السلطات البلجيكية تعتقل باحثًا جامعيًا متخصصًا في مواجهة الفكر المتشدد

على خلفية تزوير شهادة أمام القضاء لصالح أحد المشتبه بهم

صورة لشقة وجدت فيها السلطات البلجيكية أحزمة ناسفة ومتفجّرات الجمعة الماضي في بروكسل.. وفي الإطار صورة الباحث الجامعي منتصر الدعمة (أ.ف.ب)
صورة لشقة وجدت فيها السلطات البلجيكية أحزمة ناسفة ومتفجّرات الجمعة الماضي في بروكسل.. وفي الإطار صورة الباحث الجامعي منتصر الدعمة (أ.ف.ب)
TT

السلطات البلجيكية تعتقل باحثًا جامعيًا متخصصًا في مواجهة الفكر المتشدد

صورة لشقة وجدت فيها السلطات البلجيكية أحزمة ناسفة ومتفجّرات الجمعة الماضي في بروكسل.. وفي الإطار صورة الباحث الجامعي منتصر الدعمة (أ.ف.ب)
صورة لشقة وجدت فيها السلطات البلجيكية أحزمة ناسفة ومتفجّرات الجمعة الماضي في بروكسل.. وفي الإطار صورة الباحث الجامعي منتصر الدعمة (أ.ف.ب)

