خفض البنك الدولي من توقعاته بشأن النمو المتوقع للاقتصاد المصري خلال العام المالي 2015 - 2016 بنسبة 0.7 في المائة، مقارنة بتوقعاته في يونيو (حزيران) الماضي، محذرًا من تأثيرات حادث الطائرة الروسية على السياحة، وعدم توافر النقد الأجنبي في البلاد بالشكل الكافي لاحتياجات الاقتصاد.
وتوقع البنك في تقرير «آفاق الاقتصاد العالمي» الصادر حديثًا انخفاض معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في مصر خلال 2015 - 2016 إلى 3.8 في المائة، مقارنة بنمو قدره 4.2 في المائة خلال العام المالي السابق. فيما جاءت تصريحات سابقة لوزير التخطيط المصري أشرف العربي أكثر تفاؤلا، إذ أكد أن الحكومة تستهدف معدل نمو خلال العام المالي الحالي يتراوح بين 5 في المائة و5.5 في المائة.
وشهدت إيرادات السياحة تحسنًا نسبيًا خلال العامين الماضين وحتى شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إذ زادت بنحو 27 في المائة خلال 2014 مقارنة بالعام الأسبق، واستمرت في التحسن حتى منتصف عام 2015. ولكن توقع وزير السياحة المصرية في شهر أكتوبر الماضي انخفاض إيرادات السياحة بنحو 10 في المائة على الأقل مقارنة بالعام السابق، وذلك بعد حادثة سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء في أكتوبر من العام الماضي؛ فيما أشار البنك الدولي إلى أنه على الرغم من تحسن الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر فإن ارتفاعها لم يكن بالقوة المتوقعة في ظل تعهدات المؤتمر الاقتصادي العالمي الذي انعقد في مارس (آذار) 2015 في مدينة شرم الشيخ المصرية لجذب الاستثمارات الأجنبية، والذي تم فيه توقيع عدد كبير من الاتفاقيات الاستثمارية مع شركات عالمية، قدر قيمتها «بنك أوف أميركا» بنحو 33 مليار دولار.
وأظهرت بيانات البنك المركزي المصري ارتفاع صافي الاستثمار الأجنبي المباشر خلال العام المالي 2014 - 2015 بمقدار 2.2 مليار دولار، حيث بلغ 6.3 مليار دولار، مقارنة بـ4.1 مليار في العام السابق.
وفي ما يتعلق بالأنشطة التجارية، تراجع نشاط شركات القطاع الخاص غير النفطي في مصر في شهر ديسمبر الماضي (كانون الأول) للشهر الثالث على التوالي. ووفق مسح مؤشر مديري المشتريات الرئيسي (PMI) الصادر بالأمس عن بنك الإمارات دبي الوطني (الأحد)، انخفضت مستويات الإنتاج في ديسمبر للشهر الثالث على التوالي مسجلة قراءة بلغت 48.2 نقطة في ديسمبر، مقارنة بـ42.7 في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مع تراجع الوظائف في ديسمبر للشهر السابع على التوالي إلى 46.5 نقطة في مقابل 45 نقطة في الشهر السابق عليه.
وسمح البنك المركزي المصري بنزول الجنيه أمام الدولار 3 مرات منذ بداية 2015 لينخفض بنحو 80 قرشًا في السوق الرسمية، قبل أن يعزز قيمته في نوفمبر الماضي، لتزيد 20 قرشًا مقابل الدولار، واستقر سعره منذ ذلك القرار عند 7.83 جنيه للدولار، بينما يصل إلى 8.5 جنيه للدولار في السوق الموازية.
وتترتب على التخفيض المستمر لقيمة العملة زيادة الضغوط التضخمية على الأسعار، وهو ما سيشعر به المواطن المصري خاصة مع ارتفاع حجم الواردات المصرية من الخارج.
ويرى محللون بالبنك الدولي أن انتعاش الاستهلاك المحلي أسهم في مساندة الاقتصاد، إلا أن مصر لم تستفد من الانخفاض العالمي في أسعار السلع، حيث ارتفعت الأسعار محليًا بسبب زيادة سعر صرف الدولار في مواجهة الجنيه المصري.
ولمساعدة الشركات المتعثرة، كانت وزارة القوى العاملة المصرية قد صرفت نحو 18 مليون جنيه (2.30 مليون دولار) لأكثر من 20 ألف عامل كإعانات طوارئ في المنشآت المتعثرة خلال عام 2015. وقال وزير القوى العاملة، جمال سرور، إن «تلك المبالغ صُرفت من صندوق الإعانات بالوزارة، والذي تم إنشاؤه بغرض مساندة الشركات والمنشآت المتعثرة، وغير القادرة على صرف أجور عمالها». وبلغت معدلات البطالة في مصر نحو 12.8 في المائة خلال الربع الثالث من عام 2015.
وفي سياق آخر، أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بالأمس، ارتفاع معدل التضخم السنوي في شهر ديسمبر الماضي إلى 11.9 في المائة، مقارنة بـ11.8 في المائة في ديسمبر من عام 2014. فيما انخفض المعدل على أساس شهري بنحو 0.1 في المائة في ديسمبر الماضي، مقارنة بنوفمبر الماضي.
وتحاول الحكومة المصرية منذ أكثر من شهر توفير السلع الغذائية الأساسية للمواطنين بأسعار مخفضة من خلال سيارات متنقلة تابعة للقوات المسلحة، ووزارتي التموين والزراعة. بالإضافة لطرح وجبات غذائية مخفضة في المجمعات الاستهلاكية التابعة للحكومة.
وأكدت الحكومة المصرية في عدة تصريحات على أنها ستعمل على السيطرة على أسعار السلع الغذائية الأساسية، وستكلف هيئة السلع التموينية باستيراد مجموعة واسعة النطاق من السلع في محاولة لكبح جماح التضخم داخل البلاد.
* الوحدة الاقتصادية بـ«الشرق الأوسط»