«فطير مشلتت وعسل» في افتتاح متحف الكاريكاتير بالفيوم

يرتدي حلة جديدة بعد تعرضه لأعمال تخريب وسرقة

الفنان محمد عبلة مؤسس المتحف  -   متحف الكاريكاتير.. يعكس بساطة المعمار الريفي
الفنان محمد عبلة مؤسس المتحف - متحف الكاريكاتير.. يعكس بساطة المعمار الريفي
TT

«فطير مشلتت وعسل» في افتتاح متحف الكاريكاتير بالفيوم

الفنان محمد عبلة مؤسس المتحف  -   متحف الكاريكاتير.. يعكس بساطة المعمار الريفي
الفنان محمد عبلة مؤسس المتحف - متحف الكاريكاتير.. يعكس بساطة المعمار الريفي

«فن، وفطير مشلتت، وعسل أبيض، وجبنة قديمة، ونزهة على بحيرة قارون»، بهذه الوليمة الشهية وجه الفنان التشكيلي محمد عبلة على صفحته بموقع «فيسبوك»، دعوة عامة إلى الجمهور لحضور افتتاح متحف الكاريكاتير مجددا، بعد تعرضه لحادث سرقة وتخريب في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مشيرا إلى أنه تمت إضافة مجموعة جديدة نادرة من الأعمال الكاريكاتيرية لمحتويات المتحف.
يقع متحف الكاريكاتير على ساحل بحيرة قارون بقرية تونس بمحافظة الفيوم، على بعد نحو مائة كيلو من العاصمة القاهرة، ويعتبر الأول من نوعه للكاريكاتير في الشرق الأوسط، أسسه محمد عبلة بمجهود فردي وعلى نفقته الخاصة في عام 2009، ليعكس من خلاله حبه لفن الكاريكاتير، ويحفظ تاريخه العريق في الحياة المصرية ثقافيا واجتماعيا وسياسيا.
يضم المتحف نحو 350 لوحة لـ40 فنانا من رموز ورواد فن الكاريكاتير في مصر، تغطي حقبة زمنية شاسعة، تمتد من مطلع القرن العشرين حتى الوقت الحاضر، منها رسوم كاريكاتيرية نادرة تعود إلى عام 1927، ورسومات من إبداعات الفنانين: صاروخان ورخا وبهجوري وزهدي ومصطفي حسين وطوغان والليثي وحجازي وجمعة وجاهين وإيهاب، التي تتناول موضوعات وقضايا مجتمعية متعددة، مثل مشكلات البطالة وفساد قطاعات التعلم والصحة وازدحام المدن والرقابة على الإعلام.
أيضا يضم المتحف لوحات نادرة لفناني الكاريكاتير الذين تم اعتقالهم في فترات زمنية معينة، وتعكس الأعمال أجواء الحياة داخل هذه المعتقلات، كما يضم مكتبة بها كتب قديمة وحديثة عن رسوم الكاريكاتير، وقسما خاصا بأغلفة المجلات التي كانت مخصصة لفن الكاريكاتير خلال الفترات الماضية، من بينها مجلات «المطرقة» و«الفكاهة» و«الشعلة». ويقيم المتحف على مدار العام مجموعة من الورش الفنية، لتعليم فن الرسم والكاريكاتير.
يحضر الاحتفال الذي يتزامن مع انطلاق الدورة العاشرة لمركز الفنون بالفيوم، محافظها المستشار وائل كرم، والفنانون: د. حمدي أبو المعاطي نقيب التشكيليين، د. خالد سرور رئيس قطاع الفنون التشكيلية بوزارة الثقافة، د. أبو الفضل بدران، رئيس هيئة قصور الثقافة.
وبراهن عبلة على الفطير المشلتت في جذب الجمهور الذي يستطعم الفن، قائلا في محادثة هاتفية، تعكس روحه الدمثة: «مين ما يحبش الفطير المشلتت، خاصة إذا كان سيقدم طازجا على طاولة الفن، ووسط طبيعة ساحرة على ضفاف بحيرة قارون».
ويفتتح المعرض يوم الخميس 21 يناير (كانون الثاني) الحالي.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».