اعتقلت الشرطة البلجيكية، صباح أمس، ثلاثة أشخاص، من بينهم الباحث في شؤون الإسلام والجماعات الراديكالية منتصر الدعمة، وذلك على خلفية الاشتباه في تقديم شهادة مزورة لتبرئة أحد المشتبهين بهم اعتقلته الشرطة بتهمة محاولته السفر إلى سوريا، للمشاركة في العمليات القتالية في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
ومن المتوقع أن يحدد قاضي التحقيقات في وقت لاحق مدى إمكانية تمديد اعتقال الأشخاص الثلاثة أو إطلاق سراحهم، بحسب ما أفادت وسائل إعلام محلية في بروكسل. وقالت المصادر نفسها إن الشرطة اعتقلت الدعمة في الساعات الأولى من صباح الاثنين بمسكنه بمولنبيك. ويشغل الدعمة، وهو من أصل فلسطيني، منصب باحث في جامعة «لوفان» القريبة من بروكسل.
وتتهم الشرطة الفيدرالية الباحث الإسلامي بأنه قام «بتزوير شهادة» تثبت أن شخصا يدعى جواد تابع دورة دراسية لمواجهة الفكر المتشدد، في مركز يديره الدعمة في مولنبيك. وجرى تقديم الشهادة إلى قاضي الغرفة الابتدائية في أنتويرب نهاية شهر نوفمبر الماضي، ولكن الشرطة والنيابة العامة شككتا في صحة الشهادة التي لم تقنع القاضي، وأمر وقتها بتمديد حبس جواد. وبدأت بعدها التحريات في هذا الملف، مما قاد إلى اعتقال الدعمة وشقيقي جواد لاستجوابهم صباح أمس.
وتتهم السلطات البلجيكية جواد، الذي حبس في سجن أنتويرب، بالانتماء إلى تنظيم إرهابي. وفي 24 نوفمبر الماضي، علمت الشرطة الفيدرالية أنه كان ينوي المغادرة إلى سوريا. كما تبين أنه كان يشارك في نشاطات «الطريق إلى الحياة»، وهي المنظمة التي انبثقت من تنظيم «الشريعة» في بلجيكا بأنتويرب والذي حظرت السلطات نشاطه قبل عامين. وسجنت أبرز قيادات هذا التنظيم عقب محاكمتهم في قضية تتعلق بتجنيد وتسفير الشباب إلى سوريا والعراق، الأمر الذي نفاه أعضاء التنظيم خلال جلسات المحاكمة باستمرار.
وكان الدعمة قد سافر إلى سوريا سابقا، والتقى عددا من المتطرفين البلجيكيين، في محاولة لمعرفة الأسباب وراء مخاطرتهم بحياتهم، وظل على علاقة بأعداد منهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وتعرض الدعمة في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي لمضايقات من الشرطة وفق تصريحاته، وجرى توقيفه وتفتيشه وسيارته، ثم أطلق سراحه بعد وقت قصير وتقدم بشكوى يتهم من خلالها الشرطة بسوء معاملته.
وكان الباحث الجامعي المقيم في بروكسل قد قال في تصريحات سابقة لـ«الشرق الأوسط»، إن «عدة جهات تتحمل المسؤولية في اختيار هؤلاء الشبان للطريق الخطأ»، في إشارة إلى الحكومة والأئمة وأولياء الأمور. وأضاف: «ذهبت إلى سوريا، والتقيت مع شباب بلجيكيين، وقالوا لي إنهم غير مرتاحين في بلجيكا لأسباب عدة، منها انهم يتعرضون لمضايقات في المدارس بسبب أصلهم وعرقهم، ويعانون من التمييز العنصري ومشكلات اجتماعية أخرى تعزلهم عن المجتمع». وتابع الدعمة: «في الوقت نفسه، يشاهدون ما يحدث في منطقة الشرق الأوسط من أحداث ويصلون إلى نتيجة مفادها بأن المعاناة في كل مكان. وفي لحظة الغضب، وخلال أوقات الفراغ، يتأثرون بالفكر المتشدد ويختارون الطريق الخطأ، فيسافرون إلى أماكن الصراع سواء في اليمن أو العراق أو سوريا».
في سياق متصل، قال وزير الداخلية البلجيكي جان جامبون، الشهر الماضي، إنه اعتبارا من شهر يناير (كانون الثاني) سيبدأ تشغيل قاعدة البيانات الجديدة التي تتعلق بالأشخاص الذين سافروا بالفعل للقتال في الخارج، خصوصًا في سوريا والعراق، أو من يشتبه في تأثرهم بالفكر المتشدد، ويفكرون في السفر إلى مناطق الصراع. كما أكد أنه سيتم الاحتفاظ بشكل دائم بالمعلومات الحيوية عن المقاتلين الموجودين حاليا في الخارج والمقاتلين المحتملين، وستكون متوفرة للعاملين في مركز «تقييم وتحليل المخاطر وإدارة الأزمات»، وأيضًا لجهات أخرى معنية بالأمر. وأضاف الوزير أمام أعضاء لجنة الشؤون الداخلية والعدلية في البرلمان البلجيكي، أن قاعدة البيانات سوف تساعد السلطات المحلية في رصد الذي سافروا بالفعل للقتال في الخارج، أو حاولوا السفر ويفكرون في الإقدام على هذه الخطوة.
وكان الوزير يرد على أسئلة النواب حول أمور تتعلق بمكافحة الإرهاب والفكر المتشدد. وحسب الأرقام التي أوردها في إجاباته عن أسئلة البرلمانيين، 272 مواطنا بلجيكيا يشاركون في العمليات القتالية في سوريا والعراق، ويعتقد أن 80 منهم قد ماتوا هناك. وأشار الوزير إلى أن الأوراق الرسمية تفيد بأن 13 شخصا في طريقهم الآن إلى سوريا والعراق، بينما عاد من هناك حتى الآن 134 شخصا. وقد فشلت محاولة 65 شخصا للسفر للقتال في سوريا والعراق، في الوقت الذي تشير فيه التقديرات إلى أن ما يزيد على 350 شخصا يفكرون حاليا في السفر إلى هناك.
على صعيد متصل، أعلن القضاء في لوكسمبورغ أمس أن بصمات المتطرّف الذي قتل الخميس الماضي في باريس بعدما حاول مهاجمة مركز للشرطة، شبيهة ببصمات شخص يشتبه بمشاركته في عملية سطو مسلح في لوكسمبورغ في عام 2013. وأوضح القضاء في بيان: «يمكن التأكيد أن بصمات» هذا الشخص «تتطابق مع بصمات شخص مشبوه بأنه شارك في 16 أكتوبر (تشرين الأول) في عملية سطو عنيف (انتزاع حقيبة يد) بصفته متواطئا».
لكن التحقيق في لوكسمبورغ لم يؤدِّ إلى إثبات التهمة الموجهة إلى منفذ الهجوم الذي قتل الخميس الماضي بعدما هاجم عناصر من الشرطة أثناء خدمتهم أمام مفوضية باريسية، ملوحا بفأس ويحمل عبوة متفجرة تبين أنها وهمية.
وفي ضوء هذه الوقائع، ذكرت السلطات في لوكسمبورغ الاثنين أنها بدأت تحريات جديدة حول «مكان إقامة وهوية» منفذ الهجوم في لوكسمبورغ.
من جانبها، أعلنت السلطات الألمانية في نهاية الأسبوع أن الرجل المعني كان يعيش في مركز لطالبي اللجوء في ألمانيا في منطقة الروهر (غرب)، وأنه سافر عبر أوروبا منذ 2011. وأوضح وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزيير أن لديه «ماضيا إجراميا».
ودعا نظيره الفرنسي برنار كازنوف من جهته إلى «أقصى درجات الحذر» حيال معلومات الشرطة الألمانية. وقال إن «ما نعرفه اليوم» هو أنه «تونسي الأصل بالتأكيد، واسمه طارق بلقاسم، وأقام في عدد من بلدان الاتحاد الأوروبي، لوكسمبورغ وسويسرا وألمانيا»، في حين أفاد مصدر قضائي في لوكسمبورغ بأن الاسم الذي استخدمه في 2013 في لوكسمبورغ لم يكن طارق بلقاسم، بل محمد صلاح. وفي ألمانيا حيث ارتكب مختلف أنواع الجنح، استخدم سبع هويات مختلفة على الأقل.



«الناتو» يرسل سفينتين إلى بحر البلطيق بعد تضرر كابلات بحرية

سفينة حربية إستونية في بحر البلطيق 9 يناير 2025 بوصفها جزءاً من دوريات حلف شمال الأطلسي المكثفة في المنطقة (أ.ب)
سفينة حربية إستونية في بحر البلطيق 9 يناير 2025 بوصفها جزءاً من دوريات حلف شمال الأطلسي المكثفة في المنطقة (أ.ب)
TT

«الناتو» يرسل سفينتين إلى بحر البلطيق بعد تضرر كابلات بحرية

سفينة حربية إستونية في بحر البلطيق 9 يناير 2025 بوصفها جزءاً من دوريات حلف شمال الأطلسي المكثفة في المنطقة (أ.ب)
سفينة حربية إستونية في بحر البلطيق 9 يناير 2025 بوصفها جزءاً من دوريات حلف شمال الأطلسي المكثفة في المنطقة (أ.ب)

أعلنت وزيرة الخارجية الفنلندية، الجمعة، أن حلف شمال الأطلسي (الناتو) سيُرسل سفينتين لمراقبة البنية التحتية تحت الماء و«الأسطول الشبح» الروسي في بحر البلطيق بعد تضرر كابلات بحرية مؤخراً، وفق ما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتعرّض كابل «Estlink 2» للطاقة و4 كابلات اتصالات تربط بين فنلندا وإستونيا لأضرار يوم عيد الميلاد، بعد أسابيع من تضرر كابلات أخرى في بحر البلطيق.

ويُشتبه سياسيون وخبراء أوروبيون في أعمال تندرج في «الحرب الهجينة» التي تشنها روسيا.

وردّاً على ذلك، أعلن الحلف الأطلسي نهاية 2024 أنه سيُعزز وجوده العسكري في بحر البلطيق.

سفينة حربية إستونية في بحر البلطيق الخميس 9 يناير 2025، كجزء من دوريات حلف شمال الأطلسي المكثفة في المنطقة بعد التخريب المشتبه به لكابلات بحرية (أ.ب)

وأكدت الوزيرة الفنلندية، إيلينا فالتونين، الجمعة، خلال مؤتمر صحافي في هلسنكي، أن «(الناتو) سيُرسل سفينتين، ونعمل أيضاً على زيادة أنشطتنا الأخرى ووجودنا في المنطقة».

وقالت قوة الاستطلاع المشتركة (JEF) التي تقودها بريطانيا، وتضم وحدات من دول الشمال ودول البلطيق، إضافة إلى هولندا، الاثنين، إنها ستُعزز أيضاً مراقبتها للبنية التحتية تحت الماء في بحر البلطيق ردّاً على الحوادث الأخيرة.

وتشتبه الشرطة الفنلندية في أن ناقلة النفط «إيغل إس»، التي ترفع علم جزر كوك، ويزعم أنها جزء من «الأسطول الشبح» قامت «بتخريب» الكابلات يوم عيد الميلاد.

و«الأسطول الشبح» مصطلح يشير إلى السفن القديمة سيئة التأمين التي تنشط تحت رايات أجنبية، وتُتهم روسيا باستخدامها للتحايل على العقوبات الغربية لنقل نفطها تحت الحظر.

سفينة حربية إستونية في بحر البلطيق الخميس 9 يناير 2025، كجزء من دوريات حلف شمال الأطلسي المكثفة في المنطقة بعد التخريب المشتبه به لكابلات بحرية (أ.ب)

واحتجزت الشرطة الفنلندية السفينة «إيغل إس» في 28 ديسمبر (كانون الأول) لتكون جزءاً من تحقيق بتهمة «التخريب»، وهي راسية في بورفو شرق هلسنكي.

ومنعت السلطات 8 من أفراد الطاقم من مغادرة فنلندا أثناء تحقيقات الشرطة.

وقالت الشرطة الفنلندية، الثلاثاء، إنه جرى انتشال مرساة السفينة من قاع البحر.

وذكرت إيلينا فالتونين أن «فنلندا كانت تشعر بالقلق منذ فترة من المخاطر على البيئة والأمن البحري الناجمة عن هذا الأسطول الذي تستخدمه روسيا».

وأضافت: «من الواضح أن الأسطول الشبح يُشكل أيضاً تهديداً للبنية التحتية الحيوية تحت الماء».

سفن تابعة لـ«الناتو» تبحر خلال مناورات السواحل الشمالية في بحر البلطيق 18 سبتمبر 2023 (رويترز)

ويستضيف الرئيس الفنلندي، ألكسندر ستوب، ورئيس الوزراء الإستوني كريستن ميشال، قمة لدول الحلف الأطلسي المُطلة على بحر البلطيق في هلسنكي، الثلاثاء، لبحث الوضع الأمني في المنطقة.

وتوقعت إيلينا فالتونين مقترحات ملموسة من الاجتماع الذي سيحضره الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، مارك روتة، وقادة الدنمارك وألمانيا ولاتفيا وليتوانيا وبولندا والسويد، إضافة إلى نائبة الرئيس التنفيذية للمفوضية الأوروبية هينا فيركونين.