المتمردون الحوثيون يفرجون عن وزير التعليم الفني وعدد من النشطاء

ولد الشيخ يعلن عدم التوصل إلى اتفاق بشأن مكان وزمان جولة المفاوضات المقبلة

المبعوث الأممي ولد الشيخ في مطار صنعاء قبل مغادرته العاصمة اليمنية بعد خمسة أيام من المحادثات مع ميليشيات الحوثيين وقوات الرئيس السابق صالح (أ.ف.ب)
المبعوث الأممي ولد الشيخ في مطار صنعاء قبل مغادرته العاصمة اليمنية بعد خمسة أيام من المحادثات مع ميليشيات الحوثيين وقوات الرئيس السابق صالح (أ.ف.ب)
TT

المتمردون الحوثيون يفرجون عن وزير التعليم الفني وعدد من النشطاء

المبعوث الأممي ولد الشيخ في مطار صنعاء قبل مغادرته العاصمة اليمنية بعد خمسة أيام من المحادثات مع ميليشيات الحوثيين وقوات الرئيس السابق صالح (أ.ف.ب)
المبعوث الأممي ولد الشيخ في مطار صنعاء قبل مغادرته العاصمة اليمنية بعد خمسة أيام من المحادثات مع ميليشيات الحوثيين وقوات الرئيس السابق صالح (أ.ف.ب)

