من تحت جسور كابل يحصل المدمنون على المساعدة في قاعدة عسكرية أميركية قديمة

أكثر من 12 % من الأفغان يتعاطون المخدرات

طبيب يكشف على مدمن في معسكر فينيكس الذي أسسته الولايات المتحدة عام 2003 وتحول إلى أكبر تسهيلات لعلاج المدمنين في أفغنستان بعد مغادرة القوات الأميركية البلاد (رويترز) - بعض المدمنين تحت أحد الجسور في العاصمة كابل في العام الماضي قبل إخلاء المنطقة (نيويورك تايمز)
طبيب يكشف على مدمن في معسكر فينيكس الذي أسسته الولايات المتحدة عام 2003 وتحول إلى أكبر تسهيلات لعلاج المدمنين في أفغنستان بعد مغادرة القوات الأميركية البلاد (رويترز) - بعض المدمنين تحت أحد الجسور في العاصمة كابل في العام الماضي قبل إخلاء المنطقة (نيويورك تايمز)
TT

من تحت جسور كابل يحصل المدمنون على المساعدة في قاعدة عسكرية أميركية قديمة

طبيب يكشف على مدمن في معسكر فينيكس الذي أسسته الولايات المتحدة عام 2003 وتحول إلى أكبر تسهيلات لعلاج المدمنين في أفغنستان بعد مغادرة القوات الأميركية البلاد (رويترز) - بعض المدمنين تحت أحد الجسور في العاصمة كابل في العام الماضي قبل إخلاء المنطقة (نيويورك تايمز)
طبيب يكشف على مدمن في معسكر فينيكس الذي أسسته الولايات المتحدة عام 2003 وتحول إلى أكبر تسهيلات لعلاج المدمنين في أفغنستان بعد مغادرة القوات الأميركية البلاد (رويترز) - بعض المدمنين تحت أحد الجسور في العاصمة كابل في العام الماضي قبل إخلاء المنطقة (نيويورك تايمز)

