احتفاء بحريني بفاطمة المرنيسي وتقديم كتاب «شهرزاد المغربية»

جانب من الأمسية الاحتفائية
جانب من الأمسية الاحتفائية
TT

احتفاء بحريني بفاطمة المرنيسي وتقديم كتاب «شهرزاد المغربية»

جانب من الأمسية الاحتفائية
جانب من الأمسية الاحتفائية

نظم مركز الشيخ إبراهيم للثقافة والبحوث في المحرق بالبحرين أمسية لتأبين عالمة الاجتماع المغربية فاطمة المرنيسي التي رحلت أخيرا، وربطتها بالبحرين وبالمركز علاقة حميمة، وذلك ضمن برنامج موسمه الثقافي (الحالمون لا يمكن ترويضهم أبدًا)، حضرها عدد من رجال الفكر والأدب وأصدقاء المركز.
وقدّمت مجموعة من المثقفين والأدباء شهاداتهم وقراءاتهم حول أعمال واهتمامات الراحلة المرنيسي، وامتدادها للأصوات النسائية، وتأثيرها النقدي على الوعي الإبداعي المناصر لقضايا المرأة، من جهة، وترجمة معظم أعمالها الأكاديمية إلى اللغات العالمية من جهة أخرى، مستخدمة أدواتها التنظيرية والسوسيولوجية، إلى جانب محاورتها للتراث العربي الإسلامي والثقافة العربية والغربية في آن واحد، والحراك النسائي، كما جرى سرد جانب من مسار حياتها، وأهم المؤلفات التي تناولتها بشكل مغاير وتحليلي عن المشهد الثقافي.
وجرى على هامش الأمسية تقديم كتاب «شهرزاد المغربية - شهادات ودراسات عن فاطمة المرنيسي»، وهو من إصدار مركز الشيخ إبراهيم للثقافة والبحوث، وإعداد وتحرير الشاعر والكاتب المغربي ياسين عدنان.
وقالت الشيخة مي بنت محمد آل خليفة رئيسة مجلس أمناء المركز في بداية الأمسية إن الكلمات لا توفي حق فاطمة المرنيسي التي تركت بصمتها في المركز والبحرين والعالم العربي عبر أفكارها وشخصيتها وما قدّمته للعالم العربي، وهو ما سيبقيها حية.
وتحدثت الناشطة المغربية جميلة حسون عن علاقتها بالمرنيسي التي تعود لعشرين عاما خلت متوقفة عند فاطمة الإنسانة والصديقة والمرشدة التي ظلت تعمل حتى آخر لحظة في حياتها، كما أظهرت مدى احترامها للعلاقات الإنسانية وعيشها للهمّ الإنساني والثقافي في العالم العربي.
بدورها تحدثت البروفسورة الإيطالية إليزابيث بارتولي عن علاقتها المهنية والشخصية بالراحلة المرنيسي وهي التي ترجمت عددا من كتاباتها وتأثرت بما للمرنيسي من رؤية وتميّز لكتاباتها.
من جهته، توقّف توماس ارتمان منظم مؤتمرات ومحاضرات بين الشمال والجنوب عند التبادل الثقافي الذي آمنت به المرنيسي والذي اعتبره جسرا عايشه بين ألمانيا والعالم العربي إذ كانت تحضر الكثير من المنتديات والمؤتمرات التي نظمها في ألمانيا منذ لقائهما عام 1984، كما تحدث عن أهمية اختياراتها الاستراتيجية واهتمامها بالإعلام ودوره في نقل الصورة الأفضل للمجتمعات.
أما الشاعر ياسين عدنان فتحدث عن تجربته في إعداد وتحرير «كتاب شهرزاد المغربية» (شهادات ودراسات عن فاطمة المرنيسي) الذي صدر بفترة قياسية مشددا على أهمية كتابات المرنيسي على المستوى العالمي. كما وصفها بأنها امرأة عصيّة عن التصنيف إذ يتداخل فكرها بالأدب والبحث الأكاديمي والتخيل.
وعُرض في الأمسية أيضا فيلم أعد خصيصا بالمناسبة عن مداخلات فاطمة المرنيسي ومشاركتها في مركز الشيخ إبراهيم منذ عشر سنوات.