أنهى المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ، أمس، مباحثاته في العاصمة اليمنية صنعاء مع المتمردين الحوثيين، دون التوصل إلى اتفاق بشأن عقد جولة المباحثات المقبلة، مع نتائج محدودة فيما يتعلق بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، حيث أفرج المتمردون الحوثيون، أمس، عن وزير التعليم الفني والتدريب المهني، عبد الرزاق الأشول، إضافة إلى 4 نشطاء يمنيين ومواطنين سعوديين اثنين، دون إيراد المزيد من التفاصيل حول هوية المفرج عنهم.
وبعد لبس وتضارب سادا الأنباء بشأن الإفراج عن المعتقلين، تبين أن الميليشيات الحوثية الانقلابية في صنعاء، لم تفرج عن وزير الدفاع اليمني المعتقل اللواء محمود سالم الصبيحي، واللواء ناصر منصور هادي، وكيل جهاز الأمن السياسي وشقيق الرئيس عبد ربه منصور هادي، غير أن المبعوث الأممي، أعلن في مؤتمر صحافي بصنعاء، أنه اطمأن شخصيا على سلامة اللواء الصبيحي وشقيق الرئيس هادي، مؤكدا عدم التوصل إلى اتفاق بشأن تحديد زمان ومكان جولة المفاوضات المقبلة.
وشهدت الساعات التي تلت مغادرة ولد الشيخ صنعاء، تضاربا في الأنباء بشأن مصير المعتقلين الرئيسيين الذين تطالب الحكومة الشرعية بالإفراج عنهم، فبعد الإعلان عن الإفراج عن وزير الدفاع اللواء الصبيحي وشقيق الرئيس هادي وغيرهما، فقد جرى تأكيد استمرار المعتقلين وعدم الإفراج عنهما.
وجاءت عملية الإفراج عن وزير التعليم الفني والتدريب المهني وعدد آخر من المعتقلين، في ختام المباحثات التي أجراها المبعوث الأممي، إسماعيل ولد الشيخ أحمد في صنعاء مع القيادات الانقلابية في حركة الحوثيين والقيادات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح، على مدى 5 أيام، وقال ولد الشيخ، قبيل مغادرته صنعاء، مساء أمس، إن مفاوضاته في صنعاء «كانت إيجابية في معظمها ولم يتم تحديد موعد المشاورات القادمة، إلا أننا حريصون على تنفيذ كل ما خرجت به المفاوضات التي عقدت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي بسويسرا»، مؤكدا أنه سيتم، خلال الأيام القليلة المقبلة، تحديد زمان ومكان انعقاد الجولة المقبلة من المفاوضات بين الطرفين، الحكومة الشرعية والمتمردين.
وأضاف أنه تم الاتفاق على «إرسال وفد من الأمم المتحدة لزيارة اليمن قريبا برئاسة المنسق الإنساني للأمم المتحدة للقيام بجولة إلى محافظة تعز وعدد من المحافظات المنكوبة لتقديم كافة المساعدات وإيصالها إلى المتضررين في تلك المحافظات»، مؤكدا أن الخطوات التي اتخذت، في إشارة إلى إطلاق بعض المعتقلين، بأنها إيجابية و«تدخل في بناء الثقة»، وطالب بـ«المزيد من الخطوات في المراحل القادمة لتعزيز الثقة».
وضمن خطة التسوية التي يسعى المبعوث الأممي إلى اليمن للتوصل إليها، تطبيق ما سميت «إجراءات بناء الثقة» بين الأطراف، خاصة من جانب المتمردين الحوثيين، وفي مقدمة ذلك، إطلاق سراح المعتقلين السياسيين ورفع الحصار المفروض على مدينة تعز، وهي النقاط التي تم التوصل إليها في جولة المشاورات الماضية، «جنيف 2»، ونص قرار مجلس الأمن الدولي الأخير بشأن اليمن، رقم 2216 صراحة على ضرورة إفراج المتمردين الحوثيين عن المعتقلين السياسيين وفي مقدمتهم وزير الدفاع اللواء الصبيحي، وهو المطلب الرئيسي لدى الحكومة الشرعية والذي أتبعته بطلب رئيسي آخر وهو رفع الحصار المفروض على مدينة تعز، حيث أكدت الحكومة اليمنية، اليومين الماضيين، أنه لا إمكانية لعقد جولة جديدة من المشاورات، قبل إطلاق سراح المعتقلين ورفع الحصار عن تعز.
وقضى ولد الشيخ 5 أيام في صنعاء، عقد خلالها لقاءات موسعة مع القيادات الحوثية وقيادات موالية للمخلوع علي عبد الله صالح وما سميت المكونات السياسية ومنظمات المجتمع المدني. وبحسب مسؤولين في عدن لـ«الشرق الأوسط»، فإن الحكومة اليمنية موقفها واضح وثابت، وهو المطالبة بتطبيق المتمردين للقرار الأممي 2216. والذي يتضمن الانسحاب من المدن وتسليم الأسلحة الثقيلة إلى الدولة والانسحاب من المؤسسات الحكومية، المدنية والعسكرية وإطلاق سراح المعتقلين.
وينتظر أن يصل المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ إلى العاصمة المؤقتة عدن، وذلك لإجراء مباحثات مع الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بخصوص التسوية السياسية وجولة المشاورات المقبلة وحول ما تمخضت عنه زيارته إلى صنعاء ومباحثاته التي أجراها مع المتمردين الحوثيين والقيادات الموالية لحليفهم المخلوع علي عبد الله صالح.
من ناحية ثانية، طالب عبد الملك المخلافي، نائب رئيس الوزراء، وزير الخارجية اليمني، الأمم المتحدة بتشديد العقوبات على معرقلي التسوية السياسية. وقال المخلافي، خلال لقائه سفير اليابان لدى اليمن في الرياض، إن «الحكومة اليمنية تريد السلام وتعمل من أجل تحقيقه وجاهزة للذهاب لجولة أخرى من المشاورات وتنتظر ما ستسفر عنه جهود المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ مع ميليشيات الحوثيين وصالح الانقلابية حول إجراءات بناء الثقة وتنفيذ التزاماتهم بالإفراج عن المعتقلين السياسيين وإنهاء حصار المدن والسماح بدخول المساعدات الإنسانية لمدينه تعز».
وطالب المخلافي حكومة اليابان من موقعها كعضو غير دائم في مجلس الأمن الدولي، من هذا الشهر، ومن خلال ترؤسها للجنة العقوبات، بتشديد العقوبات على شريكي الانقلاب في اليمن (الحوثي - صالح) باعتبارهما معرقلين لتنفيذ القرارات الدولية، وخاصة قرار مجلس الأمن رقم 2216.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم