روحاني مستبشر بالاتفاق النووي.. وأوساط إيرانية تحذر من تفاؤل مبالغ فيه

انتظر بدء التطبيق قبل تقديم ميزانية البلاد إلى البرلمان

الرئيس الإيراني حسن روحاني يتحدث في مؤتمر صحافي بطهران أمس (رويترز)
الرئيس الإيراني حسن روحاني يتحدث في مؤتمر صحافي بطهران أمس (رويترز)
TT

روحاني مستبشر بالاتفاق النووي.. وأوساط إيرانية تحذر من تفاؤل مبالغ فيه

الرئيس الإيراني حسن روحاني يتحدث في مؤتمر صحافي بطهران أمس (رويترز)
الرئيس الإيراني حسن روحاني يتحدث في مؤتمر صحافي بطهران أمس (رويترز)

بعد ساعات من نهاية الجولة 35 من مفاوضات إيران ومجموعة «5+1» في غضون عامين، بإعلان تنفيذ الاتفاق النووي رسميا، قدم رئيس الجمهورية الإيراني حسن روحاني ميزانية العام الجديد إلى البرلمان.
وأرجع روحاني، في أول خطاب له بعد إعلان «يوم التنفيذ الرسمي للاتفاق»، نجاح بلاده في التوصل إلى الاتفاق النووي، إلى «دعم» المرشد الأعلى علي خامنئي، معتبرا الاتفاق النووي «إنجازا وطنيا» يخدم الشعب والمصالح القومية.
وطبقا لوسائل إعلام إيرانية، فقد اعتبر روحاني عند تقديمه أول ميزانية بعد رفع العقوبات، التوصل إلى الاتفاق النووي نصرا للداخل الإيراني ومجموعة «5+1»، وشدد على أنه لم يكن انتصارا لتيار سياسي على حساب تيار آخر في إيران، معربا عن أمله في أن يواصل الإيرانيون تكاتفهم في زمن تنفيذ الاتفاق، لكنه هاجم خلال مؤتمر صحافي بعد ساعات، ضمنا، جهات داخلية، من دون ذكر اسمها، قال إنها حاولت عرقلة المفاوضات النووية.
وتأجل هذا العام تقديم الحكومة ميزانية العام الجديد إلى البرلمان أكثر من شهر، وبرر روحاني التأخير بتزامن الإجراء مع رفع العقوبات والإعلان الرسمي عن تنفيذ الاتفاق النووي، مضيفا أن حكومته رهنت إعلان الميزانية الجديدة برفع العقوبات، إلا أنها امتنعت عن تقديمها.
ويحظى الإعلان عن رفع العقوبات بأهمية خاصة لدى حكومة روحاني قبل موعد الانتخابات المقررة الشهر المقبل، وبذلك يكون روحاني قد حقق أهم وعوده حملته الانتخابية قبل عامين.
ولفت روحاني إلى أن دور المرشد الأعلى، و«خيمة ولي الفقيه» والخطوط التي رسمها و«دعمه الشامل» للمفاوضات، كان حاسما في الوصول إلى يوم تنفيذ الاتفاق النووي.
وعلى هامش المؤتمر الصحافي للرئيس الإيراني، قال علي أكبر صالحي، رئيس وكالة الطاقة الذرية الإيرانية، إن مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يوكيا أمانو سيلتقي روحاني في طهران لتعزيز التعاون بين إيران والوكالة الدولية في إطار البرتوكول الإضافي.
وبينما أبرزت الصحف المحسوبة على ما يسمى «التيار الإصلاحي» رفع العقوبات عن إيران والإعلان الرسمي عن دخول إيران والدول الكبرى مرحلة التطبيق العملي لاتفاق فيينا الذي تم التوصل إليه في يوليو (تموز) الماضي، تجاهلت صحيفة «جوان» التابعة لمخابرات الحرس الثوري الإعلان الرسمي عن تنفيذ الاتفاق النووي على صفحتها الأولى، وتهكمت على روحاني بعد تأجيل خطابه الموجه لمواطنيه من السبت إلى أمس.
وكانت صحيفة «وطن أمروز» المتشددة وصفت «يوم تنفيذ الاتفاق النووي» بيوم دفن الإنجاز النووي، معتبرة الاتفاق أكبر عملية تدمير لصناعة نووية في العالم، وانتقدت الصحيفة على صفحتها الأولى الإفراج عن مراسل صحيفة «واشنطن بوست»، جيسون رضائيان، مؤكدة أنها ستكشف ملابسات ذلك في الأيام المقبلة.
من جانبها، قالت صحيفة «كيهان» في عنوانها الرئيسي إنه بعد تنفيذ الاتفاق، حان دور العمل بالوعود المعطلة من جانب روحاني.
في المقابل، قال قائد الحرس الثوري السابق وعضو مجلس تشخيص مصلحة النظام، محسن رضايي، إن اعتقال البحارة الأميركيين قبل أيام في المياه الإيرانية أطلق «رصاصة الرحمة» على «تردد» أمیرکا فی تطبیق الاتفاق النووي، محذرا حكومة روحاني من «توقعات غير واقعية» والتفاؤل بتحسين الأوضاع الاقتصادية عاجلا. وعن إعلان عقوبات أميركية قبل تطبيق الاتفاق النووي، اتهم رضايي الكونغرس بمحاولة استدراج إيران إلى حرب نفسية، قائلا إن أميركا «واجهت مأزقا بسبب موقف إيران الحازم من العقوبات».



