتقاله.
من جهتها، أكدت والدة فاروق للصحيفة نفسها أنه ولد في بتسبيرغ (ولاية بنسلفانيا)، واعتنق الإسلام عندما كان صبيا. وأنه أخفى عن العائلة نيات سفره للانضمام إلى «داعش». كما أنه أصبح «عدوانيا»، وكان يردّد لها: «أدعو الله أن يدمر المسيحيين لأنهم أعداء الإنسانية».
وحسب تسجيلات صوتية لمحادثات بين المتهمين ومخبرين قدمتها «إف بي آي» إلى المحكمة، ظل فاروق يتحدث عن تأييده للتنظيم، ورغبته في السفر للانضمام إليه منذ أكثر من عام. وفي أحد التسجيلات الصوتية، قال فاروق لواحد من المخبرين إنه حذّر من مخبري «إف بى آي»، ويخشى أن يتابعوه. وأضاف: «لا أريد أن أذهب إلى السجن لمدة 15 عاما (إذا اعتقل)». كما طلب من أحد المخبرين أن يؤدي القسم على المصحف الشريف، لضمان أنه ليس مخبرا. وقال له: «تقع لعنة الله على الذين يعملون مع الكفار». كما أضاف فاروق لواحد من المخبرين أنه يخفي عن عائلته نية سفره للانضمام إلى «داعش»، مدّعيا أنه ينوي السفر إلى السعودية لدراسة الشريعة.
في الأسبوع الماضي، اعتقلت شرطة «إف بى آي» مهاجرين عراقيين، عمر فرج وسعيد الحردان، في هيوستن (ولاية تكساس)، وأوس محمد يونس الجياب، في ساكرمنتو (ولاية كاليفورنيا) بتهمة التخطيط للسفر إلى الشرق الأوسط للانضمام إلى «داعش»، وجمع تبرعات لها في الولايات المتحدة.
ونفى سعيد، أخو الحردان، أن عمر كان يؤيد «داعش»، قائلا: «لا يؤيد (داعش) أي شخص عاقل». كما اعتقلت «إف بى آي» مهاجرين فلسطينيين اثنين، هما مهند بدوي، ونادر الهزيل، وكانا يعيشان في أناهايم (ولاية كاليفورنيا). حسب وثيقة الاتهام، أودع الهزيل (24 عاما) شيكات مسروقة كان سحبها من ثلاثة حسابات مصرفية أميركية في حسابه الشخصي، ثم سحب المال لشراء تذكرة للسفر إلى تركيا. واتهمت شرطة «إف بى آي» بدوي (24 عاما) باستخدام مساعدات مالية من الحكومة الأميركية لمساعدته في مصاريفه الجامعية لشراء تذكرة طائرة إلى تركيا.
وفي بداية هذا العام، كرر مسؤولون أمنيون أميركيون رفيعو المستوى أن الولايات المتحدة تواجه ارتفاعا كبيرا في عدد الأميركيين الذين يخططون للالتحاق بتنظيم داعش، وأن الأجهزة الأمنية الأميركية اتخذت إجراءات «ضد العشرات منهم» في العام الماضي.
من جهته، قال جيمس كومي، مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية، خلال استجواب مع مسؤولين أمنيين آخرين أمام لجنة الأمن الداخلي في مجلس النواب الأميركي، إن من بين الذين يرغبون في الانضمام إلى تنظيم داعش «عشرات الشبان والشابات». وأضاف أن تحديد الذين تجذبهم شعارات «داعش» من خلال مواقع الإنترنت يشكل «تحديا يشبه البحث عن إبرة في كومة من القش في حجم البلاد (الولايات المتحدة)». وقال كومي، بحضور وزير الأمن الداخلي جيه جونسون، إن تنظيم داعش «ضخ، مؤخرا، طاقات جديدة لجذب المتطرفين العنيفين الذين ترعرعوا على الأراضي الأميركية».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.