«الأقلمة» و«العبور»... كتابان جديدان لنادية هناوي

«الأقلمة» و«العبور»... كتابان جديدان لنادية هناوي
TT

«الأقلمة» و«العبور»... كتابان جديدان لنادية هناوي

«الأقلمة» و«العبور»... كتابان جديدان لنادية هناوي

عن مؤسسة أبجد للنشر والترجمة والتوزيع صدر حديثاً كتاب «أقلمة سرد الحيوان» للدكتورة نادية هناوي ويأتي استكمالاً لمشروعها في «الأقلمة السردية»، وكانت قد بدأته بكتابها «أقلمة المرويات التراثية» وأتبعته بكتابين هما «الأقلمة السردية من العصور الوسطى حتى القرن التاسع عشر» و«الأقلمة السردية: مخابرها الغربية - مناشئها الشرقية».

ويدور كتاب «أقلمة سرد الحيوان» في إطار النظرية السردية وما يجري في العالم من تطور في مجال دراسات الأقلمة، بغية الإفادة منها في دراسة تراث السرد العربي بكل ما فيه من نظم وتقاليد وأساليب وتقنيات، ترسيخاً لدوره التأصيلي في السرد الحديث والمعاصر، وتدليلاً على عالميته التي ترى المؤلفة أنها قد «حجبت بستر التبعية، بكل ما في الاتباع من تقريع الذات ودفن قابلياتها والتشكيك في قدراتها».

ويدخل هذا النوع من الدراسات في إطار نزعة ما بعد الإنسان التي ساهم بعض المفكرين والنقاد في تعزيزها. وممن تناولهم الكتاب بالدراسة الفيلسوف جاك دريدا بمقالته «الحيوان الذي أكون» وفيها رأى أن الحيوان يملك وجوداً متجانساً ومتناغماً مثلنا، وأن الملايين من الكائنات الأخرى تتطلب منا أن نبدأ في التعامل معها بجدية. واستعاد دريدا ما قاله ميشال دي مونتيني (1533 - 1592) حين كتب اعتذاراً إلى ريموند سيبوند، متسائلاً عن علاقته بقطته. فالقطة كيان حقيقي وتحديقها فيه تأمل وله معنى. أما جان فرنسوا ليوتار فطرح أسئلة كثيرة حول علم الأجناس وما هو غير إنساني وتساءل: «ماذا لو كان البشر بذاك الإدراك الحسي الإنساني في عملية إكراهية لتحويلهم إلى غير البشر؟ ماذا لو كان ما نعرف أنه مناسب للبشر قد أصبح ملائماً لغير البشر؟». ومن جهته افترض فرانسيس فوكوياما في كتابه «مستقبلنا ما بعد البشري» أن الإنسان في أصل تكوينه حيوان ثقافي، ومن المستحيل أن نتحدث عن حقوق الإنسان، وبالتالي عن العدالة والسياسة والفضيلة بصورة أكثر عمومية من دون أن يكون لدينا مفهوم ما عن ماهية البشر كنوع حي. فالبشر أحرار في صوغ سلوكياتهم الخاصة لأنهم حيوانات ثقافية قادرة على تعديل الذات، ومثلما أن الحيوانات تتصارع من أجل البقاء والاعتراف بالغلبة فكذلك البشر يتصارعون.

وتؤكد المؤلفة أن تبني المدرسة الأنجلوأميركية لنزعة ما بعد الإنسان، هو الذي وسّع مدارات علوم السرد ما بعد الكلاسيكية باتجاهات بشرية وغير بشرية، ويعد علم سرد الحيوان واحداً من تلك العلوم المستجدة وميداناً بحثياً يُختبر فيه كل ما هو نظري وإجرائي له صلة بعلاقة الإنسان بالحيوان من جهة ويتقارب أو يتداخل من جهة أخرى مع ميادين علمية أخرى، لعل أهمها علم البيئة من ناحية ما للإنسان من دور رئيس في دمار الطبيعة وتهديد نظامها الإحيائي النباتي والحيواني. ويساهم في ذلك كله ظهور جمعيات ومنظمات تدافع عن البيئة وتدعو إلى الرفق بالحيوان.

في السياق نفسه، صدر حديثاً عن المؤسسة نفسها كتاب آخر للدكتورة نادية هناوي بعنوان «العبور الأجناسي: الأشكال - الأنواع - القضايا»، ويعد الكتاب السادس فيما بحثته المؤلفة في هذه النظرية من قضايا وتفريعات بعد كتبها «نحو نظرية عابرة للأجناس» 2019 و«الطائر المكدود في البحث عن اليقين المفقود لعبد الرحمن طهمازي» 2021 و«غاليانو صياد الكلام والعبور الأجناسي» 2022 و«قصيدة النثر العابرة في مطولات الشاعر منصف الوهايبي» 2024 و«السونيت في شعر حسب الشيخ جعفر» 2023.