كانت الجسور الممتدة عبر نهر كابل في قلب هذه العاصمة الأفغانية مأوى لجحيم من نوع خاص. فعبر سنوات كثيرة، عاش المئات من مدمني الهيروين أسفل تلك الجسور، وعلى ضفاف النهر برفقة الإبر المستعملة التي تدهسها الأقدام - في خواء وفراغ قاتلين لا يختلفان كثيرًا عن اقتراحات المنح المتعددة التي لم تؤد إلى حلول.
وعندما ظهرت تقارير في نهاية عام 2014 بشأن مخيمات المخدرات التي تحولت بمرور الوقت إلى مشاهد مروعة تؤذي عيون وقلوب المارة - حيث يعتلي سكان كابل أسوار المخيمات لإلقاء نظرة على المدمنين - أعلنت حكومة الرئيس الأفغاني أشرف غني أن السلطات ستنقل المقيمين أسفل الجسر إلى قاعدة عسكرية مترامية الأطراف كانت الولايات المتحدة قد أسستها في عام 2003 ثم جرى تسليمها إلى الحكومة الأفغانية مع انسحاب القوات الأميركية من البلاد عام 2014. استغرق الأمر أكثر من عام ونيف حتى يكتمل نقل المدمنين إلى القاعدة المذكورة، ولكن خلال الأسبوعين الماضيين، كانت الحكومة تتصرف وفق التزامها بتعهداتها، من حيث تنظيف وتطهير ضفاف النهر أسفل الجسور ونقل المدمنين، والكثير منهم بلا مأوى، إلى برنامج إعادة التأهيل الإلزامي في القاعدة المعروفة قبلا باسم معسكر فينيكس، الواقعة في الضواحي الشرقية من المدينة. وبمجرد اكتمال معسكر فينيكس الكبير بالنزلاء من المدمنين، تحول إلى أكبر مركز لعلاج الإدمان في أفغانستان.
حتى الموظفين الذين يعملون ويديرون المركز كانوا يسارعون إلى الاعتراف بأنه ليس إلا خطوة صغيرة على طريق علاج أزمة المخدرات في البلاد. ويقول نقاد تلك الجهود إن كل ما يقدمه البرنامج هو مواراة مشكلة الإدمان الهائلة في البلاد بعيدًا عن الأنظار وراء أسوار ذلك المعسكر التي يبلغ ارتفاعها 10 أقدام.
يذكر أن أفغانستان تعتبر أكبر منتج للأفيون في العالم، وهناك أدلة تفيد بأن مشكلة المخدرات الأفغانية هي أسوأ بكثير مما تعترف به الأوساط الرسمية الحكومية في البلاد، التي تغذيها كميات المخدرات، مثل الهيروين، ذات السعر الرخيص والانتشار الواسع. ووفقًا لتقرير صدر الشهر الماضي عن مكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة، فإن 12.6 في المائة من البالغين الأفغان هم من مدمني المخدرات، وهو ضعف المعدل العالمي، وتقول التقديرات إن مراكز علاج الإدمان تصل إلى ما نسبته 10 في المائة فقط من مجموع مدمني الهيروين والأفيون.
وتعتبر مسألة العدوى بفيروس نقص المناعة البشرية من المسائل الحساسة هنا أيضًا.
فقد أصبحت العلاقة ما بين تعاطي المخدرات أسفل جسور كابل والإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية من الأمور المعروفة هناك. ففي الثاني من يناير (كانون الثاني) الحالي، كان وزير الصحة الأفغاني فيروز الدين فيروز يقود حملة اعتقالات ليلية عندما تعرض للهجوم أسفل الجسر بواسطة أحد الأشخاص وكان يحمل حقنة قذرة. ويعتقد محمد إسماعيل كواسي مدير العلاقات العامة بالوزارة أنه كان هجوما مدبرا من جانب مروجي المخدرات بالمدينة الساخطين على حملة التطهير التي تقوم بها الوزارة.
وأصر كواسي على أن الأنباء الواردة بتلقي وزير الصحة الأفغاني العلاج في الهند لإصابته بفيروس نقص المناعة البشرية إثر الهجوم المذكور هي أنباء عارية من الصحة تماما، مضيفًا أن «الوزير سافر إلى الهند فقط لمشاهدة مباراة كرة القدم بين المنتخب الأفغاني ونظيره الهندي. وقد أجرى الوزير اختبار فيروس نقص المناعة البشرية هنا في البلاد واتخذ كل الأدوية الواقية من الإصابة بالفيروس،» كما أفاد كواسي.
حتى الآن، تم إيواء 600 مواطن فيما باتت الحكومة الأفغانية تسميه رسميا «مركز العلاج والتأهيل»، على الرغم من أن الجميع لا يزالون يستخدمون الاسم القديم، الذي اختير وقتئذ لما كانت القاعدة العسكرية هي مركز تدريب قوات الأمن الأفغانية، الذي يعود بهم، ظاهريا، إلى رماد عهد طالبان السابق. ولقد اقترحت رولا غني قرينة الرئيس الأفغاني، إعادة التسمية لتكون: معسكر الأمل، ولكن ذلك لم يتم على نحو رسمي حتى الآن. وقد وصل أغلب سكان الجسر السابقين في سلام إلى المركز الجديد، حيث اجتذبهم آمال الثكنات الدافئة، والوجبات الثلاث في اليوم، وبعض من العلاج والدواء. بالإضافة إلى أن الشرطة قد أبعدت مروجي المخدرات بعيدا عن ضفاف النهر وبالتالي ليس لنزلاء المركز من وسيلة للحصول على المخدرات.