قلق أميركي من سعي إيران لإعادة حضورها العسكري في سوريا

عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
TT

قلق أميركي من سعي إيران لإعادة حضورها العسكري في سوريا

عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

تخشى الولايات المتحدة من محاولات إيران لاستعادة حضورها العسكري في سوريا، بما في ذلك خط إمداد «حزب الله»، رغم سحبها الكبير لقواتها من الأراضي السورية بعد انهيار نظام الأسد، الشهر الماضي، في ضربة لاستراتيجيتها الإقليمية، وفقاً لمسؤولين غربيين وإقليميين.

وقال مسؤول أميركي رفيع لصحيفة «وول ستريت جورنال» إن الانسحاب الإيراني من سوريا يمثل نهاية لجهود طهران الإقليمية لنشر النفوذ وشن حروب بالوكالة ضد أميركا وإسرائيل، حيث فر أعضاء في «فيلق القدس»، وتم تفكيك الميليشيات.

وأنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم الأسد خلال الحرب، وأرسلت قوات من «الحرس الثوري» إلى سوريا؛ لمساعدة حليفها على البقاء في السلطة.

بدأت إيران بسحب قواتها بعد انهيار الجيش السوري في أواخر العام الماضي، في ظل ضربات إسرائيلية متواصلة، وكانت غاضبة من الأسد الذي ظل غائباً خلال صراعها مع إسرائيل.

وامتدت شبكة إيران في سوريا من الشرق لنقل الأسلحة والمقاتلين إلى حدود لبنان لتسليح «حزب الله».

وقال مسؤولون غربيون وعرب إن معظم المقاتلين المدعومين من إيران في شرق سوريا، بينهم ضباط من «الحرس الثوري»، فروا إلى القائم بالعراق، بينما هرب بعض الإيرانيين المقيمين في دمشق إلى طهران، ومقاتلو «حزب الله» عبروا إلى لبنان.

وقالت باربرا ليف، المسؤولة عن شؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الأميركية، عن مغادرة القوات الإيرانية من سوريا: «إلى حد كبير، نعم... إنه أمر استثنائي».

الرئيس السوري بشار الأسد في لقاء مع وزير الخارجية الإيراني خلال زيارته لسوريا في 2 ديسمبر 2024 (د.ب.أ)

وقالت ليف إن سوريا أصبحت الآن أرضاً معادية لإيران، وأضافت: «هذا لا يعني أنهم لن يحاولوا العودة، لكن الأوضاع هناك معادية للغاية».

وهاجم المرشد الإيراني، علي خامنئي، الأسبوع الماضي، الانتقادات لحضور إيران الإقليمي، قائلاً: «بعض الأشخاص بسبب افتقارهم للفهم وقلة الوعي والتحليل الصحيح للقضايا يقولون إن الدماء التي أريقت في سبيل الدفاع عن الأضرحة قد ذهبت هدراً». وأضاف: «هذا التصور خطأ كبير؛ لأنه لولا قتال الجنرال سليماني ومدافعي الأضرحة لما بقي أثر من المراقد المقدسة، سواء السيدة زينب أو حتى كربلاء والنجف».

وقال دبلوماسيون غربيون إن العسكريين الإيرانيين وحلفاءهم أُجبروا على ترك كمية كبيرة من المعدات والذخائر العسكرية في أثناء هروبهم، وجرى تدميرها لاحقاً بواسطة إسرائيل، أو تم الاستيلاء عليها من قبل «هيئة تحرير الشام» وجماعات أخرى.

وقال مسؤول سابق في «البنتاغون» إن انهيار نظام الأسد قلل من تأثير إيران في المنطقة، وقدرتها على دعم الجماعات المسلحة لتحقيق أهدافها الإقليمية.

في الأيام الأخيرة، أفادت تقارير بأن إيران حاولت زيادة شحنات النقود إلى «حزب الله» في لبنان، وتم تأخير وتفتيش رحلة دبلوماسية إيرانية لدى وصولها إلى بيروت.

صورة نشرها موقع البرلمان الإيراني من سلامي خلال جلسة مغلقة حول سوريا ديسمبر الماضي

ويعتقد المسؤولون الأميركيون أن إيران ستسعى لإعادة الجسر البري، ولكن من غير المحتمل أن تسمح الحكومة السورية الجديدة لـ«الحرس الثوري» الإيراني بتجديد وجوده العسكري بسبب دعمه للأسد.

وفي نهاية ديسمبر (كانون الأول)، توقع خامنئي ظهور «قوة شريفة في سوريا»، قائلاً إن «الشباب الشجعان والغيارى في سوريا سيقومون بطرد إسرائيل».

ویخشی المسؤولون الأمیركيون من أن إيران قد تحاول إعادة نفوذها في سوريا على المدى الطويل، عبر تفعيل الشبكات القديمة، واستغلال عدم الاستقرار في البلد.

قال أندرو تابيلر، المدير السابق لسوريا في مجلس الأمن القومي: «هذا فشل كارثي لإيران. حجم الكارثة سيعتمد على ما إذا كانت سوريا ستظل موحدة»، وأضاف: «قد تجد إيران طريقاٌ للعودة بفضل الانقسامات الطائفية التي لا تزال غير محلولة في ظل النظام الجديد».