انسحاب الأكراد من «هيئة التنسيق» لتفعيل دور «مجلس سوريا الديمقراطية»

اتهموا المكتب التنفيذي بـ«التعصب القومي»

انسحاب الأكراد من «هيئة التنسيق» لتفعيل دور «مجلس سوريا الديمقراطية»
TT

انسحاب الأكراد من «هيئة التنسيق» لتفعيل دور «مجلس سوريا الديمقراطية»

انسحاب الأكراد من «هيئة التنسيق» لتفعيل دور «مجلس سوريا الديمقراطية»

فتح تجميد «حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي» في سوريا عضويته في «هيئة التنسيق الوطنية» الباب أمام تساؤلات كثيرة حول خلفية هذه الخطوة، التي تتزامن مع جهود كثيرة يبذلها الحزب المذكور لتفعيل دور «مجلس سوريا الديمقراطية» الذي كان قد شُكّل في نهاية العام الماضي ويرأسه المعارضان السوريان هيثم منّاع وإلهام أحمد.
ورد «الديمقراطي الكردي»، كما «الاتحاد السرياني» و«الاتحاد الديمقراطي»، تجميد عضويتهم في «هيئة التنسيق» لـ«إصرار بعض أعضاء المكتب التنفيذي في الهيئة لجرها إلى مواقع لا تليق بمستوى نضالاتها الوطنية السورية». وقال بيان نشره حزب «الاتحاد الديمقراطي الكردي» على موقعه الإلكتروني السبت إن الأحزاب الـ3 المذكورة وقعت على بيان اتهمت فيه أعضاء من المكتب التنفيذي في «هيئة التنسيق» بـ«التعصّب القومي الذي كان السبب الأساسي فيما آلت إليه الأوضاع في سوريا»، وفق نصّ البيان الذي أشار إلى أن «هيئة التنسيق» شكلت مكاتب وفروعا لها في بعض الدول دون علم هذه الأحزاب، التي عرفت عن نفسها كمؤسسة للهيئة. كذلك اتهم المكتب التنفيذي بـ«الرضوخ إلى الدول التي استبعدت القوات التابعة للإدارة الذاتية شمال سوريا من المشاركة في مؤتمر الرياض»، وقال إن «بعض أعضاء المكتب سمحوا بتمرير مسألة إدراج (ميليشيا) (وحدات حماية الشعب) (الكردية) في قائمة الإرهاب». وفي حين طالب البيان «هيئة التنسيق» بمحاسبة الكتلة التي أدخلتها في «مثل هذه المتاهة»، بدت لافتة دعوته لـ«العمل المشترك ضمن إطار سياسي جديد أطلق عليه اسم (مسد) (مجلس سوريا الديمقراطية)».
هذا، وتزامن تجميد الأكراد عضويتهم في «هيئة التنسيق» مع انطلاق أعمال مؤتمر «ممثلية مجلس سوريا الديمقراطية» في مدينة جنيف السويسرية يوم أمس. وقال هيثم منّاع، رئيس المجلس، في كلمة افتتاحية له إن هذا المجلس «بات ورغم قصر عمره يشكل قوة مركزية في سوريا، حيث تحول القوة الفعلية والحقيقية التي تمثل جميع مكوّنات الشعب السوري، وهذا ما يحمّل المجلس مسؤولية كبيرة». وكان «مجلس سوريا الديمقراطية» قد انبثق عن مؤتمر «سوريا الديمقراطية» الذي عقد في مدينة الحسكة بشمال شرقي سوريا، في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، وهو يضم 42 شخصية تمثل أحزابا كردية وعربية أبرزها «تيار قمح» و«الإدارة الذاتية الديمقراطية».
ويدعو المجلس في بياناته إلى «ضرورة المضي بالحل السياسي المفضي إلى مرحلة انتقالية تجري فيها انتخابات حرة نزيهة والتوافق على دستور ديمقراطي يلبي إرادة المجتمع السوري بكافة مكوناته وثقافاته ومعتقداته»، إضافة إلى «تمثيل قوات سوريا الديمقراطية سياسيا والعمل على إنهاء نظام الاستبداد القائم ومحاربة التطرف».
وتحتج ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» التي تشكل «وحدات حماية الشعب الكردية» ركيزتها الرئيسية على تغييبها عن «مؤتمر الرياض» كما عن المفاوضات المزمع عقدها في جنيف بين المعارضة والنظام. وللعلم، تحظى هذه القوات بدعم أميركي، وقد تلقت وبحسب قياديين فيها أكثر من 50 طنا من السلاح الأميركي، وهي تستعد لاستقبال المزيد، كما لاستضافة مدربين أميركيين، كما أنها تقاتل «داعش» ولا تقاتل قوات النظام وفق تفاهمها مع واشنطن. ويتردد أن موسكو تدفع باتجاه تمثيل هذه الميليشيا من خلال المجلس السياسي الذي أنشأته، أي «مجلس سوريا الديمقراطية»، في المفاوضات مع النظام، التي حدد المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا موعدا لها يوم 25 يناير الحالي.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».