ويحتل المبنى الجديد ركنا صغيرا من القاعدة القديمة مترامية الأطراف، التي كانت محل إقامة جنود الولايات المتحدة وغيرهم من جنود حلف شمال الأطلسي، إلى جانب موظفي الشركات الدفاعية الخاصة. لا تزال شبكة الطرق المعبدة التي تجتازها الممرات المرصوفة بالحجارة سليمة تماما، ولا تزال أيضًا المساهمات الأميركية في إدارة المعسكر مرئية في المكان مثالا بلافتات الحد الأقصى للسرعة 3 ميل / ساعة (5 كم / ساعة).
لا يوجد في القاعدة حاليا إلا عدد قليل من السيارات التي تذهب هنا أو هناك، وأغلب المباني التي تعتبر بالعشرات، فارغة. باستثناء المنطقة التي يحتلها مركز العلاج الجديد. المباني هناك خالية، ولكنها تحمل حتى الآن مناخ المعسكر المحتل المغتصب للأشخاص الذين يحتلون منازل الآخرين. تحولت لفظة «D - FAC» العسكرية الدارجة وتعني «منشأة الطعام» إلى منشأة الإسكان، ولكن كان لزاما على السلطات الأفغانية بناء المطابخ الخاصة بهم. وعندما غادرت القوات الأميركية، أخذوا معهم أو باعوا كل إناء، أو مقلاة، أو فرن، أو طاولة.
قال أحد المقيمين، ويدعى مجتبى (25 عاما)، من ولاية غزني، إنه ظل مدمنا للهيروين لمدة عشر سنوات، منذ أن غادر والده الأسرة واختفى. وقال إنه يشعر بالسعادة لابتعاده عن ضفاف النهر، وامتدح الطعام والرعاية الصحية التي يتلقاها في المركز. وكانت أكبر شكوى له هي الملل. ويضيف مجتبى قائلا: «إنني أفتقد العالم خارج المركز كثيرا حيث لا يوجد ما نفعله هنا - لا تلفاز، ولا حتى بطاقات للعب». والزيارات ممنوعة، لضمان عدم تهريب المخدرات إلى الداخل، كما أن أسوار القاعدة العالية قد حجبت نزلاء المركز بعيدا عن بقية المدينة.
في ذروة عملياته، كان معسكر فينيكس يضم ما يقرب من 10 آلاف جندي ومقاول دفاعي. ولم تكن القاعدة الصاخبة التي لا تنام تفتقر إلى أجهزة التلفاز، وخصوصا ذات الشاشة الكبيرة منها، وكان هناك الكثير من الصالات الرياضية والوحدات الترفيهية. ولكن كل ذلك صار تاريخا الآن. فعلى جانب المعسكر، على طريق جلال آباد، هناك المئات من الماكينات الرياضية وآلات الجري في المكان مكدسة في ساحات للخردة في انتظار المشترين!
كان معسكر فينيكس يحمل سمعة أنه أكثر الأهداف تعرضا للهجمات في العاصمة كابل من جانب حركة طالبان والانتحاريين الموالين لها، ولكن لم يفلح أحد منهم أبدا في اجتياز المحيط الخارجي للمعسكر إلى الداخل. والآن، هناك بوابة حديدية واهية ووحيدة هي كل ما تبقى من الدفاعات العسكرية الهائلة السابقة. ويشكو كثير من نزلاء المعسكر الجدد من إجبارهم على الانتقال إلى المركز لإعادة التأهيل والعلاج.
يقول سيد ميرويس (42 عاما)، الذي كان مدمنا معظم سنوات حياته: «إنني جائع وأشعر بالألم، ولست سعيدا لوجودي هنا. إنهم يضربوننا ويأتون بنا إلى هنا بالقوة». أعرب القليل من مدمني الهيروين عن آمالهم الكبيرة في مقدرتهم على تجنب الانتكاس.
وبعد مرور الحد الأقصى للإقامة ويبلغ 180 يوما، يتم الإفراج عن النزيل لمغادرة المركز، كما يقول الدكتور وكيل قيوم نائب مدير المركز. الذي أضاف: «إنهم يصبحون أصحاء خلال تلك الفترة. ولكن المشكلة الكبرى في البلاد هي البطالة، ولذا بمجرد الإفراج عنهم، ليس لدينا برنامج جيد نساعدهم من خلاله - وسوف يعاود الكثير منهم إدمان المخدرات من جديد، بكل أسف».
في الوقت الحالي، سوف يضم مركز العلاج الجديد نحو 1500 سرير، ولكن الدكتور قيوم يقول إن يأمل أن وزارة الصحة سوف تزيد من عدد المرضى المتلقين للعلاج هناك.
وأضاف أخيرا: «إن جلب الكثير من المدمنين إلى المركز خلال وقت قصير لهو نجاح باهر. كما أنها بداية مبشرة بالخير».

* خدمة «نيويورك تايمز» خاص بـ(«الشرق الأوسط»)



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».